شرق وغرب.. الجاحظ وشوبنهور

غالب حسن الشا بندر

ويلخِّص لنا أبو القاسم الكعبي البلخي المتوفي سنة 310 للهجرة رأي الجاحظ في العقل بقوله: (ومِّما تفرد به، القول بأن المعرفة طباع، وهي مع ذلك فعل للعارف، وليست اختيارا له، وهو يوا فق ثمامة في أنّه لا فعل للعباد على الحقيقة، إلاّ الإرادة) 47/ فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للمرتضى ص..... / وثمامة بن أشرس النميري توفي سنة 213 للهجرة، وحسب مقالته هذه، تكون الارادة هي الفعل الوحيد للإنسان.

قراءة بسيطة وسريعة لكتابه (الحيوان) تكشف لنا عن منحاه التجريبي في تحصيل المعرفة، أقصد التجريبية الحسية هنا، فهو يرصد المخلوقات رصدا حسيا دقيقا، ومثابرا، ولذلك يستغرق في وصف الشكل والتكوين والحركة والعادات والعلاقات والسلوك بشكل استطرادي، وكثيرا ما يشذ عن الاستطراد ليتكلم عن عالم أو كلامي أو معنى كلمة، أو نقد، أو تصحيح معلومة، بل هناك إشارات واضحة أنّه مارس التجريب مباشرة، فهو يخبرنا (... وقد جرّبنا ذلك فوجدناه باطلا...)48 / الحيوان جزء4 ص 17 /، في اشارة إلى اختبار رأي كان لبعض العلماء حول النمل ولكن الطابع العام على كتابه الحيوان هو الوصف، الوصف الذي جاء عن رصد ومتابعة ومعاينة، وكثيرا ما يتعرّض في الاثناء إلى نقد بعض الاراء عن أحد المخلوقات الحيوانية، ومن أبرز المصادر التي أنتقدها كان كتاب الحيوان لارسطو طاليس، الذي يحرص على تسمتيه أو نعته بـ (صاحب المنطق)، فقد كتب يقول: (... وزعم صاحب المنطق أن الكلاب إذا كان في جوفها دود، أكلت سنبل القمح....) 49/ الحيوان الجزء الاول تحقيق فوزي عطوي، طبع دار صعب، سنة1982، بيروت، طبعة ثانية، ص 251 / وتكرر مثل كلام في استعراضه لمشاهداته ورصده (للكلب)،كما هو قوله: [قال صاحب المنطق في كتابه الذي يقال له (الحيوان)،في موضع ذكر فيه الأسد] / نفسه ص 254 / وهذا يدل أو يشير أ ن الجاحظ كان قد قرا هذا الكتاب، أي كتاب (الحيوان) لارسطو، وقد ردّ عليه من خلال المشاهدة الخاصّة به / 51 ص 255 /، وقد تكرر منه هذا الذكر، فيما لم يذكر اسمه بعينه (أرسطو)، أو بصفته التي يعرِّفه بها كثير من فلاسفة وحكماء المسلمين (المعلم الاول)، مما يشير إلى تشامخه، أو إنّه يريد الإيحاء بأنه لا يقل شأنا عن ارسطو بالذات.

وقد نقل الينا بعض التجارب لآخرين على الكلب وغيره من الحيوانات (وقد حدَّثني صديق لي حبس كلبه،وأغلق دونه الباب، وفي الوقت الذي كان طباخه يرجع من السوق،ومعه اللحم، ثم أحدَّ سكينا بسكين، فنبح الكلب،ورام فتح الباب، لتوهمه أن الطباخ قد رجع من السوق بالوظيفة،وهو يحد السكين، ليقطع اللحم.

قال: لما كان العشي،صنعنا به مثل ذلك،لنتعرف حاله في معرفة الوقت، فلم يتحرك. قال: وصنعت ذلك بكلب لي آخر، فلم يقلق إ لاّ قلقا يسيرا، فلم يلبث أن رجع الطباخ، فصنع السكين مثل صنيعه، فقلق حتى راح فتح الباب.

قال: فقلتُ والله، لئن كان عرف الوقت بالرصد، فتحرك له، فلما لم يشم ريح اللحم، عرف أنه ليس بشيء. ثم لا سمع صوت السكين والوقت بعد لم يذهب،وقد جيء باللحم من الطبخ، وهو في البيت، أو عرف فضل ما بين إِحداد السكين، وإِحداد الطبّاخ، إن هذا أيضا لعجب،وإن اللحم ليكون بيني وبينه ذراعان، والثلاثة الأذرع، فما أ جد ريحه إلاّ بعد أن أدنيه من أنفي، وكل ذلك عجب)51 / نفسه ص 281 /، وهذا الصنيع يشبه أو يتشابه على تسامح في التعبير واضفاء المعنى بما كان يفعله بافلوف مع كلبه، ولكن الإشارة هنا إلى حس الجاحظ التجريبي، فهو نقل التجربة ليبني عليها.

 

 2 -  الخلفية الاجتماعية للعقل عند الجاحظ

تبدا جهود الجاحظ في قراءة العقل من قاعدة اجتماعية يلح عليها، بَسطها بلغة سهلة مُمتعة (ثم اعلم، رحمك الله تعالى، أن حاجة بعض الناس إلى بعض صفة لازمة في طبائعهم، وخلْقة قائمة في جواهرهم، وثابتة لا تزايلهم، ومحيطة بجماعتهم، ومشتملة على أدناهم وأقصاهم،وحاجتهم إلى ما غاب عنهم، ممّا يعيشهم ويحييهم،ويمسك بارماقهم...) 52 / نفسه ص 36 /، ويستمر على هذا المنوال كي يثبت أن الإنسان مدني بالطبع، ومن خلال هذه القاعدة الا جتماعية المعروفة، يقرر: (... لم يخلق الله تعالى أحدا يستطيع بلوغ حاجته بنفسه دون الاستعانة ببعض من سخّر له...) 53/ نفسه ص 37 / ثم يقرر أن هذه الحاجات متنوعة (تفترق في الجنس والجهة والجبلّة)54 / نفسه ص 37 / ومن هذه الحاجات معرفة الكون، واستطلاع اسراره، وهنا يطرح تصورا له، يركز فيه على التوائم بين هذه الحاجة وما تزوّد به الانسان، من خلال إ قرار مسبق بـ (غائية الكون)، فيقول: (... ووصل ـ الله ـ بين عقولهم، وبين معرفة تلك الحكم الشريفة، وتلك الحاجات اللازمة،بالنظر والتفكر، والتنقيب والتنقير، والتشبث والتوقف،، ووصل معارفهم بمواقع حاجاتهم إليها) 55 / ص 37 /

في هذا النص يبني الجاحظ تصورا معرفيا، عن العقل بشكل عام، فإن التعقل موصول بالحاجات، وليس أمرا قائما بنفسه، ولولا الحاجات لم يكن هناك (تعقل)، فلو لم تكن هناك (حاجات) لم يكن هناك (تعقل).

العقل وحده صامت حتى لو كانت هناك حاجات تدعوه للتعقل، ولكن هنك تعقل حتما كما نعيشه، فما هو الضلع الثالث في هذا المثلث العجيب؟

إنّه البيان !

يقول الجاحظ مكملا ما سبق: (... ووصل معارفهم بمواقع حاجاتهم إليها، وتشاعرهم بمواضع الحكم فيها، بالبيان عنها، وهو البيان الذي جعله الله تعالى سببا فيما بينهم...) 56/ نفسه ص 37 /

هذه هي عملية التعقل بالنسبة للجاحط، هناك عقل يفكر أو يتعقل لأن هناك حاجة، الحاجة هي سبب التعقل، وهذا التعقل يحتاج إلى إظهار، وسبب الإظهار هو البيان، وبذلك كان مثلث العملية التعقلية.

ينقل لنا الجاحظ بأن أحد الحكماء كان قد ساله أحد الناس: (متى بدات التعقل) فأجاب: (منذ أ ن ولدت)، وهو جواب ينطوي على فكرة مهمة، لحمتها إن التفكير يتصل بحاجات البشر، وإن الإنسان لا يحتاج إلى التفكّر إلا بمقدار حاجاته !

إن هذا النص يفيد (أنّ الجاحظ يؤمن بنوع من الاتصال بين المعرفة والحاجات البشرية، بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الأخرى، كما يمكن أن نقول بأنّ المعرفة عند الجاحظ ضرورة من الضرورات البشرية، وقد أخذ بعض المفكرين بهذه الأراء أيضا، خلال الاعتقاد بضرورة كافّة المعارف للطباع البشرية، وخروجها عن أفعال الإنسان، والإنسان من وجهة نظرهم لا يكتسب شيئا غير الارادة بشكل طبيعي، بعبارة أخرى، إنّ العمل الوحيد الذي يمكن أن ينهض به الإنسان هو أن يريد...) 57 /حركة الفكر ا لفلسفي في العالم الاسلامي، دكتور غلام حسين الابراهيمي، الجزء الاول ص 80، طبع دار الهادي، طبعة ثانية سنة 2008 /.

هذا يعني إن الجاحظ يتبنى اسبقية الاستطاعة على العقل، أو التعقل بتعبير أدق، ومبدأ الاستطاعة في عرف بعض مفكري المعتزلة يعني أن: (القدرة متقدمة على مقدورها،غير مقارِنة له، وتسمى أيضا قوة وطاقة)، وقد نقل عنهم صاحب مقالات الإسلاميين، الأشعري المتوفي سنة () ما نصّه: (أجمعت المعتزلة على أن الاستطاعة قبل الفعل، وهي قدرة عليه وعلى ضده، وهي غير موجبة للفعل، وأنكروا باجمعهم أن يكلف الله عبدا ما لا يقدر عليه) 58 / مقالات الإسلامين، الجزء الأول ص 275، طبع القاهرة سنة 1950 /

وفي ضوء هذه النظرية وتوابعها يقرر الجاحظ أن هناك تكافؤا بين المعرفة وآلة المعرفة، ففي كلا مه عن نعمة المعرفة، في سياق نظريته عن أقسام البيان، واشتراك المخلوقات بنعمة المعرفة حسب منزلتها وطبيعتها يقول عن بعض الحيوانات: (... وكيف فتح لها من باب المعرفة على قدر ما هيأ لها من الآلة، وكيف أعطى كثيرا منها من الحس اللطيف، وا لصنعة البديعة...) 59 / الحيوان الجزء الاول ص 31 /.

والجاحظ يتفنن ببيان مستويات المعرفة، فهي نظر وتفكير وتنقيب وتنقير وتشبت وتوقف، وهذه مستويات معرفية متفاوقة إذا صح التعبير، ولا استبعد أن الجاحظ هنا يستوحي القرآن الكريم، ذلك أن هذا الكتاب لا يحصر الادراك بدرجة واحدة، بل هي تعقل وتفكر ودراية وفقه وما شابه ذلك، على نحو التسلسل القيمي والوجودي.

ينص الجاحظ على جدل الحس والعقل بشكل واضح وصريح، فهو يقول مثلا: (... إن الحواس لا تؤدي إلى النفس شيئا من قبل السمع والبصر، والذوق، والشم، والمجسة، الا تحرك من العقل في قبول ذلك أو رده، والاحتيال في إصابته أو دفعه، والكره له أو السرور له أو السرور به، بقدر ما حرَّك النفس منه) 60/ الحيوان الجزء الثالث ص 506، فحتى لو كانت الاستطاعة قبل العقل، وأن إن الانسان يريد ثم يعقل، إلاّ أن هناك تفاعلا بين الحواس والعقل، جدلية متبادلة، ويطلع علينا بنظرية رائعة عندما يقرر إن الحقائق واحدة في حد ذاتها، ولكن تعقلنا لها يختلف تبعا لاختلاف الناظرين والمتدبرين (... ولم تفترق الامور في حقائقها، وإنّما افترق المفكرون فيها) 61/ الحيوان ص 510 / وهذه نظرة عميقة، تنص على أن هناك حقيقة، ولكن كل منّا يقرأها حسب ما تهيأ له من فكر وثقافة وآليات تفكير وبحث وتنقير وتنقيب حسب تعبير الجاحظ.

 

 3 -  شوبنهور يقلب المعادلة بين الفكر والا رادة

إن المعادلة التي تقول: (أن نريد نفكر فنفكر) أي اسبقية الا ستطاعة أو الإرادة على التفكير قضية أُثيرت من قبل كثير من الفلاسفة، وقد أصَّلها بقوة ومتانة الفيلسوف الالماني أرثور شوبنهور (1788 ــ 1860)، وقد اختصر فلسفته بعنوان ذي مغزى واضح هو (العالم إرادة و تمثُّل)، الذي صار فيما بعد عنوان كتابه الرئيسي في طرح فلسفته.

تنطلق فلسفة شوبنهاور من الفرد، الفرد بلحاظ كونه حقيقة ذات هوية وتاريخ وافكار وتصورات، وبالتالي، من الشخص، وهو يشعر بأنه يملك جذوره الممتدة في العالم، فهذا الشخص ــ وكل منّا شخص ــ يستطيع بسهولة أن يكونَ موضوع شعوره وعلمه وفكره، فبمقدار ما تكون الاشياء التي تحيط به موضوع تعقله بشكل من الاشكال، كذلك يمكن أن يكون هو بحد ذاته موضوع تعقله، بل بدرجة أكثر وضوحا وتمكنا ويقينا واشراقا.

يرى شوبنهور أن هذا الفرد الذي يؤلف وحدة حياتية وروحية موضوع نفسه، موضوع تعقّله، ويرى أن الواجب يفترض أن ننطلق من باطن الذات إلى الخارج، وبدون ذلك سوف نصطدم باشباح، أي أنَّ الانطلاق من الخارج إلى الداخل عملية مُحبِطة ومُحبَطة في آن واحد.

يستمر الفيلسوف ليطالبنا أن ندقق في سير المعرفة ابتداء من هذه النقطة، أ ي من نقطة استبطان ذاتنا، حيث يؤكد أن البداهة تشير إلى أننا إنما نمارس هذه العملية بحكم أننا نريد ذلك، فنحن بالارادة الشخصية نجعل من ذاتنا موضوع ذاتنا، والنتيجة التي تترتب على هذه المعادلة، أن الفكر مشتق من الإرادة، أي تفكيرنا بذاتنا مشتق من إرادتنا، فالارادة أوّلا ثم العقل، نريد فنعقل، وليس نعقل فنريد، والبداية هي أننا أردنا أن تكون ذاتنا موضوع تعقلنا، ومنها تشرع المعرفة في بناء عالمها المعقد.

هذا أولا....

النقطة الثانية التي ينطلق منها شوبنهور لتأسيس فلسفته (العالم إرادة وتمثُّل) تتمثل بانحيازه الكبير الى نظرية كانط، تلك النظرية التي يقول فيها أن كل معارفنا منصبَّة على الظواهر، أن الشيء في ذاته مستعص على المعرفة البشرية، بل مستحيلة، وله في ذلك تنظير قوي محكم، حيث ا ستعارها شوبنهور فجعلها في صميم فلسفته...

ولكن كيف؟!

يقول شوبنهور بما معناه، أن صورتنا عن ذاتنا هي صورة ظاهرية، لا نملك معرفة عن ذاتنا كما هي بحد ذاتها، فمعرفتنا بذاتنا إذن ليست انعكاسا لإرادتنا وحسب، بل هي إضافة إلى ذلك عبارة عن معرقة ظاهرية، تنطبق عليها مقولة كانط، ولكن ما هو قول الفيلسوف في حد الإرادة التي هي السبب الكامن وراء هذه العملية المعرفية (الصورية) للذات إنطلاقا من الذات؟

يقول شوبنهور هنا، إن الارادة هي الحقيقة الوحيدة التي تجسد الشيء في ذاته، فهنا يفترق عن كانط بفارق جوهري.

شوبنهور إنّما يضفي على الإرادة هوية الشيء في ذاته، لأنَّها عنده جوهر الوجود الإنساني، فالفرد في الحقيقة إرادة قبل أن يكون فكرا.

شوبنهور يسمي معرفتنا بالاشياء بلحاظ كونها معرفة لا تتجاوز الظاهر بـ (التمثُّل)، وهو يرى إن معارفنا كلها عبارة عن (تمثُلات)، ا نعكاسا لمعرفتنا بذاتنا، التي هي أيضا عبارة عن (تمثُّّل)، وهذا التمثل الاخير هو من نشاط الإرادة أيضا، فالارادة هي التي تكمن وراء هذه المسيرة المعرفية، كلها، ولكن الإرادة شيء قائم بنفسه، لا يتكيء على سابق، وهي الوحيدة التي تفلت من سجن (التمثل)، أو سجن الشيء كـ (ظاهرة) على حد تعبير كانط في سير عمليتنا المعرفية، الإرادة حاضرة لنفسها، بنفسها، منكشفة لنفسها بنفسها، فهي شيء بحد ذاته، معروف بحد ذاته لنا، ولكن صورة العالم بل حتى صورتنا عن أنفسنا بواسطة إرادتنا هي تمثل !

إنّ شوبنهور كان حريصا على إفراد الإراة كـ (قبْلي)، متعال، مفارِق بدرجة ما، حاول أن يجعل الإرادة حقيقة قائمة بذاتها، وبعد أن كانت الإرادة شيء نلمسه بانفسنا، نشعر به شعورا مباشرا، نفكر به، تحولت الإرادة هي الكامن وراء كل هذا النشاط، لقد إنقلب الامر، لم تكن الإ رادة هي موضوع فكرنا، بل فكرنا هو موضوع إرادتنا.

 شوبنهور يقر من جهة أخرى مبدأ العلة الكافية، ومؤدَّى إقراره، إنَّ العالم اشبه بالماكنة، بعضها يحرك بعضا، العالم وحدة كونية مترابطة بواسطة العليَّة، العليَّة هي سيد الكون، لا يفلت شيء من جبروتها في علا قته مع اي شيء آخر.

الإرادة في فلسفة شوبنهور انتقلت من مستوى الإنسان الى مستوى العالم كله، أي لم تكن هي مبدأ الإنسان في الجوهر، بل هي مبدأ الكون كله، فما من شيء إلا وله إرادة تتحكّم به، بل تسيره، بل ترسم له مصيره، فكا نت الإرادة في قمّة العالم،بحيث (ينبع منها كل شيء)، وهذه الإرادة لا تفكر، لا تعي حتى موضوعها، ولا تشعر بما تعمل، هي مبدا جبري، مبدأ مفارِق !

لكن أين نضع مقولتي الزمان والمكان اللذين افترضهما كانط أوليين عقليين، سابقين على كل تجربة، فيما التجربة بحاجة ماسّة بل ضرورية لهما رغم عدم وا قعيتهما؟!

الإرادة لا تخضع لزمان ولا مكان، وإلاّ لم تكن مبدأ العالم !

ولكن أين نضع مبدأ (العلّة الكافية) التي اعتبرها شوبنهور السيد المطلق في العالم؟

العلّة الكافية سيد العالم، الكون، ولكن الإ رادة منفلتة من هذه العلة الكافية، لا تخضع لها، ربما العلّة الكافية أحدى مظاهر هذه الإرادة وليست أحدى مسبَّباتها، فإن (مبدا العلّة الكافية بكل صوره لا ينطبق إلاّ على الظواهر،أي على ما يظهر من الإ رادة على الإرادة نفسها التي تستحيل إلى شيء ظاهر...) 62 / الفرد في فلسفة شوبنهور، فؤاد كامل، الهيئة المصرية العامّة للكتاب،1991، ص 12 /.

ويمضي شوبنهور في ترسيخ فلسفته، ليؤكد لنا أن أي فعل من أفعال الجسد هو تعبير عن تلك الارادة، بل هو فعل الإرادة ذاتها، ثم يتطور أكثر في ترسيخ نظريته ليعلن لنا بكل وضوح وفي ذورة الترسيخ هذه بان (الجسم عامّة هوا لإرادة، وقد استحالت شيئا ظاهرا، أو هو الإرادة نفسها باعتبارها موضوعا للعيان، أو تمثّلا...) 63 / نفسه ص 12 /

هنا نصل الى نتيجة في غاية الاهمية بالنسبة لفلسفة شوبنهور، لحمتها أنْ لا علاقة علة ومعلول بين الجسم والإرادة، ما دام الجسم هو عين الإرادة، وسوف يتطور شوبنهور بموقفه هذا ليقرر نتيجة حاسمة هي أن العالم إرادة.

ولكن ما هو موقع مصطلح (تمثُّل) إذن من خلال هذه المعادلة؟

التمثل هو ادراكنا للكثرة أو التكثرات الوجودية الخارجية، المقترنة بزمان ومكان معينين، هي الشيء كما يظهر لنا في فلسفة كانط، أو هي انعكاسات المُثل الافلاطوني في عالمنا، فيما المثل هي الإرادة.

لقد اصطاد شوبنهور فكرة (المُثُل الافلاطونية) ليماهي بينها وبين (الشيء في ذاته)، فكلاهما لا يخضعان للزمان والمكان، وكلاهما يمثلان الشيء في حد ذاته، وكلاهما يكمنان وراء ما يظهر لنا في إدراكنا، فهما مشتركان إذن، ولكن تفترق (المُثُل الافلاطونية) عن (الشيء في ذاته) هو أن المثل الافلاطونية خاضعة لمعادلة (الذات ــ الموضوع)، فيما (الشيء في ذاته) لا يخضع لهذه المعادلة بنص كانط، الأمر الذي شجع الفيلسوف على تركيب علاقة جديدة بين الإرادة والمُثل الافلا طونية من جهة وبين الشيء في ذاته من جهة أخرى، وجوهر هذه العلاقة هي، أن الإرادة هي الواسطة بين المثل من جهة وبين الشيء في ذاته من جهة اخرى، وبتصوير بعض الباحثين [ إن المثل الافلاطونية باعتبارها (الإحالة الموضوعية الاولى المباشرة) للشيء في ذاته، بينما الأفراد هم (الاحالة الموضوعية غير المباشرة) للإرادة ]64 / الفرد في فلسفة شوبنهور ص 19 ].

 

ترى هل الإرادة هي القوة كما نفهم في الوعي الباده؟

الجواب لا بطبيعة الحال، بل القوة بكل تكثراتها ومظاهرها ليست سوى أحدى (تمثّلات) الارادة، وإن هذا التماهي بين الارادة والقوة هو بالفهم العام، وهي (واقعة مركبة تسبقها الدوافع، وتصحبها المعرفة،ويعقبها الفعل)، فيما عند شوبنهور هي مبدا، ينبوع، تماما كما هي المادة مبدا تجلياتها، كما هو الماء مبدأ تجلياته !

العالم إذن إرادة وتعقل، التمثل هو إدراكاتنا لهذا الكون على اختلاف مواضيع الا دراك بطبيعة الحال، فيما الارادة هي سرّ الوجود، الوحيد هي (الشيء في ذاته).

الارادة هذه لا تنقسم، واحدة، الانقسام من شأن الزماني، من شأن موضوعات التمثل، الإدراك الذي هو تجلي للإرادة، تمثل للإرادة، هناك مرحلتان من التمثل في فلسفة شوبنهور، الأولى هي الفكر باعتباره تمثلا للإرادة، ثم الاشياء التي تحيط بنا، باعتبارها تمثّلات للفكر، هناك الشيء في ذاته، الإرادة، وهناك الشيء الظاهري، اي تمثلات الفكر.

ويحير المرء في تفسير هذه العلاقة بين الإرادة والتمثل في مرحلته الثانية، مادام التمثل الاخير مقترنا جبرا بالزمان والمكان، وما دام محكوما بمبدأ (العلّة الكفاية)، والادهى من كل ذلك إن هذه الإرادة بعد أن فصلها شوبنهور من الذات الفردية، وشملها ببركة المفارِق ولكنّه المفارِق الكامن في الفرد، الادهى من ذلك استصحب هذه المسيرة مع كل شيء في الوجود، فليس هناك شيء إلاّ وهو إرادة، طبق المسيرة التي اصطحبناها مع الذات الفرد، الشخصية /، ومن هنا كان (العالم إرادة) بالدرجة الاولى.

كل حركات الوجود هي إرادة، وبالتالي، كان الوجود بمثابة ذات الإرادة، أليس هذا من قبيل وحدة الوجود؟

يتساءل بعض الناقدين عن مبرر هذا الانتقال من (الوحدة إلى الكثرة) في فلسفة شوبنهور، أ ي من الذات الفردية كمعادل موضوعي للإرادة، معادل مندك في الإرادة، بل معادل عيني للإرادة إلى هذه الكثرة العريضة؟

لقد تجلّى لنا الشيء في ذاته خارج الفرد / الشخصية، ما دامت الإرادة (سرّ كل ظاهرة... إنّ الارادة هي الجوهر الباطن لك شيء... وهي الجوهو الخالد، غير القابل للفناء...) 65/شوبنهور وفلسفة التشاؤم، طبع دار الفارابي، بيروت، الاولى سنة 2008، ص 70 /

 

 4 - شوبنهور / العالم إرادة

 الإرادة واحدة لا تتغير، وهي منبع الوجود، ولما كانت واحدة بالنسبة لموضوعاتها، تتجسد فيهم تواطؤا لا تشككا، فمن المؤكد أن تؤدي إلى طبع واحد، فلا تمايز بالطبع بين فرد وآخر، فإن طبع خالد هو نفسه طبع زيد، ما دامت الإرادة واحدة، ولكن أين نضع في مثل هذه الحالة هذا الاختلا ف الهائل بين خالد وزيد؟ فهما ليسا متطابقين تماما كما هو بدهي واضح !

تعالج فلسفة شوبنهور هذه المفارقة في ضوء اختراع أو اجتراح مفهومين، الأول هو الطبع المعقول، وا لثاني هو الطبع التجريبي، حيث الطبع المعقول ــ يسمى أحيانا بالطبع النوعي ــ هو ما تطرح الارادة أصلا، هو عمل الإرادة مباشرة، ربيبها الفارد، المدلل، فيما نسمي ما يختلف به الافراد بعضهم عن بعض، أي ما يخلق الفردية بـ (الطبع التجريبي)، ولكن من أين نستقي مصدر هذا الطبع؟ خاصة وهو المسؤول الاول عن الفردية، الفردية التي تسجل حضورها المتميز بشكل واضح في الإنسان.

إذن هناك طبعان لدى الإنسان على أقل تقدير، طبع معقول، وطبع تجريبي، الطبع المعقول هو إفراز الارادة حصرا، إفراز المُثُل، إفراز الشيء في ذاته ــ فهي تعابير تكاد تكون مترادفة في لغة شوبنهور وهو يتحدث عن الإرادة ــ فمن أين نستقي مصدر الطبع التجريبي، أي ما يتميز به أحدنا عن الآخر؟ لا يمكن أن نرجع بهذا الطبع إلى الإرادة مباشرة، لأن الإرادة كما قلنا عمياء، تعمل على طبق الضرورة المطلقة، رغم أنها شيء في ذاته، هنا يحاول أن يلتمس شوبنهور عن منبع هذا الطبع، الذي يجسِّد بكل وضوح (الفردية)....

فماذا يقول؟!

هذه النقطة تعتبر من أهم النقاط الحساسة في فلسفة شوبنهور، لأنها تخترق نسيجها المتماسك، المتعاضد، فنحن حسب فلسفة الرجل لا نستطيع أن نتلمس سببا خارج الإ رادة في ظهور هذا الاختلاف، او في صنع الفردية بتعبير أدق، حيث يعتبر شوبنهور الإ نسان هو الممثل الحقيقي، أو أقرب الأمثلة لمفهوم الفردية.

تقول فلسفة الرجل، إن هذا الطبع التجريبي هو صنيعة الطبع المعقول، وهذا الأخير هو صنيعة الإرادة كما مرّ علينا سابقا، وبالتالي، هو إنعكاس أمين للطبع المعقول !

ولم تقف المعادلة عند هذا الحد، حيث يضيف شوبنهور على ذلك ملاحظة مهمة وخطيرة، مؤداها، أن هذا الإفراز الجديد (ا لطبع التجريبي / الفردية)، في جوهره هو صناعة الطبع المعقول، ولكن في عَرَضِهِ ــ شؤونه العرضية ــ إنَّما يتحدَّد في ضوء الظروف الخارجية، وهذه تتحدد بالدوافع، وذلك مدعاة صراع بين العَرَضي هذا وبين الطبع المعقول في داخل النفس الانسانية، ونظرا لا ختلاف هذه الدوافع وتنوع آثارها، تتشخص الفردية، أو يتعين الطبع التجريبي !

ولكن كيف نعطي لهذا الدوافع مثل هذا الدور، ونحن نعلم إن الإرادة هي الحاكمة، وهي المتسيِّدة، وهي المفارق الأعظم؟!

هنا يستدرك شوبنهور، فيقول إن عمل هذه الدوافع مرهون بقرار الإرادة، ثم كيف نفسر أختلاف البشر بهذا التنوع الهائل مع وحدة الإرادة الصلدة، إنها وحدة إله أعمى، لا يبصر ! فيما نحن أرجعنا حتى الطبع التجريبي / الفردية / إلى هذه الإرادة بعد التحليل الأخير؟!

إن هذا التصوير الميكانيكي أو هذا السرد الميكانيكي يقتل الحرية، ترى أين هي حرية الإ نسان، إذا كانت فرديته نتيجة ميكانيكة للإرادة؟

هل يمكن القول إن فردية الانسان هي صناعة مشتركة بين الإرادة والعقل؟

صعب !

لان العقل ليس سوى انعكاس للإرادة...

ولأن العقل فاقد الحرية كما مر بيا نه، أ و كما نفهمه من سير فكر شوبنهور بتتابع منطقي إنطلاقا من بداياته الجذرية...

يجيب بعضهم إن الحرية قد أقرها شوبنهور رأسا، وغرزها غرزا في الذات الانسانية، لسبب بسيط، ذلك إن الطبع التجريبي نسخة أو انعكاس للطبع المعقول، وهذا انعكاس للإرادة، وسبق أن قلنا إن الإرادة غير محكومة بالعلّة الكافية، وهي تمثل الشيء في ذاته، وترتيبا على ما سبق نستطيع أن نقول أن هناك حرية، نسميها (الحرية التجريبية)... وا لاستنتاج صحيح من خلال هذا التسلسل المنطقي، ولكن هي حرية محددة سلفا، مسمَّاة من قبل، مقررّة، حرية جاهزة، ليست حرية لها علاقة بالاختيار كما نعرفه ونقره ونشهده وجدانيا.

 

 5 - ما هي وظيفة العقل؟

نسال هذا السؤال في خضم هذا السرد المتداخل، حيث أُفرد العقل بشكل نتيجة لسبب سابق عليه، وأعطي دورا ثانويا.

إن جواب شوبنهور من خلال سبر كلماته كما تابع بعض الكتاب لم يكن للعقل من وظيفة سوى بمثابة جندي من جنود الإرادة، يضع بين يديها خيارا ت ومتداخلات ومنازعات وتجاذبات الدوافع الخارجية، وفي ضوء ذلك تستفيد الإرادة، فالإرادة هي التي افرزت العقل، وهي التي توظِّفه لخدمتها، ويتوهم من يرى أن العقل يخترق هذا الناموس، أو يصارع الإرادة، هذا ظاهر، أما في البا طن، فهناك عقل خادم، وليس عقلا مخدوما، ولكن إذا مضينا كما هي مسيرة الفيلسوف، سنصل الى نتيجة إن المعرفة أو العقل في جوهره في خدمة الجسم، والجسم وحده، فما (الجسم إلا إرادة كما تموضعت إذا صحّ هذا التعبير) 66/ الفرد في فلسفة شوبنهور ص 45 /

لقد قلب الفيلسوف معادلة التعريف التي درج عليها أكثر الفلاسفة فيما يخص الانسان، فبدل من أن يكون هو الحيوان العاقل، أصبح هو الحيوان المريد، والإرادة ليست خاصة به، ولكنها فيه تمثل ذروة التمثل والإندكاك.

والآن ما هي طبيعة العلاقة حقا بين الإرادة والعقل؟!

ترى ما هو مصير الإرادة لو لم يكن هناك عقل؟

نسال عن ذلك في خصوص العالم الإنساني، يشرح بعضهم ذلك بقوله تعليقا على فلسفة الرجل: (إنّ موقف العقل با لنسبة للإرادة أثناء العمل هو موقف ا لعرض بالنسبة للجوهر، فهو متفرج، وباحث لا غير، ومن هنا كان موقف شوبنهور من إصلاح الناس، وتوجيه حياتهم هو موقف اليائس، فإنّ تأ ثير الوعظ لا يتعدى العقل، والعقل لا يمكن أن يؤثر بدوره على الإرادة) 67 / الفرد في فلسفة شوبنهور نقلا عن كتاب حرية الاختيار ص 10 لشوبنهور نفسه /.

يقول كاتب: (الإ رادة إذن قد خلقت العقل لكي يحافظ على بقاء أحدى درجات تحققها، وأعني بها الصورة الإنسانية، فجعلها هذا المولود الجديد شاعرة بنفسها، مدركة لها، بعد أن كانت في درجات التحقق السفلي، عمياء، صمَّاء، لا يخالطها الشعور أو التفكير...) 68 / الفرد في فلسفة شوبنهر ص 23 / وبناء على ذلك يتصور بعضهم أن العلاقة بين الإرادة وا لعقل الإنساني في فلسفة شوبنهور هي علاقة تضايف، والمتضايفان هما الموجودان اللذان لا يمكن أن يتصورا إلاّ معا، أو لا يمكن تصور أحدهما دون تصور الآخر، كما هو الحال بين العلة وا لمعلول، الأب والأبن، ولكن هذا خلا ف الوا قع، لأن شوبنهور يقول بكل وضوح أن الإرادة خلقت العقل، وبالتالي، هناك علاقة علّة ومعلول، كما أن الموقف هذا يصعب تصوره فيما لو تصورنا الإرادة في النبات،أو الحجر، حيث لا عقل هناك.

 

 6

الإرادة شر...

أليست تطلب؟

أليست تلح على اهداف وغايات ومقاصد؟

إنها إذن إلم، شر، معاناة، وبذلك كانت الحياة بمثابة شر، عذاب، قسوة، لهاث نحو مستقبل مجهول، فكلما يتحقق مستقبل يشخص مستقبل أخر يجب أن نسعى نحوه، فهل هي إلا حياة الكد والتعب وا لتواصل غير المجدي؟

هكذا يقول شوبنهور...

ومن هنا قالوا عنه: فيلسوف التشا ؤم الأ ول، ا لمتشائم دائما.

 

إن جوهر فلسفة شوبنهور هي الإرادة، كل شيء يكمن هناك، ولو تابعنا حركة الطبيعة فإننا سنلمس تيارا جارفا من النشاط الطبيعي والحيوي، نشاطا لا يقف، لا يفتر، لا يتخلف، قاهر، قاس، وتلك هي أصالة الإرادة، فهي (قوّة عمياء، تكوِّن الموجودات على التوالي، والعقل أعلى تجليات الإرادة، فهو آلة أكثر إحكاما وتنوعاً مما للحيوان من آلات، ذلك أن آلات الحيوان ظاهرة وغاياتها معروفة، محدَّدة، أما الفعل العقل فباطن يخفي غاياته، ويستخدم ما يشاء من الآلا ت مصنوعة)69 / المعجم الفلسفي، مراد وهبة،ص 43 /

يبسط لنا ديورانت مذهب الرجل بقوله شارحا ومستشهدا ببعض نصوصه بقوله: [... نحن لا نريد شيئا لأننا وجدنا أسبابا له، ولكننا نجد أسبابا له لأننا نريده... الإنسان مسوق بارادته لا بعقله (لا شيء أ كثر إثارة وتهيجا للاعصاب عندنا نحاول إقناع إنسان عن طريق الادلة العقلية والبراهين المنطقية، ونبذل جهودا في محا ولة إقناعه، ثم يتضح لنا أخيرا إنه لم يفهم، وسوف لن يفهم... إن الذاكرة خادمة ا لإ رادة... قد يبدو للناس أنهم مسحوبون من الإمام، بينما هم في الحقيقة مدفوعون من الخلف)... إن شخصية الإنسان تكمن في إرادته، وليس في عقله، وشخصية الإنسان وا خلاقه أيضا استمرار للغرض ووجهة النظر... وحتى الجسم نفسه فهو من إنتاج الارادة... إنّ عمل الإرادة، وحركة الجسم ليسا شيئين مختلفين، معروفين بالموضوعية، توحدهما رابطة السببية، وليس بينهما علاقة العلّة بالمعلول، بل هما شيء واحد، ولكنّهما يحدثان بطرق مختلفة ــ كل الاختلاف ـ حالا ومرّة ثانية في الإدراك... إن العقل يتعب، أما الإرادة فلا تتعب على الاطلاق... العقل يحتاج إلى النوم، أمّا الإرادة فتعمل حتى في حالة النوم... إذن الإ رادة هي جوهر الإنسان... ] 70 / قصّة الفلسفة ص 404، ديو ارنت طبع مكتبة المعارف بير وت، الطبعة السادسة سنة 1988 /.

يقول ديورنت موضحا فلسفة شوبنهور باسلوب سهل ممتع جميل: (إذا كانت الإرادة جوهر الإنسان فلماذا لا تكون جوهر الحياة، في جميع صورها، وأ ن تكون جوهر الجماد؟ وماذا يمنع أن تكون الإرادة هي الشيء في ذا ته الذي بحثنا عنه طويلا ويئسنا من الوصول اليه ــ وأن تكون الإرادة هي الحقيقة النهائية الداخلية، وكنه جميع الإشياء الخفي) ص 404 /

هذا ما توصّل إليه شوبنهور، فليست الإرادة شكلا أو صورة من صور القوة، بل العكس هو الصحيح، إن كل قوة إرادة ولا عكس، أي أن العلاقة المنطقية بين الإرادة و القوة هي عموم وخصوص من وجه كما هو وا ضح.

المصدر: http://almothaqaf.com/index.php/derasat/51718.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك