نظريات الإدارة التربوية
م. أمجد قاسم
مفهوم النظرية
النظرية Theory كما يعرفها مور H.A.Moore بأنها مجموعة من الفروض التي يمكن من خلالها التوصل إلى مبادئ تفسر طبيعة الإدارة ، وهي تفسر ما هو كائن لا التأمل فيما ينبغي أن يكون .
ويمكن أن ينظر إلى النظرية على أساس أنها مبادئ عامة تقوم بتوجيه العمل بدقة ووضوح ، وبهذا فالنظرية الجيدة هي التي يمكن أن تشتق منها الفروض .
وإذا ثبت نجاح هذه الفروض عند تطبيقها ، فإن النظرية تصبح أساسا لتفسير القوانين التجريبية ، والتوحيد بين الفروض المختلفة ، أما إذا لم تنجح الفروض عند التطبيق ، فإنها ترفض أو يجب مراجعة النظرية و إعادة النظر فيها.
إن النظرية وسيلة ، وهي إطار مرجعي يحاول أن يضع نظاما للأشياء بدلا من تناثرها ، وهي توجه التطبيق ، والتطبيق بدوره يوجه النظرية . ( الفريجات ، 2000، ص 47 )
و التقسيم الشائع ما بين النظرية والتطبيق هو تقسيم شكلي ، حيث أن التطبيق بدون نظرية يصبح عشوائيا وبدون التطبيق تصبح النظرية عديمة الفائدة.
والمحك الرئيس لأي نظرية يكمن في مدى فائدتها ، وما يمكن أن تقدمه من تفسير أو توضيح للظاهرة الإدارية ، ومن هنا فإننا نستطيع أن نخلص إلى أن النظرية هي نظام كامل للحصول على المعرفة ، ولتوجيه البحث واختبار الفروض ، وتطبيق الأساليب المنطقية الرياضية ، وما يستتبع ذلك من اختبار تجريبي للنتائج التي يتم التوصل إليها عن طريق الاستدلال الاستنباطي ( مرسي ، 1977 ، ص 47 ).
معايير النظرية
يقترح جريفث أربعة معايير لاستخدام النظرية في الإدارة هي :
أ- دليل العمل : توفر الأسس والمبادئ التي يستخدمها رجل الإدارة في توجيه عمله.
ب- دليل جمع الحقائق : تعتبر بمثابة الأساس الذي يحدد نوع الحقائق المطلوبة وطريقة جمعها.
ت- دليل للمعرفة الجديدة : وهي تمكن الباحث من الوصول إلى الفروض القابلة للاختبار ، وتؤدي في النهاية إلى الكشف عن المعلومات الجديدة أو التوصل إليها.
ث- دليل لشرح طبيعة الإدارة : بمعنى استخدام نظرية الإدارة في شرح وتفسير طبيعة المواقف الإدارية و إلقاء الضوء عليها ( مرسي ، 1971 ) .
مصادر بناء النظرية المدرسية
المصدر الأول : تقارير وتعليقات رجال الإدارة المدرسية من واقع خبرتهم العملية وهي تعتمد على الناحية الذاتية والانطباع الشخصي.
المصدر الثاني :عمليات المسح التي يقوم بها الدارسون والباحثون ودراسات الكتّاب الكبار في ميدان الإدارة المدرسية.
المصدر الثالث : الاستدلال العقلي للتوصل عن طريق المنطق والعقل و استخلاص بعض النتائج المترتبة على بعض الأفكار أو المسائل العامة التي نسلم بها أو نعتقد بصحتها (الفريجات ، 2000 ، ص48).
الحاجة إلى النظرية في الإدارة التربوية والمدرسية
يعتبر الاهتمام بالنظرية في الإدارة التربوية أمرا حديثا ، فحتى عام 1950 ، لم تظهر دراسات واضحة المعالم في هذا المجال ، بل إن الدراسات التي ركزت على النظرية الإدارية لم تظهر بشكل واضح قبل عقد الستينيات من القرن الماضي ، لقد حدث تطور متسارع ومذهل في هذا المجال نتيجة للدعم الذي قدمته مؤسسة (W.K,Kellogy ) في الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي خصصت مبلغا يفوق تسعة ملايين دولار لدعم الدراسات والأبحاث في مجال الإدارة التربوية خلال الفترة بين 1946 – 1959 .
