صورة قاتمة لحقوق الإنسان بإسرائيل

محمد محسن وتد

تميز عام 2012 في الداخل الفلسطيني والضفة الغربية والقدس المحتلة بمناخ عنصري غذته المؤسسات الإسرائيلية وخصوصا التشريعية منها، حيث تمادت في انتهاك حقوق الإنسان والأقليات عبر عدة قوانين وممارسات. وتجذر مشهد العنصرية في المجتمع الإسرائيلي وحصل على شرعية ودعم "الدولة" التي طالما تباهت وتغنت بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط.

وكشفت جمعية حقوق المواطن في تقريرها السنوي عن صورة قاتمة لحقوق الإنسان بإسرائيل، حين ترأست المؤسسات التشريعية وسلطات القانون رأس الحربة بمعاداة كل من هو غير يهودي، لتصبح منظومة الدولة المسبب الرئيسي لانتهاك حقوق الإنسان، بينما تلتزم المؤسسات الدولية والجمعيات الحقوقية العالمية الصمت حيال ثقافة انتهاك حقوق الإنسان التي تعتمدها وتروج لها إسرائيل.

وصعدت إسرائيل ومؤسساتها من ممارساتها بالتضييق على فلسطينيي 48 بمصادرة الأرض وحرمانهم من المسكن وهدم المنازل، وتشريع رزمة إضافية من القوانين العنصرية التي تستهدف وجودهم وتحد من حرياتهم السياسية والتنظيمية، وتحرمهم من الخدمات الاجتماعية والاقتصادية ليكون انتهاك حقوق الإنسان بمثابة منظومة وبنية قانونية.

فلسفة يمينية

ويرى الخبير بالقانون الدولي ومدير المركز العربي للحقوق والسياسات الدكتور يوسف جبارين أن انتهاكات حقوق الإنسان التي تجتاح إسرائيل لم تولد من فراغ، فهي إنتاج لفلسفة يمينية كامنة في صلب التجربة الإسرائيلية، فهناك قوانين واقتراحات قوانين وسياسات عامة تسعى في مجملها إلى ترسيخ يهودية الدولة وصهيونيتها على حساب معايير حقوق الإنسان، وهذا التطور - يؤكد جبارين- ليس عشوائيا وإنما هو مشروع بعيد المدى تخطط له عناصر سياسية ومهنية متخصصة في القانون والقضاء والسياسة والإعلام.

واستعرض جبارين للجزيرة نت ما تشهده المرحلة الراهنة من عنصرية مكشوفة تتشكل بأربع محاور أساسية مجتمعة هي: المس بحقوق المواطنين الفلسطينيين من قبل الهيئة التشريعية عبر تشريعات عنصرية، والمس بحرية التعبير خاصة لدى الأقلية العربية، والتحريض والتضييق على مؤسسات حقوق الإنسان بإسرائيل عبر اقتراحات القوانين لتقييد ومراقبة عملها، ورابعا المس بفصل سلطات الحكم والتقييد من صلاحيات مؤسسات المراقبة والمحاسبة.

ودعا إلى تكثيف التواصل مع المؤسسات الدولية والإقليمية وتكثيف المرافعة أمامها، وخاصة مؤسسات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والسفارات الأجنبية من أجل شرح خطورة المشاريع المطروحة ودفعها للعمل على منع تمريرها.

وخلص جبارين إلى القول "ينبغي عدم الركون إلى حقيقة كوننا ضحية بامتياز وحقنا على العالم مفروغ منه، فنظام معولم مليء بالحقائق والمعلومات هو عالم من التنافس الدائم على الحقائق وعلى الحقوق، ونحسن صنعا إن اعتمدنا المبادرة والفعل المدروس جماعيا".

وتتنافس مختلف المؤسسات والتيارات السياسية الإسرائيلية على استهداف الوجود الفلسطيني، فقد زادت "العصابات اليهودية الإرهابية" من انتهاك حقوق الفلسطينيين واستهداف ممتلكاتهم وأراضيهم ومقدساتهم، لتكون الذراع التنفيذي للحكومة الإسرائيلية التي تواصل بسط سيطرتها وسيادتها على ملايين الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال.

وتميز عام 2012 بإجراءات عسكرية وتشريعات لفرض أمر واقع بالضفة الغربية وضمها إلى إسرائيل، والسعي نحو تشكيل منظومتين قانونيتين واحدة مدنية إسرائيلية للمستوطنين والثانية عسكرية للفلسطينيين، ويرى التقرير الحقوقي أن ثقافة انتهاك حقوق الإنسان التي تمارس ضد الأقليات والفلسطينيين وأصبحت دارجة ومعتمدة بين اليهود، قد تستهدف الشرائح الضعيفة في المجتمع الإسرائيلي.

ثقافة الانتهاك

ويقول المدير العام لجمعية حقوق المواطن حجاي العاد إن الانتهاكات طالت طالبي اللجوء السياسي من المهاجرين الأفارقة من السودان وإريتريا الذين يقطنون البلدات اليهودية، حيث تعرضت لهم بالتحريض الدموي ورفض إسرائيل المصادقة ولو على طلب لجوء واحد، وفضلت بناء معسكر تجميع خاص بهم تمهيدا لطردهم وترحيلهم.

وشدد حجاي العاد في حديثه للجزيرة نت على أن 45 عاما من ممارسات الاحتلال كانت كفيلة بخلق ثقافة لانتهاك حقوق الإنسان داخل المجتمع الإسرائيلي وبالطبع المؤسسة الإسرائيلية التي تغذي هذه الثقافة، عبر القوانين التي يواصل الكنيست تشريعها.

وأضاف أن العديد من مظاهر العنصرية والانتهاكات أصبحت كأنها طبيعية وجزء من مشهد الحياة اليومي وهذا بمثابة ناقوس خطر، مشيرا إلى أنها سترتد لتشتعل بنيرانها داخل المجتمع الإسرائيلي أيضا.

ولفت العاد إلى أن مؤسسات الدولة الإسرائيلية تجمع المعلومات الشخصية عن مواطنيها العرب واليهود وتؤرشفها بالحواسيب لتنتهك بذلك خصوصية الفرد، مع التشديد على حرية التعبير، حيث إن الحراك الاجتماعي الاقتصادي والمظاهرات في كبرى المدن الإسرائيلية قمعت بشكل غير قانوني، وفرقت المظاهرات بعنف مفرط من قبل قوات الشرطة.

المصدر: أم الفحم.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك