التعايش الديني (بالعاميه)

خالد أحمد العلاونه

اضحك كثيرا حتى احس ان ثمي بده ينشق لما بسمع هالمصطلح ، التعايش الديني ، شو معنى هالمصطلح الغريب وشو المقصود من تداوله في هالوقت ، وليش الغرب بوجهوا هالمصطلح النا احنا العرب بالذات ومؤتمرات وحوارات وندوات ،تعايش سلمي ، حسن جوار ، حوار اديان ، وامور كثير غريبه عجيبه ،بدا الغرب يطلقها ويفتعلها وكأنه قايمه حرب بين الاديان ، احنا اصلا العرب وخاصه الاردن بنعيش حاله نادره من التعايش الديني مع المسيحيين ، وما كنا في يوم من الايام نميز بين المسلم والمسيحي ،ولا بيوم من الايام كان في اضطهاد للمسيحين بينا او تضييق عليهم او محاربتهم ، وانا امثلا كنت اسكن في حارة المسيحيه في قريتي ، وكنت دايما اسمع من اجيالي بالقريه مقولة ـ هنيالك ، ساكن بحارة المسيحيه ـ كنت استغرب هالعباره وما كنت افهم المقصود منها حتى اسر لي واحد منهم اني محظوظ بسكني بحارة المسيحيه لاني بشوف البنات المفرعات ـ اللي ما بلبسن على روسهن ـ لانه البنت المفرعه كانت هجنه في هظاك الوقت ، وقلي انه انا كمان بشوف بنات بلبسن قصير او بلبسن بنطلون وبحطن حومره وبودره ــ يعني انا مكيف ــ والحقيقه انه كل هالاشياء ما كانت ببالي ولا كنت اهتم بيها او ادور عليها وكنت اعتبر انه من واجبي اني احافظ على سمعة بنات الحاره ، المسيحيات والمسلمات ، وكنت اعتبر انه احنا اهل وجيران ولا يمكن افكر يوم بالسوء لاي بنت بالحاره ، وانه اصدقائي اخطأوا لما فكروني اني مكيف .
كانت هاي حاله فريده من التعايش الديني ، لاني كنت ادخل بيوت المسيحيه واسهر عندهم وآكل واشرب عندهم وهم نفس الإشي ، وبذكر كثير من رجالهم اللي كنت اعتبرهم اعمامي وكان الهم دور كبير في حياتي وحياة المجتمع بالقريه وكانوا من رجالاتها ، عيسى الرزق الله كان رجل طيب ادركته في آخر ايامه وكنت احيانا اناديه جدي ، الخوري بطرس رجل الدين الوقور ، ساري السعود كان الشاعر والراوي اللي كان يتحفنا بالتراث العربي الاصيل اللي كان يحفظه ، ابو معين رجل مكافح كنا نشوف يعيونه معاني الصبر والجد والعمل والكفاح وكانت المعصره اللي ابتكرها معلم من معالم القريه ، ومطحنة فضلو كانت ايضا من معالم القريه ، ابو ونس كان زائرنا خفيف الظل كل يوم ، ابو هدى الدكنجي الصبور ، ابو سعود المزارع الفلاح النشيط المثابر ، صيتان العامل النشيط ، ابو عقله الجار الطيب ، طخشون المشعل وابنه سعيد واحفاده غازي واكرم ومازن مثال الاسره العربيه ،ابو راضي ، الحداد الماهر ، صانع السكه ، ابو اكمل الخطاط البارع والجار الطيب الدمث ، ابو عوني الذي ما زال احد وجهاء البلده إلى يومنا هذا ، ابو انور ابو الرجال ، ربى كوكبه من الابناء اللي بنعتز وبنفتخر بانهم اولاد حارتنا ، سامي الساري اللي بعده لليوم متمسك بالارض ، بحرثها وبزرعها وبجني حصادها ، حتى المسيحين اللي اجوا من فلسطين نتيجة التهجير القسري عاشوا بينا كأنهم منا ، ابو عيسى ، الصياد المحترف ، ابراهيم السعيد الجار الودود ،اما ولادهم فهم كثر ، كوكبه من ابناء البلده ما زلنا نحترمهم ونقدرهم ، على ايديهم قرأنا اول الحروف ، ومنهم تعلمنا النجاح والاجتهاد ، كانت علاقتنا بيهم علاقه قويه لانهم اقرب النا واذا صابنا مكروه او حلت بالاسره مصيبه لا سمح الله كانوا هم اول الناس اللي يهبوا للمساعده وما كانوا يبخلوا علينا بإشي ، ومن هون انا ادركت انه لازم احترمهم واحافظ على سمعتهم وسمعة بناتهم ، كنا نحضر افراحهم ومآتمهم ونشاركهم احزانهم واعيادهم ، كنا نروح عالكنيسه ونحضر صلاتهم ، يعني بالعربي ما كنا نفكر بالتمييز بينا وبينهم ولا كنا نعتبرهم غريبين عنا لانه هم مسيحيه واحنا مسلمين ، ويالمقابل هم كانوا يشاركونا كل نشاطاتنا الاجتماعيه في الاعياد وفي الافراح والاتراح ، وأذكر انه جيرانا المسيحيه (بيت ابو انور )في سبعينيات القرن الماضي كان عندهم ثلاجه واحنا ما كان عنا ، وكان رمضان ييجي بشهر سبعه ، يعني بعز الصيف وكانوا جيرانا يجيبولنا المي البارده ،حتى نفطر واحنا مرتاحين وكانوا اذا زرناهم في نهار رمضان ما يوكلوا ولا يشربوا قدامنا احتراما النا ولمشاعرنا ، ودايما كان النا نصيب من كل اشي عندهم ، وكانت حصتنا من راس الكوم ، ولا اذكر في يوم من الايام انه بدر منهم اي اساءه تجاهنا ، او تجاه حياتنا وعقيدتنا ودينا ، كنا نعيش حالة من الوئام والتلاحم في القريه ، وكنت اسمع انه رجالهم ومن مئات السنين كانوا في المقدمه اذا تعرضت القريه لهجوم او اعتداء من اي غريب .
حتى بعد ما غادر الكثير منهم البلده ورا مصالحهم ووظايفهم وتعليمهم بعدهم اذا لقيت حدا منهم بقولك ، سقى الله ايام زمان ،ما تنكروا للقريه وبعدهم بفتخروا بيها وبأهلها .
شو التعايش الديني اللي بدهم اياه الغرب منا بالوقت اللي هم مش قادرين يستوعبوا الاسلام وبحاربوه وبحاولو انهم يلزقوا اخطاء العالم بالاسلام ، شو التعايش الديني اللي بخليهم يعتدوا على المسلمين وبحرموهم من ممارسة دينهم ، وبمنعوا المسلمات من الحجاب بالمدارس والجامعات والطيارات والباصات والاماكن العامه ، شو التعايش الديني اللي بخليهم يسيئوا للاسلام والمسلمين وللرسول الكريم .
اعتقد انه احنا العرب والمسلمين بغنى عن نظرياتهم ومؤتمراتهم وندواتهم عن التعايش الديني ومش بحاجه إلى انهم يعلمونا حسن الجوار والتعامل مع الاديان ، لانه احنا فاهمين وواعين كيفية التعامل مع الاديان الاخرى من اكثر من اربعطعشر قرن في الاسلام وما قبل الاسلام ، لاننا ورثنا خصال المحبه والمعامله الحسنه جيل بعد جيل من آلاف السنين واحنا نموذج حي للتعايش السلمي بين الاديان ، والاولى انه الغرب هم اللي لازم يتعلموا كيف يتعايشوا مع الاخرين وكيف ، يعاملوا الناس بالحسنى والخلق الرفيع وانه ما يعزوا فشلهم للاديان الاخرى وما يبرروا حقدهم وعنصريتهم بتهم توجه للاسلام وهو منها براء.
يعني احنا متعايشين ومبسوطين ، وعن كذب الغرب مستغنيين ، بنعيش في وطن قاسمه المشترك التمسك بالارض والاخلاق والاحترام المتبادل فليس بينا خلاف او عداء .

المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=251575

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك