الحوار منهج أم مواجهة .. سياسة ثقافة تغيير السلوك
نشاهد اللقاءات الصحفية التلفزيونية والخطابات الإذاعية المسموعة والكتابات المقروءة تفتقر الى الموضوعية والهدفية والثقافة العامة لان الغالب منها ينتهي بصدام مباشر ام غير مباشر واختلاف في التوجهات والرؤى يتمخض عنه التشهير وتشويه السمعة وكل هذه الامور سببها قلة الثقافة الشخصية والمجتمعية لان الثقافة مصدر التقدم والرقي والاحترام ونشر السلام والوئام بين صفوف افراد المجتمع من اليافعين والبالغين بحيث يتمكن الاخر – المستمع او المخاطب – برسم مساره وفهمه ونهجه بناء" على مدخلاته المخزونة لتكون مخرجاته مثالية ومعيارية وليس عفوية، هامشية، توافقية، تقليدية، واجتهادية. يكون المرء محاسبا" على مخرجاته كونها تؤثر على الجيل والمجتمع فأذا كان الكلام تعليميا" يستفاد من اما اذا كان الكلام تثقيفيا" وتوعويا" يفهمه الاخر بناء" على الملكة العقلية والكفاءة الذهنية وصداه كعاصفة رياح ترابية لكي لايكون الحوار غير منتجا" وغير فعالا" وغير مثمرا" بحيث نحتاج ان نكون مؤثرين في الاخر من خلال الطرح كعملية نشر فكرة او ثقافة بين الاخرين المتزمتين الذين لايؤمنون بالاخر او بوجوده كأنسان كونه انسانا" متعلما" وليس مثقفا". ونفهم من ما عرض اعلاه تحول الحوار الى مواجهة وصدام في نهايته.
يحتاج الاعلام ان يبدأ ببرنامج توعية يتولى ادارتها وتنفيذها ورعايتها دون تدخل، نفوذ او سلطة ليكون منهج الحوار مبنيا" على اسس الاحترام المتبادل والتواصل الدائم ونشر ثقافة واسس الحوار البناء ليكون المجتمع واعيا" لما يجري وما سيدور في العالم وبلده بقدر تعلق الموضوع بعنوان ومشروع اللقاء الحواري بكافة انواعه. نستطيع بعد ذلك الوصول الى التكامل المعرفي والاخلاق الديمقراطي والتوعية الفكرية الناضجة من خلال المساهمة في جعل الحوار او اللقاء او المحاورة هدفا" كدرس مقرر يستمع اليه تلميذا" او طالبا" في مدرسة او كلية ولنجعل برامجنا تسويقية يسعى الاخر لاعتمادها كما يقوم بأعتماد درسه او منهجه، ولانقم بالتكلم والحوار دون جعلها مصدرا" للافراد ليعتمدهما في حياته لان مخرجات الاعلام اليومية ذات وزن وقيمة كبيرة لكنها لا تعتمد من قبل الاجيال والمجتمع.
بالاضافة الى، نحتاج ان نجعل وزارة الثقافة والتعليم ونقابة واتحاد الصحفيين مسؤلة عن توثيق المناهج والبرامج واللقاءات والحوارات بكافة انواعها وجعلها دروسا" ومفردات منهجية تعتمد من قبل الاجيال لان العالم اليوم يسعى لجعل تلاميذ الروضة قادرين على اكتساب المعرفة وتحليل الرأي وبناء الذات والقدرة على الاعتماد المتواصل على رموز وكفاءات البلد كونهم سيشكلون نواة المستقبل، فأذا حاولنا ان نبني انسانا" متمكنا" ومتميزا" مدركا" للحقيقة من خلال معطيات معيارية سيكون ابن الريف هدفنا الاول ونشر القرطاس هناك هدفنا الثاني، وتبني سياسة الثقافة القريبة والممكنة لاننا اذا فقدنا انسانا" لا يمكن تعويضه؛ لكننا نريد ان نغيير السلوك الانساني ليكون منتجا" وناضجا" بدلا" من ان يكون عدوا" وخصما" داخل البلد، ونحتاج الى استحداث اقسام الثقافة العامة في الدارس والكليات.