الدين والثقافة، مكانتهما في تطور الإنسانية في الشرق الأوسط

إعداد جيان هيفي

 

عندما ظهرت الديانات التوحيدية ـ اليهودية ، المسيحية ، الإسلامية ـ فقد أهملت هذه الأديان دور الإلهة الأم، وحتى نستطيع القول بأنها تلاشت. فعند اليونانيين الذين كانوا من أصحاب الديانات المتعدد الآلهة،

إن تناول وتحليل التطورات والوقائع التاريخية الإنسانية بشكل صائب يعتبر من الأمور الحياتية في يومنا الراهن. لأن التحليل الصحيح للتاريخ يضمن لنا تحقيق النجاح في السير المستقبلي. وإننا نبغي في حوارنا هذا مع الرفيقة دجلة خابور التطرق إلى موضوع الدين والثقافة، في البداية أود منكم التطرق باختزال للجذور التاريخية للتطور الديني والثقافي ودورهما في التطور المادي والمعنوي بالنسبة للإنسانية؟.
يعتبر تاريخ الإنسانية، تاريخ الجهد وإبداع القيم المعنوية والمادية. يمكننا تصنيف الدين والثقافة ضمن الإرث المعنوي التاريخي هذا، بحيث يعتبر الدين والثقافة من أهم القيم التي حددت نمط التفكير والحياة المشتركة فيما بين الإنسان. لذلك فإن الثقافة هي معيار مستوى الفكر الذي يعرف الحياة، وهي مرتبطة بتنظيم الحياة الاجتماعية، وقد ظهرت بظهور المجتمع. تشكل الثقافة منبع الحضارة الإنسانية، وهي التي تضع الحلول لكل مشاكلها، وأعطت الجواب لأسئلة الفرد والمجتمع. كذلك تعتبر اللغة عنصراً أساسياً من عناصر الثقافة، لدورها المهم في تنظيم الفكر وحياة الإنسان، وهي من أهم الوسائل التي نقلت الحضارة بثقافتها من جيل إلى جيل آخر، وساهمت في وضع الأسس المتينة لبناء حياة المجتمع الجديد. حيث اكتسب المجتمع الأخلاق وأصبحت لديه بعض القيم المعنوية. فعندما تجتمع عناصر الثقافة في إطار اجتماعي و يتحقق التطور الثقافي الذي يطور المجتمع طبقاً له، فان لكل طبقة في المجتمع دور في التقدم الثقافي.  ساعدت المهن والحرف في إنماء هذه الثقافة وذلك برفدها بعناصر التطور والارتقاء. ومع مرور الزمن وباندماج هذه العناصر بعضها ببعض يتحقق التطور. فاستمرار التطور الدياليكتيكي كوّن تبعاً له بعض المفاهيم الاقتصادية والسياسية.  ولعبت هذه المفاهيم دوراً أساسياً في تطور وتنظيم الحياة الإنسانية. كما جلبت معها الكثير من الإبداعات التاريخية التي ساهمت في تخطي مراحل عديدة في التاريخ الحضاري للبشرية، مما ساعدت أيضاً على ظهور وانعكاس هذه التطورات على المجتمع، وبالتالي إلى ظهور نتائج اجتماعية هامة. وأيضاً طوّرت الفكر الإنساني بصورة شاملة.
علينا أخذ هذه التطورات بعين الاعتبار عند الإشارة إلى الدين وعناصره ومصادره الأساسية. فعدم تحليل الظواهر الطبيعية عند الإنسان أدى إلى نشوء الخوف منها، وكان هذا سبباً في إيمان الإنسان بالإله. مثلاً الخوف من الموت كان له التأثير الكبير على الإنسان، مما جعله يفكر بصورة ميتافيزيقية للبحث عن الحلول والقوى خارج إطار المحيط المادي الذي يعيش فيه. وبالاعتماد على قوى غيبية، أعتقد بأنها تستطيع أن تحميه من القوى التي تريد إلحاق الضرر به. لقد أدى هذا النوع من التفكير إلى نشوء نوع من الوعي البدائي، الذي أسبغ على المجتمع نوعاً من الأخلاق و من الارتباطات والعلاقات بالمحيط المادي. وتعمقت هذه العلاقات مع مرور الزمن بشكل كبيرو مؤثر. وهذا ما جعل الإنسان ذا جوهر روحي ديني بالرغم من ميوله الوحشية وطبيعته العدوانية. وعلى هذا النحو كان ظهور العقائد الدينية القديمة نتيجة لعجز الإنسان أمام الطبيعة. وتكونت هذه المعتقدات الدينية من الخرافات المثالية إضافة إلى الشعور بالهيبة والاحترام للكهوف والجبال والأحجار والأشجار والشمس والقمر والحيوانات الضخمة والقوية. كما اعتقد بأن الهواء مليء بالأرواح المقدسة والشريرة. وهذه الأرواح ـ حسب معتقدات الإنسان البدائي كانت بمثابة كائنات الغابة. إضافة إلى اعتقاده بأن للمرأة نوع من القوى الخفية، التي تمثل انتصار قوى الحياة أمام حقيقة الموت. وهذه القوى هي قوة الخصوبة التي كانت تديم تواجده وتعطي له مفهوم الاستمرار. لهذا فقد اتخذ الآلهة الأم إلهاً أولياً له، باعتبارها ممثلة للحياة وديمومتها. وقد تخيل الإنسان بأن الآلهة الأم قد خلقت في البداية في داخل كهف ما.
إذا نظرنا إلى الآلهة الأم البدائية وابنها، يتضح لنا وحدة أصل الأسطورة في الخلق والتكوين، مع اختلاف في المسميات. فـ "عشتار وتموز" هما "إيزيس وأزوريس"، وفي نفس الوقت هما "أفروديت وأدونيس". ومن هنا يتضح لنا التشابه في مقومات الثقافة عند القبائل البدائية في ما قبل التاريخ. لهذا السبب بالذات فقد اكتسبت المفاهيم البدائية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وبلاد ما بين النهرين أهمية تاريخية بالغة. والمثال على ذلك؛ بعد موت الإله أزوريس الذي قتله أخوه " سيت" وقطعه إلى قطع ونثره على وجه الأرض. تقوم الإلهة "ايزيس" بجمع هذه القطع ثم تبتهل إلى الإله " ر ع " لكي يعيده إلى الحياة لمدة يوم واحد، كي تستطيع أن تحصل منه على وريث، فيستجيب لها الإله ثم تحمل ايزيس من ازوريس وتمر فترة من الزمن فتنجب منه الإله " حورس " الذي يضحي بإحدى عينيه لكي يعيد أباه إلى الحياة مرة أخرى، علماً بأن الإله "سيت" يمثل في الكتابات والرسوم الفرعونية على شكل إنسان برأس خنزير. أما عشتار فتقوم بإحياء تموز بعد أن قتله خنزير. وأفروديت أيضا تحيي ادونيس بعد أن قتله خنزير. لقد ارتبطت كل هذه الأساطير بالمحيط المادي للإنسان، فكانت أساطيره عبارة عن محاولاته لتفسير سير هذه الحياة والقوى المؤثرة فيها. ومحاولته التأثير عليها بالشكل الذي يمكنه من أقلمتها لصالحه، وبموجب احتياجاته. وفي عهود تعدد الآلهة كانت الأساطير هي من أهم مظاهر الحياة الروحية لدى الإنسان. وعلى هذا الأساس صور الإنسان الكثير من قصص صراعاته في حياته اليومية وتطلعاته إلى الغد.
عندما ظهرت الديانات التوحيدية ـ اليهودية ، المسيحية ، الإسلامية ـ فقد أهملت هذه الأديان دور الإلهة الأم، وحتى نستطيع القول بأنها تلاشت. فعند اليونانيين الذين كانوا من أصحاب الديانات المتعدد الآلهة، والذين كانوا يحسبون أنفسهم نسلاً لهؤلاء الآلهة وأحفادهم، نرى ((توئوغونيا )) يتذكر العصور التي مضت، حيث يسجل التاريخ بأن الجنس الأنثوي كان أقوى من الجنس الذكري وكان من النساء بطلات كثيرات. وكذلك يذكر (( توئوغونيا )) في كتاباته، بأن بروميتوس عندما ينجح في سرقة النار من الآلهة، ينزل عليه زيوس سخطه ولعناته بالرغم من معارضة زوجته وأخته له. ثم يؤخذ بروميتوس إلى جبل قاف ليتم تعذيبه هناك. لأن زيوس لم يكن يريد للإنسان تعلم المعرفة، لكي لا يتحرر.
عند البحث في التاريخ، وحضارات الأقوام في المدن البدائية، نجد بأن هنالك الكثير من العوامل المشتركة والجوانب المتشابهة فيما بينها من الناحية الثقافية. حيث المصطلحات المحلية ونمط الحياة المشتركة، والآراء والأفكار الأدبية، والفلسفة، والعلوم، وعشق الجمال. هذه الأشياء كانت تقيم بصورة متشابهة تقريباً في كل المجتمعات البدائية. إضافة إلى التشابه الكبير في العادات والتقاليد والمعتقدات الدينية إلى حد ما. لكن حدوث الهجرات على مر التاريخ، كانت الهجرات البشريةـ سبباً في نشوء العادات و التقاليد المختلفة باختلاف الطبيعة الجغرافية من منطقة إلى أخرى. أما الرحلات التجارية فقد كانت سبباً في نقل الثقافات بين الشعوب المختلفة.
لقد أخذت هذه المعتقدات الدينية مرتبة الصدارة في هذه المجتمعات. حيث قربت الشعوب إلى بعضها من جهة، وساهمت في نشوء التناقضات والصراعات فيما بينها من جهة أخرى. ونرى أن الدين كونه حاجة تاريخية يتطور بتطور الإنسان، وان التفاوت القبلي والسياسي كان سبباً في تطور وتعدد الآلهة مما سد الطريق أمام الإله الواحد. ولو عدنا إلى التاريخ القديم ومراحل تطور حياة الإنسان وكذلك تطوراته الدينية وتقييماته المادية، لتوضح بأنه كان لكل قبيلة اله او مجموعة آلهة كانت ترعاها. وقد نظمت أنماط عبادة هذه الآلهة ومجالات نفوذها نوعاً ما من الشعور الخفي للدافع المتيقظ للإنسان في أخذ مكانه فيما بين المجتمعات. وعندما تجاوز الخيال الديني الحدود المادية، تكونت كائنات أسطورية وآلهة خرافية مشتركة، كانت تمثل له القيم العليا التي يستمد منها القوة ـ حسب الضرورة ـ و تساعده على تخطي الصعاب وتعينه على أن ينتصر على أعدائه في العصور القديمة.
أدت ظهور الأفكار الدينية إلى أعطاء نظرات جديدة للروح الإنسانية والأخلاق من قبل الإنسان البدائي. إضافة إلى التطور الذي هذه الأفكار من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. حيث أصبح المجتمع بفضل هذه المعتقدات ممتلكاً لمجموعة من الأنظمة الجديدة التي كونت العامل الأساسي في بناء الحضارة الإنسانية. ولقد لعبت الأديان دوراً تربوياً مهماً في حياة الإنسان البدائي، وولدت فيه أخلاقا وقيماً جديدة كانت الأساس في أساليب وأنماط التفكير الحديثة. التي أعطت الشكل المتطور للحضارة في تلك المرحلة، ودفعت بعجلة التقدم قدما في العصور البدائية. وتلك الحضارة ليست مرتبطة بعرق قوم ما. أنما العناصر التي تكونت عليها هذه الحضارة، لعبت دوراً أساسياً في تطور التجمعات البشرية البدائية وفي ازدياد كثافتها. وتعتبر هذه أهم الجوانب الايجابية لمعطيات الحضارة. ولقد اختلفت الثقافات باختلاف المناطق الآهلة، والظروف الموضوعية المحيطة بالإنسان خالق الحضارة. لذلك نرى أقدم تشكيلة في التنظيم الإنساني هي الجماعة. وتتشكل القبيلة من عدة جماعات ونتيجة للتطور المتفاوت في الإنتاج بين القبائل، خلقت تناقضات ونزاعات، التي ساهمت بدورها في ظهور القادة والدول. لقد تمسك بعض هؤلاء القادة بزمام الحكم، وفرضوا سلطانهم على شعوبهم عن طريق إكساب المشروعية لها، فجعلوها غيبية أو إلهية. وجاءوا بالقانون الجديد المنزل من الله والذي لا يمكن الخروج عنه. لقد أخذت المجتمعات هذه القوانين على أنها من المسلمات التي لا يمكن كسرها وتكيفت بموجبها.
كيف اكتسبت الأديان البعد الإيديولوجي، ما هي مكانة هذا البعد في عملية التحول الاجتماعي؟
لمعرفة كيفية اكتساب الأديان البعد الإيديولوجي في تطور المجتمع، لا بد من معرفة الفلسفة كونها تمثل أفكارا و آراء أي الايدولوجيا. فالفلسفة لم تكن لها يوماً منه بدأت وفيه ظهرت. شأنها شأن العلم، وهذا حال كل الفعاليات البشرية كالفنون و العادات والتقاليد وغيرها. فالفلسفة ليست شكلا لمعرفة الواقع. فهي إلى جانب كونها كأي علم أخر شكلا من أشكال المعرفة، تتميز عن العلوم الأخرى بأنها نظرة عن العالم. ولهذا فإن الفلسفة في نشوءها وتطورها تتحد مباشرة بالمصالح المادية للطبقات المختلفة في المجتمع، وتبرز كشكل للايدولوجيا. ومع انقسام المجتمع إلى طبقات وتطور الصراع الطبقي فيها، تظهر الحاجة إلى نظرية للمصالح المادية للطبقات المتصارعة والفئات الاجتماعية المختلفة. لذلك فالايدولوجيا هي الفكرة التي ظهرت في المجتمع الطبقي لأجل حل المشاكل الطبقية. ولفهم هذه الظاهرة نحتاج إلى تقييم العوامل والأسباب التاريخية لذلك.
ليس مهماً لفيلسوف ما إن تكون فلسفته مجدية أو معبرة لقوم ما أو لطبقة ما. وليس مهماً أن تكون فلسفته حسب حياة قوم ما. فإذا كانت الأفكار الفلسفية تعد نظرة مستقبلية، فأنها تحمل في طياتها توقعات الإنسان التي يبنيها بناءً على معطيات حياته المادية، واعتقاداته الخاصة بالنسبة للمستقبل القادم. فلهذا كان كل فيلسوف يأخذ بعين الاعتبار احتمال عدم الفهم ( أي فلسفته) في الوقت الذي يطرحه على المجتمع الذي يظهر فيه. حيث كان يتوقع أن تفهم أفكاره ونظراته في المستقبل الذي حدد على أساسه تلك الفكرة التي قام بطرحها. فالفيلسوف  كان يعبر عن أرائه الخاصة دون الاهتمام بآراء الناس. أما الايدولوجيا فهي ليست كذلك ولا سيما الإيديولوجيات التي ظهرت على أساس ديني. لأن هذه الأيديولوجيات كانت أيديولوجيات منزلة، وكانت قد حددت أطرها العامة من قبل قوى مطلقة خارج عن إطار الإنسان. وهذه القوى تمثل في ((الله)). مثلاً: إن الرسل ( الأنبياء ) لم يستطيعوا التعبير عن حقائق العالم بموجب أهوائهم أو رغباتهم، بل كانوا مضطرين على أن يقوموا بهذا العمل ضمن أقوامهم فقط في البداية. وكذلك على إن يفهموها ويهزون بها أعماق أقوامهم للتأثير عليهم وتحرير عقولهم الجامدة. لذلك فهم مطالبين ( الأنبياء) ببناء شخصية جديدة؛ ذي قوة تفكير وروح قوية، لكي يتمكنوا من تجسيد طاقاتهم واستخدامها في عملهم. أي تحفيظ مكامن الشخصية وإثارة الخصائص الايجابية في داخل النفسية الإنسانية، لخلق المحيط الذي تتمكن فيه الشخصيات من التعبير والتبديل الذاتي.
وقد اتخذ المجتمع هذا الإطار كحدود قصوى ثابتة له. لذلك فان التنظيم أو الفكر الذي يطرحه سيكون محدوداً بموجب هذا الإطار، ومحلياً أكثر بموجب الأطر التي تم بناءها وتنظيمها على ذلك الأساس. لذا فان معرفة الدين وفهمه هي الذروة أو القمة التي وصل إليها العقل البشري في تلك المرحلة. وفي مرحلة متقدمة من تلك المراحل تم النظر إلى الدين نظرة ضيقة. ولكن مازال تأثير تلك الأفكار باق على الإنسان حتى الآن، رغم تقدم العلوم وتقدم الفلسفات العصرية. إن الدين هو عبارة عن عبادة قوى ما وراء الطبيعة، وتهدف إلى تخفيف غضب تلك القوى واستحصال عناصر القوى المعنوية منها. عندما يعجز الإنسان عن مواجهة المشكلات التي تحيط بهم، ولا يجدون لها حلاً ضمن تراكم التجربة الموجودة في عقولهم، فهم غالباً ما يلجأوون إلى قوى غيبية للاستعانة بها، كي يطمئنوا أنفسهم، ويحصلون منها على الأمل والأمان التي هي من غاياتهم العظيمة.  ويعملون على تنظيم جميع مجالات حياتهم وفقاً لها.
إن التطورات التي حققتها العلوم عبر التاريخ، لم تكن قد وصلت إلى المستوى التي تستطيع إن تحافظ على المجتمعات، وتحميها من الكوارث الطبيعية، وخطر الموت، والاعتداءات والغزوات الخارجية. لذلك اختار الناس الدين من اجل الخلاص من القلق والضعف في التفكير، والحصول على الطاقات اللازمة لكي يروا أنفسهم أقوياء. فمثلاً الطقوس الدينية والمراسيم التي تطمئن بها النفوس وتشبع الأرواح بكل القيم المعنوية، أصبحت بمثابة رابطة متينة تربط بها الأجيال المتلاحقة بعضها ببعض.  فمعرفة الدين في إطار إيديولوجي، ليست معرفة المنبع الذي وهب للإنسان المعنويات والاندفاع والحماس فحسب، وإنما هي معرفة الجوانب الأساسية والمهمة لجوهر الإنسان.
يتم تحرر العقل فقط عن طريق المعرفة الحقيقية وإدراكها، وتطور العلم الذي يعتبر شكل المعرفة المنظمة للواقع. الذي نشأ وتطور على أساس التطبيق العملي التاريخي والاجتماعي، وبعكس قوانين العالم الموضوعي وجوانبه. فقد نشأ العلم من حاجات الإنتاج ومن التطبيق العملي. ويبدأ بالنمو مع أول تقسيم للمجتمع إلى طبقات، مع العبودية التي تزيد زيادة حاسمة في سلطان الإنسان على الطبيعة. أي إن الإنتاج ونضال الطبقات هي القوى المحركة لتنمية العلم. فعند رؤية هذه الحقيقة وإدراكها يتطور العقل، و يأتي بأفكار متحررة. وعلى سبيل المثال تكون معرفة الحقيقة في الديانة البوذية هي ( إنكار الذات ) ، أما في الديانة الزردشتية فهي ( بالتفكير الصائب، وبالحديث السليم، وبالعمل الصالح )، ويكون طريق التحرر في المسيحية هو ( التسامح والتعامل بالوجه الحسن مع الآخرين )، وفي الإسلام فهو ( التوحيد ).
 كيف يتم تناول الدين والإنسان في الفلسفة الأبوجية؟
الإيديولوجيات الدينية تطورت بمستويات متغيرة، وفي مجتمعات مختلفة بشكل فائق، عن أية إيديولوجية أخرى. وتستمر حتى الآن. كما وجدت إيديولوجيات شكلت الفلسفة، البنية الأساسية لها. وهنا يجب إن نفهم المعنى الحقيقي للتصنيف الفلسفي. فالفلسفات إما قد ظهرت من الأديان، ونشأت بعد مرحلة التطور التي حققتها الأديان فيما بعد. هذا يعني إن للفلسفة تاريخ قديم كالأديان. فالفلسفة أكثر قرباً من العلمية والفرق بينها وبين بقية الأفكار، هي إنها تلقي الضوء على شتى المفاهيم المتعلقة بالكون والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان. فالخصوصيات الأساسية التي لوحظت حتى الآن، هي إن جميع التغيرات التي حدثت مع التطور البشري من حيث الفكر، والإيديولوجيات، وحتى السحر والشعوذة مروراً بالأديان بمستواها الفلسفي والعلمي تم بشكل متداخل مع الحياة، وبدونه لما حصل هذا التطور. فالإنسان يعتبر إنسانا بقدر تأثيراته الفلسفية والعلمية، ودرجة خيالاته وممارساته العملية في هذا المجال. فتاريخ الحضارة البشرية شيد على امتزاج هذه العناصر( قوة الإنسان، الدين، والفلسفة )، وقطع حلقة منهم تعني وقوف سيرورة وديالكتيك الحياة، فإذا كان الدين عبارة عن بداية الفكر الإنساني ورقه.

المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://www.pkkonline.com/arabic/imag...

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك