المفارقات الدلالية للمفهوم الإجتماعي
القبيلة – البادية – الدستور - الديمقراطية.
غالباً ماتُذكر الثقافة باعتبارها العلامة المفصلية في حياة الشعوب، ارتباطاً بالوعي وإنضاجاً للتجربة وتقويماً للسلوك بالمعنيين الإجتماعي/ الجمالي، والسياسي /الفكري .
قبل بضع سنوات، وبعد الإستقرار النسبي الذي شهدته بغداد وبعض المحافظات العراقية، إزدهرت المنتديات والصالونات الثقافية، بعضها اقتصر على طرح ومناقشة مايخصّ النتاج الأدبي من قصة وشعر ورواية وماشاكل، فيما ذهب بعضها الآخر إلى الإهتمام بالواقع السياسي الذي يعيشه العراق، ومن ثم حرص بداية على استضافة شخصيات سياسية وثقافية متنوعة، لكن وبعد أن وجد إن الأسماء السياسية المعروفة، هي وحدها الكفيلة بجذب العدد الأكبر من الحضور، عكس الشخصيات الثقافية التي لاتحظى من قبل الجمهور بالإهتمام ذاته، حتى لو كان المثقف معرفياً والسياسي " جاهلاً" (*) لذا حاول القائمون على بعض تلك المنتديات، أن يجعل منها حلقة وصل وتفاعل بين السياسي والمثقف، علّها تسهم في وضع أسس أوليّة لفكر يتلاءم مع المستجدات وماقد ينتج عنها من تفاعلات، خاصة تلك التي يشهدها العراق والمنطقة .
لاشك أن مجموع مايطرح في تلك المنتديات، يجعل من الممكن استخلاص قضايا يلاحظ فيها أن الفكر السياسي في العراق، مازال يشهد تعثراً وارتباكاً في السياسي والمثقف على السواء، ذلك ما تعكسه فوضى المفاهيم واستخدام المصطلحات في محاولات الدخول إلى إيجاد تفسير الواقع، ناهيك بقراءة المتوقع، ما قد يجعل من الضرورة، القيام بمقتربات قد تسهم في تصحيح بعض المفاهيم التي يتكرر حضورها، ومن ثم إعطائها أبعاداً أو صيغاً جديدة، أو في إضفاء معنى ما على مفاهيم سابقة، أو طرح بعض القضايا التي ربما عولجت للمرة الأولى .
ستتناول هذه المحاولة، بعض أهم النقاط مما يتم تداوله من قضايا، خاصة تلك الخلافية منها :
1: الدستور : يعتبر الدستور هو الناظم القانوني للسلوكيات السياسية، ومنه تستمد أعمال مؤسسات الدولة بكافة سلطاتها، ذلك ما يعنيه إطلاق صفة " دولة القانون " على تلك الدول التي تسلك في نظامها السياسي النهج الديمقراطي المتعارف عليه بأنه " حكم الشعب " نسبة إلى اليونانية القديمة – ديمو ـ شعب ,كراتيا –حكم " كما تُرجمت .
التفحص الدقيق لهذه المفاهيم سيمنحها معانيَ أخرى، سواء في الواقع العملي أو المتوقع الإفتراضي، فالدستور في جوهره أنما يصف الطريق ولا يرصفه، بمعنى يتناول القواعد والمعطيات العامّة التي ينبغي سلوكها، كي تأتي إدارة الدولة مثمرة ومن ثم قادرة على إيجاد حلول ومعالجات فضلى لما يعترض المجتمع من مشكلات، أما السياسة فهي التي تقوم برصف الطريق ومن ثم تعبيده وتحديد معالمه ومحطاته وانعطافاته، كي يسهم ذلك في جعل الطريق سالكاً أو قابلاً للسير عليه، من هنا فإن الإتفاقات والتفاهمات التي تعقدها القوى السياسي في بلد ما، قد تكون من الممارسات السياسية التي تلعب دوراً في تحديد معالم الطريق التي أكتفى الدستور بوصفها، ذلك ما يحدث في الدول العريقة في الديمقراطية كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وسواها، حيث الاتفاقات أو التفاهمات بين أحزابها السياسية على قضايا معينة قد تسبق طرحها للتصويت .
وعلى ذلك فالمطالبة الدائمة بالالتزام بالدستور، وتوجيه الانتقادات لما يمكن حصوله من اتفاقات جانبية بين الكتل السياسية في العراق، يحمل في مضمونه خطأ مفهومياً، لكنه صواب عملياً، فتلك الممارسة ليست خارج ماتعنيه الديمقراطية عموماً، أما في العراق، ولأننا مازلنا نعيش فيما ورثناه من عقلية المؤامرة المرافقة عادة للأنظمة الدكتاتورية، حيث مازالت تفعل في السلوك السياسي العراقي، أي إن العقل التآمري يسود على العقل الدستوري، فحين لايكون الدستور ناظماً للسياسة ومقياساً للسياسي، تستخدم تلك الأتفاقات لإغراض خاصّة بكلّ طرف، إذ يجري إخضاعها لحساباته وتفسيراته لتكون من ثم نتيجتها سلبية غالباً، لأنها لا تضيف ملامح للوصف الدستوري، بل تشوه ما حاول الدستور رسمه من ملامح .
يظهر ذلك في السياسات التي تهمين عليها الأحزاب الآيديلوجية، وأوضحها في العراق، فمختصر الآيدلوجيا، هو الإيمان بمنطق امتلاك الحقيقة وفعل الصواب، تلك هي القاعدة الإستراتيجية في الأحزاب الآيديلوجية عموماً والدينية على وجه خاصّ، أما مايُتّخذ من خطوات إجرائية – بما فيها الإتفاقات والتفاهمات – فهي تكتيكات مؤقتة أو وسيلة يمكن اتبعاها لتحقيق تلك الإستراتجية، لذا يجري التنصل منها إذا خالفت الهدف أو لم تفلح في تحقيق الغاية المرسومة، ذلك يعني إن الخطوات الأولى في البحث عن حلول لمشكلة العلاقة بين الدستور والسياسة في العراق، تكمن في إنزياح ثقل الآيديلوجا عن كاهل السياسة، مايقتضي العمل على إنضاج فكر سياسي جديد، يأخذ في الاعتبار واقع العراق بتلاوينه الإجتماعية والسياسية والمعتقدية، لكنه لايغرق فيها، ومن ثم البدء بطروحات عملية وواقعية من جهة، ومقبولة ومفهومة للمجتمع من جهة ثانية، يشترط فيها أن لاتحمل في مضمونها أو شكلها، تحدّياً أو إلغاءاً للمكونات الإجتماعية على وجه الخصوص، لكنها في الوقت عينه تشكلّ بديلاً للعقل السياسي الذي بات يرواح في مكانه متسبباً بالمزيد من المشكلات، هذا ما يتطلب النظر في مجموعة من المعطيات والمصطلحات السياسية / الفكرية ذات البعد الاجتماعي، وذلك من خلال العمل على إبراز أولوية رمزية العقل الجمعي، على شخصانية الزعيم الفردي، أي تحويل الرمز من الفرد المجسّد، إلى الفكرة المنتجة، فخطورة الزعامة الفردية – خاصة في العراق - أنها تتكسب وتعتاش من استثارة الكوامن العاطفية في المتشابه الاجتماعي، وذلك باستغلال دعاوى دينية أو إثنية أو طائفية أو ماشابه، ويتكون الرمز من هذا النوع عادة، في الظروف الإستثنائية التي تتيح له أن يتقدم باعتباره منقذاً أو محافظاً على هذا المكّون أو ذاك، ومن ثم فوجوده يوحي بنوع من الطمأنينة لمن يمثلهم، حتى لو تسبب في ما ينتابهم من قلق، ولما كان موقع الزعامة في الشعوب التي تحكمها العاطفة، يتطلب استمرار الإثارة وإدامة زخمها، لذا ينبغي إيجاد نوع من الأزمات التي تجعل " الرمز" في موقع التناول الدائم من قبل الخصوم – خاصة المختلفين دينياً أو مذهبياً أو قومياً – ذلك مايعزز الإعتقاد الذي جرى زرعه في الأذهان المتعاطفة، بسلسلة من " المعلومات " التي يجري ضخّها باستمرار عن ارتباط الخصوم بمؤامرات وأجندات واتفاقات تحاول النيل منه، وصولاً إلى المكون الذي يمثله .
هذا النوع من الساسة " الرموز " كانت أثينا القديمة قد أدركت خطورته، حيث اعتبرتْ إن استثارة عواطف الشعب بدعاوى من هذه الشاكلة، يمثل خطراً على حرية الشعب في حسن إختياره لمن يمثّله بناءاً على معطيات العقل، لذا يُكتب إسمه على أصداف المحار(1) ثم يقترع المواطنون لنفيه لمدة لاتقلّ عن عشر سنوات كي تُمنح المدينة فترة كافية للتخلص مما يكون قد أحدثه من تأثيرات في النفوس، أما المغزى من أغلفة المحار، فهو إسقاط رمزي بالغ الدلالة، ذلك لأن الصيادين كانوا يجمعون أطناناً من المحار من أجل الحصول على بضع محارات تحمل اللؤلؤ الثمين، فيما ترمى الأصداف بعد اكتشاف فراغها، لذا فوضع اسم من يراد طرده، على أغلفة المحار، يعني القول بأن قيمته لاتزيد عن قيمة الأصداف، لأن جوهره مخادع كمحارة فارغة .
2 -: الديمقراطية : درج الباحثون والسياسيون على تعريف الديمقراطية بأنها حكم الشعب، ثم أضافوا عليها (بواسطة القانون)، لكن المتتبع للديمقراطية منذ نشأتها في أثينا (القرن الخامس ق/م) يلاحظ أنها عنت في ممارستها قرار الشعب وليس حكمه، إذ ترك الحكم للسلطة، التي يختارها الإثينيون بعد اجتماع موسّع للذكور البالغين يعقد في الساحات العامة، والاقتراع من ثم على قرارات مصيرية، كتنصيب حاكم أو عزل آخر أو إعلان حرب أو عقد معاهدة، لذا فالديمقراطية تعني في جوهرها (قرار الشعب بواسطة الإقتراع) أما الجهة المكلّفة بإيجاد الوسائل اللازمة ووضع الآليات المناسبة للتنفيذ، فهو الحاكم أو الحُكومة، وقد سميت كذلك نسبة إلى حقّها في استخدام صلاحيتها التنفيذية في تطبيق قرارات الشعب بواسطة قوانين وضوابط، ملزمة بالمقابل لجموع الشعب الذي اتخذ القرار بشأنها أو وافق عليها وذلك ضمن معادلة، القرار بالأكثرية (الشعب) الإلزام بالأقلية (الحكومة) أو القرار العام للحكم الخاصّ، وفيما تسعى الأقلية للنجاح في تطبيق القرار، يسعى الشعب إلى دفعها لما انتدبت من اجله، وذلك بمراقبتها وتقييمها إن أحسنت، ومحاسبتها إن قصرّت، و استبدالها إن أخفقت، يجري ذلك ضمن مقاييس موضوعية عقلية لاتلعب فيها العواطف أو الدعاوى المعتقدية أو الايديلوجية دوراً محورياً، بعد أن يتخلص العقل من عوامل إفساده – كمثل رجل المحار آنف الذكر - .
كانت أثينا مدينة صغيرة لاتجد صعوبة في أن يجتمع مواطنوها في مناسبات معينة للاقتراع المباشر على قوانينهم ومراجعة شوؤنهم، لكن توسع المدن وتكاثر ساكنيها، اقتضى أن ينتدب المواطنون من ينوب عنهم في الاجتماع لاتخاذ القرارات أو وضع التشريعات، لذا ظهرت المجالس التمثيلية في روما القديمة، ثم انتقلت إلى الديمقراطيات الحديثة (شيوخ أو نواب أو عموم - الخ).
وهكذا قيض للديمقراطية أن تؤخذ بكونها مفهوماً غربياً جذراً وممارسة، ما أوقع بعض المثقفين العرب في وهم القياس، لتحديد نموذج للديمقراطية يمكن أن يُنقل أو يطبّق أو يستلهم في بلادهم .
يقول أحد الباحثين العراقيين بنوع من الافتخار، إنه كتب مقالات وصف فيها ليبيا بعد سقوط القذافي بأنها (بدو قراطية) أما في العراق فهي (قبيلوقراطية) ويقصد بها أن ليبيا تحكمها البداوة فيما العراق تحكمه القبيلة، وبالتالي وصفها هكذا، يوحي ببعض السخرية من إمكانية قيام ديمقراطية في هذين البلدين .
تفكيك الطروحات أعلاه، يتكشّف عن خلط منهجي في اتجاهين : المفهوم السياسي للديمقراطية، والمعنى الاجتماعي للنظام السياسي، فالبداوة هي صفة لحالة اجتماعية ربطاً بالجغرافيا، ولما كانت البادية تعني المساحات الصحراوية شحيحة الموارد التي لا توفر وسائل عيش تساهم في استقرار العدد القليل من سكّانها، ما يدفعهم نحو التنازع المستمر، للاستيلاء على مصادر المياه أو أماكن الرعي المتناثرة والمتباعدة، كما أن شظف العيش في الصحراء، جعل من الغزو واللصوصية نمط حياة وسلوك، ما اظهر البدوي (2) كشخص يقاتل الحياة بشتى السبل من اجل الحصول على قوْته، فترافقه في الصفات الفردية، معالم الغلظة والوحشية واللجوء إلى الخداع وارتفاع نبرة الصوت حيث المناداة للصديق والزجر للعدو والصيحة في الحرب، فيما يترافق واقعه الجمعي، مع التنقل الدائم وعدم الاستقرار والميل إلى التصرف غير المنتظم والاحتكام إلى أعراف وتقاليد مما أفرزته قسوة الحياة في بيئة كهذه، ذلك ماينتج بمحصلته تنافي البداوة مع القيم المدنية، حيث تشابك العلاقات وتعدد مستويات العيش وتنوع مصادره، يتطلب سلوكاً مختلفاً يقوم على إجادة فن المخاطبة وطبيعة الصلات مع الآخر والانتظام بقوانين محروسة بقوّة منظمة ومدججة بالسلاح، تشرّع ماقد تلجأ إليه من إلحاق العقوبة بالمخالفين، كذلك ماتوفره المدنية من منجزات والتمتع بما تمنحه المكتشفات والعلوم، الخ (3) .
لكن ذلك لايمنع أن القبائل البدوية استطاعت إيجاد نظم تتناسب وحياتها، فعقدت تحالفات ومعاهدات للتعاون فيما بينها أو إحلال السلام في أشهر معينة أصبحت عرفاً، أو القيام بالحرب أو صدّ هجوم معاد أو ماشابه، أما قيادتها والإشراف على شؤونها، فقد مارست القبيلة أسلوباً يشابه في بعض وجوهه، ماكانت تمارسه أثينا، إذ يُعقد بين رجال العشيرة البارزين، مجلس يفصل في القضايا المهمة كعقد الصلح أو التحالف أو الارتحال أو الإعداد للغزو – الخ، كما كان أفراد القبيلة يتمتعون بقدر كبير من الحرية للإدلاء برأيهم ومناقشة كبيرهم الذي بإمكانهم استبداله إذا لم يحسن قيادة القبيلة أو تخاذل في حرب أو كان بخيلاً أو كاذباً أو مما ترفضه أعرافهم وقيمهم، لكن الأثينين دوّنوا ووثقوا، فيما اكتفت القبائل بكلمة الشرف، وقد جاء الحديث النبوي عن ضرورة المكاتبة " إن اتفقتم فتكاتبوا " ليتدارك نقصاً حضارياً في هذا الجانب، كما يؤخذ على الأنماط القبلية عملها بعرف : العدالة في القبيلة، والغلبة على الآخرين، وهو مايخالف قاعدة : العدالة للشعب بقانون يسري على الجميع – كما يفترض - .
لقد ارتبط (الشعب) بالدولة – غالباً - و الدولة بالديمقراطية ضمن مفهوم (الدولة الديمقراطية) موضع الحديث، ولأن القبائل البدوية قبل الإسلام، لم تعرف الدولة سوى في السهول القريبة من البادية كالحيرة واليمن مثلاً، لذا أُخذ التصور عن صعوبة تحقيق الديمقراطية في بلد يعيش (البدوقراطية) أو (القبيلوقراطية) سابقتا الذكر .
(*) :الشائع في المعرفة إنها تُطلق على الكمّ من المعلومات التي يحويها كتاب أو يعرفها شخص أو جماعة ما، باعتبارها مشتقة من المصطلح عرف بالشيء :رآه عن قرب أو اطلّع عليه أو جربّه أواستخدمه أو حفظه، لكن مصطلح "المعرفة" في استخداماته الحديثة، لم يعد يعني معرفة ماينتجه الآخرون فيصبح معلومة يمكن تحصيلها، بل على مايمكن أن يُنتج ليصبح جديراً بأن يعرفه الآخرون، نظراً لأهميته أو مقدار احتياجهم إليه، لذا فالشعوب الأكثر تطوراً، هي الأكثر انتاجاً للمعارف، وليس الأكثر استهلاكاً للمعلومة وحسب، وبالتالي فلامجتمع عارف دون انتاج معرفي، مايعني الربط بين ثقافة المعلومة وإمكانية تحصيلها، والسعي لأنتاج المعرفة ورعاية مبدعيها، سواء في السياسة والعلوم الإنسانية بنظرياتها وأفكارها، أو في العلوم التطبيقية بما تخترعه أو تكتشفه .
(1)- راجع: (عن رجل المحار والذئب المنهار وسيناريو الحرية) العراق غمد السيف أم درب المعبد ؟ ص55 .
(2)- المفردة المستخدمة عند بعض الشعوب، تتعلق أساساً بطبيعتها الجغرافية، ففيما تستخدم كلمة (بدوي) اشتقاقاً من الفعل (بدا) أي بان من بعيد دون تبيان ملامحه، فإن اقترب أكثر قيل (لاح) – وهذه تستخدم كذلك عند سكان السواحل - أي صار بإلامكان رؤيته وهو يلوح بيده أو بسيفه أو بما يحمله، هذا ما تتيحه (البادية) أي تلك السهول الرملية الخالية في العادة مما يحجب النظر، أما سكان السهول ذات الزرع أو الأشجار، فتُشيع عندهم كلمة (ظهر) أي بان للنظر من دون عوائق، فيما يفضّل سكان الجبال استخدام (طلّ) أي شوهد في علوّ، ونَظر من أعلى .
3) - للمزيد راجع : سلوكية العواصم وفعل السياسة – جريدة المواطن – الاثنين 20/ 6/ 2011.
المصدر: http://mail.almothaqaf.com/index.php/qadaya/76430.html