دور المؤسّسات التعليمية والأهلية في نشر ثقافة الحوار
لقد انداحت آثار العولمة حتى دخلت كلّ بيت ومرفق وقد كان أثرها على العملية التربوية أكبر بحكم حساسية المرفق. إذ إن الشباب هم الجسم الحساس في الأمة والذي سرعان ما تظهر عليه كلّ التحولات التي تحدث في الواقع بصورة واضحة.
وما ظاهرة التطرف العقدي والطائفية الفكرية والعنف إلا أعراض لذلك نظراً لغياب الوعي المرجعي وانعدام ثقافة الحوار وتأثير القوّلبة الإعلامية لكثير من القضايا وتنميط الثقافة على نهج العولمة التي تحاول أن تجعل من الآخر بلا هوية وبلا خصوصية. ولقد كان لغياب دور المؤسّسات التعليمية عن الساحة الأثر الأكبر في استفحال الأعراض أعلاه مما أوجب أن يكون لها دور التصدي لهذه الآثار ومن بين ذلك نشر ثقافة الحوار.
دور المؤسّسات التعليمية والأهلية في نشر ثقافة الحوار
د. عبد المنعم عبد الرحمن محمد
عميد كلية التربية في جامعة كسلا
لقد انداحت آثار العولمة حتى دخلت كلّ بيت ومرفق وقد كان أثرها على العملية التربوية أكبر بحكم حساسية المرفق. إذ إن الشباب هم الجسم الحساس في الأمة والذي سرعان ما تظهر عليه كلّ التحولات التي تحدث في الواقع بصورة واضحة.
وما ظاهرة التطرف العقدي والطائفية الفكرية والعنف إلا أعراض لذلك نظراً لغياب الوعي المرجعي وانعدام ثقافة الحوار وتأثير القوّلبة الإعلامية لكثير من القضايا وتنميط الثقافة على نهج العولمة التي تحاول أن تجعل من الآخر بلا هوية وبلا خصوصية. ولقد كان لغياب دور المؤسّسات التعليمية عن الساحة الأثر الأكبر في استفحال الأعراض أعلاه مما أوجب أن يكون لها دور التصدي لهذه الآثار ومن بين ذلك نشر ثقافة الحوار.
وفي ما يلي في هذه الورقة بعض ما نراه اسهاماً في هذا المجال لعله يفتح أبواباً للحوار المثمر من أجل الوصول إلى رؤى تخدم مسار التعليم في الوطن العربي والإسلامي. ولا ندّعي استقصاء للموضوع فالكمال لله وحده ولكنها إشارات على الطريق وقد احتوت على الآتي:
1/ مقومات ثقافة الحوار.
2/ مطالب المؤسّسات التعليمية لنشر ثقافة الحوار.
3/ آليات نشر ثقافة الحوار.
4/ أولويات ثقافة الحوار.
مقومات ثقافة الحوار
مفهوم الحوار
الحوار عند أهل الّلغة:
الحوار من الحَوْر وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء ومن تحوّل من حال إلى حال فقد حار يحور حوراً.(1)
قال لبيد:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه
يحور رماداً بعد إذ هو ساطع(2)
والمحاورة المجاوبة، والتحاور التجاوب، أحرت جواباً وما أحار بكلمة. والحور الجواب يقال كلمته فما ردّ إليّ حَوْراً أو حويراً(3).
والمحاورة مراجعة المنطق في المخاطبة(4)
مما سبق يتضح لنا أن كلمة الحوار تدور حول المعاني الآتية:
1- الرجوع إلى الشيء أو عنه.
2- التحّول من حال إلى حال.
3- الإجابة أو الرد.
4- الاستنطاق ومراجعة الحديث.
فإذا جمعت كلها تحت مفهوم واحد كان كأنما المحاور ينتقل من فكر إلى آخر ويتحول عنه بعد إجابة ورد واستنطاق من الطرفين.
أي أنه أسلوب للاستنطاق بين طرفين يسوق كلّ منهما من الحديث ما يراه مقنعاً للآخر بحيث يراجع الطرف الآخر منطقه ودلالاته قاصداً بيان الحق من وجهة نظره.
فالحوار الذي نريد هو الحوار الذي لا يشتمل على الخصومة والمنازعة والمراء والجدل العقيم الذي تغذيه المغالبة وإثبات الذات من دون الحق المتصف برعاية آداب النصيحة واحترام الآخر والبحث عن الحق والصواب من دون عصبية ولا غرور والذي اكتملت مقومات نجاحه المتمثلة في صدق المتحاورين وحريتهم غير متأثرين بعوامل أخرى تدفعهم إلى تبني ما لا يعتقدون أنه الحق، مع وجود استعدادهم النفسي بقبول الحق وإن كان عليهم مستندين في ذلك إلى العقل والمنطق والاستدلال الصحيح عقلاً ونقلاً، في جوّ يتّسم بالإخوة والحب والمودة والنظر العلمي المتخصّص.
أنماط الحوار:
أولاً: الحوار مع الذات
وهو مراجعة الإنسان لنفسه وأفكاره في تأمل عقلي واستغراق روحي لتحديد مواطن الخلل ليصلحها، بأن يدير حواراً مع نفسه تحت رقابة صارمة من العقل والوحي ليدخل مع نفسه وأحاسيسه في نقد ذاتي بنّاء لأن من لم يستطع أن يحاور نفسه بصدق لايستطيع محاورة الآخرين خروجاً من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة المتيقظة إلى النفس المطمئنة "التي تنورت بنور القلب حتى انخلعت عن صفاتها الذميمة وتخلقت بأخلاقها الحميدة"(1)
ثانياً: حوار أهل الملة والوطن الواحد:
وهو الحوار الذي يدور بين أبناء الأمة الواحدة بمختلف تياراتها السياسية والفكرية بحيث يشمل الحوار كلّ ما فيه مصلحة الأمة ومنفعة المجتمع فيتسع لجميع الموضوعات ذات الصلة بحياة الناس حاضراً ومستقبلاً سياسية كانت أم فكرية أم اقتصادية أم ثقافية أم تربوية، وصولاً إلى تحقيق الوحدة وتعزيز المواقف الإيجابية ومعالجة الأخطاء والسلبيات بروح مخلصة وعقلية بنّاءة هادفة لتصبح الحوارات في هذا الشأن نقطة تحوّل وانطلاق نحو آفاق جديدة تغيّر من سلبيات واقعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتنموي للخروج من دائرة ما يسمّى بالعالم الثالث أو الدول النامية أو الأقل نمواً لإيقاف دوامة العنف والعنف المضاد.
فالحوار على ما ذكر آنفاً ضرورة تقتضيها عملية التنمية بكلّ أبعادها والتطور بكلّ ما يحتاجه فهو حركة وقوة دافعة لفاعلية الحياة والإبداع، ولا سيما أن العالم الإسلامي والعربي يمرّ بأحرج المنعطفات في تاريخه الحديث وقد تناوشته العولمة وصراع المصالح العالمية والإقليمية والدولية وهو لا يزال ممزق الأوصال مشحوناً بكثير من الاختلافات الداخلية من كلّ نوع.
وأن من أهم محاور الحوار بين أهل الملة والوطن الواحد هو الحوار الفكري الديني العقدي المنضبط الذي يعتمد على طائفة من الحقائق والثوابت نجملها في الآتي:
* إن النصوص الشرعية – القرآن والسنة- محدودة ومتناهية والحوادث متجدّدة غير متناهية تبعاً لحركة الزمن وتطوّر الحياة وهذا يعني أننا نحتاج إلى استعمال العقل والاجتهاد في فهم النصوص مستصحبين تغيّر الزمان والمكان حتى تتحقق في شرعنا صلاحيته لكلّ زمان ومكان.
* إن أحكام الإسلام تدور مع مقاصدها وعللها التي تدركها البصيرة السليمة "فإن الشريعة أساسها ومبناها على الحكمة ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلّها ورحمة كلّها ومصالح كلّها وحكمة كلّها"(1) ولهذا ينبغي أن يدور الحوار متّخذاً من العلل والمقاصد وسيلة لفهم النصوص وتفسيرها على ضوء قواعد الّلغة والأصول وقوانين الرواية المعتمدة من مصادرها الأصلية.
* ينبغي قبل الدخول في هذا الحوار أن نكون ملمين بواقع عصرنا ومستجداته معرفة دقيقة ناضجة متّسمة بالسماحة والانفتاح الفكري وسعة الأفق، مبتعدين عن التعصب المذهبي والانتماء التنظيمي الضيق.
* ينبغي أن يكون هدف الحوار هو الوصول إلى الحق والخير والصلاح لا الغلبة السياسية وصولاً إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاستقلال الاقتصادى ولحل الأزمة الفكرية التي تكتنف مجتمعاتنا. وأن نسعى إلى إزالة ما نظن أنه تناقض بين الآراء والأفكار المختلفة متخذين من القاعدة "مذهباً راجحاً يحتمل الخطأ ومذهب غيرنا مرجوحاً يحتمل الصواب" واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم حاكم فأجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر"(2) وبذا نحفظ وحدة الأمة ونعطي لكلّ مذهب خصوصيته ولكلّ تنظيم وجماعة استقلالها بما لا يتعارض مع أصول قواعد الدين وشمولية البناء الحضاري ومصالح الأمة.
ومن أهم المحاور أيضاً للحوار الداخلي للأمة حوار القمة والقاعدة ونعني به حوار الشعوب والقادة والحكام. وهو من أهم وأخطر أنواع الحوار على مرّ التاريخ حيث يتّسم بالفاعلية والحرارة لأنه يمّس مواطن حسّاسة في جسد الأمة – السلطة والثروة والحرية وحقوق الناس. حيث تبحث الشعوب عن حاكم يرضيها وقانون يحميها وقيم فاضلة تنظم حياتها وسياسة رشيدة تلبي حاجاتها وحرية تزّين ذلك كله.
والحاكم يبحث عن ولاء وسلطة وقوة تحمي ملكه وهنا يكون السجال الذي يحتاج إلى حوار صادق يزيل تقاطعات المصالح والإرادات، تدفعه حكمة العلماء والثقة المتبادلة بين الحاكم والرعية والمنهج الفكري والعقدي الواحد الذي يشكل مرجعية للكلّ تحته يتمّ حلّ كلّ الإشكالات والقضايا بعيداً عن فرض الفكر والرأي والمذهب الذي لا يتوافق عليه الجميع وفي الاجتهاد سعة.
ثالثاً: حوار الآخر:
ونعني بذلك حوار الحضارات أو الحوار العربي الأوروبي أو حوار الشرق والغرب وكلّها عبارات ذات مضمون واحد يقصد به إدارة حوار شفيف صادق للوصول إلى طبيعة العلاقة بالآخر ورسم مستقبل أفضل لهذه العلاقة ضمن دائرة التفاهم المشترك وعدم تجاوز الخصوصية الدينية والأخلاقية والمحافظة على الهوية الثقافية والشخصية الاعتبارية للأمة مع مراعاة خصائص الواقع المعاصر. فالناظر إلى واقعنا العالمي المعاصر يلحظ خصائص مشتركة تشكّل عنصر التأثير المباشر على الحياة الفكرية والاجتماعية والعقائدية والسياسية.
نجملها في الآتي:
أ/ العالمية والعولمة
وكلا المصطلحين له مفهوم مغاير فالعالمية تعني أن كلّ البشر بمختلف أجناسهم ودولهم وثقافاتهم يعيشون على هذه الأرض وهذا يستدعي ضرورة التفاهم للوصول إلى تعاون دائم على خير الجميع من دون أن يفرض بعضهم على بعض عقيدة أو فكراً أوثقافة.
أما العولمة Globlization فهو مصطلح يعني جعل العالم موجهاً توجهاً واحداً ثقافةً وحضارةً واقتصاداً ليس له حدود ولا ضوابط. يقول روجيه غارودى عن العولمة "هي نظام يمكّن الأقوياء من فرض الدكتاتوريات غير الإنسانية التي تسمح بافتراس المستضعفين بذريعة التبادل الحرّ وحرية السوق"(1).
ويقول هانس دينز وهرال تومان: "إن العولمة هي عملية الوصول بالبشرية إلى نمط واحد في التغيير والأكل والملبس والعادات والتقاليد..."(2).
وهنالك سجال بين أنصار العالمية والعولمة له أثره فى الواقع المعاصر.
ب/ العلمية
وتعني أن الحياة المعاصرة يقودها العلم والعلماء والمتخصّصون حيث أصبحوا هم بوصلة توجيه الحياة ومنطلقات اتخاذ القرار.
وهي الطاقة الخلاقة التي أنتجت هذا التقدّم البشري الهائل فى كلّ المجالات.
وهي سلاح ذو حدين إما أن تكون نوراً يهدي إلى صلاح البشرية أو أن تتحول إلى مرض عضال حينما تمسك بها أيادٍ شريرة كما يحدث في واقعنا المعاصر.
ج/ خاصية العملية:
وهي قدرة امتلاك ارتباط الفكر بساحات الأداء البشري ووضع المعارف في إطار التجربة والتطبيق العملي. فعالمنا المعاصر يؤمن بالحركة العملية الدائبة. فقد انتهى عهد النظريات المجردة والفلسفات التي لا وجود لها في واقع الحياة بقول مالك بن نبي:
"العملية هي الضابط بين كلّ عمل وهدفه وبين كلّ سياسة ووسائلها وبين كلّ ثقافة ومثلها الواقعية وبين الفكرة وتحقيقها"(1).
د/ خاصية التخصّص
إن المعارف قد توسعت وتشعبت حيث أصبح ليس بمقدور الإنسان أن يكون موسوعياً يعرف كلّ شيء، لذا كان لزاماً على من يريد المعرفة أن يتخصّص في فرع من فروعها ليتقنه وهي من أهم خصائص واقعنا المعاصر.
هـ/ الواقعية
وهي الحكمة في التعامل مع واقع الحياة من دون خيال شاطط أو سلبية معطلة وذلك بدراسة الواقع وفهمه بحسب حالته الراهنة من دون زيادة أو نقصان ومعالجة قضاياه انطلاقاً من الظروف المحيطة به والمعطيات المتوفرة وفهم الأحداث بالمتابعة الواعية لمجريات الأمور.
و/ المنهجية
وهي الضوابط والمعايير المعرفية التي يخضع لها الأداء الفعلي للفكرة وفق ترتيبات منطقية واضحة تعود إلى الهدف المنشود حيث أسهم العقل الحديث استعانةً بأحدث التقنيات في تعميق هذه الخاصية في كلّ مجالات الفكر الإنساني.
ذ/ خاصية التقانة
وهي تعدّ من أهم مميزات واقعنا المعاصر، فهي نتاج الوعي البشري المتطور وتجارب العقل المنفتح التي جعلت من العالم قرية صغيرة حيث تواصلت فيها الثقافات والأفكار في سهولة ويسر.
انطلاقاً ممّا سبق من خصائص لواقعنا المعاصر، فإن الحوار مع الآخر ينبغي أن يستصحب كلّ تلك الخصائص ليصبح حواراً بنّاءً يفضي إلى أهدافه، لا بدّ من توفر الشروط الآتية:
· أن يتسم بالتفاعل الحضاري من دون أن تتخلى الأمة عن هويتها ولا خصائص ثقافتها الذاتية حتى لا يصبح الحوار نوعاً من التبعية الثقافية كما تريد العولمة.
· أن يكون الحوار متكافئاً تتوفّر فيه شروط الإرادة الحرة والمساواة وإعطاء كلّ فريق شخصيته الاعتبارية وليس حوار الأقوياء مع الضعفاء ولا حوار العالم المتقدّم مع العالم الثالث.
· أن تُحدد فيه الأهداف التي يُراد لها أن تتحقق منه باتفاق من الطرفين.
· أن يتأدب الحوار بأدب التسامح وعدم إثارة ما يحرج الآخر متناسين مرارات الماضي.
· أن يعدّ للحوار منهجية وبرامج مسبقة تتخطّى أفكار الصراع والتنازع كما تقول نظرية(صراع الحضارات) – (هنتنغتون) للوصول إلى حوار يقود إلى علاقات تعاون وتفاهم بين الحضارات.
فإذا رُوعيت تلك الخصائص سالفة الذكر وتوفرت هذه الشروط نتج حوار مع الآخر يُفضي إلى غاياته ويزيل كلّ ما في الواقع المعاصر من مظاهر العنف والعنف المضاد ومحاولات الهيمنة وفرض مفاهيم العولمة.
ممّا سبق يتّضح أن ثقافة الحوار لا بدّ لها من أن تستلهم ما طرحناه سابقاً من شروط للحوار وأنماط له ومقومات كلّ نمط منه ووضع الخطط والوسائل الكفيلة بنشر هذه الثقافة التي تكاد تكون منعدمة من جراء وجود بعض المعوقات التي تحول دون اندياحها في المجتمع العربي والإسلامي.
وإذا أردنا إصلاح واقعنا فى هذا المجال لا بدّ أن يكون للمؤسّسات التعليمية والأهلية دور بارز ظلت عاطلة عنه لعقود طويلة مما أدّى إلى إفرازات سالبة في مجتمع الشباب ولّدت العنف والعنف المضاد والصراعات التي لا طائل وراءها أدت إلى مزيد من تمزق الأمة وإعطاء الفرصة للآخر ليحقق أهدافه الخبيثة خصماً على مقدرات هذه الأمة وثقافتها وهويتها.
مطالب المؤسّسات التعليمية والأهلية لنشر ثقافة الحوار:
لتقوم المؤسّسات التعليمية بدورها في نشر ثقافة الحوار على ما ذكرنا آنفاً لا بدّ من توفر بعض المقومات لهذه المؤسّسات من حيث:
أ/ إعداد المعلم
ب/ تهيئة البيئة المناسبة
ج/ إصلاح نظم التعليم
د/ إعادة النظر في أهداف التربية المعاصرة في العالم العربي والإسلامي
ه/ إعادة صياغة المناهج بما يتلاءم وثقافة العصر وتغيراته السريعة.
وفي ما يلي بعض الإضاءات لما أجملنا:
أولا: إعداد المعلم
المعلم هو حجر الزاوية في العملية التربوية وهو القدوة الصالحة بالنسبة إلى الطالب، وعليه لا بدّ من حسن اختياره على الوجه الآتي:
1- أن يكون من المتفوقين علمياً.
2- أن يكون له رغبة أكيدة في مهنة التعليم.
3- أن يكون ذا خلق ودين.
4- أن يحسن إعداده فنياً ومهنياً وعلمياً وفقاً للمعايير العالمية لإعداد المعلم.
5- أن يهيأ له الجو الملائم للتدريس من حيث:
أ/ جودة المدربين
ب/ المناهج المتطورة
ج/ الوسائل الحديثة والتقنيات العالمية
د/ أن يعطى الحرية الكاملة في التعبير عن رأيه وفكره من دون تأثيرات سياسية أو إرهاب سلطوي أو عصبية عرقية أو طائفية.
6- تحسين وضع المعلم المعيشي ليتفرغ من همّ المعيشة إلى الإبداع التربوي.
7- تخفيف العبء الأكاديمي عليه ليتمكن من إدارة النشاط اللاصفي المكمّل للعملية التربوية.
ثانياً: تهيئة البيئة المناسبة في المؤسّسات التعليمية وتتمثّل في الآتي:
1- إحداث موازنة بين الانفجار السكاني في كثير من الدول والرغبة في التعليم وارتفاع تكاليف العملية التربوية بما يؤدي إلى تكدس الفصول الدراسية بالكثير من الطلاب مما يصعب على المعلم متابعة الجميع حيث يؤدي ذلك إلى تدنّي مستوى التحصيل وعدم مواكبة العملية التعليمية لتسارع معدلات التغيير في المجتمع المعاصر مما ينتج عنه ضعف مخرجات العملية التعليية علمياً وثقافياً.
2- وجود فلسفة تربوية متوازنة تساير التطور الاجتماعي والفكري والثقافي وتوفّق بين اكتساب المهارات وبين المُثل والقيم الأخلاقية والروحية.
3- إحداث معادلة في مؤسّسات التعليم الجامعية بين البحث العلمي وبين التربية والمثل والقيم وثقافة المجتمع والتغيرات الفكرية والسياسية التي تحدث في عالم اليوم.
4- كفالة الحريات العامة وبثّ روح الحوار البنّاء البعيد عن التعصب وتوجيه الحوار وترشيده من قبل المرشدين الأكاديميين والتربويين.يتبع ذلك وضع مناهج لتعليم فقه الحوار وأسسه وتنقية المناهج القائمة من الأغراض السياسية والطائفية المذهبية.
ثالثاً: إصلاح نظم التعليم السائدة
ونرى أن يكون ذلك بالآتي:
1- المرجعية العقدية الواضحة التي توجّه العملية التربوية فى جوانبها كافة.
2- وجود أهداف واضحة للعملية التعليمية تنطلق من وحي المرجعية العقدية.
3- ملاءمة النظم للواقع المعاصر وتلبيتها للحاجات الأساسية من غير تفريط ولا إفراط مع الالتزام بقواعد وأسس المرجعية.
وليحدث إصلاح النظم التعليمية لا بدّ من إجراء الآتي:
أ/ فك الارتباط بين النظم التعليمية السائدة فلسفةً وأهدافاً والمرجعيات التي لا تتوافق مع ثقافة ودين الأمة، ولا سيما أن الكثير من الدول لا تزال نظمها متأثرة بثقافة الغرب بحكم الوضع التاريخي وتأثير الاستعمار الثقافي في تلك المجتمعات في الحقب الماضية.
ب/ إدارة حوار هادئ وعلمي وشفاف بين التربويين وبين النظم السياسية الحاكمة، إذ إن الكثير منها وضع مناهجه ونظمه ليخدم استراتجيات سياسية محدّدة وضعها النظام الحاكم لمصلحته السياسية للوصول إلى تفاهم مشترك حول المرجعية وأهدافها ووسائلها والمناهج المرتكزة عليها لمنع الظواهر السالبة في قضية الصراع السياسي والفكري.
ج/ إعادة صياغة المؤسّسات التعليمية الدينية الأهلية بالآتي:
· تدريب معلمي هذه المؤسّسات بما يناسب ومتطلبات العصر من معارف وثقافة وتقنيات تعليم وأسس تربوية سليمة.
· إعادة صياغة مناهج هذه المؤسّسات بحيث تتناسب والتغيرات الكبيرة والسريعة في عالمنا المعاصر مع الاحتفاظ لها بشخصيتها الاعتبارية.
· إخراجها من محور التبعية المذهبية إلى آفاق الاجتهاد والتسامح الفكري وقبول الآخر والاحتكام إلى مقاصد الشرع الكلية.
رابعاً: إعادة النظر في الأهداف التربوية:
تحقيق التوافق المنطقي بين الأهداف التربوية بحيث تصبح متناسقة تبدأ بالفرد وتنتهي بالإنسانية جمعاء آخذة في الاعتبار المهارات العملية والأخلاق الفردية والقيم الاجتماعية والإخوة الإنسانية والتطوّر المتسارع للحياة المعاصرة.
آليات نشر ثقافة الحوار في المؤسّسات التعليمية:
آليات التعليم الجامعي:
لنشر ثقافة الحوار لا بدّ من آليات فاعلة توفّرت لها كلّ مقومات النجاح من إمكانات مادية وكادر بشري مقتدر وخطط محكمة وبرامج طموحة ووسائل حديثة. بحيث تمتدّ تلك الآليات على كلّ مستويات التعليم والآليات التي تعمل على مستوى التعليم الجامعي ينبغي أن تشرف عليها مؤسّسة أكاديمية بحيثية مثل اتحاد الجامعات العربية، اتحاد الجامعات الإسلامية، منظمة الثقافة والعلوم في جامعة الدول العربية، رابطة العالم الإسلامي منظمة الفكر العربي...إلخ.
وتنداح الدائرة حتى تصل إلى الكليات والأقسام والمعاهد والمدارس في تنسيق محكم واستراتجيات وخطط وبرامج تناسب كلّ مرحلة ومستوى مع الوضع في الاعتبار خصوصيات الدول والمجتمعات في كلّ قطر.
دور الآليات في التعليم الجامعي:
ويتمثّل في الآتي:
أ/ عقد الدورات التدريبية في فنّ إدارة وإجراء الحوار لهيئة التدريس والطلاب وغيرهم.
ب/ وضع الاستراتجيات والخطط والمناهج الأكاديمية لنشر ثقافة الحوار.
ج/ عقد الندوات والمحاضرات وإجراء الحوارات العلمية بحيث تكون نموذجاً للحوار الهادف متجاوزين كلّ سلبيات تجارب الحوارات الدائرة على مستوى الجماعات الفكرية أو وسائل الإعلام أو الجمعيات الأكاديمية.
د/ تفعيل الجمعيات الأكاديمية العلمية التخصّصية في طرح موضوعات حوار علمي يهدف إلى التدريب العملي للطلاب على إدارة الحوار تحت الرعاية والإرشاد الأكاديمي من هيئة التدريس بالقسم المعني.
هـ/ تخصيص منبر حر للحوار في كلّ جامعة من حيث التجهيزات التقنية والأسس والضوابط واللوائح المنظمة لذلك تحت إدارة وإشراف مسؤولين أكاديميين، خالٍ من القيود التي تعطّل حرية الفكر وإبداء الرأي.
و/ إقامة ورش عمل سنوية لتقييم مدى التقدّم في نشر ثقافة الحوار بين الطلاب وفي المجتمع بعامة.
دور آليات الحوار في التعليم العام:
ونعني به التعليم ما دون الجامعي، بحيث تتكّون آلية إدارية علمية تنداح من وزارات التربية والتعليم حتى المدارس تقوم بالأدوار الآتية:
1- وضع الاستراتجيات والأهداف الكلية العليا لنشر ثقافة الحوار.
2- وضع المناهج الخاصة بثقافة الحوار وربطها بالمنهج الدراسي وأهدافه.
3- عقد الدورات التدريبية لمعلمي مراحل التعليم العام في أسس وأهداف ثقافة الحوار وكيفية ربطها بالمنهج الدراسي.
4- تفعيل النشاط التربوي اللاصفي المصاحب للمنهج الدراسي وتوظيفه في نشر ثقافة الحوار(مسرح – رحلات – رياضة – جمعيات علمية – زيارات – أنشطة ثقافية...إلخ).
5- توظيف وسائل الإعلام الحديثة في إنتاج برامج تصبّ في نشر ثقافة الحوار( أقراص مدمجة - برامج تلفزيونية – برامج حاسوب...إلخ).
6- تفعيل دور المكتبات في المدارس في توسيع مدارك الطلاب وزيادة الحصيلة المعرفية وتنمية روح البحث العلمي.
انطلاقاً ممّا سبق ذكره في هذه الورقة نرى أنه لو تمّ تطبيق ما أسلفناه نستطيع أن ننشر ثقافة الحوار في مراحل التعليم المختلفة ومن ثم في المجتمعات بحيث تكون المُخرجات باهرة. ولكن هذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير وعزيمة وصبر على تخطي العقبات – السياسية والاجتماعية والمادية والفكرية.
ولعلّ هذا المنتدى يكون هو ضربة البداية وكم آمل أن تتبنّى الجهات المنظمة والداعمة لهذا المنتدى المقترحات التي يخرج بها المنتدى حتى نتبع القول بالعمل.
وأخيراً.. ما ورد في هذه الورقة لا ندعي له كمالاً ولا استقصاء للموضوع فالكمال لله وحده ولكنها إشارات على الطريق نسأل الله أن يتقبلها.
(1) إبن منظور، لسان العرب4/217.
(2) المرجع السابق،الفيروز أبادى ، القاموس المحيط 2/24.
(3) محمد مرتضى الحسين ، تاج العروس 6/ص6/3 ، دار الفكر، بيروت 1994.
(4) إبن منظور، لسان العرب 4/418 .
(1) محمد عبد الرؤوف المناوى، التعاريف 1/706.
(1) روجيه قارودى ، العولمة المزعومة ،ترجمة محمد السطلى، ص17 ، دار الشوكانى.
(2) هانس دينز ،هراك شومان ، فخ العولمة ، ترجمة عدنان عباس ص25 عالم المعرفة ، سلسة عالم المعرفة ،الكويت ، العدد 238.
(1) ابن القيم، إعلام الموقعين 3/3، ط بيروت، دار الجبل 1970.
(2) أخرجه النسائي – كتاب القضاء.
(1) مالك بن نبي، شروط النهضة ، ترجمة عمر كامل، ص215
المصدر: http://arabthought.org/content/%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%...