قانون التسامح الصفري والبند السابع
أحمد مصارع
الأمم المتحدة, وريثة عصبة الأمم, وأمل البشرية بمستقبل أفضل لبني البشر, الحرية والديمقراطية والعدل, والأمن والسلم
للإنسانية جمعاء, ومن أجل عالم بلا حروب, وحين اختلط البند السابع مع قانون التسامح الصفري, لم تعد كذلك, أما حين أعلن
الأقوياء في هذا العالم الحرب على الإرهاب, لقد قلنا في سرنا وداعا هيئة الأمم المتحدة, وقال البعض لقد أصبحت الهيئة الأممية
ملحقة بوزارة الخارجية الأمريكية, حين تحولت القرارات الأممية الى ورق على حبر جشتطالتي,
الشرق الأوسط الكبير ( اللا ديمقراطي ) ولكونه غير نووي, تم تحويله الى مختبر للكوباي, أي فئران المختبرات,
فأين هي القرارات الدولية الممضاة بحقه ؟ لا أحد يسأل ؟ .لقد أصبحت التواقيع من نوع : نعم لإرهاب الدول ولا لإرهاب
الأفراد , وعلى نحو أدق لم يعد هناك استعداد دولي للتفريق بين المقاومة والإرهاب, ومن المنطقي اعتبار خطأ الأسلحة الذكية
أمرا واردا حين يذهب جرائها أبرياء مدنيون, مع هامش كبير جدا, والتقريب الحسابي يوشك بأن يظهر أخطاء متعمدة
أكثر بكثير من المثل القائل , انه لعمل(العجة) فلا بد من تكسير البيض , والمفارقة في بعد الروح العفوية عن سوء النية ؟
وفي المقابل يتم التعامل بصرامة بالغة , بل يكون من المحرم على المقاومة المشروعة أن ترتكب أدنى هفوة ؟
بل ينبغي عليها وهي المضمخة بالألم والدم أن تلتزم صفة(المحارب النبيل ) وفي ظرف, ينعدم فيه التكافؤ بين الطرفين المتحاربين,
وليس من المنطقي أبدا:أن يطالب الطرف المدجج بأحدث الأسلحة التقنية المتطورة, والعلومية, بنسبة خطأ أقل لمقاومة تعمل
في فضاء خانق, بل وفي ظل فوضى شاملة.
والنظام المنظم والطهوريةالمجوفة , تعني ببساطة تامة أن تطلب من المقاومين , أن يجلسوا على مقاعد الدراسة (صنم ) ,
وهناك الكثير من أدعياء الثورية يتخيلون بنوع من الأوهام المسرحية, بل ما فوق الواقع, وكأن التعبير أنا مع أو أنا ضد,
يكفي للموقف المبدئي العادل, فالمقاومة ليست هي الإرهاب, وما يفرزه الظلم الدولي الواقع في الشرق الأوسط المتماهي
مع أعدائه, و(المضبوع ) حقيقة واقعة ليست بحاجة لمن يشرع لها أو يبررها, وعندما يلد الكائن الحي فمن غير المعقول
أن يتقرر وجوده بالاسم والتعميد,, ولسنا في وارد الدعاء لميلاده ولا بصدد مباركته , وليس كل من يستعمل مبدأ,
القتل من أجل ( الأخلاق) أو مبدأ ,أنا أنتحر مضحيا بحياتي , فإذا كان ذلك خطأ أو خطيئة لتكون أكبر ما يمكن,
أما حين يصرح الأمين ألأممي نفسه, بأن لا شرعية في حرب القوى العظمى على الإرهاب, أليست هذه شهادة على
زيف الذرائع التي وصفت كل أشكال المقاومة بالإرهاب ؟!
الأخطاء العفوية أو الطفيفة, وربما غير المقصودة, تجاه الأفراد والجماعات, ليست بمعزل عن العفو الإنساني
والتسامحية الإنسانية PARDONABLE ) ) , وهي صفة النبالة المزعوم وجودها بشكل مطلق ,
وهي الحقيقة التي لن تحتاج الى برها ن, في ظل الشروط الإنسانية المعروفة.
الأفراد النبلاء على الدوام هم كذلك حقا, ومهما كانت الشروط وكيفما كانت الظروف, وهذه حقيقة,
الغيرية العالية كشمس هذه الحياة لاتنطفيء أبدا, وهي الروح المجهولة أبدا والتي تربط الجنس البشري, من عهد
آدم والى يومنا هذا !!!
عفوا لقد أخطأت وما نحن إلا بشر ليس إلا, أما حين تتسع دائرة العنف اللاتاريخي أو اللانساني ومن ثم يتبعها
فعل المراجعة المتوازنة, وبشرط سريان روح التسامح والرحمة القلبية, وطلب العفو عند المقدرة,
لمثل هذا يهدف الشعراء ولمثل هذا يرفع طلاب الحياة قبعاتهم تحية للحياة التي, ربما كانت لا تستحق أن تعاش !!
لا الغرب ولا الشرق, لا بضم اليدين, ولا بالدعاء: اللهم اهد بني آدم,
القوة الأمريكية المهيمنة اعتمدت سياسة التسامح الصفري, لأن ذلك سينطبق في معظمه على الشرق الأوسط, وقبل ذلك
كانت هيئة الأمم المتحدة قد طبقت عليه معظم بنود الفصل السابع ومعظم العقوبات الواردة فيه وهي عقوبات جماعية
لم يسلم من أذاها كل الفئات القاطنة فيه.
:كأن الشرق الأوسط لم يعد ساذجا وبسيطا, بل تحول الى محور للشر لممانعته في مقاومة العقوبات المفروضة عليه
وفي المقابل كانت القرارات التي يمكن أن نفسر لصالحه, جمدت لأنها متعددة الأوجه, وتفسر على الدوام لمصلحة
مجهول, وتلك شطارة دولية جعلته بالرغم عنه متمردا وثائرا وموتورا أحيانا, وكأن القصد من ذلك فقط لإظهاره
سفيها أو قاصرا لإفساح المجال واسعا للتدخل في شؤونه الداخلية ولإخضاعه لبؤر المصالح الدولية المتناقضة.
لقد كان الجزء القليل من سلوك الشرق الأوسط يؤيد ذلك, لأن الدفع الجنهمي الذي كان واقعا عليه, مختصر للغاية
في دفعه لا شعوريا في تدمير ذاته وقبل أن يكون بمقدوره إيقاع الأذى بدول قوية وذات سيادة فعليه.
السؤال اليوم هل نجحت القوى العظمى في إثبات سفاهته ؟ وهل استطاعت إقناع الشرعية الدولية, ومؤسساتها
الأممية بضرورة التدخل فيه, لاخضاعه وفرض الوصاية عليه ؟
وماذا يعني بأن العالم أصبح قرية صغيرة ؟
العالم سيكون واسعا بأكثر مما نتخيل, لولم يكن الهدف من قوس الأزمات هو خلق بؤر للتوتر الدائمة والتي لا تهدف في حقيقة
الأمر إلا لإحداث دمار شامل, مع إخفاء متقدم لسيناريو المخرجين من غير النوايا الحسنه.
اسمح لي أن أقتلك حتى أخلصك من الشيطان..
حين دخل المخلص باسم المسيح (عليه السلام ) الى سجن الأسود الأسيرة في حديقة, ورغم كونها غير جائعة, كي يخلصها
بالمقدس هاجمته, نهشت لحمه ولم ينقذه سوى نجدته بالأسلحة المخدرة, ولو كان فعل ذلك مع الأسود الحرة, وفي البرية
الواسعة لرأى برهان المسيح المخلص.
الحلة غير الهارمونية وغير التوافقية هي من خصائص الجدلية الشرق أوسطية, وفيها يتم القفز فوق حقائق الواقع, وهذا ليس
وهم, بل وعمل ايجابي وللخروج من دائرة التخلف اللعينة, والسؤال من هذا البريء الذي وضع العصي في طريق نهضتها,
انه هو بنفسه نفس الفاعل , القديم الجديد , الذي أتخم من الشبع ,ومن الحرية المطلقة ولاحسد , هو نفسه من يحرم الشرق الأوسط
من امكانات مواجهة مشكلته بدون حروب وحتى إشعار آخر.
مفهوم وواضح جدا, وجود سلسلة متناقضات في الشرق الكبير, والعالم الحر يسعى لإخضاع العالم لمنطقه, وهو منطق
إحلال للقانون بامتياز, والقصد منه هو جعل الشرق الأوسط الكبير يسير وفقا للإيقاع الدولي, وهذا مفهوم ومشروع, ففي
الشرق الأوسط وكبيره وصغيره, اختلالا كبيرا, ومنها حكوماته الظالمة وشعوبه المظلومة, والخروج عن القانون أصبح مفارقة فيه,
حتى الدولة نفسها صارت خارجة عن القانون, وأحيانا قليلة صار( الشعب)نفسه خارجا عن القانون الدولي.
القانون مطلب شرعي أينما كان, ولكن العصر الأمريكي الحر بامتياز يطلب منا باختصار:
اسمح لي أن أقتلك حتى أخلصك من الشيطان, والسؤال الصامت والخفي مكابرة هو:
من هو الشيطان الحقيقي ؟!!!