حوار بين العينين والقلب
قالت العينان: الله على الجمال، تأمل يا إنسان في ملكوت الله...
ضحك القلب بمرارة من كلام العينين المتفلسف: أتهزئين أم محارم الله تنتهكين؟
قالت العينان: ولم أهزأ؟ ألم يخلق الله الجمال، لماذا إذن يحرم علينا النظر إليه؟
فقال القلب: نعم خلق الله الجمال ولكن وضع للمتعة ضوابط وقنوات طاهرة وأمر المخلوق الجميل ألا يعبث بهذه النعمة فهي أمانة بين يديه سيحاسب عليها، ثم إن الإنسان مخلوق كرمه ونفخ فيه من روحه فكيف يبيح له إهانة هذا الشرف والتكشف مثل الحيوانات التي تحركها الغريزة فقط؟
ردت العينان باستفهام بعد أن غضت الطرف إذعانا للقلب: خلقنا الله هنا في محجرين وأمرنا بغض البصر أمام هذا الكم الهائل من المتع والشهوات، لا نقول ظلمنا ولكن لماذا نحن مأموران بألا ننظر لما خلق وقد جعلنا نافذة الإنسان على العالم الخارجي وكرمنا بأننا دليله المرئي؟
القلب: أمرنا بغض البصر بينما أمر الإنسان بستر عورته والعفة والطهارة والنقاء...
تمتمت العينان: وكيف تستر المرأة كل شيء وتغلف كاملة؟
القلب: أرأيت الحلوى التي تباع عند البقال؟ حين تصنع تكون عارية، لماذا يغلفها الصانع؟ أليس لتصل إلى المستهلك نقية لم يصبها أذى من غبار أو جراثيم؟ كيف يرضى إنسان يأكل حلوى عارية لم تحمى من هجوم مفسديها؟ فكيف بامرأة خلقها الله أنثى وأم وامرأة، كيان متكامل، سكن للزوج، قرة عين للأب، أم رؤوم للابن، من يرضى أن تكون له زوجة عبث بها رجال؟ من يرضى أن تنتهك محارمه ويكون ديوثا؟ من يرضى أن تكون أمه عاصية لأوامر الله؟ فكيف تربيه بما يرضي الله؟ شرع الله هو المنهج الوحيد وإلا ضاع الإنسان وانحدر...
العينان في مرارة:الحلال لا يكفي…
القلب محتجا: والحرام لا ينتهي وكلما تعمقت عطشت أكثر وأرضيت الشيطان أكثر وأهنت نفسك أكثر وفقدت الاحترام لآدميتك أكثر، فكيف يحيا الإنسان إن عبث بعزته وضيع الأمانة التي أمنه الله إياها؟
ألا تعلمي قول خالقنا: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) سورة الإسراء
العينان: والحل؟ حرمان؟ والنفس تزدحم بالأماني والشهوات وتتوق للمتعة اللامحدودة؟
القلب: لكل شيء ثمن والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، فجزاء العفة المتعة بكلمة الله وحلاله، والبركة فيه والسعادة في الدنيا وجنان عالية في الحياة الأبدية. فهل يستوي الحرام الزائل والذي يهوي بصاحبه في وحل الرذيلة، والحلال والطهارة التي ترتقي بصاحبها في مراتب الأتقياء وصفوف السعداء في الدنيا والآخرة...
تذكر عمر زوجته وحبيبته بابتسامتها ودعواتها المريحة كل صباح. وتذكر استعفافه قبل الزواج وأنه كان ينتظر على أحر من الجمر أن يجد الزوجة التقية النقية التي تصونه وتحمل اسمه وتشاركه دنياه وآخرته فحمد الله تعالى على نعمته التي لا تعد ولا تحصى وتلا قوله تعالى في كتابه:
قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) سورة النمل.
المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://www.palsharing.com/i/00031/90...