أسئلة حول تفعيل ونجاح الحوار العربي الكردي؟ رد وتوضيح
خليل صارم
وردتني رسالة عبر البريد الألكتروني بعنوان ( أسئلة حول تفعيل ونجاح الحوار العربي الكردي ) من الصحفي زنار كوباني . وهذه الأسئلة هي
ماإشكالية الحوار العربي الكردي ومعايير نجاحه .؟
الى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار العربي الكردي حلاً لإزالة الفجوة والمشاكل العالقة بين الطرفين العربي والكردي في المنطقة . وما أهمية ذلك عربياً وكردياً ودولياً .؟
من هم أصحاب القرار / الجهات والأطراف/ التي يمكن أن تكون أكثر فعالية وتأثير أو قدرة في تحقيق نتائج إيجابية للحوار .؟
أسباب إخفاق وفشل الحوارات السابقة وغيابه بين الجهتين العربية والكردية .؟
- لقد رأيت ضرورة أن يتم الحوار والمساهمات عبر الحوار المتمدن نظراً لتميز هذا الموقع عن كافة المواقع الأخرى وقدرته على استيعاب كافة الآراء بموضوعية متميزة متمنياً على الموقع حظر نشر الآراء المتطرفة المستفزة من كافة الأطراف .
وعليه فانني أبين مفاهيمي عن هذا الموضوع في مساهمة متواضعة في الرد مع بعض التعديلات على الرد المرسل( بالبريد الألكتروني) الى الأستاذ زنار :
- بداية أرغب بالتوضيح بأن ماسأورده هنا وجهة ونظر وقناعة شخصية تستند الى معرفة مباشرة وشخصية. ولاأدعي تمثيل أحد .
- بالنسبة للرسالة فهي تتحدث عن الغاية منها وهي تحقيق التقارب المرتقب بين الطرفين العربي والكردي , وفق رؤية ديمقراطية عقلانية . وهذا بالتأكيد هدف نبيل يحظى بالاحترام والتقدير العالي .
في معرض الرد أرغب بتوضيح أكثر من أمر . هو أن الرسالة وكأنها تفترض حالة عداء تاريخية أو حالة اختلاف تاريخية وحالة انفصال ( لشعبين ) أو كيانين تستلزم حواراً يستدعي إنجاحه . ؟ وهذا أمر غير صحيح . و(لاأقصد أن الأستاذ زنار كوباني يتقصده ) فهو صاحب فكر منفتح ومتقدم ؟ وهنا لاينكر أحد بأن هناك حالات خلاف كرستها السلطة في العراق تخصيصاً بغباء وحماقة وسوء نية مستندة الى خلفية متعصبة في ظل ديكتاتورية بشعة لم يسلم أحد من شرها .؟ وهذا أمر يختلف تماماً عن الواقع السوري على صعيد المجتمع والسلطة .
لاأنكر وأنه في سوريا في مرحلة الستينات كان هناك سلوك من بعض المسؤولين ينم عن خلفية اتسمت بالتشدد والتعصب في التعامل مع الأكراد . لكنها أيضاً أساءت معاملة المواطنين بشكل عام وخاصة في بيئة كان التعليم والوعي فيها متدني المستوى قياساً ببقية مناطق سوريا وأقصد هنا منطقة الجزيرة . الأكثر احتكاكاً بالعراق . حيث لم تكن المعالجات سليمة ومتوازنة على الصعيد الوطني العراقي وتصاعدت بشكل حاد جداً في مرحلة صدام حسين حيث ساد القمع والاضطهاد على مستوى العراق كله وعانى الأكراد منها الأمرين مما خلق ردود فعل شتى لدى كافة أطياف الشعب العراقي . ولايخفي التأثير والتأثر المتبادل على جانبي الحدود الذي يعود للعلاقات العشائرية والعائلية بين عموم الشعب العراقي والسوري على حد سواء .
- في سوريا وعبر التاريخ لم تكن هناك أية سلوكيات تستند الى التمييز على المستوى الشعبي والسلطة بآن واحد ( ماخلا مرحلة محدودة جداً ) وهي التي أشرت اليها . بدليل أن الكثيرين من القيادات وعلى أعلى المستويات هم من كافة أطياف الشعب السوري ومن بينهم الأكراد ولم يكن هناك في سوريا من يهتم بأصل هذا أو ذاك من المسؤولين ومايزال هذا الأمر مسلماً به حتى الآن وسيبقى . ذلك أن تركيبة المجتمع في سوريا بعيدة عن كافة أشكال التعصب ومانشهده الآن من طفرات تأخذ أساساً الطابع الطائفي المفتعل من قبل قوى مشبوهة هي حالات شاذة لاتنم عن حقيقة المجتمع السوري . والداخل السوري لم يعرف عبر تاريخه أية إشكالية تجاه الأكراد أو غيرهم من الاثنيات . ( آشوريين . تركمان . أرمن ) ..الخ . أما في الجزيرة حيث كانت تسود العلاقات العشائرية والعائلية بسبب التركيبة السكانية هناك فقد كان الأكراد مثلهم مثل العرب من حيث هذا النوع من العلاقات . أي كأية عشيرة أخرى تتبادل الخلاف أو الوفاق على هذه الخلفية مع غيرها من باقي العشائر
- في أواخر الخمسينات وحتى مرحلة قريبة جداً وربما حتى الآن حدث نزوح كردي غير نظامي عبر الحدود من تركيا والعراق نتيجة القلاقل والاضطرابات هناك واستقر هؤلاء في المناطق القريبة من الحدود . الأمر الذي استدعى ضبط هذه الحركة وبسبب ذلك حدثت تجاوزات من قبل بعض المسؤولين بخصوص حقوق الجنسية واختلط الحابل بالنابل فظلم ابن البلد الأصلي بجريرة الوافد عبر عملية الإحصاء الغبية التي حدثت والتي لم تكن دقيقة فظلمت المواطنيين الأصليين من الأكراد .
- هذه الحالة من الواجب ألا تنسحب على الجميع لتصبح ردة فعل عامة بين المواطنين الأكراد . وأسأل هنا لماذا لم يعاني المواطنين الأكراد في دمشق مثلاُ من نفس السلوكيات . كذلك في حلب وفي كافة المناطق التي يوجد بها قيود ثابتة .؟
- اذاً ماذنب سوريا في معاناة الأكراد في كل من العراق وتركيا . في ظروف باتت الآن سابقة , وهل يجب أن تنسحب ردود الفعل على سوريا .؟ هناك سلوكيات مرفوضة لدى الطرفين نعم وهذا مايحتاج الى قراءة هادئة من المثقفين السوريين بكافة انتماءاتهم السياسية والاثنية .
- لنفرض جدلاً أن هناك البعض ممن يظهرون سلوكيات متطرفة في كافة الأطياف فهل تقابل بردة فعل أسوأ على صعيد أثني وتعمم . أليس هناك من بين الأكراد من يبالغ في ردود فعله وتطرفه الى درجة الإساءة والإهانة وبشكل يثير ردود فعل تنعكس على الأكراد بشكل سلبي , وكأن هناك بين الطرفين من يعملون على ضخ الأحقاد لمصلحة طرف آخر خارج الحدود . لذا فأنا أرى أن الطرفين الذين يضخان الأحقاد والمصطلحات العنصرية يخدمان جهة واحدة وهما أعداء من يدعون الدفاع عنهم قبل غيرهم .أي الأكراد والعرب على حد سواء.
- لماذا نتحدث عن كردي وعربي وحوار بين الكردي والعربي .لماذا لانتحدث عن سوري يحتفظ بوجهة نظر مختلفة عن سوري آخر . لماذا لانسعى لمجتمع علماني تكون فيه حقوق المواطنة مصانة من قبل قانون يحميها ويعتني بأدق تفاصيل هذه الحقوق . لماذا لانتحدث عن وجوب حوار بين السلطة وفصائل سياسية تختلف مع السلطة من حيث وجهة نظرها . وقد يكون البعض منها متفقاً معها . حسب تنوع الأفكار والمبادئ السياسية التي تعتنقها . أليس هذا هو وجه العدالة الصحيح والسليم
- لقد كنا منذ عشرات السنين ومانزال نرفض أي تمييز في العلاقة ضمن المجتمع الواحد مع ذلك فاننا نصدم في بعض الأحيان عندما نسمع من يكرس التمييز والتمايز كائناً ما كان الطيف الذي ينتمي اليه ونعتبره مجرد جاهل متخلف . الا أن مايثير الغضب عندما يصدر ذلك عمن يزعمون الثقافة بين كافة الأطياف هنا تكون النوايا سيئة وليست جهلاً وردود أفعال مجردة .
- عندما نتحدث عن الشعب الكردي والشعب العربي ضمن سوريا نوحي بشكل غر مباشر وكأن هناك شعبين في كيانين منفصلين . وهذا غير صحيح وغير سليم . ولايجوز طرحه بهذا الشكل . هناك سوري يعاني أو سوري مظلوم له مطالب . وسوري له رأي آخر يعارض السلطة أو يواليها . يختلف مع سوري آخر أو يوافقه رأيه . هناك محافظة بحاجة لتطوير أكثر وتعاني من إهمال ما .. ومحافظة متطورة أكثر ويجب تدارك هذا الفارق ... وهكذا ...
- عندما نتحدث عن حقوق . لايجوز أن تترك العبارة مبهمة وعامة .. أية حقوق هي المطلوبة بالتحديد . وماحكاية بقية المواطنين السوريين أليس لهم حقوق أم أنهم كلهم جميعاً ليست لديهم معاناة وكافة أمورهم قد لاقت طريقها الى الحل ماعدا المواطنين الأكراد . أما أن تكون المطالب تهدف الى التمايز والتمييز عن باقي المواطنيين السوريين . أعتقد هنا أن الموضوع يتضمن خرق سقف المواطنة . أن تتحدث الكردية أو الآشورية أو السريانية أو تؤمن بدين أو مذهب آخر فهذا أمر يخصك ويقع ضمن حدود حريتك الشخصية ولكن أن تعمم ذلك وتتوجه نحو الانغلاق والانعزال عن باقي أطياف المجتمع فهذا أمر ينعكس على الوحدة الوطنية سلباً ولا أعتقد أنه مقبول . بنفس الوقت فانه من غير المقبول أن تعامل معاملة أدنى من البقية بسبب الانتماء الأثني - كردي - آشوري - سرياني - عربي ..الخ
- لماذا أحزاب كردية وأحزاب عربية .. لماذا لانتحدث عن أحزاب سياسية تضم المواطنين السوريين بكافة تنويعاتهم . معارضة أو موالاة .. يمين أو يسار .. علماني ديمقراطي .. أم محافظ أم عمالي .الخ .؟ أما كردي عربي فهذه تستدعى آشوري – عربي . سرياني –عربي . تركماني – عربي . أرمني عربي . وتستدعي أيضاً . مسلم – مسيحي . سني – شيعي – علوي – اسماعيلي – درزي .. الخ . من يريد أن نصل الى هذه المرحلة . .؟ لاأعتقد أنكم تقصدون ذلك .. ولكن يجب أن لانؤخذ بحالة خاطئة ومحيط إعلامي عام يضخ مصطلحات وتعابير مرفوضة يرغب أعداء المنطقة بتعميمها لغايات وأهداف باتت مكشوفة . يجب أن نحسب حساب كل عبارة قبل أن ننطق بها في إطار السعي لإرساء ثقافة ديمقراطية علمانية يتمتع فيها كافة المواطنين بحرياتهم وحقوقهم وليحكم الأصلح كائناً من كان تحت سقف المواطنة والولاء للوطن .
• ماشد انتباهي. وفي فقرة من مقالتك المنشورة في الحوار المتمدن بتاريخ 29نيسان/ابريل الفائت قد اقتربت كثيراً وبشكل يدل على مستوى عال من الفهم الجيد لهذا الواقع والتي جاء فيها مايلي .
( بما أن الأحزاب السورية جزء من المنظومة السياسية وبالتالي الشباب الكردي جزء من الشباب السوري فإنها , أي الأحزاب الكردية المتحكمة بمصير الشباب الكرد , لاتختلف في إطارها وعقليتها المتزمتة عن مجمل الأحزاب السورية الأخرى القائمة أساساً على العقليات المتخلفة المنغلقة على نفسها في إطار مبدأ الرفض وعدم قبول الآخر , إلا في حدود هامشية يتحكم بها الرقيب القادر المقتدر فقط .) ..الخ . لتصل الى الفقرة التالية ( هذه المرحلة التي تتطلب من الجميع وبمختلف أعراقهم وأديانهم وحدة الرأي والمواجهة , وفق اطار ديمغرافي وطني على كافة الأصعدة والإمكانات شريطة احترام الجميع حقوق بعضهم البعض في جو يسوده التعددية السياسية ) . هذا طرح رائع جداً يفرض الاحترام والتقدير .
• في مقالتك هذه عزيزي الاستاذ زنار أجبت عن أهم الأسئلة التي طرحتها أنت , ولاأعتقد أن أحداً ممن يستندون في مفاهيمهم الى العلمانية والديمقراطية واليسار وكافة القوى الوطنية السورية قد يختلف معك في شيء .
• أما أسباب اخفاق وفشل الحوارات السابقة وغيابه حالياً بين الجهتين العربية والكردية , فهذه أنت بالذات من أورد السبب في الفقرات التي نقلتها من مقالتك لمشار اليها . مضافاً اليها حالة من التشدد الغبي والفعل وردة الفعل سيطرت على الجميع وبدوافع مصالح خاصة وشخصية للبعض الآخر .
• والقرار في هذه الحالة يجب أن يكون بيد القوى العلمانية الديمقراطية واليسار وكافة القوى الوطنية التي لاتطرح نفسها باسم دين أو قومية
• وقد أشرت في معرض ردي هذا الى ضرورة خلق احزاب ذات مفاهيم علمانية ديمقراطية تضم اليها الشباب السوري بتنويعاته العرقية والاثنية والدينية تحت سقف المواطنة . وهي البديل الأصح لكافة القوى المترهلة والمنغلقة التي باتت تعرقل مسيرة التطور الحضاري والاصلاح في سوريا . ولنعمل على إرساء مفهوم أن المواطن السوري هو عندي أفضل من الغير سوري حتى ولو كان من أبناء طائفتي أو ديني أو عرقي أو قوميتي ..الخ . من هنا يمكننا أن نقف مع القوى المظلومة في كافة انحاء العالم في حالة ثقافية ذات أبعاد إنسانية بحتة . لنبني بيتنا ونوفر رفاهيتنا ونؤسس لحريتنا والعدالة التي نطمح اليها أولاً وبعد ذلك يمكننا أن نمد أيدينا لمن يطلب مساعدتنا . فلا يعقل أن أعاني من شتى الأمراض وأقف لمساعدة المرضى ناسياً نفسي دون علاج.
• هذه وكما قلت في البداية وجهة نظري التي تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب ولاأدعي تمثيل أحداً ما .جهةً كانت أم حزباً .
- المتابعة على ضوء الردود والنقاش .؟.