ما وراء حوار الأديان والحضارات

حميد كشكولي

شدّد البابا بينيديكت السادس عشر خلال اجتماعه بمبعوثين من العالم الإسلامي على " الضرورة الحيوية للحوار الديني والثقافي" ، ودعا إلى " حوار صادق واحترام متبادل" .
إنّ في الاسلام والمسيحية توجد نصوص مقدسة ، تحرض على الكراهية والقتل، وان كان يوجد في القرآن من مثل هذه النصوص ، أيْ آيات السيف، أكثر بكثير من العهد الجديد ، أو ما نطلق عليه بالأناجيل ، غير ان "العهد القديم" الذي هو جزء من الكتاب المقدس للمسيحيين أيضا، لا يُضاهى في الدعوة الى القتل والارهاب.
ومن يتبع هذه النصوص بدون تأويل فيقتل في سبيل دينه هو همجي متخلف، و ثمة مسلمون ويهود يفعلون ذلك اليوم و/أو يؤيدونه ، وهؤلاء فعلا همج متخلفون.
وكذلك المسيحيون كان فيهم دوما من قتل وسفك الدماء ، وهنالك الآن حرب إمبريالية تقودها أمريكا بغطاء ديني يدعي رئيسها أنه يقودها بوحي الهي، وبتأييد اليمين المتطرف في الغرب مثل رئيس الوزراء الاسباني السا بق خوسيه ماريا اثنار الذي شارك في الحرب على العراق والذي يقول إننا في زمن حرب، فاما هم واما نحن. و قبل أيام انبرى يدافع عن البابا بينيديكت معلنا رفضه أن يعتذر من جانب واحد، والغرض واضح هو عدم القبول بمساواة العالم الغربي مع العالم الشرقي في أيّ شئ حتى مساواة رجال الدين، و تعبير عن الاحتقان التاريخي من الأحقاد وروح الانتقام الضاربة جذورها.
فالبابا بينيديكت السادس عشر ، قائد عصابة الفاتيكان ، ووارث محاكم التفتيش الدموية في القرون الوسطى، ورئيس جهاز ارتكب ابشع المجازر بحق اليهود والغجر و الشيوعيين وشهود يهوه ، وداعية قتل الشيوعيين والعلمانيين و التقدميين ، و الأداة الطيّعة بيد ريجان، وتاتشر وجورج بوش، يدّعي هكذا عنصر إجرامي رغبته في فتح قنوات لحوار "الحضارات" و استخدام العقل فيه . فهذه الدعوة لا بد ّ من النظر إليها وتفسيرها في سياق التاريخ الشخصي اللا إنساني لقائد جهاز مافيوي مغلق معادٍ للتمدن و القيم الإنسانية النبيلة. والجدير ذكره هنا أن مفهوم العقل لدى شيوخ الأزهر والحركات السياسية الإسلامية لا يختلف عنه لدى البابا الحالي و أسلافه ، فكلهم يؤمنون بأن العقل ليس سوى اداة لتفسير إرادة قوة غيبية مفارقة للطبيعة، وأما طريقة التعبير عن ذلك التفسير فأن المسيحيين وسواهم من رجال دين آخرين لا يختلفون فيه عن المسلمين، وكل ما في الامر أن الدولة المدنية استطاعت ان تكبح جماح الكنيسة والقوى الدينية المسيحية في ما تطلق عليه العالم المتحضر ، بعد أن لم يعد المجتمع البشري يطيق جرائم الكنيسة وراعيها الإقطاع ، وبعد أن أصبحت عائقا أمام التطور الرأسمالي، وبعد كفاح مرير لقوى التقدم والإشتراكية واللبرالية التقدمية في حينها ضد مؤسسات الإقطاع والكنيسة المتحالفة معه.

ولا تأتي دعوة البابا العضو الفعال في الحزب النازي لما يسميه بالحوار حرصا على أرواح المسيحيين في الشرق من غضب المتطرفين الإسلاميين من تصريحاته واقتباسه من كلام الإمبراطور البيونطي عن افسلام ونبيه. فالتاريخ يؤكد لنا أن المسيحيين في الشرق الأوسط كانوا أول ضحايا الحرب الصليبية في القرن ، وقد تعرض كثر من القساوسة في المناطق التي أغتصبوها إلى تعذيب رهيب على يد قادة الغزاة الصليبيين.

دعوة البابا ليست أكاديمية و لادينية ، وليست في سبيل إقامة حوار بين الأديان، ولا غضبة الحركات الإسلامية و تحريكها الشارع ، هي رد " ديني" على اتهام الرسول محمد بارتكاب أعمال لا إنسانية بحق مخالفيه ، وبتبنيه السيف لأجل أخضاعهم لمشيئته.

فالطرفان ، البابا والفاتيكان و الحركات الإسلامية كلاهما كانا على مر ّ العصور جزء من حركة أكبر معادية للإنسانية، وكانا دوما حائلا أمام طموحات البشرية وآمالها في الرفاه والسعادة والإخاء والحرية. والطرفان يعلمان قبل الآخرين أنهما كانا أكبر أداة قمع وإرهاب سياسية تستخدمها الطبقات المتسلطة السائدة ضد الطبقات المحرومة في المجتمع البشري.
الطرفان حركة رجعية لإرجاع المجتمعات القهقرى إلى الوراء ، مثلما نشهده اليوم من ـاييد الكنيسة لسياسة التراجعات عن القوانين التي ضمنت حقوق العمال والمرأة و المهاجرين . تلك الحقوق التي

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك