التعصب؟! وخطورة غياب التسامح الديني والسياسي!!
سامي فودة
يعتبر غياب مفهوم التسامح الديني والسياسي وإرساء ثقافة التعصب وانتهاج اللوثة الفكرية الراديكالية, في حل قضايا المجتمع بقوة السلاح من خلال إزهاق أرواح المسلمين وسفك دماء الأبرياء وتخوين وتكفير وتحقير الآخرين وقلب الحقائق وتدمير بيوت الله فوق من فيها ,وذلك لمجرد الاختلاف في المواقف السياسية أو الدينية أو الرأي أو الفكر....ألخ. فهذا والله أعلم يعتبر من أكبر الكبائر ومن أخطر ما يعاني منه العالم. ونحن خصوصاً أبناء السنة والذي يجمعنا كتاب الله وسنة نبينا محمد صلي الله علية وسلم ،فأجد أن تلك النزعة اللإنسانية وما يترتب عليها من صراعات تصل أحياناً إلى مذابح وكوارث لا مثيل لها .ولاسيما وإن الخلافات في الأيديولوجيات الدينية والسياسية قد تسببت في حروب وحملات تطهير وفظائع لا تعد ولا تحصى. وقد تسبب انعدام التسامح الديني في خلق المشاكل في العديد من مناطق العالم، كما إن الاختلافات في الايدولوجيا السياسية لوحدها قد تسببت في مقتل مئات الملايين من البشر في القرن العشرين،وفي وقتنا الحاضر وليس نحن ببعيد عن واقعنا الفلسطيني وما يدور من صراعات دينية وسياسية طاحنة وتبدو المحظورات السياسية هنا أكثر من المحظورات الدينية، والتسامح معها يكاد يكون مستحيلاً، وهو ما جعل الوطن العربي عاماً والشعب الفلسطيني خاصة دائم المعاناة، يخرج من نفق إلى آخر،وهذا ما سلمت منه بعض المجتمعات الأوروبية الغربية، حين رفعت راية التسامح السياسي، وحددت سلوكيات الممارسة السياسية.فإن وجود التنوع السياسي وثقافة التسامح السياسي والديني قد ساعد على قبول الاختلاف في الرأي وجعله حقاً طبيعياً لكل المواطنين .فهذه الإجراءات قد خففت من نزاعات العنف وقللت من حدة التعصب ودوافعه القهرية وأوجد جمهوراً من العقلاء وخلق حالة من العقلانية في مسألة تبادل السلطة فمن هنا كان السؤال ؟ كيف نحقق التسامح. إن عبارة "إن هناك أمراً واحداً لا أتسامح معه، وهو عدم التسامح" تظهر بأن هناك حدوداً لعدم التسامح والتعصب. إذ لا يمكن للمجتمع المتسامح التساهل مع التعصب الذي سيجلب عليه الدمار. إلا أن إرساء توازن في هذا المجال يعتبر صعباً كون المجتمعات المتنوعة قد لا تتفق دوماً على تفاصيل الفكرة، كما أن التنوع داخل المجتمع أو القطر الواحد يعتبر عائقاً أيضاً. وهناك الكثير من القضايا التي قد تكون موضع جدل وخلاف من دولة لأخرى، ومن حزب إلى آخر، إلا أن هذه العوائق يجب أن لا تمنعنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني من استمرار المحاولة حتى نحقق النجاح السياسي في الحياة السياسية والدينية ويتطلب التسامح في ممارسة ما تم ذكره بشئ من النقاء والتشذيب والابتعاد عن سياسة المهاترات والخبث والمكر والدسائس والخداع إذ إن هذه الممارسات تكون مدفوعة بدافع الانتقام أو إسقاط من هو مختلف معه في الفكرة بحد ذاتها أو العقيدة .فنحن جميعاً مطالبون بتكريس مفهوم التسامح في الحياة السياسية وفي ظل التعدد في التركيبة التنظيمية أو الفصائلية أو الحركية أو الفئوية في مجتمعنا فلابد لنا من تقبل الآخرين سوى كانت أقلية أو تنظيم سياسي أو ديني تشكيل حزب سياسي يمثله والقيام بالترويج لأفكاره وإن كان مناهضاً لأطروحاتنا، فليس لنا الحق بادعاء امتلاك الحقيقة السياسية ومصادرة رأي الآخرين. لهذا لابد من تسليط الضوء على التسامح من وجهة نظر الإسلام:إن الإسلام من جهته يعترف بوجود الغير المخالف فرداً كان أو جماعة، ويعترف بشرعية. ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصوّر والممارسة تخالف ما يرتـئيه شكلاً ومضموناً. ويكفي أن نعلم أن القرآن الكريم قد سمّى الشِّرك ديناً على الرغم من وضوح بطلانه، لا لشيء إلا لأنه في وجدان معتنقيه دين ومن هنا، فإن جريمة المشركين لم تكن في إعراضهم عن الإسلام، وإنما في كونهم رفضوا أن يعيش دين جديد بجوار دينهم، فقرّروا مَحْقَه واستئصاله من الوجود.هذا وقد أوصَل بعضهم الآيات الواردة في شأن احترام الأديان الأخرى واحترام خصوصيتها وإتباعها إلى أكثر من مائة آية موزّعة في ست وثلاثين سورة.ولم يكتف القرآن بتشريع حرية التديّن، بل نجده قد وضع جملة من الآداب يمكن عَدّها أساساً للتسامح الديني، فقد دعا القرآن المسلمين إلى أن يكونوا لغيرهم موضع حفاوة ومودّة وبِر وإحسان. قال تعالى: { لا ينهاكم اللهُ عن الذين لم يُقاتلُوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبرُّهم وتُقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين } وإتساقاً مع تلك الدعوة إلى حُسن التعامل، نرى القرآن يحذّر أتباعه ويَنهاهم عن سَبّ المشركين وشتم عقائدهم، { ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عَدْواً بغير علم }. يشير مضمون الآية إلى كونها تلقين مستمر المدى حيث أوجب الله تعالى في كل زمان ومكان الالتزام بهذا الأدب وعدم شتم غيرهم وعقائدهم.والواقع أن المرء إذا نظر إلى تلك المبادئ المتعلقة بموضوع حرية التديّن التي أَقَرَّها القرآن بموضوعية لا يسعه إلا الاعتراف بأنها فعلاً مبادئ التسامح الديني في أعمق معانيه وأروع صوره وأبعد قِيمه.فهذا هو القرآن الكريم وعظمة الخالق في آياته وأسطورة سيدنا محمد صلي الله علية وسلم 0خاتم الرسل في نشر المحبة والتسامح والفكر الرباني للبشر بشكل راقي فهل وصلت الرسالة وعملوا بما انزل الله من يدعي الإسلام بعد؟؟؟ ........أقول والله أعلم !!!