لماذا تعددت رسالات السماء؟ .. ولماذا التقدم نحو البربرية اليوم؟
بتداءً علينا ان نُقرَ بأن هذا الموضوع من الموضوعات الشائكة والمعقدة، و الدخول في محاورته يحتاج الى أثبات بنص غير محرف ولا قابل للتفسير اوالتأويل المختلف عليه، حتى لا نقع في اشكالية الموروث واصحاب النص الذين لا يؤمنون الا بما هم فيه يوقنون.لذا علينا توخي الدقة والحذر من كل كلمة او رأي نأتي به لربما يصبح مغايرا لرأي المتدينين وفقهاء الدين الذين اصبح بعضهم اليوم هم دعاة التفريق بين المسلمين .لذا نحن لا نقبل ان نتهم بالزندقة والخروج على معايير الدين؟
وانطلاقاُ من ان لاشيء مقدس الا الله والقرآن . نقول :علينا ان نبحث وبجدية لماذا تبدلت رسالات السماء عبر الزمن الماضي ؟ ولماذا لم تستمرالى اليوم ؟ رغم ان الظلم والكفر ازداد ا عبر الزمن وعادت البربرية الرومانية الينا بثوب جديد.وسنحاول ابداء وجهة نظرنا بالجديد، نرجو من القراء والمعلقين ان يقرأوا المقال ويجيبوا او يعلقوا عليه بموضوعية حتى لا نخسر الجهد المبذول ولا القُراء معا.وحتى لا نُهاجم بالعاطفة كما هوجمنا عند كتابة مقالنا السابق (الناسخ والمنسوخ والآيات الشيطانية لسلمان رشدي (الذي بتطرفنا العاطفي وسوء فهمنا للاسلام الصحيح خلقنا منه محررا لازنديقاً من زنادقة هذا الزمن اللعين.
يقول القرآن الكريم: (ان الله أصطفى آدم ونوحا وأبراهيم وآل عمران على العالمين، آل عمران 33). واذا ما تتبعنا الجذور التاريخية للانبياء الذين اصطفاهم الله تجدهم من هذه السلسلة المباركة حتى مجيء الرسول محمد (ص) ووفاته في 11 للهجرة، وبوفاته أنتهت رسالات السماء. وبنهاية الرسالة المحمدية كان عدد الذين ذكرهم القرآن من الانبياء24 نبياً ورسولاً، غالبيتهم وردت أسمائهم في خمس سورهي الانعام، الانبياء، الشعراء، ومريم، والصافات منهم 13 رسولا والباقي انبياء. والفرق بين الانبياء والرسل، ان الانبياء جاؤا ومعهم كتاب والرسل حُملوا بكتاب ورسالة. وبرسالة محمد وصلت المجتمعات العربية الاسلامية الى قمة الكمال بالقياس الى التطبيق الرسولي الذي قد بلغها بقوله تعالى)اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا، المائدة آية (3) (.وبهذا يكون الرسول والدين قمة الكمال الذي لا يأتي بعدهما الا النقص.فهل حافظ أصحاب العقيدة على هذا الكمال؟ وهل ان الاخلال بالقوانين والشرائع اليوم لا تستحق نزول انبياء جدد لهداية الناس نحو السراط المستقيم ؟
سؤال بحاجة الى جواب من العلماء وفقهاء الدين المؤمنين؟
من هذا نفهم ان النبوة ابتدأت بنوح وانتهت بمحمد بدلالة الاية 163 من سورة النساء والتي تقول: (انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده) اي ان آدم ومن جاء قبل نوح ليسوا من الانبياء بل من الذين اصطفاهم الله وعلمهم التجريد، ومن هنا بدأت التوجه الالهي نحو اسعاد البشرية.فآدم ليس بالضرورة هو ابو البشرية ولكنه ابو الانسنة التي جاءت من بعده حين اضاف عليها بعدا انسانيا اخلاقيا وليس ابوياً. أما حواء فهو اسم مجهول توارد عند المفسرين لم نعثر له من اصلٍ في القرآن والكتب السماوية الاخرى، ولا ندري من أين جاؤا به.
والسؤال المطروح هو: هل كانت الديانات في عهد نوح غير قادرة على استيعاب قوانين الجدل والتطور؟ لذا فقد استمرت الديانات بالنزول لتطويع البشرية نحو الصلاح والفلاح ؟ نقول نعم لاننا لم نجد شيئاً يذكر من هذا في نبوة نوح ومن بعده، بينما نراها قد ذكرت في عهد محمد (ص) لتطور العقل الانساني عبر الزمن وتفهمه لقوانين الطبيعة والجدل والتطور؟.وهل كان الانبياء والرسل بعد نوح غير مؤهلين لمثل هذه المهمة الصعبة بعد؟ ام ان الرسالات قبل الاسلام جاءت بمحدودية المعرفة على قدر ماكانت عليه الناس يوذاك من علم ومعرفة وأدراك؟ ام كان هناك نقصا في التشريعات القانونية التي يجب ان تُنزل في كمال الانسان وتقدمه البشري؟ نستطيع ان نقول حصرا(نعم)، فالعقل لم يصل بعد الى مرحلة ربط الظاهرة الحياتية وتفسيرها في ذلك الزمن السحيق، ولان القانون كان يخدم الاله المقدس عندهم او الامبراطور دون عامة الناس، فهم عاشوا من الناحية الواقعية في دول بلا قانون رغم وجود القانون .لذا تجيب الاية الكريمة على لسان من يُستخدم قهرا ولا يُعطى له اجرأ يقول الحق :(وما أسئلكم ان أجري الا على رب العالمين، الشعراء 109).أسئلة بحاجة الى حوارهادىء؟ اذن نحن هنا بحاجة الى نقاش المقدس، ونقاش المقدس لا يزيدنا الا ايمانا واقتناعاً بالعقيدة؟ لا تهور المتهورين، ولكن ماقيمة العقيدة ان لم تضمن حقوق الناس اجمعين؟ فهل وضعت لها آلية في التطبيق؟ وهل في حالة الاخلال بمعاييرها تبدل باخرى كما في نسخ الرسالات؟ .
هنا بيت القصيد. وانا أجزم ... لا ؟ .
نحن نعلم، منذ نزول الديانة اليهودية والديانة المسيحية كانت هناك حضارات قائمة، لها قوانينها وتشريعاتها المعروفة.كحضارة المصرين القدماء والعراقيين القدماء وحضارات الفرس واليونان والرومان والهنود والصين وغيرهم.أذن ماهي اوجه الشبه والاختلاف او النقص والتباين بين تشريعات الحضارات القديمة وتشريعات الاسلام التي جاء بها لتصحيح المسار الانساني؟ وهل كان المجتمع القديم يعيش في الهمجية واللاقانون ؟، وقدوصلنا من حمورابي دستورا مدونا (ب282) مادة قانونية ملزمة التنفيذ؟ واذا كانت كذلك فلماذا حضارة الدين والقانون؟.اذا علمنا ان تلك الحضارات انتجت وابدعت لنا علوما وفنونا وصناعات وصلتنا عن طريق الاثار المعتمدة الان وهي متقدمة جدا بالمقياس الحضاري الحالي، وجملة شرائع وقوانين ابتداءً بأصلاحات أوركاجينا وقانون آور نمو وقوانين حمورابي والقوانين الاشورية و مرورا بالتشريعات الفرعونية واليونانية والرومانية والتي لازالت معتمدة للتدريس في الجامعات العالمية الى الان، وانتهاءً بالمثيولوجيا الفارسية الضخمة المعروفة. تلك القوانين التي كتبت وظلت معلقة قي غالبيتها دون تطبيق لسيادة الحكم المطلق من آلهتهم الوهمية ومن يمثلهم على الارض من شعوب تلك الحضارات.
