توسيع قدرة حوار الأديان

بالم بيتش غاردنز، فلوريدا – احتفل المسلمون مؤخراً بعيد الأضحى، الذي يشكل نهاية موسم الحج إلى مكة المكرمة ويحتفل به المسلمون حول العالم. استغل عدد من التجمعات الدينية المسلمة الفرصة هذه السنة لعقد خدمات دينية عبر الديانات. الواقع أنه في السنوات الأخيرة، أعد العديد من المساجد والكنائس ودور العبادة اليهودية برامج مستدامة للتعاون في مجال إطعام الفقراء وتقديم نشاطات للشباب والتواصل مع المشردين ضمن خدمات اجتماعية أخرى. أصبحت نشاطات عبر الديانات كهذه عماد العمل الاجتماعي في الولايات المتحدة ودول أخرى. واليوم يكمن التحدي الذي نواجه نحن، كعاملين يهتمون بدعم التسامح، في عملية إشراك الأفراد بأسلوب أكثر عمقاً واستدامة.

يعتبر التعليم والإعلام، وهما مجالان يؤثران على كل فرد تقريباً في مجتمعنا العالمي، أساسيان في عملية المشاركة هذه، يضمنان أن يستطيع المجتمع العالمي نشر التسامح وشحذ الحساسية تجاه الظلم والاحتفال بالتنوع الديني والثقافي.

انخرطت مؤسسات مثل الفاتيكان وجامعة الأزهر في القاهرة والمجلس اليهودي العالمي ومجلس الكنائس العالمي في جنيف في جهود لرعاية التسامح من خلال جمع القادة الدينيين من ديانات مختلفة معاً.

تتمتع نشاطات عبر الديانات كهذه بفضل هام، فمن خلال إبراز نشاطات كهذه في الإعلام، وإحضار دروس مستقاة منها إلى غرفة الصف في المدرسة، يمكن تعميق قيمة جهود كهذه وتوسيعها. فالمدارس هي الأماكن التي يحصل فيها الطلبة على المهارات والقيم الضرورية للمواطنين المسؤولين. ويملك تعلم التعامل مع أطفال من خلفيات دينية وعرقية أخرى نفس الأهمية كتعلّم العلوم والرياضيات واللغات، خاصة في عالم يبدو أن سوء الفهم متواجد فيه بكثرة. وحتى يتسنى الاستفادة من عالم أكثر تسامحاً يتوجب على التربويين البدء بإدخال مبادئ فهم هؤلاء الذين يتبعون ديانات مختلفة بصورة أوسع في المناهج.

بدأت بعض المدارس فعلياً بتطبيق ذلك. يربط "منتدى الديانات الثلاث" في المملكة المتحدة على سبيل المثال المدارس ذات التلاميذ من خلفيات عقائدية مختلفة، الأمر الذي يعمل على بناء علاقات مستدامة عبر الخطوط الدينية. درس عشرات الألوف من الطلبة، وهم قادة محتملون في المستقبل في الجامعة الأمريكية في بيروت، ومدرستها الثانوية، الكلية العالمية (International College)، ويكمن نجاح الجامعة الأمريكية في بيروت في فلسفة متساوية في التعليم، وجو اجتماعي من التنوع وأساتذة يأتون من خلفيات دينية ووطنية متنوعة.

مثله مثل المدارس، يعتبر الإعلام حاسماً في تشكيل وجهات النظر. يوفر استخدام الإعلام لإبراز الجهود الإيجابية فرصة لمشاهدين جدد للتعلم عن محاولات لتشجيع التسامح الديني وتوسيع وجهات نظر المشاهدين. وقد ساهم الصحفي بيل مويرز في تقاريره الصحفية والتلفزيونية عن ديانات مختلفة وبشكل هائل في تقدير جميع الديانات. ويبحث برنامج "حول الوجود" الملهِم لكريستا تيبيت، وهو برنامج إذاعي تنتجه وتوزعه "الإعلام الأمريكي العام"، في أساليب متنوعة يتعامل من خلالها الأفراد مع "أسئلة كبرى" حول الأخلاقيات والإيمان. تشجع برامج كهذه الجمهور والمشاهدين على استكشاف نظرة معمقة في تقاليد دينية غير شائعة وتساعد الناس على إيجاد أرضية مشتركة.

إذا استطاع هؤلاء المشاركين في جهود حوار الديانات توسيع تركيزهم ليضم إشراك التربويين والإعلاميين المهنيين، فسوف يكون عملهم أكثر فاعلية.

يجب أن تستمر جهود مكافحة عدم التسامح عبر التعليم والإعلام لعقود عديدة، ويمكنها المساعدة على مأسسة حركة عالمية للتسامح. اليوم وأكثر من أي وقت آخر، نحن بحاجة لجهود حثيثة لإنقاذ التراث المتنوع والثمين لكافة الديانات.

###

* غسان ربيز هو السكرتير السابق للشرق الأوسط لمجلس الكنائس العالمي ومركزه جنيف. كُتب هذا المقال

 

المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://www.projetaladin.org/assets/i...

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك