وقود الدعاة إلى الله.. في الفتن
الكاتب: محمد مشعل العتيبي
تدلهم الفتن ، وتكثر الخطوب ، ويحار العقل ، وتطمع النفوس ، يسقط أناس ، ويضطرب آخرون ، وتبقى ثلة ثابتة ، لا تهزها رياح الفتن.
يستغرق طلبة العلم كثيراً في التفسيرات والتحليلات ، ويصبح النظر للأحداث نظر مادي تحليلي.. ويستغرقون كذلك في مناقشة الأفكار.
والرد على أصحابها ،وبيان شبههم.. وينشغل المحتسبون بمدافعة المنكرات، ومناصحة المسؤولين.
كل ذلك حسن، ومطلوب شرعاً ، بل ربما يصل إلى حد الوجوب العيني على البعض.
لكن المؤسف حقا، أن نغفل عن المحرك الأساسي لكل هذه الأعمال ، وأن ننسى مكمن النجاح ، ومدرج الفلاح ، فيما نقدم عليه من أمور هي اليوم من الجهاد في سبيل الله - جهاد اللسان والحجة والبيان-.
أعني بذلك : حسن القصد لله عز وجل ، الإخلاص .
قد يستغرب أحبتي من طرح هذا الموضوع وربطه بما ذكرت من بعض واجبات الحال..
ولكن هذا الاستغراب أزعم أنه سيزول إذا نظرنا إلى بعض الظواهر السلبية التي أحذر نفسي وإخواني منها ، خذ مثلا : طالب علم ضيق العطن، غليظ العبارة ، تجده هينا لينا فإذا ما انتقد شخصه تحول كالأسد الثائر؟!.
طالب علم لم يترك منبرا إلا لمع نفسه ، ومشاركاته ، ومقالاته ، ولقاءاته ، وربما أزرى بشيء من جهود إخوانه ؟!.
طالب علم ينظر إلى جهده اليسير بعين الرضا ، ويزعم أنه بلغ به المنتهى؟! طالب علم تنكب طريقه ومنهجه، وأصبح ناقماً على منهج السلف، تلميحا وتصريحا ؟!.
طالب علم تساهل، وتنازل لبعض المطالب، ووضع لنفسه العلل والمبررات ؟!.
طالب علم انشغل بتزيين جهده لدى أهل المناصب ، وأصبح يغشاهم ليل نهار ، ويمدحهم ليل نهار ؟! وقل غير ذلك من الظواهر .
لتجنب تلك الظواهر أسباب كثيرة ، لكن أساس السلاح هو حسن المقصد لله عز وجل ، وفي ظني أن كثير من الأسباب تبع له.
ينبغي على كل طالب علم أن يسأل نفسه قبل كل عمل يعمله: من رد أو مقال أو احتساب أو محاضرة أو مؤلف : ما المقصد من هذا العمل؟ أهو وجه الله عز وجل ، أم ركوبا لموجة الصراعات والتحديات ، أم غير ذلك من المقاصد والنيات ؟!.
رحم الله السلف ، ما كان شيء أشد عليهم من معالجة نياتهم ، ونحن نفاخر بسلامة النيات والمقاصد .
كان الواحد منهم لا يقدم على عمل إلا نظر إلى قلبه ومقصده من هذا العمل ، فإن كان لله أمضاه .
حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإنه سيتسامى عن سفاسف الأمور ، وعن دواخل النيات السيئة ، وسيهضم ذاته ، ويحتقر عمله ، ويرى أنه لازال بحاجة ماسة لتقديم الكثير لهذا الدين. حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإن هذا سيدعوه إلى إتقان عمله ، وتكثيف جهده .
حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإنه سيحرص على لم الشمل ، والتعاون مع إخوانه ، فإن المقصد واحد ، والسفينة واحدة. حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإنه سيقاوم كل أنواع الهجوم ، والفتن ، والمطامع ، والتنازلات ، لأنها لاشيء أمام ماعند الله عز وجل ، وما عند الله خير وأبقى .
كم نحن بحاجة وسط هذا الركام الهائل من التغيرات السريعة والكبيرة إلى معالجة نياتنا، وتصحيح مسيرتنا وإلا كنا كالفارس الذي ينزل أرض المعركة بسيف من خشب، سرعان ما يتحطم أمام الأعداء.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسّط عمل القلب، فإن القلب ملكٌ، والأعضاء جنوده، فإذا خبث خبثت جنوده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ في الجسد مضغة... الحديث ).
قال سهل بن عبد الله: ( الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة ).
وقال آخر: " المخلص هو: الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله ] وقبل هذا وذاك تأمل قول الله عز وجل :( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور".
الكاتب: محمد مشعل العتيبي
تدلهم الفتن ، وتكثر الخطوب ، ويحار العقل ، وتطمع النفوس ، يسقط أناس ، ويضطرب آخرون ، وتبقى ثلة ثابتة ، لا تهزها رياح الفتن.
يستغرق طلبة العلم كثيراً في التفسيرات والتحليلات ، ويصبح النظر للأحداث نظر مادي تحليلي.. ويستغرقون كذلك في مناقشة الأفكار.
والرد على أصحابها ،وبيان شبههم.. وينشغل المحتسبون بمدافعة المنكرات، ومناصحة المسؤولين.
كل ذلك حسن، ومطلوب شرعاً ، بل ربما يصل إلى حد الوجوب العيني على البعض.
لكن المؤسف حقا، أن نغفل عن المحرك الأساسي لكل هذه الأعمال ، وأن ننسى مكمن النجاح ، ومدرج الفلاح ، فيما نقدم عليه من أمور هي اليوم من الجهاد في سبيل الله - جهاد اللسان والحجة والبيان-.
أعني بذلك : حسن القصد لله عز وجل ، الإخلاص .
قد يستغرب أحبتي من طرح هذا الموضوع وربطه بما ذكرت من بعض واجبات الحال..
ولكن هذا الاستغراب أزعم أنه سيزول إذا نظرنا إلى بعض الظواهر السلبية التي أحذر نفسي وإخواني منها ، خذ مثلا : طالب علم ضيق العطن، غليظ العبارة ، تجده هينا لينا فإذا ما انتقد شخصه تحول كالأسد الثائر؟!.
طالب علم لم يترك منبرا إلا لمع نفسه ، ومشاركاته ، ومقالاته ، ولقاءاته ، وربما أزرى بشيء من جهود إخوانه ؟!.
طالب علم ينظر إلى جهده اليسير بعين الرضا ، ويزعم أنه بلغ به المنتهى؟! طالب علم تنكب طريقه ومنهجه، وأصبح ناقماً على منهج السلف، تلميحا وتصريحا ؟!.
طالب علم تساهل، وتنازل لبعض المطالب، ووضع لنفسه العلل والمبررات ؟!.
طالب علم انشغل بتزيين جهده لدى أهل المناصب ، وأصبح يغشاهم ليل نهار ، ويمدحهم ليل نهار ؟! وقل غير ذلك من الظواهر .
لتجنب تلك الظواهر أسباب كثيرة ، لكن أساس السلاح هو حسن المقصد لله عز وجل ، وفي ظني أن كثير من الأسباب تبع له.
ينبغي على كل طالب علم أن يسأل نفسه قبل كل عمل يعمله: من رد أو مقال أو احتساب أو محاضرة أو مؤلف : ما المقصد من هذا العمل؟ أهو وجه الله عز وجل ، أم ركوبا لموجة الصراعات والتحديات ، أم غير ذلك من المقاصد والنيات ؟!.
رحم الله السلف ، ما كان شيء أشد عليهم من معالجة نياتهم ، ونحن نفاخر بسلامة النيات والمقاصد .
كان الواحد منهم لا يقدم على عمل إلا نظر إلى قلبه ومقصده من هذا العمل ، فإن كان لله أمضاه .
حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإنه سيتسامى عن سفاسف الأمور ، وعن دواخل النيات السيئة ، وسيهضم ذاته ، ويحتقر عمله ، ويرى أنه لازال بحاجة ماسة لتقديم الكثير لهذا الدين. حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإن هذا سيدعوه إلى إتقان عمله ، وتكثيف جهده .
حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإنه سيحرص على لم الشمل ، والتعاون مع إخوانه ، فإن المقصد واحد ، والسفينة واحدة. حينما يكون مقصد المرء وجه الله عز وجل ، فإنه سيقاوم كل أنواع الهجوم ، والفتن ، والمطامع ، والتنازلات ، لأنها لاشيء أمام ماعند الله عز وجل ، وما عند الله خير وأبقى .
كم نحن بحاجة وسط هذا الركام الهائل من التغيرات السريعة والكبيرة إلى معالجة نياتنا، وتصحيح مسيرتنا وإلا كنا كالفارس الذي ينزل أرض المعركة بسيف من خشب، سرعان ما يتحطم أمام الأعداء.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسّط عمل القلب، فإن القلب ملكٌ، والأعضاء جنوده، فإذا خبث خبثت جنوده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ في الجسد مضغة... الحديث ).
قال سهل بن عبد الله: ( الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة ).
وقال آخر: " المخلص هو: الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله ] وقبل هذا وذاك تأمل قول الله عز وجل :( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور".
المصدر: موقع يا له من دين