لقد أسهمت هذه الدراسات في بناء مفاهيم علمية راسخة في مجال الإدارة التربوية ، حيث كان المدراء سابقا يقدمون اقتراحاتهم في تحسين الإدارة انطلاقا من تجاربهم الشخصية معتمدين على طريقة التجربة والخطأ.
وفي الحقيقة ، فإنه ليس من المستغرب أن يتأخر ظهور النظرية الإدارية ، فالإدارة شانها في ذلك شأن بقية العلوم الإنسانية ، فهي عملية معقدة ومتعددة الجوانب وليس من السهل وضع نظرية عامة لها.
وبالرغم من ذلك فقد كرس مجموعة متميزة من الباحثين جهودهم لوضع نظريات إدارية تسهم في رفعة شان الإدارة التربوية ، يدفعهم في ذلك إيمانهم بأهمية ميدان الإدارة التربوية والذي سيمكن المؤسسات التربوية من القيام بأعمالها بنجاح وتميز متجنبة طريقة التجربة والخطأ.
إن الاستفادة من تاريخ تطور العلوم الطبيعية والعلمية ،أدى إلى بناء مجموعة متميزة من هذه النظريات ، فقد تبين أن مجرد ملاحظة الظواهر لا يؤدي إلى معرفة مفيدة وعملية إلا من خلال مبادئ عامة تستخدم لاعتبارها عاملا مرشدا وموجها إلى ما يمكن أن يلاحظ أو يقاس أو يفسر.
لقد لمس القائمون على شؤون الإدارة التربوية بشكل عام والإدارة المدرسية بشكل خاص ذلك الصراع القائم بين ما يسمى بالنظرية والممارسة Theory and Practice ، كما اكتشفوا أن تعدد تلك النظريات وقصر عمرها وتناقضها ، قد يقلل من الدور المرجو من تلك النظريات.
لكن ومهما كانت الأسباب ، فيجب أن لا يترك المجال أمام العوامل السلبية والهدامة للتقليل من أهمية اعتبارنا للنظرية في الإدارة ، فبدون تلك النظرية لن يكون لنا رؤية مستقبلية حقيقية ترشدنا وتوجهنا في تلمس طريقنا نحو المستقبل ، أيضا فإن القصد الأساسي لأي نظرية ، هو المساعدة على التوصل لتنبؤات وتوقعات اكثر دقة ، من هنا كان لابد لكل إداري تربوي أن يبلور البناء النظري الذي يعتمد عليه في تفسير الشواهد والنتاجات التطبيقية ، وبدون اعتماد النظرية ، يبقى العمل مفككا ويساهم في ضياع الجهد والوقت والمال والتخبط .
لقد عبر تومبسون Thompson عن أهمية النظرية بقوله ( إن النظرية الملائمة تساعد المدراء على الاستمرار في النمو بتزويدهم بأفضل الطرق لتنظيم خبراتهم وبالتأكيد على ترابط الظواهر ، إن مثل هذه النظريات تبقينا يقظين للنتائج غير المتوقعة لأعمالنا ، إنها تجنبنا التفسيرات غير الناضجة لأعمالنا الناجحة كما تنبهنا إلى الظروف والمتغيرات التي قد تستدعي تغيرا في أنماط سلوكياتنا ) ( صالح ، 2003 ) .
معايير تقويم الإدارة المدرسية في ضوء النظريات التربوية الحديثة
هنالك عدة معايير رئيسية يمكن من خلالها تقويم الإدارة المدرسية الجيدة في ضوء النظريات الحديثة في الإدارة المدرسية، ومن أهمها:
• وضوح الأهداف التي تسعى الإدارة المدرسية إلى تحقيقها.
• التحديد الواضح للمسؤوليات، بمعنى أن يكون هناك تقسيم واضح للعمل وتحديد للاختصاصات.
• الأسلوب الديموقراطي القائم على فهم حقيقي لأهمية احترام الفرد في العلاقات الإنسانية.
• أن تكون كل طاقات المدرسة – من طاقات مادية وبشرية- مجندة لخدمة العملية التربوية فيها بما يحقق أداء العمل مع الاقتصاد في الوقت والجهد والمال .
• تتميز الإدارة المدرسية الجيدة بوجود نظام جيد للاتصال سواء كان هذا الاتصال خاصاً بالعلاقات الداخلية للمدرسة، أو بينها وبين المجتمع المحلي، و بينها وبين السلطات التعليمية العليا (سلامة، 2003).
المصدر: مؤسسة مهارات النجاح.