حوار مع النفس

تساءلت لماذا أشعر بالقلق والخوف من المجهول؟ فسمعت صوتاً خافتاً يقول لأنك لا تؤمن بالله. فقلت: من صاحب هذا الصوت؟

فجاءني الرد بنفس الصوت الخافت قائلاً "أنا نفسك".
فقلت: "لما تقولين يا نفسي بأني لا أؤمن بالله؟"
فقالت: "لأنك لو كنت تؤمن بالله ما خفت من المجهول.
قلت لماذا؟ إن المجهول شئ غير معلوم، غير ملموس ومن الطبيعي أن أفكر وأشعر بالقلق والخوف منه.
قالت: لو أنك أمنت بالله حق إيمانه لكنت ممن يؤمنون بالغيب، ويؤمنون بالقدر خيره وشره، ولكنت ممن يؤمنون بأن حكم الله نافذ لا محالة.
فقلت: إن قولك هذا حق، وأنا أؤمن بالله، وأؤمن بالقدر خيره وشره، ولكن هذا ليس معناه عدم التفكير بالغد والمستقبل والاستعداد له، ولكن النتيجة غير معروفة وهذا هو ما يخوفني.
قالت: يجب عليك أن تضع كل ثقتك بالله وأن تعلم بأن الله إذا أراد أمراً فإنما يقول له كن فيكون، فإن كان خيراً فهو خير لك وإن كان شراً فإنما هو اختبار لمدى إيمانك بالله، فإن كنت من الصابرين أصبحت من الفائزين وإن كنت من المعترضين المتذمرين فقد فشلت في الاختبار وتحديت قدرة الخالق وضاقت بك السبل وهنا تكون قد وقعت في المحارم.
فقلت: أنى أريد أن أكون من المؤمنين حقاً.
فقالت: إذاً عليك أن تكن ممن لا يعترضون على حكم الله وأن تشكر الله في السراء والضراء وأن تصبر على ما يصيبك وأن لا تخف من الغد لأن كل شئ بيد الله وعندئذ ستكون نفسك مطمئنة وتكون ممن ينظر الله إليهم يوم القيامة، ثم قرأت "يا أيها النفس المطمئنة أرجعى إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي"
قلت لها لما تقرأين هذه الآية الآن؟ ألا تعنى هذه الآية أن النفس قد بُشرت بالجنة عند الموت؟
قالت نعم.
قلت لها: هل أقترب موعدي؟ هل حان الوقت للقاء ربى؟
قالت: إنك الآن على فراش الموت.
فقلت لها: وكيف ذلك؟ لقد كنت بالخارج مع مجموعة من الأخوة نقوم بالإعداد والترتيب للقيام بإحدى العمليات التفجيرية للانتقام من العدو.
فقالت هذا هو سبب خوفك وقلقك من المجهول.
فتساءلت لماذا؟
قالت: لأنك لست على يقين من أن تلك العمليات تصيب أعداء الله وأنك تخشى أنها قد تؤدى إلى إصابة المسلمين لعلمك بأن المكان المحدد لتنفيذ تلك العمليات يوجد به العديد من المسلمين ولأنك تعلم بأنك إن نفذت تلك العمليات تكون قد قتلت نفسك.
وهنا قلت مندهشاً: قتلت نفسي! كيف ذلك؟
قالت: إنك إن تقدم على مثل ذلك الفعل ولم تشارك في قتال العدو وتنغمس في وسطه متأكداً بأنك سوف تصيبهم وتكبدهم الخسائر تكون قد قتلت نفسك.
فقلت لها معاذ الله لن أقتل نفسي أبداً، لن أغضب ربى أبداً، أنى أخاف الله وأخشى عذابه.
قالت هذا هو الإيمان.

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك