برنامجنا للإصلاح التربوي والعام

في ما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا وهو تصوّر نراه صالحا للمجتمع العربي كافة مهما كانت الخصوصيات القُطرية:

 

تركيز فلسفة الإصلاح العام على نظرية من صنف "اثنان في واحد": الدين في اللغة، واللغة في الدين.

تركيز عملية الإصلاح العام على قاعدة الإصلاح اللغوي.

الإصلاح اللغوي يكون إذن ذا صبغة أشمل وأعمق من أن يُعنى فقط بإصلاح تعليم اللغات وإنما يتجاوزها حتى يطال كافة مجالات النشاط الممكنة، إلى درجة استحقاق المجتمع إنشاء "وزارة للشؤون اللغوية".

تبعا لمنهاج تركيب الهوية الدينية على اللغة ("اثنان في واحد" بواسطة تقنية النمذجة) سوف يَعني الإصلاح اللغوي ضمنيا إصلاح الفكر الإسلامي ومنظومة التديّن والخطاب الديني ومنه منظومة التواصل.

الإصلاح الديني يتمحور هو الآخر حول اللغة، إن كعقيدة دنيوية منبثقة عن عقيدة الإسلام و أيضا كمنهاج للتغيير لمّا يتعلق الأمر بالمؤمن، أم كمنهاج للسلوك والتغيير والإصلاح دون سواه لمّا يتعلق الأمر بغير المؤمن، وفي الوقت ذاته كقاسم مشترك بين المؤمن وغير المؤمن.

تجسير الهوة بين الدين واللادين في الفكر والسلوك هي النتيجة المستعجلة الأولى التي ننشدها ا بفضل توخي هذا المنهاج.

تجسير هذه الهوة هو عبارةً عن فك الاحتقان المجتمعي العام من أصله وهو مما سيسهل إطلاق عملية الإصلاح بكل روافده.

التجسير سيسمح خارج المدرسة (وداخلها طبعا) بفك الاحتقان السياسي الذي كان حاصلا بحكم الفرز الإيديولوجي بين الإسلام السياسي والعلمانية وبالتالي سيذيب أصناف الفرز المختلفة التي كانت تغتذي من الفرز الأكبر، مما سيدعم الإصلاح التواصلي.

تطوير تعليم اللغات الأجنبية على خلفية الندية الثقافية والاحترام المتبادل بين الثقافات سيكون الوجه الآخر للمكسب الذي سنجنيه من انفتاح الهوية (والدين رافدها الأساس)على اللغة، على كل لغة وأية لغة كانت، وبالتالي على كل الثقافات التي ترمز إليها تلكم اللغات. مع العلم أنّ الوجه الأول كان انفتاح اللغة على الهوية الدينية لمّا تكفلت، على شاكلة علمية، بالتعبير عنها.

تأهيل الناطق بالعربية بهذه الطريقة لتتبوأ ثقافته مكانة الندية مع ثقافة الآخر ولغته سيكسر الحواجز السيكولوجية التي كانت تقف حجر عثرة أمام الناشئة في مجال التفاعل الإيجابي (بث وتقبل؛ أخذ وعطاء) بين العربية كلغة أُمٍّ وسائر اللغات.

التأهيل المبني على الندية والاحترام سيسمح للناشئة باكتساب الحداثة شريطة أن تقطع المنظومة التربوية مع التناول المجزّأ لكل لغة على حِدَة أي شريطة أن تتسم فلسفة تعليم اللغات بالتكامل.

التصور التكاملي لمنظومة اللغات بما فيها اللهجة العامية هو الذي سيحرر اللغة العربية ويطوّرها ويدخلها في عالم الحداثة ("التعريب العكسي" أو "التعريب غير المباشر"). وهو مما سيعرّف التعريب بأنه نتيجة لجهد التغيير الشامل في العقليات ولجهد النهوض أكثر منه مقدمة لتطوير المجتمع.

تصالح الناشئة مع الهوية الدينية وفي نفس الوقت مع الهوية اللغوية سيمهد السبيل نحو تشكل هوية ثقافية تخوّل لهم المشاركة الفعلية في بناء المجتمع وفي الإسهام في تغيير العالم تباعا.

من منطلق التصالح سيذوب الجليد بين صنمَي "الخلافة" كنظام حكم تاريخي موضوع حنين وتشبث لدى الإسلام السياسي، و"الديمقراطية" كنظام حكم معاصر. و"الخلافة الديمقراطية" قد تكون الحلقة الأخيرة، وتخص الفلسفة السياسية، في سلسلة الإصلاح العام.

"الخلافة الديمقراطية" هي بدورها نموذج ناجم عن طريقة الوصل بين هوية دينية/هوية لغوية على طريقة "اثنان في واحد". ومكسب التصالح مع الهويتين سيمكن الناشئة من عقلنة الفكر الديني بما سينجم عنه من "تشريع إنساني" يكون مرآة عاكسة للديني و للاديني بطريقة تتسم بالانصهار المرِن وبالوصل والفصل بينهما.

"التشريع الإنساني" صورة لإرادة وقرار الشعب لأنه يشتمل على مزيج متناسب بين الآثار الناجمة عن مبدأ "الاستخلاف" الإسلامي من جهة و الآثار الناجمة عن مبدأ "الاستخلاف اللغوي" إن جاز التعبير.

مبدأ "الاستخلاف"، الذي يعني خلافة لله في الأرض عند المؤمن، ليس بحاجة لنظام سياسي كي يضطلع به المؤمن. فمناخ الحرية هو الشرط الضروري للسماح بالاضطلاع بالاستخلاف في المجتمع. وهذا مما يمحو أية رغبة لمحاولة فرضه في المجال السياسي أبدا.

مبدأ الديمقراطية هو ضمانة تحوّل الجانب الدنيوي المتضمن في مفهوم "الاستخلاف" إلى قاسم مشترك بين المؤمن وغير المؤمن. هكذا يصبح غير المؤمن هو الآخر مزوّدا بـ"الاستخلاف اللغوي"، وهو استخلاف تشكلَ عبر العقيدة اللغوية (الدنيوية) التي تمثل الأرضية المشتركة للتفاهم بينه وبين المؤمن.

"الخلافة الديمقراطية" تكون عندئذ تعبيرا عن رضاء المجتمع ككل بالتداول على سلطة دنيوية صارت تحتكم إلى روح، إن كانت هذه متمثلة في "الاستخلاف" الديني عند المؤمن أم في "الاستخلاف اللغوي" عند غير المؤمن.

المنهاج العام للإصلاح والذي هو نتيجة استخدام تقنية النمذجة قد يسمى "الإسلاميات اللغوية التطبيقية". وبالرغم من تقديمنا لهذا المنهاج كأداة (خارجية لكنها قيادية) للإصلاح إلا أننا نقترح في الوقت ذاته إدراج مضمونه كأداة (أساسية وتكوينية) للتعلم أي كمادة للدراسة.

المصدر: http://almothaqaf.com/index.php/qadaya/70849.html

الحوار الداخلي: 
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك