حوار حول أدوات العمل الخيري وآلياته
في الوقت الذي لا تشغل فيه ثقافة العمل الخيري التطوعي حيزا لدى العرب فإن الدراسات تشير إلى أن 91% من سكان كندا الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاما مشاركون فاعلون في العمل التطوعي، وأن 45% من سكان ألمانيا في نفس الشريحة العمرية منضمون إلى منظمات العمل التطوعي المختلفة، وأن عشرة ملايين ونصف المليون فرنسي يتطوعون في نهاية الأسبوع للمشاركة في تقديم خدمات اجتماعية مختلفة تخص الحياة اليومية، أما في الولايات المتحدة الأميركية فقد أظهرت الدراسات أن نسبة الذين يشاركون في العمل التطوعي تشكل 44% من جميع البالغين حيث يقدمون ساعات تطوعية تبلغ أكثر من 15 بليون ساعة سنويا وهذا ما يقارب عمل تسعة ملايين شخص بدوام كامل.
أين نحن من ثقافة العمل التطوعي الخيري في ظل ما يقوم به هؤلاء في الغرب؟ نحاول فهم بعض جوانب ثقافة العمل التطوعي الخيري وكيفية تنميتها ونشرها بين الشباب في العالم العربي بشكل خاص وذلك في حوار مباشر مع الدكتور هاني البنا مؤسس ورئيس المنتدى الإنساني:
*في البداية من هو الدكتور هاني البنا؟
ولد في القاهرة عام 1950، تخرج من كلية الطب في جامعة الأزهر عام 1976 ثم انتقل إلى بريطانيا لاستكمال دراساته العليا، عمل طبيبا في خدمة الصحة القومية بين عامي 1978 و1994، حصل على جائزة هاملتون بيلي في علم الأمراض عام 1981 ثم حصل على الدكتوراه في علم أمراض الأجنة من كلية الطب بجامعة برمينغهام عام 1991. ناشط بارز في مجالات ثقافية ونقابية عديدة، منح في شهر يوليو من العام 2004 وسام الإمبراطورية البريطانية من الطراز الأول من ملكة بريطانيا لعمله في الإغاثة الإسلامية، كما منحته جامعة برمنغهام الدكتوراه الفخرية لدوره الإنساني العالمي في العمل الخيري، رأس الإغاثة الإسلامية في العالم منذ عام 1995 وحتى العام الماضي حيث أسس المنتدى الإنساني العالمي ليكون مظلة للعمل الخيري مظلة تضم منظمات إسلامية ودولية وانتخب رئيسا للمنتدى.
*لكن في ظل الأرقام التي ذكرتها والتي تشير إلى ثقافة العمل الخيري أو العمل التطوعي المنتشرة في الغرب فإن ثقافة العمل التطوعي تكاد تكون شبه منعدمة في الدول العربية والإسلامية، أين نحن من ثقافة العمل التطوعي ومن ثقافة العمل الخيري؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نحن ما زلنا في المراحل الأولى من الحفاظ على فكرة التطوع فكرة العمل الخيري، الغرب بدأ منذ مئات السنين يحول فكرة التطوع إلى مؤسسة ويحول هذه المؤسسات إلى منظومة تحمي فكرة التطوع نفسها، نحن الآن ما زلنا في العالم العربي والعالم الإسلامي نعمل في العمل الخيري التطوعي بطريقة عاطفية وطريقة غير مؤسساتية وطريقة تعتمد على الانفعال لجمع التبرعات بالطريقة التقليدية التي نحولها إلى مشروع إغاثي ليس إلى برنامج عملي ينمي مجتمعات قائمة بذاتها كما فعل وسبقنا الغرب في هذا الموضوع، فالفارق ما بيننا وبينهم أننا ما زلنا الآن في بعض الجمعيات العربية والإسلامية في الطور الذي نريد أن نحول هذه الجمعيات إلى مؤسسات تخدم الفكرة لا إلى مؤسسات تخدم الأفراد الذين بدؤوا بوضع هذه الفكرة على طاولة العمل الخيري، ما زال العمل العربي يؤمن بالشخص أكثر من إيمانه بالمؤسسة نفسها.
* ما مشكلات العمل الخيري العربي الإسلامي مقارنة بالعمل المؤسسي الذي يقوم على الرؤية وعلى الخدمة العامة للناس؟
1-الفردية فالعمل المؤسسي لا بد أن يؤمن بالتوريث والتتابع والتدريب وإحلال القيادات دوريا..التوريث القيادي بمعنى أن يكون في قيادات متتابعة داخل المؤسسات..توريث المفاهيم ليس الأشخاص ليست العائلات بالضبط يعني توريث الفكرة للأجيال التي تأتي من بعد، ما زلنا نحن في طور الشخص المؤسس ، فأنا بعد 25 سنة من العمل الإغاثي داخل الإغاثة الإسلامية لا بد للإنسان أن يترك مكانه لقيادات أخرى، و25 سنة كثيرة..فلا بد للشخص أن يترك المجال لغيره ويتخلى عن الفردية.
2-إحجام الكفاءات العالية عن المشاركة ؛ لأنهم لا يعتبرونه مهنة، وهو مهنة وله علوم ُتدرّس تدرس فيها الماجستير والدكتوراه والدبلومات وهو يحرك دولاً ويحرك مؤسسات ويحرك قوانين لكي تدافع عن منظومة العمل الإنساني في العالم كله ، ونحن ما زلنا ننظر للعمل الخيري الإسلامي والعربي على أنه مجرد شخص يجمع بعض التبرعات من مسجد أو يذهب لمحسن من المحسنين يأخذ منه زكاته ويحول هذه الزكاة إلى بعض الصدقات في حفر بئر أو كفالة يتيم أو بناء مدرسة، لكن نحن نريد أن نقنع هذا الشخص ذو التقنية العالية سواء كان رجلا أو امرأة أن هذه أصبحت منظومة تحاول أن تدفع بأطر جديدة لتنمية المجتمعات من منظور إسلامي وعربي.
* قلت الآن في الغرب هناك مناهج جامعية لتدريس العمل الخيري والعمل التطوعي وهناك درجات علمية للماجستير والدكتوراه وهناك مؤسسات ، ما هي الأشكال التي أدت إلى نمو العمل الخيري في الغرب إلى هذه الدرجة؟
أنهم حولوا فكرة العمل الخيري إلى مؤسسات وأصبحت المؤسسات تدفع منظومة العمل الخيري دون الحفاظ على الأفراد أنفسهم ، فمثلا هذا تقييم العمل الغربي لمؤسستين كبيرتين واحدة مؤسسة "بلا حدود" أخذت جائزة نوبل للسلام منذ حوالي ثلاث سنوات أو أربع سنوات، الدكتور محمد يونس في بنغلاديش أخذ جائزة نوبل للسلام لإنشائه بنك الفقراء، كل هذا يعطينا كيف تقيّم المؤسسات الإنسانية الغربية قيمة العمل الخيري بفاعلياته وببرامجه التي تغير من منظومة المجتمعات التي تعمل فيها.
* أنت خلال العام والنصف التي أعقبت إنشاء المنتدى الإنساني يعني اجتمعت بشخصيات عالمية كثيرة منها الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون وشخصيات أخرى وأقنعت هؤلاء بأن يعملوا يدا بيد مع مسلمين ومع أناس يعملون ضمن المنظمة في الوقت الذي يتهم فيه العمل الخيري الإسلامي بالإرهاب منذ فترة جورج بوش، وهناك تأثر كبير في هذا الموضوع، كيف استطعت أن تحقق هذه الشراكة؟
هذا هو الحل الذي كان يغيب عنهم، وأن محاربة العمل الخيري الإسلامي لن يؤدي إلى القضاء على الإرهاب، بل السماح للعمل الخيري الإسلامي والعربي بالنمو يخفف من وطأة الفقر الصعب الذي يواجه الشعوب ويخفف من معاناة هذه المجتمعات لكي تنمو ولكي يكون للعمل الإسلامي الخيري دور رائد في المجتمع الدولي، المجتمع الدولي الإنساني لا يستطيع أن يعيش حاليا في غياب منظومة العمل الخيري العربي والإسلامي فلذلك نحن لا بد من جانبنا كمسلمين وعرب أن نرتقي بأداء وكفاءة العاملين والمؤسسات العاملة الخيرية العربية والإسلامية لكي توازي في عملها المؤسسات الدولية في الخارج، لا بد أن نخرج للمنظومة، هم اقتنعوا بهذا الموضوع لماذا؟ لأن هناك فجوة كبيرة جدا حدثت بعد 11 سبتمبر، كثير جدا من الدول العربية والإسلامية تعاني من مشاكل اللاجئين تعاني من النزاعات تعاني من التهجير تعاني من الحاجة الشديدة للتصحر والجفاف سواء في أفريقيا أو في دول أخرى، فنجد أن هذه البلاد تحتاج إلى أناس يفهمون الثقافة الإسلامية لهذه الشعوب وتاريخ هذه الشعوب كي تتعامل معهم، فغياب العمل الخيري العربي والإسلامي من على هذه المنظومة يعد فجوة كبيرة جدا لم يستطع الغرب ولم تستطع مؤسسات الأمم المتحدة أن تقوم بها فلذلك نحن استطعنا بفضل الله سبحانه وتعالى إخفاء هذه الفجوة بعد 11 سبتمبر أن ندفع بهذا الفكر لكي يكون هناك شريك دولي عربي إسلامي يحاول أن يسد هذه الفجوات.
* أنت نائبك بريطاني وهو مدير الصليب الأحمر وهناك منظمات غربية كثيرة مشاركة معكم في هذا الأمر، الاتحاد الأميركي للحريات المدنية في الولايات المتحدة وجه رسالة للرئيس أوباما في منتصف يونيو الماضي قال فيها إذا كانت لديك الرغبة في إذابة الجليد مع العالم الإسلامي تخلص من إرث إدارة جورج بوش التي تسببت في تقييد العمل الخيري الإسلامي تحديدا، هل هناك انفراج الآن؟
التضييق على العمل الخيري الإسلامي ليس فقط من الغرب بل من الشرق أيضا فهناك تضييقات كثيرة جدا للدول العربية والإسلامية لا تستطيع أن ترى قيمة للعمل التطوعي لا تستطيع أن ترى قيمة للعمل الخيري لا تستطيع أن ترى البعد الذي يراه الغرب في تنمية مثل هذه المجتمعات، التضييق على تحويل الأموال التضييق على السفر التضييق على الحصول على التأشيرات إلى آخره، فما زالت بعض الدوائر العربية والإسلامية تنظر للعمل الإسلامي بنظرة الريبة على أنه يعتبر امتداد للعمل الإرهابي الذي وصم به العمل الخيري الإسلامي منذ 11 سبتمبر 2001.
* هل هذا الذي جعل صحيفة نيويورك تايمز تصف هذا الوضع بأنه نشر ثقافة الخوف لدى الحكومات العربية الإسلامية وتأثيرها على العمل الخيري؟
أصبحت الكثير من الحكومات العربية الإسلامية تخشى من أن تخطئ أي مؤسسة فتلام هي عليها فأصبحت تغلق الأبواب أمام هذه المؤسسات لكي لا يحدث خطأ، والصحيح أن نفتح الأبواب لمثل هذه المؤسسات ونفتح الأبواب لأبنائنا لكي يكونوا سفراء خيريين في العالم يفوق أداؤهم السفراء الدبلوماسيين بمئات المرات لأنهم يستطيعون أن يدخلوا أماكن لا يستطيع أن يدخلها السفير أو الدبلوماسي أو الملحق الثقافي أو إلى آخره ونشجعهم على هذا مع وجود منظومة لتقنن وتراقب وتنظم العمل الخيري في الدول العربية والإسلامية، نحن مع تنظيم العمل الخيري العربي والإسلامي لكن مع فتح المجال له ودعم الحكومات له، الغرب ليس فقط هو الذي يعيق العمل الخيري الإسلامي العربي، هناك إعاقات كثيرة جدا من دوائر حكومية كثيرة في الدول العربية والإسلامية تنظر لهذا العمل بمنظور الشك والريب خوفا من الضغط الإعلامي الذي يأتي من الغرب.
* خلال العام الماضي تقريبا استطعتم أن تعقدوا عدة مؤتمرات لأكثر من 1200 منظمة خيرية إسلامية على مستوى معظم دول العالم الإسلامي واستطعتم أن ترصدوا أهم المشكلات القائمة في هذه الأشياء وكيفية التغلب عليها، ما هي أهم هذه المشكلات؟
خمس مشكلات وجدناها في كافة المؤسسات التي تقابلنا معها في الـ 14 دولة، (بناء القدرات، القيادة الحكيمة والرشيدة للمؤسسات، فهم المعايير الإنسانية للعمل الإنساني، بناء الشراكات وبناء الجسور والتواصل ما بيننا وبين الآخر)، هذه الأشياء الخمسة أصبحت هي المعوقات لدى نمو مؤسسات المجتمع المدني أو العمل الخيري الإسلامي والعربي .
*ما هي مساعيكم لعلاج هذا الأمر؟ وما مدى استعداد القائمين على هذه المؤسسات لهذا؟
نحن الآن نبدأ بأربع دول وضعناها على طاولة العمل هي السودان واليمن وأندونيسيا والكويت وبعد قليل سنذهب إلى مقدونيا أيضا لأنها تعتبر بلد مشاكل وإن شاء الله نيجيريا، فكل هذه الدول بدأت ترحب بوجود منظمة أو منظومة داخلية وطنية تستطيع أن تبني جسورا مع المؤسسات الدولية والغربية والعالمية لكي نرتقي بهذه المؤسسات إلى المستوى الدولي فتخرج من هذه المؤسسات فعاليات دولية تستطيع أن تقود العمل الخيري الإنساني في العالم ليس فقط في اليمن أو في الكويت أو في السودان أو في أندونيسيا أو في نيجيريا إلى آخره.
* هل معنى ذلك أننا ممكن أن نشهد طفرة في أداء وطريقة عمل المؤسسات الخيرية الإسلامية في الفترة القادمة؟
نتمنى في خلال العشر سنوات القادمة، ستخرج قيادات مجتمعية خيرية إنسانية من منظومة العمل الخيري العربي والإسلامي تستطيع أن تتعامل مع المؤسسة الدولية بثقافة محلية ومفهوم دولي يعني أنا كرجل يمني أستطيع أن آتي بثقافتي كي أقنع بها أهل جنيف وأهل لندن وأهل روما والمجتمع الدولي، ولماذا أنا فقط أقتنع بثقافة جنيف ولندن وروما ونيويورك ولا يقتنعون هم بثقافتي؟ وحتى أقنعهم بثقافتي لا بد أن يكون عندي بعض المعايير التي أستطيع أن أتحدث بها معهم وأرى كيف أتفاهم معهم بلغة الحوار الإنساني الخيري الدولي الذي نستطيع فيه أن نبني مثل هذه الشراكات، أهم معيار في هذه المشاكل هو بناء الشراكات، مفهوم بناء الشراكات عند الغرب أصبح جزءا من الثقافة المجتمعية الغربية لكن هو بالنسبة لنا جزء من عقيدتنا {..وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى..}[المائدة:2]، نحن نريد أن نقيم مفهوم عقدي داخل الفكر الإسلامي لكي نبني الشراكة، الشراكة بيننا وبين المؤسسات الإسلامية، الشراكة بين المؤسسات الإسلامية داخل الوطن الواحد والمؤسسات غير الإسلامية سواء كانت مسيحية أو أخرى ثم الشراكة بين المؤسسات الوطنية هذه ومؤسسات دولية في الخارج كي نستطيع أن نبني بهذه الشراكات الجسور ونستطيع أن نأخذ الخبرات داخليا وخارجيا لكي نستطيع أن نحمي النسيج المجتمعي الوطني. الحكومات صعب عليها أن تحمي كافة أجزاء النسيج المجتمعي المحلي الوطني، لا بد أن يكون القطاع الخيري الإنساني الوطني هو القطاع الثالث مع القطاع الحكومي والقطاع الـ private الذي هو الخاص في الدفاع عن النسيج المجتمعي لأن العاملين في العمل الخيري داخل المجتمع الوطني سواء كان في ليبيا أو في اليمن أو في سوريا أو في مصر أو في السودان إلى آخره هم الذين يستطيعون أن يروا نبض الشارع ويستطيعون الدفاع عن المنظومة الثقافية والمنظومة الاجتماعية، فلا بد أن تسمح الحكومات العربية والإسلامية لنمو مثل هذا القطاع ونمو هذه المنظومة لكي تتوازى في عطاءاتها مع المؤسسات الدولية الخارجية ونبرز من هذه الدول يعني سفراء وقادة للمجتمع الخيري الدولي.
* رغم كل ما يحض فيه الإسلام على فعل الخير والتطوع ومساعدة الفقير وإعطاء الوقت إلا أن ثقافة العمل التطوعي شبه منعدمة في الدول العربية والإسلامية في الوقت الذي بلغت فيه 91% في كندا، 45% في ألمانيا، عشرة ملايين ونصف مليون فرنسي يتطوعون في نهاية الأسبوع من أجل مساعدة الناس، ما الذي يؤدي إلى الإحجام عن التطوع ببعض الوقت من أجل خدمة المجتمع؟
نحن نريد أن نجعل ثقافة العمل الطوعي والعمل الخيري جزءا من المنهج الدراسي فلا بد..أن الطفل الصغير في المدرسة يعمل أعمالا مجتمعية يرتبط فيها بالبيئة يتمتع بهذه.. أصبح الطفل العربي والطفل الإسلامي كالرجل الآلي قاعد أمام الكمبيوتر والألعاب ومنعزل تماما عن المجتمع فلا بد أن نشجع هذا الطفل على الحصول على درجات عليا إذا أصبحت مادة العمل الخيري والعمل الطوعي هي جزء من المنهج الدراسي وأتمنى أن أي دولة من الدول تبدأ بهذه المنظومة..
المناهج موجودة، ونحن صغار في مصر في الخمسينات وفي الستينات كنا نروح نعمل حصة تربية زراعية وحصة تربية منزلية كنا نعمل مربى ونعمل زبادي ونزرع بعض الأشجار إلى آخره، فالحاجات هذه تنمي في الطفل..شعوره بانتمائه للمجتمع فنستطيع أننا ندربه ثم بعد ذلك نحل بعض المشاكل المجتمعية وننشئ في داخله فكرة ارتباطه بالمجتمع وانتماءه للوطن وتكوين القيادة الفكرية والمجتمعية داخل فؤاد هذا الطفل أو الطفلة منذ صغره، ومن الصعب تعليم الكبير لكن من السهل أن نضع هذه المنظومة من الصغر داخل أفئدة هؤلاء الأطفال.
* هناك نقطة مهمة أيضا في العمل الخيري وهي التنمية، أن العمل الخيري يقوم على تنمية المجتمع وليس فقط نقل المال من الغني إلى الفقير، ما هي الجهود التي بذلتموها في هذا الموضوع والأمثلة على ذلك؟
أهم شيء في التنمية في أي دولة من الدول هو الاستقرار السياسي الأمني، يعني لو أخذنا المثل على غزة مثلا، غزة تحتاج الكثير من الأكل الشرب لكن لا يوجد استقرار أمني هناك ، فلا تستطيع أن تقوم بمشاريع التنمية، بقى لنا يمكن 10 سنوات في غزة أو 12 سنة في غزة منذ أن فتحت الإغاثة الإسلامية مكتبها هناك تعمل أعمالا إغاثية لم تستطع أن تنتقل هذه النقلة من الإغاثة إلى التنمية. في أماكن أخرى مثل بنغلادش وباكستان أو كشمير وبعض الأماكن في السودان انتقلنا إلى التنمية.
*ما هي مشروعات التنمية التي تتم في تلك المجتمعات؟
التنمية تدخل فيها مشاريع التعليم والتنمية الأسرية، مثلا في البوسنة مشروع مثل بنك الإقراض أو بنك التسليف الذي بدأ عمله..نفس مشروع بنغلادش لا نأخذ ربحا عليه، نأخذ مصاريف إدارية 7% إلى 10% ونشترك في هذا مع كثير جدا من المؤسسات الإسلامية
* يعني النقطة المهمة الآن هي كيف أن تتحول الأسرة من أسرة متسولة أو تنتظر إلى أسرة منتجة..
تعتمد على بيئة ومناخ المجتمع نفسه يعني مثلا في البوسنة كان بعض الفلاحين يحتاجون أبقارا وبعض الفلاحين يحتاجون ماعزا وبعض الفلاحين يحتاجون خلايا للنحل وبعض الناس كانوا يعملون مصانع صغيرة للألبان إلى آخره، في بنغلادش كان هناك مشروع اسمه مشروع الريكشا وكان مشروع صيد السمك الذي هو الحصول على القوارب ثم الحصول على شباك صيد السمك وفي المناطق الزراعية إعطاء الآلات مثل الجرار.
* كيف تنظر إلى مستقبل العمل الخيري الإسلامي في ظل الوضع الراهن؟
أنا متفائل، فمثلا كلما أذهب إلى دولة وترجعني أرجع فيها ثاني، مرة رحت دولة من الدول فسجنوني يوما وكنت متيقنا أنني خارج فخرجت وذهبت نفس الدولة مرة واثنتين وثلاثة وأربعة وعملنا شغلا وجمعنا منها ملايين الدولارات ، فلذلك أنا متفائل جدا جدا جدا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قناة الجزيرة، بلا حدود، باختصار.
المصدر: http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=154705