فهل ان قوانين الاسلام اصبحت ميتة كما كان عندهم بلا تطبيق..؟
2
أنها بالمقياس الحضاري كانت قوانين يركن اليها في تطبيق العدالة لو طبقت عندهم لعجزعن تحقيقها وتطبيقها من جاء من بعدهم.ولانتجت حضارة ونظم غير التي قرئناها عنهم. وعندما جاءت عقائد الاديان، هل حققت العدالة المفقودة في حضارات الاقدمين بين الناس؟ هنا نحن
بحاجة الى مكاشفة وتحديد. وعندي ان الدين والرسالات السماوية لم تفلح في تطويع الانسان نحو الفلاح والصلاح، لا بل اتخذ منها وسيلة للغش والتخريب حتى أصبح القرآن اليوم ترتيل..؟
فلا زال العلم الحديث لم يتوصل الى كيفية بناء الاهرامات واكتشاف اسرار التحنيط للموتى عند المصريين القدماء واسرار بناء حدائق بابل المعلقةعند العراقيين، وكل ما كتب عنها لا يدخل الا في حساب الحدس والتخمين وليس في حساب الثبت العلمي الصحيح . ناهيك ان بعضاً من نصوص القرآن نراها قد تشابهت مع نصوص حضارات الاقدمين كما جاءفي مضمون الاية"العين بالعين ....والسن بالسن .....والجروح قصاص، المائدة 45" حيث ورد النص في قانون حمورابي وبعض الشرائع العراقية التي سبقته. ناهيك عن الكثير من النصوص المتشابهة لها ورد في القرآن الكريم. فهل جاءت على سبيل العضة والاعتبار، أم جاءت من مستلزمات الدين ؟
مسألة شائكة تطرح للنقاش بعيدا عن تفسيرات الفقهاء ورجال الدين والعاطفة بعد ان استخدم الفقهاء كآداة لتفريق الناس والدين، كما حصل في مؤتمر القاهرة الفاقد للشرعية و الذي تزعمه القرضاوي والذي أفتي بقتل بعض المسلمين تحديا للملة والدين ؟ بدلا من الدعوة للوفاق بين عامة المسلمين،
وعندي ان النص القرآني جاء على سبيل العضة والاعتبار لا أقتباساً من حضارات السابقين.
أبتداءً نحن لا نشك بأن الاسلام كان دينا سماويا أنزل على الرسول(ص) بآكثر من 6200 آية قرآنية كلها من البينات (واذا تتلى عليهم اياتنا بينات، أنظر سورة يونس آية 15) .وعلى موسى(ع) بتسع آيات بينات(ولقد اتينا موسى تسع آيات بينات الاسراء 101). وعلى عيسى(ع) بثلاثِ ايات بينات"وآتينا عيسى بن مريم البينات" وهي ان (خلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراًبأذن الله وأبرىء الاكمهِ والابرص واحي الموتى.... آل عمران49).ان كل هذه الايات البينات هي الحقيقة المدركة من الله جلت قدرته للانسان.لا كما قال عنها المخالفون انها سحرمبين كما قال فرعون لموسى في محاورته معه (اني لأظنك يا موسى مسحورا، الاسراء 101). .يبدو انهم قد فهموا الاعجاز جمالا لفظياً، لا أعجازا ربانياً غير مدرك لقصر نظرهم في التآويل القرآني. فيرد القرآن هنا على لسان موسى (واني لأظنك يا فرعون مثبورا، الاسراء 102).
ان الاشكالية الواجب معرفتها اليوم، هي ان القدماء كانوا قد شاهدواالظاهرة الكونية بأم اعينهم، لكنهم لم يفهموا القوانين الالهية الخفية، فحين رمى موسى العصا وانقلبت الى ثعبان شاهد السحرة وفرعون العملية، لكنهم لم يستوعبوا القوانين
التي تمت بها العملية حين انقلبت العصا الى ثعبان، فقالوا عنها انها سحراً، والسحرُهو مشاهدة الظواهر بالحواس"فهل للاية ظاهر وباطن" في التأويل والتفسير؟.فعندما نعود لهذه المشكلة نتلمس حديثا نبويا ينقله لنا الفقهاء في الجامع الصغير ج1 ص107 يقول فيه الرسول(ص): (أنزل القرآن على سبعة احرف لكل حرف منها ظهر وبطن) .ونحن نعلم ان كل ايات الاحكام ليس لها من باطن ابداً وهي قابلة للفهم العام بأستثناء آيات الغيب التي يصعب الحوار فيها لانها خارج الادراك الانساني) وتلك حدود الله فلا تقربوها، البقرة 187(لكن من وجهة نظر العلم ان الغيبيات ما جاءت لتقرأ فقط، بل جاءت لتضع قوانين الطبيعة على المحك لمعرفة اسرارها، كما في مجيء الحروف في أول الآيات، فلا زال الفقهاء لم يعطونا تفسيرا منطقيا لها، ونحن نطالب؟ ولا جواب.فهل في القرآن حروف وآيات لا معنى لها في التنزيل؟
هنا علينا ان نفرق بين نبوة موسى وعيسى(ع) من جهة ونبوة محمد(ص) من جهة اخرى، فالاولى جاءت بآيات بينات مفصولة عن الكتاب المنزل عليهما في كتابي التوراة والانجيل، بينما نبوة محمد (ص) كلها ايات بينات بكتاب واحد غير مفصولٍ عن الايات البينات يقول الحق:(ان الله وملائكته يصلون على النبي، يا ايها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، الاحزاب آية 56) .والمقصود هنا بكلمة يصلون هي الصلة بين الله والمؤمنين وليست الصلاة الاعتيادية المعروفة لدينا كما يفهمها البعض، لان الله لا يصلي على احد بل ان الاخرين هم الذين يصلون عليه . هنا اختلط الامر على الفقهاء قي التفسير. لان القرآن يؤول ولا يفسر، (ولما لم يأتهم تأويله، يونس 39).، ولم يقل الله جلت قدرته تفسيره وبين اللفظتين فرق كبير، فالتفسير يعني تفسير النص لغويا، بينما التآويل هو تأويل النص علميا. وهناك فرق بين الفقهاء والعلماء، فالفقهاء هم الذين يفقهون الناس في علم الشريعة (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، التوبة 122) .اي ليكونوا فقهاء فيه .وليس في العلوم البحتة التي أحتوى جزء منها القرآن كما في نظريات جدل الكون والانسان، يقول الحق: (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثلٍ وكان الانسان اكثر شيء جدلا، الكهف54) .وآيات اخرى كثيرة تتطرق الى الجبال والامطار والحركات الكونية وتكوين الاجنة، كلها بحاجة الى تأويل علمي بحت بعيدا عن عاطفة الفقهاء ورأي الاخرين. ولا زال التفسير عاجزا عن اعطاء الحقيقة المطلقة لها لعجز المفسرين عن أدراك الحقيقة القرآنية. واذا كان كذلك فهل نحن الآن نقرأ قرآنا ناقصا في المعرفة والتأويل ؟ ,اذا كان كذلك فكل اسلامنا اليوم تدجيل .
ونحن نطالب المرجعيات الدينية العليا المعتمدة بأعطاء التفسير والمجتمعة في قاهرة المعز؟ لا ان يلهوا انفسهم بما يأمرهم حلف الناتو في تفرقة المسلمين.
فالعلماء هم المتخصصون في العلوم البحتة(انما يخشى الله من عباده العلماء، فاطر 28 ). فأذا علمنا ان القرأن هو كتاب الوجود المادي والتاريخي ,والمقيد بقواعد البحث العلمي والتفكير الموضوعي، رغم كونه ليس كتابا في النظريات العلمية، فهل تنطبق عليه عبارة "هكذا اجمع الفقهاءاوما قاله السلف الصالح كقاعدة في التفسير" ومن هم هؤلاء الفقهاء ؟ومن هم السلف الصالح؟ فهل نبقى في المجهول، ليعتمد تفسيرهم في النص القرآني بشكل شمولي دون حق لنا في التفصيل ؟.هذا غير جائز ابدا لكون القرآن حقيقة موضوعية خارج الادراك الانساني. من هنا فقد ترك التأويل مفتوحاً للعلماء مجتمعين لا منفردين، وليس للفقهاء الذين ليس من حقهم التحدث بنص الاية الكريمة، (وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم، آل عمران آية 7). والاية جاءت بصيغة الجمع للعلماء وليست بصيغة المفرد، اذ ليس بأستطاعة العلماء تأويل القرآن الا مجتمعين لاحتواء الاية الواحدة على تخصصات علمية متعددة، وهذا ما يتعذر على الفقهاء فهمه، لذا فهم اساؤا الى النص اكثر من ان احسنوا اليه، وهذه اشكالية كبيرة لابد لنا من الالتفات اليها لحلها لنتخلص من التفسير القرآني الاحادي وفق نظرية الترادف اللغوي الخاطئة الذي بنيت على الحدس والتخمين وبه أضاعوا المعنى العلمي واللغوي للنص القرآني وجعلونا في تيه لا نعرف له من نهاية، فاعطوا لأنفسهم التقديس دون دراية. فهل ستبقى العقيدة لمجرد الترديد ؟ام لينتفع منها الناس اجمعين؟ وهل تبقى المذاهب الاجتهادية
عبر الزمن وسيلة من وسائل التخلف والتفرقة والتهديد أم وسيلة من وسائل الجمع والتعضيد؟ ومن قال لك ان المذاهب الاجتهادية ملزمة التنفيذ او هي جزء من الدين ؟ بعد ان راح زمانها وتبدلت لغتها ومقاصدها فعلام التشدق بالماضي الميت السحيق. كل الدول التي تقدمت تطورت بفعل تطور عقيدة الدين الا نحن، فهل نحن نتختلف في الخلقة عن الأخرين، والديانت السماوية كلها جاءت من رب العالمين؟ أفتونا يا فقهاء التفريق ؟
اذا تتبعنا الآيات القرآنية وتعمقنا في دراستها نجد ان القرآن الكريم هو كتاب هداية وعقيدة أساساً، وليس كتابا في العلوم النظرية او التطبيقية، ولا يَقصد ان يضع نظريات او حقائق علمية مجردة، وأنما يسوقها في معرض الهداية والارشاد.لذا لايصح ان يحشرالقرآن الكريم حشرا في تفسير الاتجاهات العلمية المختلفة، لان العلم في تطور مستمر قد يضع القرآن في موقف الحرج غداً عندما تتغير القناعات العلمية رغم ثبات النص وحركة المحتوى. كما في آيات الأماء والمتعة وحقوق النساء التي جاءت ناقصة عند الفقهاء ورجال الدين، الذين نظروا اليها بأعتبارها ناقصة عقل ودين ؟.وحتى يتهربوا من فعلتهم، الصقوها بالامام علي(ع) وهو بريء منها وجاءت بلا سند ثبت أكيد.
هنا نحن بحاجة الى دراسة مقارنة كما فعل الباحثون في الديانات الاخرى دون حرج من آثم، وهذا لايتم الا بأستقلالية الباحثين وحمايتهم من المتعصبين والمتخلفين الذين اصبحوا اليوم دعاة لاعداء الاسلام والمسلمين .وكذلك عند دراسة الظواهر في أنقى أشكالها. نعم نحن بحاجة الى مثل هذه الدراسات حتى لا نسمح لسلمان رشدي وغيره من الطعن بالشريعة التي اعتبرها ناقصة او محدودة الاهمية ولانسمح للمجرم شافي العجمي الكويتي الملوح لنا بقطع الرقاب وقتل الاطفال علناً على كل من يفكر برأي جديد ان يهددنا باستمرارتحريضا من المنتفعين بالتخلف وسلطة الدولة متخذين من تفسير النص وسيلة للتقديس وبقاء السلطة في أيديهم دون الأخرين.
ان القرآن الكريم يفتح لنا مجال الحرية التامة في الفكر والاعتقاد (قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا، الكهف 29) .كما اننا نرفض القول بأنه توجد آيات في الكتاب غير قابلة للفهم كما يدعي بعض فقهاء التفسير، والا لو كانت كذلك فلا داعي لورودها في القرآن، او لاصبح القرآن حشوا لا لزوم لبعض اياته، وحاشى ان يكون القرآن كذلك. فكل آية وردت في القرآن لها تفسير. فنظرية الترادف اللغوي في التفسير لم تبقِ لنا من رأي، فأين الحقيقة؟.
وهل نستمر ان نقبل تفسير القرآن على علاته دون تحقيق ..؟ وهل يبقى المقدس مقدسا حتى لو حصل فيه التدليس؟
من هذ المنطلق نجد ان الدين الاسلامي كان ديناً شموليا لكل الناس وحلا للمشاكل الحياتية لكل المجتمعات الانسانية دون قيود يفرضها رجال الدين الذين لم يعترف بهم القرآن ولم يخولهم على الفتوى على الناس في الدين.، بينما عجزت الديانات السابقة عن تحديد هذا المسار الشمولي و الوعي الفكري والعلمي الذي رافق الحضارات القديمة والتي عجزت هي الاخرى عن تطبيق نظرية انسانية الانسان التي جاءت بالقرآن ملزمة التنقيذ، وعندهم مشرعة بلا رقابة او تنفيذ، يقول الحق:(ومن يبتغِ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين، آل عمران 58)، اي ان على المسلمين واجب التنفيذ لحقوق الناس، حكاما ومحكومين والخروج عليها يستوجب المحاسبة والمسائلة دون تمييز، ويقف الحاكم في المقدمة من المُحاسبين، لا ان يجبر الانسان على اعتناق الاسلام بلا حقوق تذكركما اصبحنا اليوم نحن المسلمون اسما بلا مسمى ومضحكة للمستسلمين، فماذا لو خلا الاسلام من قوة محاسبة الخارجين عليه من الحكام والناس العاديين ؟ لتركه عامة الناس بعد ان يأسوا من وعود المصلحين لذا فقد كثر التشكيك. ان النظرية الاسلامية ترفض التماهل بالتشريع مطلقاً كما في قول الامام علي(ع): كلكم أمام الله سواء). والالتزام بالمعاييرالحضارية في معاملة الناس وتقديس انسانية الانسان وتنفيذ آيات الاحكام التي عجزت عنها الحضارات القديمة، واشراك الناس في الحقوق والواجبات ولا تبقى مقصورة على الحاكمين، فالشريعة في الاسلام احكام وليست تعاريف، وهنا يكمن سر تعدد الديانات السماوية للبشر اجمعين . فهل وفي خضم هذا الموقف الغامض اليوم وانتشار الظلم والقسوة على الانسان ينتظرمن الله انبياء ورسل قادمين؟
أم أصبحنا نتقدم نحو البربرية في التطبيق ؟
فالقرآن الكريم: جاء بنظرية الاستقامة والحنيفية، والاستقامة سلوك والحنيفية قانون، فهو يجمع بين السلوك والاخلاق والفضيلة والقانون المنظم لحياة الناس بالتنفيذ، فألاسلام دين الحنيفية المتغيرة حسب الزمان والمكان وحسب الاحوال الاجتماعية والاقتصادية، اي انه يتطابق مع فطرة الناس في التطور .هنا نحن بحاجة الى فقه جديد يلغي اصولية التفكير التي الغت الزمان والمكان واسقطت العقل والتاريخ، وأعتمدت على نظرية(ما قاله السلف واجمع عليه الفقهاء)، فهم ليسوا من المخولين في الفتوى الدينية والزام الناس بها، بحسب نظرية الاستقامة والحنيفية.والفتوى يجب اعادة النظر فيها ما عدا فتاوى شريعة الاحكام الاسلامية، اما فتاوى السياسة فيجب الغائها واستبدالها بالقانون او النص الدستوري المعتمد في الدولة لضمان حقوق الناس دون تمييز من دين او مذهب، وبالاحرى تحديد سلطة رجال الدين عن قوانين الدولة وحقوق المواطنين وعن أستشارتهم في التطبيق فقد ولى زمن رسالة ابن المقفع للمنصور العباسي والتي دفع ثمنها حبل الوريد.
وليعلم الحاكم اليوم ان التكالب على المرجعيات الدينية لأعتماد رأيها في الاصلاح والقانون لهو تجاوز على حقوق الناس دون تحديد، او قل لضمان حكم السلطة الغاشمة على المواطنين كسبا للتأييد . ان كل شيء ما عدا الله فهوهالك ومتغير(كلُ شيء هالكُ الا وجَهَهٌ‘القصص 88) .
4
وقابل للتأو,يل، (لان الاسلام جاء ليحيا الناس به لا ان يحيا هو بالناس).هنا نحن نمر اليوم بمرحلة الضعف المنهجي في الدراسات القرآنية ومعاهدنا الدينية بما فيها الازهر الشريف والحوزات العلمية في النجف الاشرف مع احترامنا وتقديرنا لهم لم يطرحوا لنا منهجا جديدا يتماشى مع حركة التطور الحضارية اليوم، ولم نسمع عنهم انهم انتجوا دراسات مقارنة ترشدنا الى كشف الغوامض في التنزيل الحكيم رغم آلاف المجلدات التراثية التي تصدر عنهم كل يوم دون تغيير، حتى اصبحت تلك المجلدات للزينة والتباهي في غرف المسئولين وهم لا يعرفون معاني حتى عناوينها أكيد...فالديانات الاخرى عينية لا تستوعب الشمولية كما جاء في القرآن الكريم.اي في ديننا قوانين الحق والاخلاق والتشريع والعبادات والاعراف فظلت مركونة على الرف دون تنفيذ، والتي كلها تنسجم مع الفطرة الانسانية ومع قوانين الطبيعة ولكن بتنفيذ. ومن هنا جاء الالزام بتعدد الديانات وفقا لحاجة التطور الحضاري للانسانية جمعاء وكان الاسلام أخرها جامعاُ مانعاً.
فلماذا لا تستمر الديانات والانبياء في النزول لاصلاح واقع الحال الغامض اليوم ان بقينا على الروتين ؟.
الاسلام جاء ليضع الناس في طريق الاستقامة ويبعدهم عن طريق الاعوجاج او النقص قي مفاهيم الحياة الانسانية وقوانينها، وليس كتابا في العلوم الطبيعية او الادبية، اذن ما فائدة العلم والدين حين يفقد المجتمع الضبط والدقة والامانة وتحري الصدق في القول والعمل، ويتخلى المسلم وخاصة الحاكم عنها حين يغريه المال والمنصب مؤيدا من فقهاء السلطان بنقض المواثيق وقسم اليمين، كما نراها اليوم في اغلب المجتمعات الانسانية ورايناها في مجتمعات المسلمين وأخذناها منهم وطبقناها حرفيا دون تغيير.، ونحن المسلمون نقف في المقدمة منها حتى اصبح القرآن الكريم كلاما يجود- على طريقة عبد الباسط عبدالصمد- لا تنزيلا ملزما عند العامة والخاصة في التطبيق.
هنا يكمن سر تعدد الديانات ايضاً لتصل الى مرحلة الكمال كما في الاسلام والذي عجز الفقهاء عن ادراك النص وتأويله ونقله للناس اوقل تطبيقه، فظل عالم الاسلام في مرحلة التيه الفكري اللامحدود، واعتقد جازماً، لو فسر القرأن بما يتماشى ومعنى التأويل النصي الصحيح لدخل في الاسلام كل مترددٍ او مشككٍ في الاسلام .هنا تكمن المشكلة التي هي بحاجة الى توضيح ونحن عاجزون عنها اليوم لان الحل يتضارب مع المصلحة الشخصية للسلطة المستقتلة في حكم الناس بالباطل والتي نحن بها متمسكون؟ لذا فالصحيح أن كل ديانة نسخت الديانة السابقة لها ليستقر المطاف في الاسلام ليصل النص الى مرحلة الكمال، والكمال الذي لا يأتي بعده الا النقص لذا توقفت رسالات السماء، ولكن هل توقف رسالات السماء يبرر خروج المؤتمنين عليها على مفاهيم العدالة والحقوق بين الآدميين ويحتكرون الاسلام لهم باسم الدين؟ .ومن هنا نستنتج ان النسخ جاء في الديانات وليس في الايات القصار، كما يدعي اصحاب نظرية الناسخ والمنسوخ خطئاً، وان المسارالقرآني وان كان مشجعا للعلم والحضارة لكن النظرية الانسانية لتحقيق انسانية الانسان هي الغالبة عليه وهذا هو المهم .
نحن نعاني حالياً من مشاكل عديدة، هي اشكاليات بحاجة الى حل، فهل نحن بقادرين على حلها او على الاقل الدخول في محاورتها دون اعتراض سلبي من احد.ان مسئولية الحكومة الوقوف بصف العقل والمنطق، و ان تخترق الحواجز لتضع القانون والانسان في المقدمة وان نحدد سلطات الدولة عن حقوق الناس ليتحرر الفكر وتسود الحرية. وعلى جامعة الدول العربية ان تحد من سلطات القرضاوي باتهام بعض المسلمين بالردة لكونهم رفعوا شعار يا حسين فوق احد مساجدهم في سوريا، وكأن الحسين غريبا عن محمد الآمين، فالحسين (ع) هو حسين الجميع؟، ونحن كذلك نستنكر من رئيس جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مرسي ان يصف طائفة اسلامية (بالانجاس) ومن مثله يجب ان يترفع عن الصغائر والكلام البذيء. فهل مثل هذا يستحق الرئاسة وقيادة الأمة وهو من المنحرفين لغة وفقها دون الأخرين؟ فماذا لو قالها النتنياهو؟ لقلنا انه مشرك لعين، لا ان اللعنة تصب في خانة اللاعنين؟
وعلى حكومة قطرالمتهاوية اليوم والمكروهة من الله والعالمين والتي تساهم في قتل الناس والمسلمين، ان تكف عن تحريض المسلمين ضد المسلمين متخذة من قناتها الفضائية القبيحة وسيلة لتفريق الصفوف، هذه القنا ة التي اصبحت تصب الزيت على النار لاحراق العرب والمسلمين يقودها حفنة من المتعصبين امثال فيصل القاسم واحمد منصور وغادة عويس والاخرين
ان في هذا التوجه موتها الأكيد .
الاسلام ليس دينا للعبادة والشعائر كما يتصور البعض، بل دين عبادة وثورة فكرية للانسانية جمعاء وتطبيق، نأمل ان يُقرأ ويُفهم ويُطبق لنتخلص من كل ما لحق بنا من شوائب وأدران عوقت مسيرتنا الحضارية كل هذا الزمن الطويل. وليس له وكلاء على الأرض فهو لا يعترف برجال الدين ولا يخولهم حق الفتوى على الناس ولا يمنحهم ملبسا خاصا كما عند رجال العهد القديم، أذن لماذا احتكار الدين وهيبة ونفوذ مرجعيات الدين، فالقانون أولى بالتنظيم.
ان معوقاتنا واضحة للعيان، هي:
- الخروج من المنهج التفليدي والتقيد بمنهج البحث العلمي الموضوعي الذي عدوه حراما.فلا حرام في المنهجية العلمية مطلقاً. وليس لدينا نصا في التحريم .
- عدم اصدار الاحكام المسبقة قبل البحث فيما نريد بحثه، لذا فالبحوث كلها جاءت اما ناقصة او مشوشة.كما في حقوق المرأة في الاسلام.حين عزلت عن المجتمع وعاشت بلا حقوق في الارث والوصية وحقوق الزواج والطلاق وقدم المساواة مع الرجل كما اراد لها الاسلام، ولا زالت هي ناقصة عقل ودين كما يدعي الفقهاء متهمين الامام علي (ع) بها، وهم الخاطئون.
- عدم اهمال الفلسفة الانسانية لتحديد الحرية المطلقة، حتى وصل الحد بهم الى تحريم علم الفلسفة التي هي اصل العلوم، وما علومنا التي نتغنى بها اليوم الا من نتاج افكار فلاسفتنا العظام امثال الكندي وابن سينا والاخرين.
- ايجاد وتحقيق نظرية في اسلامية المعرفة الانسانية مأخوذة حصرا من القرآن الكريم .وشطب الاتهام بالزندقة والهرطقة والكفر والالحاد لكل فكر نير يريد الاصلاح. ان ليس كل فكرانتجه الانسان هو عدو للاسلام بالضرورة.ان المشكلة تكمن في غياب المنهج المعرفي في التعيين.
- الازمة الفقهية، نحن بحاجةالى عصرنة الراي الفقهي والدخول بمناقشة اراء وطروحات الفقهاء الخمسة المعتمدين في الاسلام، واعطاء البديل، للذي يستحق من اجتهاداتهم من تغيير بعد ان ابتعدنا عن عصورهم كثيرا ًوان كانوا هم الاساس الذي يجب ان لا يهمل.فهي بحاجة الى تحديث .
اشكاليات لدينا اليوم كثيرة بحاجة للمحاورة والمناقشة والاختراق بعد ان أكل علينا الزمن وشرب ونحن هنا قاعدون. سنبقى على حالنا الى ابد الابدين ان لم نحرك ساكناً، فلا زالت الحقوق مهضومة، والرؤى بعيدة عن الواقع، والسلطان متجبر في حكم الامة، فهل من مجيب؟ لا أمل في التغيير الا بأعتماد القوانين، والرقابة في التنفيذ، وعدم تمديد فترة سلطة الحاكم وتحديدها زمنيا ومدى سلطته على الناس، وان يخضع لأستجواب القوانين، وان يكون المال العام تحت رقابة القوانين، والحد من سلطات رجال الدين، وان لا يكون الرئيس متحصنا وراء جيش مأجور معد للقتال في سبيله بل هو جيش الدولة وحامي حماها في السر والعلن لا كما كان عند الأمويين والعباسيين، وان لا يضع الرئيس يده على ميزانية الدولة ويتصرف وكأنه ولي الفقيه فلا ولي في الدولة والدين الا القانون في التطبيق، لان المال مال الله يحافظ عليه في بيت المال دون تجاسر عليه من احد.وعلى الرئيس ان يظهر بين المواطنين متفقدا حاجاتهم كما كان عمر وعلي أمراء المؤمنين، وان يعرض عن تصفية خصومه السياسيين ساعتها سيكون المواطن والدولة تحت طائلة القانون .
هنا يولد المجتمع من جديد ليصل الى قمة الكمال في حقوق وواجبات المواطنين. ليستقر المجتمع ونتخلص من الجهلة والفاسدين
والمفسدين، فلا زال الظلم فاشٍ بأبواب المسئولين، ولا من سامع ولا من مجيب
أظهروا القوانين وطبقوها كما ظهر القانون في دول الآوربيين ....؟ .