الحوار أولاً
لابد من الاعتراف اليوم بان هناك تباينات في وجهات النظر في أوساطنا حول العديد من القضايا المتعلقة بالقضية الجنوبية والحراك الشعبي الجنوبي المتواصل والمستمر لاجل التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة وعلينا القبول بالحوار للوصول الي العديد من الحلول والتوافق وبالحوار يمكن الاتفاق على كل شي علينا ان نتعلم فنون وآداب الحوار علينا القبول بالرأي الأخر واحترام الآراء مهما اختلف الأطروحات ولذلك فلا يسمح لي القاري الكريم تعريف أصل كلمة الحوار وهناء اقتباس من معاجم اللغة التي تعرف لنا أصل كلمة الحوار
و أصل كلمة ( الحوار ) كما متعارف عليها في معاجم اللغة هو : ( الحاء ـ الواو ـ الراء ) ... وقد بين ابن فارس في ( معجم المقاييس في اللغة ) أن : ( الحاء والواو والراء ) ثلاثة أصول : أحدها لون ، والآخر الرجوع ، والثالث أن يدور الشيء دوراً .
و هناء من يقول ان اصل كلمة الحوار تعود أصل كلمة الحوار إلى ( الحَوْر ) وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء ، يقال : ( حار بعدما كار ) ، والحوْر النقصان بعد الزيادة لأنه رجوع من حال إلى حال ، وفي الحديث الشريف : ( نعوذ بالله من الحور بعد الكور ... معناه من ( النقصان بعد الزيادة ) ، التحاور : التجاوب ، تقول : كلمته فما حار إلي جواباً ، أي : ما رد جواباً ، قال الله تعالى : ( إنه ظن أن لن يحور ) ( الانشقاق : 14 ) ، أي : لن يرجع ، وهم يتحاورون أي : يتراجعون الكلام ، والمحاورة : مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة.
* ـ وفي أساس البلاغة : ( حاورته : راجعته الكلام ، وهو حسن الحوار ، وكلمته فما رد علي محورة.
* ـ وفي القاموس المحيط : ( تحاوروا : تراجعوا الكلام بينهم ) .. وقد ورد ذلك أيضاَ في المعجم الوسيط .
* ـ أما في تاج العروس : فيقصد بالمحاورة ( المجاوبة ومراجعة النطق والكلام في المخاطبة.
* ـ وقد ذهب آخرون إلى أن الحوار لغة : المجاوبة والمجادلة والمراجعة
وهناك تعريف كثيرة للحوار منها ان الحوار هو : محادثة بين شخصين أو فريقين ، حول موضوع محدد ، لكل منهما وجهة نظر خاصة به ، هدفها الوصول إلى الحقيقة ، أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر ، بعيداً عن الخصومة أو التعصب ، بطريق يعتمد على العلم والعقل ، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة ولو ظهرت على يد الطرف الآخر والحوار هو : نوع من الحديث بين شخصين أو فريقين ، يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر ، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب وهو هو : حديث بين طرفين أو أكثر حول قضية معينة ، الهدف منها الوصول إلى الحقيقة ، بعيداً عن الخصومة والتعصب بل بطريقة علمية إقناعية ، ولا ي شترط فيها الحصول على نتائج فورية الحوار هو : تبادل الآراء بين طرفين بأسلوب علمي وصولاً إلى الحقيقة
ويؤكد المهتمون بأدبيات التربية في عصرنا الراهن بأن الحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلبها الحياة في المجتمع المعاصر لما له من أثر في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال، كما ان الحوار من الأنشطة التي تحرر الإنسان من الانغلاق والانعزالية وتفتح له قنوات للتواصل يكتسب من خلالها المزيد من المعرفة والوعي، كما انه طريقة للتفكير الجماعي والنقد الفكري الذي يؤدي إلى توليد الأفكار والبعد عن الجمود ويكتسب الحوار أهميته من كونه وسيلة للتآلف والتعاون وبديلاً عن سوء الفهم والتقوقع والتعسف.
ولقد أكد ديننا الإسلامي على قيمة الحوار وأهميته في حياة الأمم والشعوب، وذلك من خلال ما ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حيث قال سبحانه {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، وهذا توجيه حكيم إلى أمة محمد بأهمية استخدام الحكمة والحوار في دعوة الناس إلى طريق الحق من خلال الحوار الهادف والتذكير بالله والمجادلة بالكلم الطيب مما يشير إلى قيمة كبيرة في حياة كل مسلم وهي استخدام الكلمة الطيبة والدعوة الصادقة في التعامل مع الناس وفي حوار الآخر وفي التأكيد على قيمة الرفق بالآخر والصبر وإظهار محاسن الدين بالقدوة الحسنة
ولقد تناول الكثير من التربويين مفهوم الحوار وأهميته في حياة الأفراد والشعوب من خلال دراسات علمية تربوية، حيث أصبح الحوار في عصر المتغيرات المتسارعة مهارة حياتية لا غنى للجميع عنها من آباء وأمهات وأبناء وبنات، بل أصبحت مؤسسات المجتمع بحاجة ماسة إلى هذه المهارة المهمة والمهارة الذكية، التي تختصر المسافات لنقل المعارف والآراء والأطروحات والقيم والأفكار والاتجاهات.
والمتأمل لحياتنا اليومية كما يقول د. عبدالله بن ناجي آل مبارك يجد أن الحوار هو مرتكز أساس لحياتنا وخاصة بعد دخول الاتصالات المادية التي هي جزء من نشر الحوار اليومي من خلال أجهزة الاتصالات الهاتفية والقنوات الفضائية.
وبما ان الحوار أصبح حاجة إنسانية وعلماً يدرس ومهارة تكتسب فإن هناك أسساً لهذا العلم ينطلق من خلال التعرف على مفهوم الحوار وأنواعه وأهميته في حياتنا اليومية سواء أكان هذا الحوار معداً له من قبل أو من خلال الحوار التلقائي البسيط الذي يجري بين الناس دون إعداد أو ترتيب. ويعمل الحوار على تهميش ثقافة أحادية التفكير والإقصاء الذي يمارسه البعض تجاه الآخر مما يساعد على التعرف على الآراء المطروحة وأسباب طرحها لكي يسهل الحوار من خلالها للوصول إلى إظهار الرأي وبيان وجاهته وقيام الحجة على الطرف الآخر.
وتظهر أهمية الحوار بأنه حاجة إنسانية مهمة يتواصل فيها الإنسان مع غيره لنقل آرائه وأفكاره وتجاربه وقيمه، كما ان الشعوب أصبحت في حاجة ماسة لنقل حضارتها من خلال الحوار، كما ان الحوار يساعد الإنسان إلى تقوية الجانب الاجتماعي في شخصيته من خلال حواره مع الآخرين وتواصله معهم، كما ان العصر الذي نعيش فيه أصبح لزاماً على الإنسان أن يدرك مهارة الحوار من خلال ظهور القنوات الفضائية فأصبح في عالم متسارع من الاكتشافات العلمية والانفجارات المعرفية في جميع مجالات الحياة.
ولقد تناول الكثير من التربويين مفهوم الحوار و أنواع الحوار ومنها حسب تعريف د. عبدالله بن ناجي آل مبارك
الحوار الوطني: هو الحوار الذي يجري بين أبناء المجتمع لمناقشة القضايا الوطنية من خلال مؤسسات المجتمع المدني او الأحزاب السياسية او مجموعات سياسية وقد يكون في مؤسسة عامة تعنى بالحوار الوطني
الحوار الديني: وهو حوار يجري بين مجموعة من الناس للتعرف على تعاليم ديننا الإسلامي ودعوة الآخرين إلى الدخول في ديننا وشرح بعض الكتب الفقهية.
الحوار الاقتصادي: ويعنى هذا الحوار بالجوانب الاقتصادية التي تتناول المواطن أو المؤسسات الاقتصادية وتتخذ هذه الحوارات أدوات متعددة من خلال اللقاءات المتلفزة أو من خلال المنتديات الاقتصادية أو من خلال المؤتمرات الاقتصادية، كما حدث في مدينة الرياض قبل أيام قريبة مما جعل أصحاب التخصص الواحد يناقشون بفاعلية جميع الهموم والرؤى الاقتصادية تحت مظلة وطنية متخصصة.
الحوار التربوي: تعمل المؤسسات التربوية في تحديد العديد من الموضوعات التربوية للحوار حولها مع المعنيين بالشأن التربوي من مفكرين ومثقفين وباحثين وتربويين ومن أهم هذه الحوارات المؤتمرات التربوية السنوية أو لقاءات الجمعيات المتخصصة مثل جمعية جستن التربوية ولقاءات الإشراف التربوي، وتعمل هذه الحوارات على نشر الرؤى والأفكار التربوية وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
الحوار الأمني: وهي الحوارات التي تعقد في المؤسسات الأمنية لمناقشة القضايا التي تهم المجتمع وتعمل على التواصل معه من خلال المؤتمرات والندوات والبحوث الأمنية لمناقشة مواضيع الجريمة والحرائق وحوادث السير والمخدرات وغيرها للوصول إلى حلول والاستفادة من الأطروحات والأبحاث التي تنشر للوصول إلى تكامل في الخدمات الأمنية.
الحوار السياسي: وهذه الحوارات مهمة في حياة الدول والعالم كله إذ ان هذه الحوارات تعمل على مناقشة قضايا الحدود ومشكلاتها وتعمل على إيقاف الحروب وتبعاتها، كما انها تعمل على عقد اتفاقيات صلح ومعاهدات بين الدول وغيرها.
الحوار الاجتماعي: وهي حوارات تعقد في المؤسسات الاجتماعية لمناقشة القضايا الاجتماعية من خلال المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية.
الحوار الرياضي: مجموعة من الحوارات تعقد في الأندية الرياضية من خلال المعارض أو المؤتمرات التي تعقد وتستخدم فيها وسائل الإعلام المتنوعة لنشر الأفكار والمعلومات والقوانين الجديدة وغيرها.
الحوار التلقائي: وهي أكثر الحوارات التي تجري في حياتنا اليومية من خلال لقاءاتنا في المناسبات الاجتماعية والمنازل وفي اتصالاتنا الهاتفية وهي حوارات متنوعة وغير مركزة تبدأ فجأة وتنقطع وغالباً لا تركز على موضوع محدد ولا تتوصل إلى نتائج محددة.
ويؤكد المهتمون بالحوار بأن من أهم أسباب نجاح الحوار يعود إلى إدراك المحاورين إلى آداب الحوار وإلى فنياته الموصلة إلى الهدف ومن أهم آداب الحوار أن يكون المحاور حاضر الذهن مركزاً في الطرح وألا يقاطع الطرف الآخر ولا يسابقه بالحديث ولا يرفع صوته وأن يحسن النية بالطرف الآخر ولا يظهر الظن السيىء به لأنه حضر لكي يطرح رأيه للوصول إلى الحقيقة، ويحدد الموضوع مسبقاً بين المتحاورين لكي يسهل التركيز في الطرح للوصول إلى النتيجة الإيجابية، وان يركز المتحاور على موضوع الحوار وليس صاحب الحوار من أجل أن يكون الحوار موضوعيا ومحققا للهدف، وليس من أجل تحقيق انتصار شخصي للطرف الآخر، وأن يستخدم الكلمات الجيدة بين المتحاوين وتحية بعضهم بتحية الإسلام الخالدة، والتحلي بالشجاعة في تقبل الرأي الآخر، وعدم الإساءة للآخرين بالعبارات أو الإشارات.
وتعد الحوارات الناجحة عندما يؤكد المحاور على فنيات الحوار الناجحة وتتمثل في التركيز على استخدام الأرقام والاحصائيات الدقيقة والحديثة واستخدام الرسوم البيانية التي تحدد تسلسل الموضوع وتفاعلات، وأن يكون لديه مؤشرات مهمة في طرحه لبعض المواضيع وذلك من خلال استقرائه للموضوع، ويجب أن يقلل المحاور من الانطباعات الشخصية في حديثه وحواره، كما يعد استخدام التقنية في حواره أمراً مهماً من خلال زيادة التفاعل في طرحه وعرض أفكاره بشكل إيجابي، وتعد فنية مهارة الاستماع مؤشرا رائعا لاستمرار الحوار والوصول للهدف كما ان تحديد موضوع الحوار والهدف منه مؤشر لاصدار الحكم على نجاح الحوار.
والمتأمل لآداب الاستماع عالية بين الحضور، كما شاهدنا احترام الآراء مهما اختلف الطرح، وفي المقابل طرحت الرؤى التصحيحية بشكل جيد لبعض الآراء، ولقد استخدم البعض التقنية في عرض بعض المداخلات لتوضيح الفكرة، كما شاهدنا الكثير يستشهد بالأرقام والاحصائيات لتأكيد ما يعتقده، كما تم التركيز على المواضيع المطروحة ومناقشتها دون النظر إلى أصحابها، مما يؤكد على أن النقد هادف وموصل للحقيقة، ولقد كان النقل المباشر للقاء مساعداً على مشاركة المجتمع لهذا يمكن لي القول بان الحوار اليوم أصبح سمة من سمات عالمنا وعلينا كقوي سياسية جنوبية متعددة الاتجاهات الفكرية والسياسية فتح قنوات الحوار بينا واحترام الآراء مهما اختلف الأطروحات وإلغاء خطابات التخوين بينا وأساليب الإقصاء والاعتراف بأننا كلنا شركاء في صنع المستقبل والنظام السياسي للدولة الجنوبية المستقلة عليتا العمل والقيام بخطوات في مجال نشر ثقافة الحوار بين أبناء الجنوب من خلال إنشاء مركز جنوبي للحوار الوطني،وعقد لقاءات تناقش فيها مواضيع مهمة تهم شرائح كبيرة من ابناء الجنوب ودعا مؤسسات المجتمع المدني الجنوبي والباحتين والدراسيين والصحفيين إلى الاهتمام بهذا الموضوع ونشره في الوسائل الإعلامية علينا إيصال قضيتنا الي العالم والحوار مع القوي السياسية اليمنية والعربية والإقليمية وإقناعها (بالتي هي أحسن} بعدالة القضية الجنوبية فهناك من الإمكانيات لمناقشة القضايا التي تهم ابناء الجنوب مع العديد القوي السياسية اليمنية والإقليمية والعربية والعالمية ومراكز صنع القرار السياسي وقوي تقاطع وصراع المصالح من خلال فتح قنوات الحوار معها والتواصل معها من خلال المؤتمرات والندوات والبحوث السياسية لمناقشة مواضيع نهب ثروات الجنوب وطمس هويته الجنوبية الأصيلة و الحراك الجنوبي السلمي والقتل والدمار لمناطق وقري الجنوب وانتهاكات حقوق الانسان والمطاردات والملاحقات والمضايقات اليومية لأبناء الجنوب والقتل والسجن والمحاكمات الغير إنسانية وغيرها للوصول إلى روية جنوبية واضحة من خلال الاستفادة من الأطروحات والأبحاث التي تنشر للوصول إلى تكامل في المواقف الواضحة والمشتركة لنا من القضية الجنوبية .وممكن القول ان الأطروحات والأبحاث والمداخلات التي شارك بها مجموعه من المتحدثين من باحتين أكاديميين واساتدة جامعات ومن قادة الحراك السلمي في الندوة التقييمية للحراك السلمي المنعقد في مدينة برمنجهام المملكة المتحدة و استقراءً للواقع وتاريخ الحراك الجنوبي منذ انطلاقته ومدى النجاحات المتتالية التي رافقت مسيرته النضالية وكذا الأخطاء والسلبيات التي واجهته في ضوء الهجمة الشرسة التي تعرض لها شعبنا الجنوبي البطل بمختلف أشكال القمع والقتل والسجن والتدمير ونهب ثروات الجنوب وطمس هويته الجنوبية الأصيلة فقد كانت الندوة بمثابة خطوة متقدمة لأبناء الجنوب في كل مكان التعرف على الآراء المطروحة وأسباب طرحها من خلال متابعة وقائع الندوة التقييمية للحراك السلمي من خلال أجهزة الاتصالات الهاتفية وقناة عدن الفضائية وشبكات الانترنت والمواقع الصحفية الجنوبية وغيرها وهي بذلك يمكن ان تسهل لنا الحوار للوصول الي الاتفاق للعمل على تشكيل مجلس وطني جنوبي للجوار الوطني برياسة الرئيس علي سالم البيض ومشاركات الرئيس علي ناصر محمد والمهندس حيدر ابوبكر الغطاس نتواجد فيها ويمثل كل مكونات القوي السياسية الجنوبية وكل ابناء الجنوب من رجال الفكر والسياسية والأكاديمية والمستقلة والقانونيين ورجال المال والإعمال ورجال الدين والأمراء والسلاطين والمشايخ والصحفيين والكتاب والأدباء والفنانين وكل ابناء الجنوب الشرفاء .. هذا المجلس الوطني للحوار سوف يسهم بكل تأكيد في ان تذوب من خلاله الكثير من الاختلافات، وتزداد من خلاله وحدتنا الوطنية الجنوبية والمحاور هو الشخص المفكر المرن الواعي بحقوق الآخرين ويفقه الواقع والأولويات ...