التربية الأسرية: والمعاملة بين الأبناء والآباء.
الكاتب : محمد حسن عمران حسن
هناك العديد من العوامل المؤثرة في التربية الأسرية التي يتبعها الآباء وينعكس تأثيرها على الأبناء وتفاعلهم في المجتمع وتحصيلهم الدراسي.
ومن هذه العوامل المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسرة حيث يؤثر المستوى الاقتصادي للأسرة في تربية الأبناء وتوفير الاحتياجات الضرورية، حيث أن كثير من الأطفال المنحرفين كالسارقين لم تتوفر عندهم رغبة التملك.
ويحرم الفقر الأسرة من الأمن والطمأنينة، بالإضافة إلى الحرمان من توفير المطالب الأساسية ويخل باتزان الأسرة النفسي ويؤثر على مستوى الطموح لدى الأبناء.
ويؤدي ذلك بالوالدين لمضاعفة ساعات العمل، ويحرم الطفل من إمكانية التربية السليمة نظراً لعدم قضائه الوقت الكافي مع والديه.
وقد تتعرض الأسرة لمشاكل صحية وزيادة مستوى الكبت وقد يتعرضون للانحراف.
ويؤثر المستوى الاقتصادي للأسرة على نوعية الفرص التي تمنحها لأبنائها وبالتالي زيادة الثقة لديهم ونمو ذواتهم وشخصياتهم.
كما أن مستوى المسكن وتوفير المتطلبات الحياتية الأخرى يعتمد على الوضع الاقتصادي للأسرة .
كما أن انتساب الشخص لأسرة معينة قد يحدد مركزه الاجتماعي ويؤثر على تعامل الآخرين معه .
ومع انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة فقد يشعر بعض الآباء والأمهات بالنقص خاصة إذا كانوا ينتمون إلى طبقة اجتماعية دنيا وهذا يؤثر على سلوك الأطفال وامتزاجهم بالمجتمع .
ويفرض الآباء على الأبناء الطاعة في الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا ويلجأون إلى العقاب البدني.
أما في الطبقات المتوسطة فإن الآباء يعاقبون أبنائهم على سبب السلوك وليس على النتيجة، ويركزون على تنشئة أبنائهم على الأمانة وضبط النفس ويميلون إلى المحافظة على العادات والتقاليد.
وفي الطبقات الاجتماعية والاقتصادية العليا يهتم الآباء بإعطاء حرية أكبر لأبنائهم ويكتفون بالإشراف والإرشاد مع إعطاء الفرد الاستقلال الكافي لممارسة السلوكيات الاجتماعية المختلفة.
وتشترك جميع الطبقات في هذه الصفات حيث أن هذه ليست قصراً على فئة دون الأخرى .
وحسب ما توصلت إليه بعض الدراسات فإن سيطرة المرأة أكثر من الرجل في الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا.
وفي الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المتوسطة فإن دور المرأة ودور الرجل يكون متساوياً.
أما في الطبقات الاجتماعية والاقتصادية العليا فنجد أن الرجل يحظى بدور أهم من المرأة فيعد مصدر السلطة ومصدر القرارات المهمة .
وهذا يؤثر على تربية الطفل وتنشئته لأنه يحدد مصدر السلطة ومتخذ القرار في الأسرة وقد ذكرت كثير من الدراسات التي أجريت حول علاقة الآباء بالأبناء إلى امتداد أثر هذه العلاقة على شخصيات الأبناء في الكبر .
وقد يؤدي تعدد الزوجات وكثرة الأبناء إلى مشكلات أسرية وخلافات بين الزوجين يؤدي إلى اضطراب الأسرة وتفككها .
وبالتالي فإن هذا يؤدي إلى إهمال الأبناء وينتج عنه اضطراب في شخصياتهم وقصر في نموهم أو قد يؤدي إلى الجناح .
كما أن غياب أحد الأبوين عن الأسرة بشكل دائم أو مؤقت بسبب العمل أو الطلاق أو غير ذلك قد يؤدي إلى اهتزاز الأسرة وعدم استقرارها.
ويمثل وجود الأم عاملاً مهماً من عوامل استقرار الأسرة؛ حيث أنها تعوض أبنائها عن عدم تواجد آباءهم معهم وتستخدم الأساليب المناسبة في تربية الأبناء نظراً لطبيعتها وقربها منهم، وهذا يساعد الأسرة على تحقيق النمو المتكامل .
وقد تغير هذا الدور في العصر الحاضر نظراً لخروج الأمهات للعمل وأصبح للأب دور أكبر يؤديه في تربية الأبناء ورعايتهم .
والعامل الآخر المؤثر في أساليب معاملة الآباء لأبنائهم المستوى التعليمي للأسرة فالأسرة التي تتمتع بمستوى تعليمي وثقافي جيد تؤثر في طرق تربية الأبناء وفي مدى إدراكها لما يحتاجه الأبناء وطرق تحقيق تلك الإحتياجات.
ويؤثر المستوى التعليمي في تعامل الآباء مع أبناءهم حيث يتضح ذلك من خلال الأساليب التربوية التي يتبعها الوالدين ومدى تأثيرهم على شخصيات أبناءهم ومدى تفهمهم للمشاكل والمراحل المختلفة التي يمر بها أبناءهم.
والكثير من الآباء يلجأ إلى أساليب قد لا تكون مناسبة في التربية كالتدليل والحماية الزائدة مما ينعكس على شخصية الطفل سلبياً ويظهر فيه حب الذات والإتكالية والأنانية.
لذلك فعلى الوالدين التعامل مع أبنائهم بأساليب تعتمد على معرفة بمتطلبات التربية السليمة ومتطلبات النمو.
وإدراك الآباء لمتطلبات التربية السوية ومعرفتهم بعمليات التربية الأسرية والاجتماعية في جميع المجالات النفسية والذهنية والجسمية له تأثيره الكبير على تربية الأبناء .
ولحجم الأسرة وكبرها تأثير على أساليب المعاملة الوالدية، فهناك من يرى أن الأسرة الكبيرة تدعم عملية التربية الأسرية أكثر من الأسر الصغيرة وذلك لوجود عدد من الأبناء ذوي الأعمار المتقاربة؛ مما يساعد على استفادة بعضهم من بعض في اكتساب الخبرات، وهذا قد لا يحدث في الأسر صغيرة الحجم .
وقد يحدد حجم الأسرة نوعية الاتصال بين أعضائها ويؤثر في طبيعة العلاقات بينهم.
كما أن الأبناء في الأسر كبيرة الحجم قد يتعرضون للإهمال من قبل آبائهم.
ومن جهة أخرى فإن أبناء الأسرة الكبيرة يتمتعون بالإستقلال والإعتماد على النفس، أما أبناء الأسر الصغيرة فإن التعاون يسود بين الآباء والأبناء في جو ديمقراطي، وينهج الآباء أسلوب الإقناع والمناقشة لتوجيه السلوك وضبط الأبناء.
وقد تلجأ هذه الأسر للحماية الزائدة مما يفقد الإبن خاصية الإعتماد على النفس .
ويؤدي وجود عدة أطفال في الأسرة الواحدة إلى التفاعل بينهم لتكوين الشخصية ونموها، بينما يؤدي وجود طفل واحد في الأسرة لعدم وجود هذا التفاعل وعزلته واعتماده على والديه .
ومن العوامل المؤثرة في طرق معاملة الآباء لأبنائهم ترتيب الطفل ونوعه.
فقد تعطي المجتمعات العربية أهمية للإبن الذكر أكثر من الأنثى بشكل عام؛ وبهذا فإن أسلوب التعامل يختلف مع الإبن الذكر عنه مع البنت الأنثى نظراً لاختلاف طبيعتهما وأدوارهما .
وقد تُفضل بعض الأسر طفلاً من نوع معين لا يوجد لديها وهذا يؤدي إلى تفضيله على إخوته وقد يؤدي هذا إلى شعور بالغيرة وعدم الحب تجاه هذا الإبن المفضل .
كما أن مشاعر الوالدين تختلف ناحية الأبناء فالأب يميل إلى بناته ويشعرهم بالحنان أكثر من الأبناء وتقوم الأم بهذا الدور تجاه الأبناء.
ويحظى المولود الأول برعاية وحب شديد من الوالدين وعندما يأتي مولود جديد فإن هذا الاهتمام ينتقل إلى المولود الجديد.
وبقدوم الإبن الثالث فإنه يكون وسطاً بين إخوته، ويحظى الطفل الأخير غالباً بعناية وتدليل؛ بسبب استقرار الأسرة وكبر الوالدين مما يتيح له تحقيق متطلباته وحاجاته بشكل أسهل وقد يشعر إخوته بالعطف أو الغيرة ناحيته .
وبهذا فإن شخصيات الأبناء تختلف من واحد لآخر بقدر ما يلقونه من رعاية واهتمام من قبل الوالدين مما يدل على تأثير التربية الأسرية في ذلك، وتختلف أساليب المعاملة الوالدية من أب لآخر وتذكر رو (Roe) أن أساليب المعاملة الوالدية هي الطريقة التي يتخذها الآباء في معاملتهم لأبنائهم المرتبطة بتلبية حاجياتهم أو عدم تلبيتها، وذكرت أن هنالك ثلاث أساليب للمعاملة : أسلوب الحماية الزائدة وأسلوب التقبل وأسلوب التجنب .
وأورد شيفر Schaefer أربعة أساليب للمعاملة الوالدية وهي: التقبل أو النبذ، والاستقلال أو التقييد، والتحكم النفسي أو الاستقلال النفسي، والحث على الإنجاز .
ويذكر كابلن Kaplan أن هنالك ثلاثة أساليب شائعة في المعاملة الوالدية وهي : أسلوب التسلط وأسلوب التساهل وأسلوب الحزم.
المصدر ـ منتديات السبورة.