مناهج المستشرقين الألمان في ترجمات القرآن الكريم في ضوء نظريات الترجمة الحديثة دراسة لنماذج مختارة

مناهج المستشرقين الألمان في ترجمات القرآن الكريم في ضوء نظريات
الترجمة الحديثة
دراسة لنماذج مختارة

محمود محمد حجاج رشيدي

المقدمة
ما من شك في أن الترجمة بين اللغات المختلفة، ومن بينها العربية والألمانية، تعد إحدى أهم وسائل تحقيق التواصل الحضاري وتبادل الخبرات الإنسانية والحياتية بين الشعوب المختلفة، وتزداد تلك الأهمية، إذا كان الأمر يتعلق بترجمة معاني القرآن الكريم، فهو كتاب العربية الأكبر، وهو ذلك النص الذي قامت عليه العلوم والحضارة الإسلامية.
وتمثل ترجمات القرآن باللغات الأجنبية وسيلة هامة وحيوية لأصحاب تلك اللغات للتعرف على الحضارة الإسلامية ومن ثم تكوين صورة عن الدين الإسلامي، وقد ظهر هذا جلياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، فقد نفدت تقريباً ترجمات القرآن الكريم من منافذ البيع، وهذا إن دل فإنما يدل على أثر تلك الترجمات في المتلقين لها، ولا سيما نحن نتحدث عن الحوار مع الآخر وصورة الإسلام في المجتمعات الغربية، والبحث الذي بين أيدينا يدور حول ترجمات القرآن الكريم باللغة الألمانية ويبحث تحديداً في موضوع مناهج المستشرقين في ترجمات القرآن الكريم باللغة الألمانية ونظريات الترجمة الحديثة؛ إذ إن عملية ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية ومن بينها الألمانية قد نشأت في سياق جدلي معارض للدين الإسلامي، وكانت الترجمة تتم تحت إشراف الكنيسة ورجالها، ثم انتقلت عملية ترجمة القرآن الكريم إلى الأوساط الأكاديمية على أيدي المستشرقين الألمان لتأخذ الطابع العلمي ويتغير المنهج وإن لم يتغير الهدف كثيراً، واستمرت عملية الجدل والمعارضة للقرآن الكريم في ترجمات المستشرقين ومن قبلهم رجال الكنيسة، ومع بداية القرن العشرين بدأ تغير جذري في عملية ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين الألمان، وإن ظلت عملية الترجمة بعيدة إلى حد ما عن قواعد الترجمة الحديثة ونظرياتها.
وتحاول الدراسة سدَّ الفجوة ما بين النظرية والتطبيق فيما يتعلق بتطور نظريات الترجمة الحديثة ومناهج المستشرقين الألمان في ترجمات القرآن الكريم وذلك من خلال:
إلقاء نظرة تاريخية على مناهج المستشرقين وطرقهم في ترجمات القرآن الكريم باللغة الألمانية، وتحليل ثلاث من أهم الترجمات الاستشراقية للقرآن الكريم باللغة الألمانية، مازالت مستخدمة ومنتشرة في الوسط الأكاديمي والشعبي في ألمانيا، وذلك من خلال عرض مناهج تلك الترجمات وطرقها على نظريات الترجمة الحديثة، والترجمات هي لماكس هيننج (Max Henning) (1901م)، ورودي بارت (Rudi Paret) (1966م)، وهانز تسيركر (Hans Zirker) (2003م)، وقد راعينا في اختيار الترجمات- بجانب أنها مازالت مستخدمة في الوسط الأكاديمي والشعبي - أنها تستوعب فترة زمنية تمتد من بداية القرن العشرين وحتى عام (2003م)، وبهذا تسمح بإعطاء نظرة تاريخية عامة على تطور مناهج الترجمة عند المستشرقين الألمان وتسلط الأضواء على ما آلت إليه الترجمات الاستشراقية على مدى قرن كامل.
كما تحاول الدراسة وصل النظرية بالتطبيق من خلال توضيح إمكانية الاستفادة من نظريات الترجمة الحديثة مثل النظرية الوظيفية ونظرية النص في ترجمات معاني القرآن الكريم مع مراعاة خصوصية النص من القداسة والجمال، ولا سيما أن أغلب مترجمي معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية ـ مع دقة بعضهم ـ لا ينتمون إلى حقل الترجمة بالمعنى الأكاديمي العلمي.
أولاً - عرض تاريخي لترجمات القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية
اختلف المهتمون بظاهرة الاستشراق في تحديد تاريخ نشأته وأسبابه، لكنهم اتفقوا على أن الاستشراق هو دراسة أديان ولغات وآداب وعادات وتقاليد وحضارات شعوب الشرق منذ أقدم العصور وحتى العصر الحاضر( ). وقد كان الإسلام ولا سيما القرآن من أكثر ما ركز عليه المستشرقون أبحاثهم وأولوه عنايتهم دراسة وتدريساً وبحثاً ونقداً، وذلك لما للقرآن من مكانة في تاريخ الدين والحضارة الإسلامية واللغة العربية، فهو مصدر التشريع الأول في الإسلام وهو كتاب العربية الخالد وهو النص الذي قامت عليه الحضارة والعلوم الإسلامية، فلا غرو بعد هذا كله أن يكون القرآن هو بؤرة اهتمام المستشرقين عامة والألمان على نحو، فقد ركز المستشرقون الألمان جل أبحاثهم على دراسة النص القرآني والقراءات وعلاقة القرآن بالكتب السماوية الأخرى، ويدخل ضمن تلك الدراسات القرآنية ترجمات القرآن باللغة الألمانية، وهو موضوع البحث الذي بين أيدينا.
وبداية فإن ترجمات القرآن إلى اللغات الأوروبية تعد بمنـزلة تحول استراتيجي في العلاقة بين الغرب والإسلام، فمن خلال تلك الترجمات تغيرت العلاقة من المصادمات العسكرية إلى المصادمات الفكرية الجدلية وانتقلت ساحة النـزاع من ميدان الحرب إلى ميدان النص، يدل على ذلك الخطاب الجدلي الذي نشأت فيه أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية، والتي دعا لها بطرس المبجل (Petrus Venerabilis) (1092-1157م) رئيس دير كلوني، وقام بها روبرت فون كيتون (Robert von Ketton) بمساعدة الألماني هرمان دالماتا (Hermann Delmatta)، وقد انتهى العمل في هذه الترجمة عام (1143م)، ومن المفارقات العجيبة أن هذه الترجمة ظلت حبيسة الأدراج مدة (400) عام إلى أن تدخل بعض رجالات الدين وعلى رأسهم مارتن لوثر، لكي تخرج هذه الترجمة أخيراً إلى النور عام (1543م)، وبالطبع كان الهدف من إخراجها هو دحض الدين الإسلامي ونقده وليس الحوار معه، وذلك من خلال مغالطات لغوية ودينية احتوتها هذه الترجمة. وكان السبب في تلك المغالطات اللغوية والعقدية هو صعوبة فهم النص القرآني في اللغة العربية، وترجمته إلى اللغة الهدف من جهة، ومن جهة أخرى خوف المترجمين من الترجمة الصحيحة لمعاني القرآن الكريم، وهو الذي تحتوي في جملة ما يحتويه على الرد على معتقداتهم وإثباته للدين الإسلامي وأن القرآن هو كلام الله تعالى( ).
إلا إننا مع كل هذا يمكن أن نعدَّ هذه الخطوة عملاً لا يخلو من إيجابيات، وخطوة مهدت الطريق للحوار بين الإسلام والغرب فيما بعد، كما أننا إذا نظرنا إلى هذه الترجمة بعين العصر وفكره الذي نشأت فيه، فقد كانت هذه الترجمة نقطة الانطلاق للتعرف على الإسلام من خلال نصوص الإسلام، أي القرآن نفسه، وليس من خلال نصوص منتقديه ومعاديه، وهي نقطة مهمة جداً، كما أن هذه الترجمة كانت حجر الزاوية الذي بنيت عليه ترجمات أخرى أكثر تدقيقاً واعتدالاً إلى جميع اللغات الأوروبية الأخرى، وكانت سبباً في تعرف أصحاب تلك البلاد على كتاب الله تعالى ودينيه الحنيف.
وكان من بين الترجمات التي تلت تلك الترجمة ترجمة سالمون شفايجر (Salomon Schweiggern) لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية عام (1616م)، في مدينة نورنبرج الألمانية، وهي أول ترجمة ألمانية لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية قامت على ترجمة إيطالية سابقة، ثم تلتها ترجمات أخرى باللغة الألمانية مثل ترجمة ديفيد فريدريش ميجرلين(David Friedrich Megerlin) في فرانكفورت عام (1772م)، وبعدها بعام صدرت ترجمة أيبرهارد بويزين(Friedrich Eberhaed Boysen) في مدينة هاله الألمانية ثم ترجمة الكاهن اليهودي ليون أولمان (Ludwig Ulmann) في مدينة كريفيليد (1840م)، ثم تلك الترجمة التي قام بها أيضاً الكاهن اليهودي لاتسروس جولدشميت (Lazrus Goldscmitt) عام (1893م)، في برلين، ثم جاء بعد ذلك الألماني فريدرش ريكارت (Friedrich Rückert) (1788م-1866م) بترجمة شعرية، قام بتحقيقها ونشرها هارتمت بوبتسين (Hartmut Bobzin) الأستاذ بجامعة إرلنجين بألمانيا عام (1995م)،( ).
ومن أهم الترجمات الاستشراقية باللغة الألمانية على الإطلاق ترجمة ماكس هيننج (Max Henning) الصادرة عام (1901م)، والتي صدرت في أكثر من طبعة وحققها أكثر من واحد، منهم الأستاذة الجامعية والكاتبة الإسلامية أنا ماري شيمل، وكذلك أعاد تحقيقها ومراجعتها المسلم المشهور بكتاباته الإسلامية القيمة مراد هوفمان.
كذلك تعد الترجمة الشهيرة للمستشرق الألماني الكبير رودي بارت (Rudi Paret) عام (1966م)، من أهم الترجمات الاستشراقية باللغة الألمانية، إذ تعد هذه الترجمة مرجعاً أساسياً لدى أساتذة الاستشراق وطلابه في ألمانيا؛ لما تتميز به تلك الترجمة من أسلوب علمي، أراد صاحبها أن تحتوي في متنها على شروحات وتعليقات لتقريبها من النص القرآني، فخرجت الترجمة مجهدة للقارئ العادي، وأفقدت النص القرآني في ترجمته بلاغته وجمالياته.
وكان آخر ما صدر من ترجمات المستشرقين الألمان هو ترجمة هانز تسيركر (Hans Zirker) عام (2003م)، وهو حالياً أستاذ متفرغ بجامعة إيسن ودويسبورج بألمانيا، وله دراسات جادة وأصيلة فيما يتعلق بالقرآن الكريم وعلومه.
وأكتفي هنا بالإحالة إلى الترجمات الاستشراقية دون غيرها؛ لكي نبقى في موضوع البحث من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد أفرد للنقد والتعليق على ترجمات معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية في عمومها أكثر من باحث وعالم في دراسات وأبحاث لغوية وعقدية باللغة العربية والألمانية( ).
وإذا تتبعنا الترجمات الاستشراقية باللغة الألمانية، نجد أن دوافع المستشرقين الألمان واهتماماتهم بالدراسات القرآنية قد اختلفت؛ طبقاً لاختلافاتهم الفكرية والأيدولوجية من كونهم مستشرقين لاهوتيين أو علمانيين، ويجمل هويدي( ) تلك الدوافع في تقديم صورة مشوهة عن الإسلام في العالم الغربي من خلال بعض الترجمات المغلوطة، وتزويد نصارى الغرب بالحجج اللازمة من خلال النص المترجم؛ لتثبيت إيمانهم ومجابهة الخطر الإسلامي، وكذلك تزويد المشتغلين بالتنصير بترجمة معاني القرآن الكريم لتثقيفهم بالنص القرآني، وهو ما يمكن مساعدتهم على فهم الآخرين للرد عليهم ونشر النصرانية، كما كانت الترجمة عند البعض سبيلاً لفهم الحضارة والعقيدة الإسلامية بطريقة موضوعية بهدف الدراسة والتحقيق. وقد لعبت ترجمات معاني القرآن الكريم في ألمانيا دوراً أساسياً في تطور الدراسات الإسلامية والعربية والدراسات المقارنة بين الإسلام واليهودية والنصرانية من ناحية، والقرآن والتوراة والإنجيل من ناحية أخرى، وكانت ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية سببا مباشراً أو غير مباشر في ظهور مناهج نقدية جديدة وتطور في حركات الإصلاح في ألمانيا على يد مارتن لوثر ورؤيته في أن فهم النص المقدس ليس حكراً على رجال الكنيسة( ).
وفيما يخص الدراسات القرآنية عموماً في الاستشراق الألماني فقد رأى بعض المستشرقين الألمان في نص القرآن الكريم مصادر يهودية وبعضهم مصادر نصرانية، ورأى بعضهم أن التشابه في القصص والمحتوى القرآني يعود إلى وحدة المصدر كما هو الحال في علم اللغة المقارن الذي يرى في الظواهر اللغوية المشتركة بين مجموعة من اللغات دليل على وحدة الأصل والمصدر في هذه اللغة( ).
وإذا قارنا السياق الذي نشأت فيه الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية مع السياق الذي نشأت فيه ترجمات ما يسمى بالكتاب المقدس فيما يتعلق بنظرية الترجمة الحديثة، نرى أن ترجمة الكتاب المقدس كانت هي الأساس ونقطة الانطلاق نحو نظرية الترجمة الحديثة مثلما هي الحال في ترجمة نايدا للكتاب المقدس ونظريته في الترجمة المبنية على ذلك عام (1964م)، أما السياق الذي نشأت فيه ترجمات معاني القرآن الكريم في الغرب فقد كان سياقاً أقرب إلى الجدل منه إلى الناحية العلمية( ).
وقد ذكر نديم إلياس( ) أساليب الافتراء على النص القرآني من خلال الترجمة مع بيان أمثلة لها من واقع الحياة في ألمانيا، أكتفي هنا بذكر بعض طرقها، وهي الاقتباس الجزئي المخل للصورة الشاملة، ونزع آيات من سياقها العام أو الخاص، ومنها استنتاج حكم عام من آيات مخصصة للحكم، ومنها أيضاَ تجاهل أسباب النـزول والناسخ والمنسوخ. هذا وقد أدت تلك الترجمات المغلوطة إلى تجديد الشبهات حول الإسلام والقرآن، والتي تدور مجملها حول آيات الجهاد والقتال في القرآن، وأحكام المرأة في القرآن ونظرة القرآن للآخر وموضوع حرية العقيدة والتسامح.
ولا نريد أن نخوض في الرد على تلك الشبهات، فالمكتبة الإسلامية غنية في هذا الباب والنص القرآني معبر عن نفسه في هذه القضايا بمعان واضحة الدلالة، كما أن تاريخ المسلمين في مجدهم حقيق بالرد على هذه الشبهات وتفنيدها، فقط ما أردناه هو محاولة توضيح أثر الترجمة المغلوطة وسوء التعامل مع النص القرآني في رسم صورة مشوهة للآخر، ومن ثم وجوب التعامل بحذر مع نص القرآن الكريم وترجمة معانيه وكيفية توظيف العلوم الدينية والدنيوية لخدمة كتاب الله تعالى وفهمه، والسؤال الآن هل من سبيل إلى هذا؟
هذا ما تحاول الدراسة التي بين أيدينا الإجابة عنه من خلال وصل النظرية بالتطبيق وتوضيح إلى أي مدى يمكن الاستفادة من نظريات الترجمة الحديثة مثل النظرية الوظيفية، ونظرية النص في ترجمات معاني القرآن الكريم مع مراعاة خصوصية النص من القداسة والجمال، ولا سيما أن أغلب مترجمي معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية – مع دقة بعضهم – لا ينتمون إلى حقل الترجمة بالمعنى الأكاديمي العلمي.
ثانياً – مناهج المستشرقين الألمان في ترجمات القرآن الكريم: نماذج مختارة
وسأحاول في الصفحات التالية التركيز على ثلاث من أهم الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية، مازالت مستخدمة ومنتشرة في الوسط الأكاديمي والشعبي في ألمانيا وذلك من خلال عرض مختصر لمناهج تلك الترجمات وطرقها على نظريات الترجمة الحديثة، والترجمات هي لماكس هيننج (1901م)، ورودي بارت وهانز تسيركر (2003م)، وقد راعينا في اختيار الترجمات- بجانب أنها مازالت مستخدمة في الوسط الأكاديمي والشعبي - أنها تشمل فترة زمنية تمتد من بداية القرن العشرين وحتى عام (2003م)، وبهذا تسمح بإعطاء نظرة تاريخية عامة على تطور مناهج الترجمة عند المستشرقين الألمان على مدى قرن كامل.

1- ترجمة ماكس هيننج (Max Henning)
تعد ترجمة ماكس هيننج من أكثر الترجمات الألمانية انتشاراً، وذلك نظراً لجودتها وتوفرها في طبعات مختلفة وبأسعار في متناول الجميع، وقد صدرت هذه الترجمة عام (1901م) ثم عام (1960م) بتحقيق من أنا ماري شيمل، ثم عام (1968م) من كورت رودولف، وأخيراً عام (1998م) من مراد هوفمان.
وشخصية المترجم ماكس هيننج ليست معروفة تماماً، وأكثر الظن أنه اسم مستعار لعالم اللغة العربية أوجست مولر الذي نشر عام (1888م) ترجمة ريكارت الشعرية لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية، وقد أثرت ترجمة هيننج هذه في كثير من ترجمات المستشرقين وغير المستشرقين لمعاني القرآن الكريم، مثل ترجمة الأحمدية (1939م)، وترجمة عادل خوري عام (1945م)وترجمة محمد رسول عام (1986م)( ).
أما فيما يتعلق بمنهج الترجمة عند ماكس هيننج فقد اتبع أسلوباً في الترجمة حافظ فيه على القرب من معنى القرآن الكريم، وقد تجنب فيه التكلف في لغة الترجمة، فقد حافظ على بساطة العبارة بما يناسب اللغة الألمانية، ويقول هوفمان وهو الذي حقق وقدم للطبعة الأخيرة لترجمة هيننج: ((إن هيننج قد استحدث أحياناً تعبيرات ألمانية لتفي بالمعاني العميقة والمتعددة للمصطلحات القرآنية، كذلك فقد التزم هيننج ترجمة جميع الكلمات المتشابهة ترجمة موحدة حيثما وردت بغض النظر عن السياق)).
ولنأخذ مثال ترجمة سورة الإخلاص( ) عند هيننج:
Im Namen Allahs, des Erbarmers, des Barmherzigen!
1. Sprich: Er ist der eine Gott,
2. Der ewige Gott;
3. Er zeugt nicht und wird nicht gezeugt,
4. Und keiner ist Ihm gleich.
ونلاحظ في ترجمة هننج سهولة العبارة في اللغة الألمانية وعدم التكلف والبعد عن التعقيد، حيث اكتفى مثلاً بترجمة كلمة ((الصمد)) بـ der)) ((ewige Gott أي ((الإله (الله) الخالد)) ولم يحاول إثقال النص في اللغة الهدف بما لا تتحمله من معان كما فعل رودي باريت في ترجمته لنفس الكلمة. ولو أردنا أن نترجم النص ترجمة عكسية لكان نصاً مفهوما:
قل: هو الله الواحد
الله الخالد
لا يلد ولم يولد
ولا يساويه أحد
2- ترجمة رودي باريت (Rudi Paret)
وتعد ترجمة بارت لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية ترجمة بحثية، وقد تفرغ بارت للدراسات والأبحاث القرآنية( ) ويعد علماً من أعلام المستشرقين المعاصرين في ألمانيا، كما تعد ترجمته مرجعاً عند طلبة الاستشراق ودارسيه، حاول صاحبها - وكان أستاذاً للعلوم الإسلامية بجامعة توبنجن بألمانيا - أن يجعل منها مرجعاً علمياً وترجمة شاملة تسع النص القرآني وجملة دلالاته في اللغة العربية، وكان لهذه الغاية أثر في ترجمته في منهجها ولغتها وأسلوبها، فقد أثقل النص المترجم في اللغة الهدف أي الألمانية بجملة من الشروحات والتعليقات داخل أقواس متداخلة، جعلها تخاطب القارئ المتخصص أكثر من الجمهور العادي، ويحاول بارت أن يشرك القارئ والمتلقي في النص بمعنى إتاحة الفرصة له للتعرف على قراءات مختلفة داخل النص القرآني، بل أحياناً وضع علامات استفهام إشارة إلى تعسره في فهم التعبير القرآني، إلا إن هذه الطريقة وإن كانت مستخدمة في الترجمة عموماً- تُخل بالغرض الذي من أجله وضعت الترجمة أصلاً وهو التفسير والإيضاح في اللغة الهدف، فهو بذلك يزيد من غرابة النص.
ولنأخذ المثال نفسه لترجمة سورة الإخلاص( ) عند باريت:

Im Namen des barmherzigen und gnädigen Gotte.
1 Sag: Er ist Gott, ein Einziger, 2 Gott, durch und durch (er selbst) (?)(w. der Kompakte) (oder: der Nothelfer (?) w. der, an den man sich (mit seinen Nöten und Sorgen) wendet, genauer: den man angeht? ). 3 Er hat weder gezeugt, noch ist er gezeugt werden. 4 Und keiner ist ihm ebenbürtig. (Übersetzung nach Paret)

ونلاحظ في الترجمة كثرة الأقواس والتعليقات والشروحات مع وضع علامات الاستفهام داخل النص، ومحاولة ترجمة أغلب معاني المفردات بطريقة حرفية ومعنوية في آن واحد، كل هذا ساعد على غرابة النص وصعوبة تلقيه من قبل القارئ ناهيك عن السامع، ولو أردنا أن نترجم النص ترجمة عكسية لتعذَّر المعنى تماماً ولصار بعد الترجمة:
قل هو الله، الواحد، الله، القائم بذاته (من خلال نفسه) (؟) (حرفياً: المتماسك) (أو النصير في الشدائد (؟)، حرفياً: الذي يتجه إليه المرء (في شدائده وهمومه)، وبمعنى أدق الذي يقصده المرء؟). لم يلد ولم يولد، وليس أحد نداً له.
أكثر من ذلك يمكن انتقاد ترجمة بارت في نقطة جوهرية أخرى وهي إهماله تماماً للجانب الجمالي في الترجمة الذي جعل أحد الكتاب المشهورين في ألمانيا وهو نفيد كرماني، ينتقده بشدة بقوله:
((... إن ترجمة باريت، وبالذات في دقتها المثيرة للنقد، ليست سيئة فحسب، وإنما هي خاطئة، إذ إنها تعطي فكرة خاطئة عن القرآن، إنها لا تقدم لقارئها بأي حال نفس المضمون، الذي تحتويه الآيات في نصها الأصلي...( ) ))
3- ترجمة هانز تسيركر (Hans Zirker)
وهو أستاذ متفرغ في اللاهوت وعلوم القرآن بجامعة أيسن ودويسبورج، له كتابات أصيلة عن القرآن الكريم وتأويله وترجمته( )، كان آخرها كتابه بعنوان ((القرآن – مداخل وقراءات)) عام (1999م).
والترجمة التي هي محل البحث صدرت عام (2003م)، في طبعة فاخرة بسعر مرتفع حوالي 50 يورو، وهذا السعر يحد من انتشار الترجمة داخل المجتمع الألماني، الذي يتراوح فيه سعر الترجمة من خمسة إلى 30 يورو، وتتميز ترجمة تسيركر لمعاني القرآن الكريم بأنها ترجمة جديدة في أسلوبها وتعاملها مع النص القرآني، فهي تحاول توظيف الدراسات اللغوية القرآنية الحديثة لفهم النص القرآني بشكل أفضل، ولا سيما المواضع المتشابهة والصعبة الفهم، كما تتميز بطريقة تعاملها مع المصطلحات الجوهرية في القرآن، من قبيل ترجمة لفظة الإسلام والقرآن بالمعنى اللغوي والاصطلاحي أحياناً حسب سياق الآية، وهو منهج جديد يحتاج إلى دراسة مستقلة تبحث في المواضع كل على حدة، ومن ثم لا يمكن إعطاء حكم عام على هذا المنهج قبل بحثه تفصيلياً.
وتقترب لغة الترجمة من اللغة الألمانية الأدبية الرفيعة والمفهومة الآن، وتوظف العناصر اللغوية وغير اللغوية كطريقة إخراج الترجمة وتنسيق الكتابة بطريقة بصرية تساعد على معرفة النص، وتعد ترجمة تسيركر ليست مجرد ترجمة وتفسير فحسب، وإنما تتعداها لتكون إسقاطاً عملياً لخلاصة أبحاث من المترجم وغيره تتعلق بفهم النص القرآني، وهذا منهج جديد ذو شأن يمكن الاستفادة منه كثيرا وإن كان الأمر – كما أشرنا - يحتاج إلى بحث مستقل لبحث المسألة في ضوء العقيدة الإسلامية.
ولنأخذ أيضاً المثال نفسه لترجمة سورة الإخلاص( ) عند تسيركر:
Im Namen Gottes, des Allerbarmenden und Barmherzigen.
1 sag:
))Er ist Gott, ein Einziger,
2 Gott, der Allüberlegende.
3 Er hat nicht gezeugt und ist nicht gezeugt worden.
4 Nicht einer ist ihm gleich. ((
ونلاحظ من هذه الترجمة اعتمادها على عناصر الإخراج الطباعي بغرض تقريب المعنى، مثل فصل فعل القول عن مقول القول، وعمل مسافات معينة بين أجزاء النص, وإفراد بعض الكلام بسطر جديد للتركيز عليه، ولعل أكثر ما تظهر فيه هذه النقطة عند تسيركر لدى ترجمته لنهايات الآيات من قبيل ﮋﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮊ [البقرة: ١٧٣] وﮋ ﰀ ﰁ ﰂﮊ [آل عمران: ١٢١] وهكذا. كما نلاحظ جودة اللغة وسهولتها بحيث لو ترجم النص السابق مرة أخرى إلى العربية لكان:
1 قل:
((هو الله، أحد،
2 الله المتعالي على كل شيء.
3 لم يلد ولم يولد
4 وليس أحد مساوياً له))

والمتتبع لسيرة ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية يجد أن تطوراً جوهرياً قد طرأ عليها منذ بداية القرن العشرين، فقد اختفت تلك المعارضة والمجابهة الظاهرة مع القرآن والإسلام في ثنايا النص، وقد ظهرت بعض الترجمات الجادة القائمة على أساس علمي من قبل المستشرقين، وإن كان هذا لا يعنى العرض الموضوعي التام في عملية الترجمة، ولا سيما في مقدماتهم والأفكار التي بين السطور.
ثالثاً - نظريات الترجمة الحديثة وترجمات معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية
تطورت دراسة الترجمة في ألمانيا في السنوات الأخيرة حتى صار ((علم الترجمة)) (Übersetzungswissenschaft) علماً قائماً بذاته، وغدا للترجمة أقسامها ومعاهدها الأكاديمية الخاصة التي تمنح فيها الدرجات العلمية بدءاً من الليسانس وحتى الدكتوراه، ويرتبط علم الترجمة حالياً ارتباطاً وثيقاً بعلم اللغة الحديث وعلم الحضارة وعلم الاتصال وعلوم أخرى، وقد تطورت داخل هذا العلم مباحث وقواعد الترجمة حتى أصبحت هناك ((نظريات الترجمة)) (Übersetzungstheorien)، وصار لها منظِّرون يؤصلون لها ويقعدونها على أسس علمية ومنهجية، وقد تخطت هذه النظريات بدءاً من النصف الثاني في القرن العشرين مجرد الكلام عن الترجمة الحرفية أو الترجمة الأمينة أو الترجمة الحرة إلى ما يعرف بنظريات الترجمة الحديثة مثل نظرية التكافؤ والنظرية الدلالية ونظرية النص والنظرية التداولية والوظيفية، ولكل من تلك النظريات أسس ومبادئ علمية وطرق منهجية مؤصلة( ).
لقد ظلت نظرية الترجمة حتى نهايات القرن العشرين تدور بين ثنائية الترجمة الحرفية أي كلمة بكلمة والترجمة الحرة أي معنى بمعنى، وقد سادت هذه الثنائية في العالم العربي على حد سواء حتى جاءت الثلاثية التي وضعها دريدان (Dryden) في القرن السابع عشر وهي: الحرفية (metaphrase) بمعنى ترجمة كلمة بكلمة وسطر بسطر، والنقل بتصرف (paraphrase) إذ يهتدي المترجم بالمؤلف في نقل المعنى، بيد أنه لا يلتزم بألفاظه تماماً، والمحكاة (imitation) أي عدم التقيد باللفظ ولا بالمعنى، بل إعادة الصياغة أو الاستلهام. وهذه الثلاثية تمثل بدايات الدراسة المنهجية في الترجمة، وتبعتها دراسة تيتلر (Tytler) (1797م)، ثم شلاير ماخر (Schleiermacher) (1813م)، ومن بعده فالتر بنيامين (Walter Benjamin)وكتاباته حول المترجم ومهمته( ).
أما في الوطن العربي فقد بدأت نظرية الترجمة في العصر الحديث مع بدايات اتصال العرب بالعالم الغربي في القرن التاسع عشر، وبخاصة في عهد محمد على الكبير والى مصر آنذاك، والبعثات الدراسية للخارج، وتأسيس مدرسة الألسن على يد العالم الأزهري الكبير رفاعة الطهطاوي، وعموماً فقد احتلت الترجمة عندنا في العالم العربي مكانة ثانوية نظراً لارتباطها بتعلم اللغات الأجنبية بحيث يصبح المتعلم في غير حاجة إليها تدريجياً كلما زادت ثقافته في اللغة الأجنبية المتعلمة وهو ما يطلق عليه الترجمة النحوية( )(Grammatische Übersetzung) ، ثم اختفت هذه الطريقة ليحل محلها المنهج المباشر أو التواصلي والذي يعتمد على التفاعل المباشر والتعليم من خلال المواقف الحوارية واختفاء عملية الترجمة من وإلى اللغة الأصلية، ولكن هذا لا يمنع مدى الإسهام العربي في مجال الترجمة، ولا سيما في بيت الحكمة في عصر ازدهار الترجمة أيام الخليفة العباسي المأمون.
وفي هذا الإطار علينا أن نفرق بين علم الترجمة على أنه علم حديث ومنهجٌ علمي قائم على مجموعة من النظريات والرؤى العلمية والعملية وبين ممارسة الترجمة التي تمتد آلاف السنين( ) منذ أن اختلفت الألسنة وظهرت حاجة الناس إلى الترجمة لتبادل الخبرات والمنافع الإنسانية أو في أوقات النـزاع والحروب، ومع ذلك فإن النظرية والتطبيق وجهان لعملة واحدة، فليس هناك ثمة نظرية بلا تطبيق، وممارسة الترجمة بغير أساس علمي ممارسة ناقصة لا تؤدي الغرض المنشود.
وتتنوع نظريات الترجمة باللغة الألمانية طبقاً لاختلاف منطلقات البحث ومجال التركيز، كما تختلف تلك الدراسات طبقاً لاختلاف رؤاها عن معنى ووظيفة الترجمة نفسها، فمثلاً هنالك نظريات تنطلق من النظام اللغوي (Sprachsystem) وتركز على أوجه الاتفاق والاختلاف في نظام اللغة بين لغة المصدر (Ausgangssprache) ولغة الهدف (Zielsprache)، وتنظر هذه النظرية للترجمة بوصفها عملية نقل بين نظامين لغويين يتحدد المكافئ اللغوي فيها طبقاً لعلاقات المشابهة في أنظمة اللغات، التي غالباً ما تتعدد فيها المقابلات في اللغة الهدف عن اللغة المصدر.
وأحدث من هذه النظرية تلك النظرية التي تعتمد النص اللغوي أصلاً في الترجمة، ومع أن هذه النظرية الحديثة تستقي رؤيتها من عناصر أخرى خارج النص إلا إنها تركز اهتمامها على النص ومقابله في اللغة الهدف، وترى هذه النظرية في الترجمة إنشاءً لنوع من العلاقة بين لغة المصدر ولغة الهدف، ليس على مستوى الكلمة والجملة فحسب وإنما على المستوى الأكبر وهو النص( ).
ولمصطلح ((أنماط النصوص)) (Textsorten) دور أساس في هذه النظرية، إذ تختلف طريقة الترجمة وهدفها طبقاً لنوع ونمط النص المراد ترجمته، فالنصوص الإخبارية (informative Texte) تختلف عن النصوص التعبيرية (expressive Texte) أو النصوص الداعية إلى العمل (appellative Texte) في عملية الترجمة. فالنصوص التعبيرية مثلاً تدل بالدرجة الأولى على موقف المتكلم أو المرسل، ومن ثم فإن الجانب اللغوي الشكلي والبعد الجمالي فيه يلعب دوراً محورياً، وخير مثال على هذا النمط من النصوص هي النصوص الأدبية الشعرية. كذلك فإن النصوص الداعية إلى العمل والمحفزة على شيء ما كالخطب والإعلانات مثلاً، يكون تركيز الترجمة فيها على إيجاد الأثر المناسب في نفسية القارئ أو المتلقى؛ ليتحقق الهدف المنشود في النص، أما النصوص الإخبارية مثل التقارير والوثائق فيكون التركيز في الترجمة على المضمون. ومن ثم فعلى المترجم أن يتبع أسلوباً نثرياً بسيطاً قائماً على المنطق ومركزاً على حقائق النص أكثر من جمالياته، كذلك هناك النصوص الوسائطية مثل الأفلام والمسرحيات وهي النصوص المرتبطة التي ترتبط بصور بصرية أو سمعية، وتكون ترجمتها بما يناسب حال المتلقى وأثرها فيه في لغته وحضارته( ).
وتعد الألمانية كاترينا رايس Katharina Reis من أعلام هذه النظرية، وقد ارتكزت في نظريتها على تقسيمات عالم اللغة الألماني كارل بولر (Karl Bühler) التي استقاها بدوره من كتابات أفلاطون القديمة في كراتيلوس (Kratylos). وقد وجه نقد لهذه النظرية باعتبار أنه غالباً ما تتداخل الأنماط والوظائف اللغوية المختلفة في النص الواحد، لكن هذا لا يمنع أن التركيز يكون غالباً على جانب معين في النص وعلى الوظيفة المهيمنة داخله( ).
ولكن ما الذي يمكن أن تعنيه هذه النظرية فيما يتعلق بموضوعنا وهو ترجمات معاني القرآن الكريم؟
نقول: إننا يمكن أن نستفيد من هذه النظرية في ترجمة معاني القرآن الكريم؛ إذ إن النص القرآني وهو كلام الله تعالى المنـزل على رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) يحتوي على نصوص متنوعة ذات وظائف مختلفة( )، منها ما يركز على الجانب الإخباري أو التعبيري ومنه نصوص داعية ومحفزة على شيء ما، ويدخل في تلك الوظائف الوظيفة الجمالية التي قال بها ياكبسون (Jakobson)، وعلى مترجم معاني القرآن الكريم أن يفرق بداية بين تلك الوظائف ويحدد على أساسها طريقتها في الترجمة، ولكن على المترجم أن يعلم أنه ليست ثمة وظيفة من تلك الوظائف يمكن أن تظهر بمعزل عن الوظائف الأخرى، ومن ثم فعليه أن يتحرى الوظيفة المهيمنة على النص القرآني ليبني عليها طريقته في الترجمة.
والوظيفة المحفزة والإخبارية تهيمن على أغلب النص القرآني؛ لأن الله - سبحانه تعالى – يخبر عباده في القرآن الكريم بما كان وما يكون ليحفزهم للعمل الصالح ويحذرهم من سوء العمل لينالوا الجنة برحمته يوم القيامة. وتتجلى هذه الوظيفة مثلاً في النص القرآني في آيات الوعد والوعيد وآيات القصص القرآني كما تظهر الوظيفة الجمالية للغة في آيات القرآن المكية، ولا سيما آيات الإيقاع اللفظي والمعنوي، وقريب من تقسيم النص القرآني وفق الوظيفة اللغوية تقسيم ابن خلدون لنصوص القرآن الكريم وقوله بتنوع أساليب القرآن، من حيث الأسلوب الخطابي والجدلي والفلسفي داخل النص القرآني.
ولنأخذ ترجمة سورة الإخلاص مثالاً عملياً على ما قيل، ونقارنه بترجمات المستشرقين الألمان ماكس هيننج ورودي بارت وهانز تسيركر، وقد مر التعليق على ترجماتهم على حدة في ضوء ترجمة السورة نفسها، وأكتفي هنا بإعادة النص الألماني مجتمعاً ليتسنى لنا عقد المقارنة بينهم في ضوء نظرية النص بشكل خاص:
ترجمة هيننج:
Im Namen Allahs, des Erbarmers, des Barmherzigen!
1. Sprich: Er ist der eine Gott,
2. Der ewige Gott;
3. Er zeugt nicht und wird nicht gezeugt,
4. Und keiner ist Ihm gleich.
ترجمة باريت:
Im Namen des barmherzigen und gnädigen Gotte.
1 Sag: Er ist Gott, ein Einziger, 2 Gott, durch und durch (er selbst) (?)(w. der Kompakte) (oder: der Nothelfer (?) w. der, an den man sich (mit seinen Nöten und Sorgen) wendet, genauer: den man angeht? ). 3 Er hat weder gezeugt, noch ist er gezeugt werden. 4 Und keiner ist ihm ebenbürtig. (Übersetzung nach Paret)
ترجمة تسيركر:
Im Namen Gottes, des Allerbarmenden und Barmherzigen.
1 sag:
))Er ist Gott, ein Einziger,
2 Gott, der Allüberlegende.
3 Er hat nicht gezeugt und ist nicht gezeugt worden.
4 Nicht einer ist ihm gleich.((
وقد اخترت هذه السورة لمنـزلتها من القرآن الكريم ولقصرها وعمق معانيها، وأنها احتوت - في نظرنا - على الوظائف اللغوية المتنوعة الإخبارية والتعبيرية الجمالية والمحفزة وهو الشاهد في الموضوع، فكونها إخبارية من حيث إنها تخبر في متنها عن وحدانية الله وكمال صفاته تعالى، وكون الوظيفة هنا تعبيرية جمالية يظهر في جمال اللغة ومناسبة اللفظة والمقومات البديعية الأخرى، مثل: اتحاد نهايات الآيات بحرف الدال وقلقة الحرف عند الوقف، وما يحدثه من أثر في نفسية المتلقي، وكذلك تظهر الوظيفة المحفزة من خلال رسالة الله تعالى للمتلقي أن يوحده وألا يجعل لله شريكاً ولا يتخذ من دونه ولداً ولا نداً.
ولو حاولنا أن نختبر ترجمة هذه الوظائف في الترجمات السابقة في ضوء نظرية النص لوجدنا أنهم اشتركوا في ترجمة الوظيفية الإخبارية على اختلاف بينهم، فبينما اكتفى هيننج وتسيركر بتوصيل المضمون عن طريق العرض الموضوعي البسيط، بالغ باريت في عرض المضمون حتى كاد يضيعه، كذلك فإن الوظيفة المحفزة غابت في ترجمة باريت بسبب هذا الإطناب في ترجمة الوظيفة الإخبارية وتكاد تتطابق ترجمة هيننج وتسيركر في الوضوح، أما ما يتعلق بالوظيفة الثالثة وهي الوظيفة التعبيرية الجمالية فتكاد تختفي عند الجميع وخصوصاً عند باريت حيث لا أثر لها، حيث إنه اختزل الوظائف الثلاث في الوظيفة الإخبارية، ظناً منه أن وظيفة اللغة هنا هو مجرد إيراد أكبر قدر من المعاني المختلفة للنص، وفاته أن الرمز اللغوي ذاته - أي جمالية اللفظ- هو جزء من المعنى عندما يتعلق الأمر بالجانب التعبيري للغة.
ولو أردنا مثالاً واضح الدلالة لدقة ترجمة الوظيفة التعبيرية بجانب الوظائف الأخرى في هذه السور، لكانت ترجمة فريدريش ريكارت (Friedrich Rückert)( ):
Sprich: Gott ist Einer.
Ein ewig reiner
Hat nicht gezeugt und ihn gezeugt hat
keiner
Und nicht ihm gleich ist einer.
والترجمة العكسية لهذه السورة عند ريكارت تتشابه كثيراً مع ترجمة هيننج وتسيركر، إلا إنها تختلف عنهما في كونها برعت في ترجمة الوظيفة التعبيرية الجمالية داخل النص القرآني، مما جعلها تتميز بإيصال ((الفكرة))( ) في اللغة الهدف من خلال جمالية اللغة من إيقاع وقافية، كذلك فإن المعايير النصية السبعة( ) التي اقترحها ديبوجراند (De Beaugrande) ودريسلر (Dressler) من التضام (die Kohäsion) والتقارن (die Kohärenz) والقصدية (die Intentionalität) والتقبلية (die Akzeptabilität) والموقفية (die Situationalität) والإعلامية (die Informativität) والتناص (die Intertextualität) موجودة في النص المترجم وهو ما تراه( ) (Horn-Helf) ضرورياً فيه.
وبعد أن عرضنا لنظرية النص في الترجمة وما يمكن أن تساهم به في خدمة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية لا أرى – والله أعلم بمراد كتابه – تعارضاً مع هذه النظرة وكون القرآن مصدراً إلهياً وكلام الله تعالى؛ إذ إننا نتحدث هنا عن الترجمة وليس القرآن والتي نراها نوعاً من التفسير، وهو ما يدل عليه الاستخدام اللغوي للفظة، مثل إطلاق لفظ ((ترجمان القرآن)) على مفسر القرآن سيدنا عبدالله ابن عباس (رضي الله عنهما)، وطالما ارتضينا الترجمة بمعنى التفسير أمكن المترجم أن يجتهد بما يراه يتناسب ونوعية النص، مع الاحتفاظ بخصوصية الرسالة الإلهية للنص القرآني، فالتفسير أو الترجمة ليست لهما درجة القدسية مثل النص القرآني في أصله العربي.
وهناك نظرية قريبة من نظرية النص، وهي النظرية الوظيفية في علم الترجمة، وهي ما يطلق عليها بالألمانية مصطلح (die funktionale Übersetzung)، ومن رواد هذه النظرية في المدرسة الألمانية هانز فيرمير Hans Vermeer الذي أصّل مع كاترينا رايس لمصطلح الهدف أو المغزى في الترجمة (Skopos)، وتقوم هذه النظرية على اعتبار أن الغرض من الترجمة هو الذي يحدد استراتيجيات الترجمة وطرائقها، فجوهر عملية الترجمة ينبغي أن تبنى على أساس وظيفة النص في اللغة المصدر، وإمكانية نقل تلك الوظيفة في اللغة الهدف، وترى هذه النظرية أنه يجب أن يكون النص بعد ترجمته في اللغة الهدف متماسك الدلالة لغوياً وحضارياً، وقد وضع هانز فيرمير( ) نظريته لتكون نظرية عامة يمكن تطبيقها على جميع النصوص، وتقوم رؤية فيرمير على قواعد خمس مرتبة حسب الأولويات، كما لخصها محمد عناني( ) باللغة العربية:
طبيعة النص المترجَم يحددها الغرض منه (Skopos).
يعدُّ النص المستهدف ((عرضاً للمعلومات)) (Informationsangebot) في الثقافة المستهدفة وباللغة المستهدفة بخصوص ((عرض آخر للمعلومات)) في ثقافة المصدر وبلغة المصدر.
لا يعدُّ النص المترجم مُنْشئاً ((لعرض للمعلومات)) يمكن إرجاعه بوضوح إلى شي آخر.
يجب أن يتحلى النص المستهدف بالتماسك والاتساق الداخلي.
يجب أن يكون النص المستهدف متسقاً مع النص المصدر.
ونعود للسؤال نفسه ما الذي يمكن استفادته من هذه النظرية في موضوع ترجمة معاني القرآن الكريم؟
نقول: إننا يمكننا الاستفادة من هذه النظرية بما يمكننا من الوصول إلى القارئ والمتلقى الألماني في لغته وفكره لتقريب المعنى القرآني, ومن ثم رسالة الإسلام باللغة والطريقة التي تتناسب معه، ونقول: إنه يجب علينا ألا نطلب من المترجم أكثر مما ينبغي، ونحمله ما لا يستطيع، فهو مهما أوتي من ملكة ومهارة فلن يستطيع أن يوصل كل ما في القرآن من لغة ومعنى وأثر للمتلقي في اللغة الهدف، وهذه حكمة الله التي أرادها لكتابه لكي يبقى معجزاً في مبناه ومعناه.
إن كان الأمر كذلك فلماذا يضع أغلب مترجمي معاني القرآن على عاتقهم مهمة نقل كل ما في النص القرآني من خصائص لغوية وأسلوبية من تقديم وتأخير ومؤثرات صوتية وبلاغية ودقائق وفروع؟ إنها لم ولن يصل إليها مجتمعة أي مترجم، فهذه أمور تختلف من اللغة العربية إلى غيرها من اللغات كاللغة الألمانية مثلاً.
إنني لا أقصد إهمال ذلك في الترجمة، وإنما أرى أن ننظر إلى الوظيفة والغرض (Skopos) من هذا، ونحاول نقلهما إلى اللغة الهدف ومخاطبة هؤلاء المتلقين في فكرهم قبل لغتهم بما لا يتعارض وأصول القرآن، وترك الدقائق ليحددها إمكان النقل في كل لغة حسب ما تقتضيه اللغة الهدف، فإن كان التعبير بالألمانية يوفي جميع هذه الدقائق الأسلوبية فبها ونعمت، وإلا فلينصرف المترجم إلى نقل الرسالة القرآنية والمعنى الجميل والأثر الطيب لكلام الله تعالى في اللغة الهدف ليتحقق في النص المترجم جودة النص وفعاليته وملاءمته للمقام، وهي العناصر التي تحدد معايير الحكم على النص في علم لغة النص الحديث( ).
ولتوصيل ذلك في النص المترجم أقترح: أن يكون التركيز في الترجمة على احتياجات المتلقى، فعملية التلقي من حيث هي استيعاب وإدراك لرسالة ما تعد جزءاً أساسياً في عملية الحدث التواصلي بين المرسل والمستقبل وبين النص ومتلقيه( )، والنص المترجم مثله مثل أي نص آخر يعتبر نظاماً من الرموز له وظائف مختلفة، ومن ثم على المترجم أن يسأل نفسه قبل الترجمة: لماذا أترجم؟ ولمن أترجم؟ وما هي وظيفة النص المترجم في لغة المصدر؟ وكيف يمكن توصيلها في اللغة الهدف؟ ولا حرج أن تتم الترجمة بطريقة موجهة، مثل: إصدار ترجمات موجهة للمسلمين الألمان حسب معرفتهم بالدين واللغة، وإلى الألمان غير المسلمين حسب درجة ثقافتهم؛ لتقريب المعنى مثل أنواع التفاسير المختلفة.
أما فيما يتعلق بالترجمات العامة لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية التي لا تخاطب جمهوراً معيناً فأقترح:
تصدير ترجمة كل سورة بمقدمة تعرض في شكل نقاط محددة للفكرة العامة للسورة، وسبب النـزول إن أمكن، حتى تكون بمنـزلة معين للقارئ الألماني، وتكشف له سياق السورة ليتواصل مع ترجمة السورة، وهي نقطة مهمة قلما يلتفت إليها المترجمون مع عظيم أثرها في المتلقين، وبخاصة من لم يكن منهم على دراية بالدين واللغة.
استخدام لغة معاصرة لا يخلو من جمال في اللغة، تشد المتلقي لها وتشوقه لمواصلة الاطلاع، فالألمان لهم باع كبير في تذوق الفن واللغة والأدب.
تسهيل النص المترجم من خلال عوامل غير لغوية مثل حجم الترجمة وطريقة الإخراج وفصل أجزاء الآيات بطريقة بصرية تساعد على معرفة المعنى.
أن يراعى الجانب التداولي للغة (die Pragmalinguistik)؛ لأن أغلب الترجمات تركز على الجانب النحوي (Syntax) والمعنوي (Semantik) وتهمل البعد التداولي في استخدام اللغة( ).
ولنأخذ ترجمة الآية الأولى والثانية من سورة الكوثر مثالاً على ذلك، فقد ترجمت كالتالي:
هيننج:
1.Es beherrschte euch das Streben nach mehr,
2. Bis ihr die Gräber besucht.
باريت:
1. Die Sucht, mehr zu haben (als andere), hat euch (so sehr von allem höheren Streben) abgelenkt, 2 dass ihr sogar die Gräber besuchtet (d.h. dass ihr euch sogar bewogen fühltet, eure verstorbenen Angehörigen in den Wettstreit einzubezihen).
تسيركر:
1 Die Eifer nach mehr lenkt euch ab,
2 bis ihr die Gräber besucht.
الشاهد هنا هو ترجمة الآية الثانية ﮋﮎ ﮏ ﮐﮊ ، والمعنى هنا هو ((حتى أدرككم الموت))، ولم يشر أي من المترجمين إلى هذا المعنى التداولي، وبقي المعنى في الترجمة ((حتى زرتم القبور (كأن يزور الإنسان المقبرة ويعود) ))، ومن الغريب أن باريت قد علق على ذلك بين الأقواس بقوله ((زرتم المقابر، بمعنى: أنكم شعرتم أنكم مدفوعون حتى أدخلتم الموتى في العدّ عند المنافسة)) بدلاً من أن يظهر المعنى التداولي الذي أشرنا إليه، ناهيك عن كثرة التعليق بين الأقواس الذي أضر بوظيفة النص التعبيرية.
ونرى أنه يمكن ترجمة الآية على النحو التالي – بعد مراعاة ما تقدم من تقديم للسورة وغيره؛ لإحداث نفس الأثر في نفسية القارئ الألماني والمحافظة على المعنى التداولي للنص في ضوء النظرية الوظيفية في الترجمة:
1. Es lenkte euch ab das Streben nach mehr,
2. bis ihr die Gräber bewohntet.

الخاتمة
أدت حروب الخليج وأحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من مستجدات على الساحة الدولية إلى مزيد من البحث من قبل المستشرقين ورجال السياسة والمفكرين والاجتماعيين في ظاهرة الإسلام ونصوص القرآن الكريم، وكان من أهم الموارد التي استقى ويستقي هؤلاء معارفهم عن القرآن والإسلام هي ترجمات معاني القرآن الكريم باللغات الأجنبية ومنها الألمانية، وعليه فقد أصبحت تلك الترجمات ليست فقط بمنـزلة ترجمة لنص مقدس، بقدر ما أصبحت نصوصاً محورية تصبغ أذهان قارئيها ومتلقيها الألمان، ومن ثم فنحن عندما نبحث في ترجمات المستشرقين الألمان لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية نبحث في نقل الفكر وليس النص اللغوي فقط.
والقضية أكبر من مجرد الترجمة الحرة بقدر ما هو البحث في أثر تلك الترجمة في متلقيها، وطريقة صياغتها في شكل موجِّهٍ إلى تلك العقلية الألمانية، ونحن واعون بالخطاب العالمي ومدركون للواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية، وحاجتنا إلى الحوار قبل الصدام، مع محافظتنا على ثوابت النص القرآني بدون إفراط ولا تفريط.
من أجل ذلك حاولنا أن نؤصل لتلك الترجمات الاستشراقية استناداً إلى نظريات الترجمة الحديثة؛ لنصل القديم بالحديث ونصل النظرية بالتطبيق، ونرى أن الهوة مازالت عميقة بين الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم وبين نظريات الترجمة الحديثة، وعلينا إذاً أن نستفيد من نظريات الترجمة الحديثة، مثل: نظرية النص، والنظرية الوظيفية مثلاً في ترجمات معاني القرآن الكريم، مع مراعاة خصوصية النص من الناحية العقدية واللغوية، كما أن السؤال عن حال المخاطب هل هو مسلم أو غير مسلم؟ هل هو على دراية ببعض الألفاظ والتعبيرات الإسلامية أو لا، وما درجة ثقافته وتعليمه؟ يجب أن يكون لها دور في عملية الترجمة، لا نقول بتطويع النص للقارئ، وإنما من قبيل: ((خاطبوا الناس على قدر عقولهم))، فالترجمة كما قلنا نوع من التفسير يجب أن تكون موجَّهة، ولا ضير أن نركز على شيء ما أكثر من غيره بغية الإيضاح والدعوة، والأمر فقط يحتاج إلى تطويع تلك النظريات التي بذل فيها مؤصلوها ومنظروها جهداً وعلماً؛ لتتناسب مع ترجمة معاني القرآن الكريم وليس العكس، ومن هنا ندعو إلى تعاون بين علماء الترجمة وممارسيها مع علماء الدين واللغة من العرب والألمان؛ لكي تعم الفائدة وتكون هناك رؤية أعمق في النص المترجم وعلاقته بمستقبليه، والأمر ممكن طالما تحقق هذا وصحت النيات وقصدنا وجه الله تعالى.

ثبت المراجع
• ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية، مراد هوفمان: (ترجمة نديم إلياس) في ندوة: ترجمة معاني القرآن الكريم _ تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل، الفترة من 23 إلى 25 أبريل (2002م)، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
• ترجمة معاني القرآن الكريم بين نظريتين: الدلالية والتداولية، عبدالرحمن بن عبدالله الجمهور و محمد بن عبدالرحمن البطل: في ندوة: ترجمة معاني القرآن الكريم – تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل، الفترة من 23 إلى 25 أبريل (2002م)، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
• ترجمة معاني القرآن الكريم والتحديات المعاصرة، نديم إلياس: في ندوة: ترجمة معاني القرآن الكريم _ تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل، الفترة من 23 إلى 25 أبريل (2002م)، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
• حول إمكانية ترجمة القرآن، نفيد كرماني: في: مجلة فكر وفن، عدد 79، السنة الثالثة والأربعون (2004م)، الناشر معهد جوته (2004م).
• الدراسات القرآنية في ألمانيا: أحمد محمود هويدي– دوافعها وآثارها، في مجلة. عالم الفكر (إصدار: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت)، العدد 2، المجلد 31 أكتوبر – ديسمبر (2002م).
• نظرية الترجمة الحديثة: محمد عناني– مدخل إلى مبحث دراسات الترجمة، الشركة المصرية العالمية للنشر – لونجمان، الجيزة (2003م)

مراجع باللغة الألمانية
• Bobzin, Hartmut: Der Koran im Zeitalter der Reformation. Studien zur Frühgeschichte der Arabistik und Islamkunde in Europa, Beirut, Stuttgart, 1995.
• De Beaugrande, Robert-Alain/ Dressler, Wolfgang Urlich: Einführung in die Textlinguistik, Tübingen, Niemeyer, 1981 (= Konzepte der Sprach- und Literaturwissenschaft; 28).
• Haggag, Mahmoud: Deutsche Koranübersetzungen und ihr Islambild. In: Walter Beltz und Jürgen Tubach (Herg. ), Religiöser Text und soziale Struktur (Hallesche Beiträge zur Orientwissenschaft 31/2001), Halle (Saale), 2001, 175-196.
• Horn-Helf, Brigitte: Technisches Übersetzen in Theorie und Praxis, (UTB für Wissenschaft; 2038), Tübingen, Basel, Franke 1999.
• Kemani, Navid: Gott ist schön. Das ästhetische Erleben des Koran, Sonderausgabe, Becke, Münschen, 2000

• Mansour, Mohammed.: Zur Problematik der Übersetzung des Koran. Ansätze zur Bewertung einiger Übersetzungen ins Deutsche. In: Kairoer Germanistische Studien, Band 10, Kairo 1997, 447-476.
• Max Henning: Der Koran. Einleitung und Anmerkungen von Annemarir Schimmel, Philipp Reclam jun. Stuttgart, durchgesehene und verbesserte Ausgabe 1991.
• Nida, Eugene A./ Charles Taber: Theorie und Praxis des Übersetzens unter besonderer Berücksichtigung der Bibelübersetzung, Weltbund der Bibelgesellschaft 1969.
• Paret, Rudi: Der Koran. Übersetzung. 5. Auflage. Kohlhammer Verlag, Stuttgart, Berlin, Köln, 1989 und 4. Auflage 1985.
• Henning, Max: Der Koran. Das heilige Buch des Islam. Überarbeitet und herausgegeben von Murad Wilfried Hofmann, 2. Auflage, Diedriches, Kreuzlingen, München, Hugendubel 2001.
• Stolze, Radegundis: Übersetzungstheorien. Eine Einführung, 3. aktualisierte Aufl., Tübingen: Narr 2001.
• Vermeer, Hans J. Skizzen zu einer Geschichte der Translation. Bd. 1 und 2 (translatorisches handel wissenschaft), Frankfurt a.M. 1992.
• Zirker, Hans: Der Koran. Übersetzung und Einleitung, Wissenschaftliche Buchgesellschaft, Darmstadt 2003.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك