وثيقة خطيرة حول تسابق الإسلام والنصرانية بإفريقيا

نشرت مجلة كونستيلاسيونConstellation  في عدد ابريل 1961 رقم 4 الخاص بالطب مقالا بقلم بيير اكوص Pierre Accoce بالصحيفة 165 تحت عنوان « التمزيقات الدينية بإفريقيا». والعدد الخاص بالطب من هذه المجلة يشتمل على نصوص في مواضيع طبية بينت عناوينها في الفهرس على واجهة المجلة تحت ترجمة ضخمة مكتوبة بالأحمر نصها: « نصوص ممنوعة على الجمهور». ومعنى ذلك أن المجلة لا تباع للجمهور ولا تقرأها إلا طائفة مخصوصة من الناس المشتركين فيها، والى جانب المقالات الطبية هناك مقالات لا تمت إلى الطب بصلة ولكن تمت إلى بعض الأسرار والأخبار (التي يحسن أن لا يطلع عليها إلا رهط مخصوص من القراء) أو الطارف والتالد من تراجم شخصيات فذة، ومن بين المقالات المنشورة في عدد ابريل 1961 من المجلة المذكورة المقال المشار إليه آنفا.
استهل الكاتب بيير أكوص Pierre Accoce مقاله بأن الندوة كانت مكتومة كتمانا بينا لدرجة أن الشرطة والمصالح السرية ببرلين لم تكن على بينة منها، وأن الصحافة لم تتحدث عنها إذ سبق أن اتخذت احتياطات لذلك وبأنه وقع التعجب من رؤية عدد من القسيسين يلجون تلك العمارة الواقعة بحاشية مطار طمبلهوف Tempelhof بالمنطقة الأمريكية، وبأنه كان هناك دعاة دينيون من إفريقيا كما كان هنالك رجال الكهنوت من ألمانيا الشرقية، وبأن الاجتماع كان خطيرا لأن الدعاة كانوا يترجون اكتشاف الدواء لأفدح أزمة لم يتقدم لها في الأزل أن زعزعت النصرانية فوق القارة السوداء. ثم قال: أن الكنيسة صارت لا تتقدم هنالك أبدا، وصارت تضطهد شيئا فشيئا في كل جهة وأن أفظع من ذلك متوقع إذ هي مهددة بالزوال، وتساءل الكاتب قائلا: ألم يسبق لزملائهم الألمان أن عاشوا زمنا طويلا الامتحانات الشبيهة بهذه ؟ وزاد قائلا: أن الدعاة (المسيحيين) كانوا يريدون أن يعلموا هل للكنيسة أن تقرر عدم مشروعية منظماتها كلها بل ربما حتى لإقامة الشعائر، وذلك ليتسنى لها أن تصمد في هذه الجهات المحرقة، وأن الجواب الجاف كان مفجعا لأنه كان ايجابيا بالنسبة للكهول وسلبيا بالنسبة للشباب، واتى هنا بتعليل قسيس من ألمانيا الشرقية أخبر عنه أنه قال: «لأن للكهول شخصية» كونها تعليم الكنيسة قبل «بلوغ الحرية الدينية، أما الشباب فإنهم ينزلقون لعوزهم سعة الصدر لهذا الجهاد» كما اخبر أن بيير ب Pierre B الداعية القديم وهو من السافوا Savoyard لاحظ بمرارة بأنهم وصلوا في سنة 1961 إلى حد أنهم هوجموا في مالي وفي غينيا، وصاروا موضع الحديث في إفريقيا الوسطى كلها والسودان. واستمر الكاتب يقول: أن الاضطرابات التي هزت القارة أخفت القرحة. وأنه فيما يتعلق بالعالم، والاستقلال بالنسبة لهذه البلدان الفتية إنما هو إيديولوجيات سياسية يمزق بعضها بعضا، وتحت طي الخفاء هي أيضا ديانات تتجابه، وتساءل مرة أخرى ماذا تستطيعه الكنيسة إذا منعت من التعبير عن نفسها ولا سيما إذا رفض الزنوج الاستماع إليها ؟ ثم أجاب نفسه بقوله: العلامات لا تعوز، فقد سقط إخوان في عدة جهات كما كان يقع في العصور الأولى لنشر الإنجيل، فالأب كورتكويس RP Courtecuisse سقط في الكمرون مع أصحابه معلمي الديانة المسيحية المنتمين لبعثة ساميا، قتلهم بول مومو خليفة فيليكس مومية وكذا الأب تابارTabard والاب دفو Devos وغير هؤلاء وقال عن السودان: أنه ابتدأ بمنع 240 من مدارس المسيحيين، وعاب على الدعاة المسيحيين الإحسان، ونفي 40 قسيسا وحكم على واحد منهم بالسجن الشاق لتوزيعه منشورا، وأن سعادة الكاهن دود أشعرته شرطة الخرطوم بأنه لاحق له في التجول بحرية مع أنه سوداني الأصل.
ونقل عن بيير ب . أن الطائفتين البيضاء والسوداء لم تعودا تتكلمان لغة واحدة منذ أن صارت الرايات الجديدة ترفرف فوق العواصم الافريقية، إذ اتسعت الحفرة بخليط مركب من خيبة وزوال وهم وثقة مخدوعة، وأنه أكد أن كاثوليكيين سيبقون دائما مخلصين للعقيدة متسائلا هل أكثرية المنتصرين سيثبتون ؟.
واستمر الكاتب يقول: كثيرا ما يلوح البرق قبل صوت الرعد. وأتى بقصة تبعث المسلم على التسبح والاستغفار وهي أن قسيس بعثة في فولتا العليا اخبر من طرف أصحابه معلمي تعاليم المسيحية، بنشاط متزايد لوعاظ (مسلمين) في منطقته، فامتطى سيارته النارية وتوجه إلى «لاسافان» ليقوي إيمان أتباعه، وذات صباح أوقف دورته لأن دقات الطبول كانت تعلن أن جاء الحق إلى قريتهم، فتتابع القسيس طريقه، وفي المساء لما كان بصدد الرجوع إلى قريته، انتظره زنجي على الطريق، وعضداه في صورة صليب وقال له: لا تسر بعيدا، فإنهم سيطردونك، ولقد اتفقوا واتفق معهم أيضا أصحابك الأساتذة الذين كانوا يضربوننا على أصابعنا حينما كنا لا نتبعهم في قراءتهم أثناء الطقوس، وذلك أنهم لا يريدون الآهك فالآههم الآن هو الله. » قال: « وكان سكان القرية كلهم مجتمعين حول سيارة للنقل صغيرة، ومرابط (يعني داعية مسلما) واقف يعرض لهم فيلما سنمائيا بمحامد محمد(صلى الله عليه وسلم)، وأن هذه البعثة الإسلامية كانت تعمل منذ زمان بحماس من حيث لا يطلع عليها القسيس، وأن غيبة القسيس كانت كافية لأن يكسب الواعظ القبيلة خلالها، وأنه بالرغم من الضغط الشديد الذي يستعمله النصارى فإن معبدا مسيحيا صار مسجدا، وانه في فلتا العليا التي يحكمها موريس ياميوجو يتكاثر بناء المساجد، في حين أن حاكمها تلميذ متخرج من مدارسهم المسيحية، وإن المساجد تأخذ مراكزها في القرى التي اشتهرت بأن أهلها اعتنقوا النصرانية بينما تتضاعف أربع مرات في المناطق ذات النفوذ الإسلامي».
وعلق الكاتب على هذه القص بأن هذه الانفصالات تؤثر في تسعة آلاف من الدعاة المسيحيين الذين يعيشون في إفريقيا قائلا: أن مالي وغينيا يؤممان مدارسهم دفعة واحدة وبأن راديو كوناكري اخبر في 13 غشت 1960 بيومين قبل عيد انتقال العذراء Assomption  بأن هذا العيد سيحذف من أيام الأعياد وبأن عيد الميلاد Noel وعيد القديسين La toussaint وعيد الارتقاءAscension ، وعيد الفصح Pâques  وعيد الخمسين Pentecote قد اضمحلت في كل من كوناكري والخرطوم، وبأن يوم الأحد لم يعد يوم عطلة، وان يوم الجمعة الذي هو يوم الراح الإسلامي قد عرضه.
وأشار الكاتب إلى أن الإحصائي السويسري بالبلدان المختلفة ص. فافرو C.Fovrod قدر أن الكنيسة كانت محضرة لهذه المباراة العنيفة كما أشار على أن الأب ج. ميشيل المرشد العام لطلبة ما وراء البحار، دفاعا عن الكنيسة بأنها ليست دين المعمرين صار لا يتكلم لهم إلا على الواجب النصراني الذي يقضي بزوال الاستعمار، وصار هؤلاء الطلبة طيلة مقامهم في باريس يعتبرون كاثوليكيين أجانب لدرجة أن الطقوس اللاتينية الفرنسية التي تقع في العواصم، منعت في البعثات، وادخل على الكنيسة« الهانية» وهو النشيد الملكي لبلاد الداهومي بمزامره Sistres ورزازه Gongs. وبأن الرهبان كانوا في كل جهة يتكلمون اللهجات المحلية.
وتكلم الكاتب عن التدابير التي أتخذها الفاتكان أولا بنقل الدور الأصلية لمجامع الرهبنة لتخريج البعثات للدعوة، من باريس على رومة، وان الكاردينالات في روما انكبوا على الخرائط يتساءلون عما هي إفريقيا فإذا بها 220 مليون نسمة، 190 مليونا منها سودان، و8 ملايين كاثوليك ز 12 مليونا بروتستانيا و 12 مليونا من الأقباط في مصر والحبشة و 85 مليونا من المسلمين منهم 47 مليونا بجنون الصحراء.
وانتقل الكاتب إلى الكلام عن كانو العاصمة الشمالية لنيجريا فقال: أنها كمدينة بيكان محاطة بأسوار على دائرة 18 كيلو مترا. مفتوحة فيها عشرة أبواب تقفل بمجرد ما يأتي الليل، وبداخلها يعيش 110.000 من المسلمين وان خارج هذه الأسوار المبنية بالطين الأحمر، يوجد سباتكوري وهو حي الأجانب أي ملاح مزدهر حيث تباع المسكرات والمسرات، وسكانه 30.000 من« الكافرين» (هكذا) منهم بعض أصحاب المذهب القائل بوجود الروح وبعض البروتيستانيين والجل من الكاتوزليك الذي انحدروا من الجنوب ».
قال الكاتب: في كل سنة، حينما يؤدن في الناس بالحج على مكة، تقف في كانو 5افلات الحجادج الأفارقة، وفي كانو تبتدئ الأشياء المهمة إذ يزود هؤلاء الحجاج بالروحانيات كما تزود العجلة بالهواء وتحلق شعورهم ما عدا ما تحت الإبطين، إذ ينتف وتقل الأظفار من الأرجل والأيدي تقليما تاما ويحرم الحجاج بلباس الأبيض الغير المخيط ويمتطون الطيارات مقابل 150.000 فرنك ذهابا وإياب عن كل شخص، وبضربة جناح يطيرون رأسا إلى جدة على أبواب مكة.

« ولم يقو الإسلام الخالص في أية جهة قوته في كانو، ففي كل صباح يسوق الجلاد سكارى الأمس فيجلدهم 40 جلدة على كلاهم لمخالفتهم القرآن، وكانو تفتخر بهذا التعصب، وهي تقع بقلب القارة السوداء وهي المركز القوي الذي شع منه حديث محمد(صلى الله عليه وسلم).
ثم نقل في مقاله أن أ. سادو A. Sadot» حاكم سابق بإفريقيا قال هل: أن هذا الحديث جاء إليها من الأزهر الذي أسس سنة 972 قبل ميلاد جامعة كولونية وجامعة باريس وأنه إحدى الجامعات الأولى في العالم وهي دماغ الإسلام، وان مساحتها تبلغ 000 12 مترا مربعا وأن مناراتها الخمس ترتفع في شرق القاهرة عن كتب من خان الخليلي، وأن ناصرا أعطاها في السنة الماضية ثريا جديدة كأنما يتعهد بطلا رياضيا قبل معركة حاسمة، وان الفسحة الواقعة بين الجامع وقاعة المحاضرات ابعد عنها الباعة الذين كانوا يتركون فيها ىكاما من الازبال، فصارت الآن حديقة، وأن الأشجار غرست بجوانب الأزقة المجاورة لها، وبما أن الحي القريب منها كان في أيام العواصف القريب منها كان في أيام العواصف يغرق الأزهر في الرمال، فقد شيدت بت أربع مطابع تطبع الكتب للزنزج، وان ألف أستاذ ما زالوا بالأزهر يعملون وهم مرتدون العمائم البيضاء والجلاليب ذات اللون الأزرق الغامق كما كانوا منذ ألف سنة. وأضاف قائلا: وإذا كانت الدراسات تطول تسير الآن بسرعة، وأن إفريقيا آكلة الرجال في حاجة إلى مرابطين، ويعني دعاة مسلمين، وأن من حاجة إلى مرابطين، ويعني دعاة مسلمين، وأن من بين 20.000 طالب بالأزهر الآن 5 000 منهم سيكونون غدا وعاظا زنوجا بإفريقيا.
وأخبر أن الدتور نانصيولي Nancioli « dottore» ملاحظ الفاتكان قال أن هؤلاء الوعاظ كانوا يتوجهون من القاهرة على أرجلهم ضمن قوافل حاملين في مزاودهم زادا وآيات من القرآن في محافظ من الجلد، وأنهم يأخذون الآن الطائرات الحافلات التي تغدو وتروح في سماء إفريقيا، أو هذه السيارات الكبيرة للنقل التيب يشحنونها بالأفلام، وقد مثل فيها الزنوج أنفسهم كما يشحنونها بالآلات الراديو من نوع ترانزيستور التي تتمشى ببطاريات صغيرة، وأنهم يوزعون هذه الآلات بالمجان في كل القرى، وأنه يسمع منذ مدة في التخوم ذات الأدغال التي يصعب الوصول إليها، « صوت العرب» من دكار إلى زنجبار ومن الرأس إلى أديس أباب بست لغات افريقية طيلة عشر ساعات في كل يوم، ,انه بعد بضعة أسابيع ستنطلق إذاعة أخرى: « صوت الإسلام»(1) وستحمل هذا الدين إلى النار ».
وجاء في المقال أن جمال عبد الناصر وافق على تضحيات جسيمة إذ خصص مبلغا سنويا يفوق 500.000  جنيه سنويا من أجل تحويل وجهة الدول الفتية إلى القاهرة، وأن هذه الدول ستجد بها معونة ونصحا، وأنه إذا كان الشيخ محمود شلتوت عميد الأزهر الجديد صرح يوم تنصيبه بقوله: «نحن لا نكره أحدا على الدخول في ديننا وأن علاقتنا مع الفاتكان من أحسن ما تكون ودا ومتانة»، فان سيد الجمهورية العربية المتحدة أطلق في طي الخفاء، عبد العزيز إسحاق رئيس الجمعية المسماة« إفريقيا» الواقعة بالزمالك، وأن لهذا الفتى الذي يحمل النظارات مظهر الرزانة وأنه لا يعطل أبدا، وأن منظمته هي التي تؤمم المدارس الكاثوليكية في إفريقيا كلها، وأنه من الزمالك أيضا يمطر الأفارقة صحفا ومناشير وأن من جملة ما أذيع منشور: «أن الدعاة النصارى يأمرونكم بأن تتزوجوا إلا امرأة واحدة وذلك من أجل القضاء على سلالتكم، أما الإسلام فانه يسمح لكم بان تتزوجوا أربع نسوة وأن دين النصارى مشوب بالاستعمار وأن الدين الوحيد الجدير بإفريقيا الحرة هو الإسلام». ثم قال في هذا الصدد أن ناصر على حد تعبيره يقتبل في كل عام 2000 طالب من إفريقيا، وأن هؤلاء أنفسهم تراجمة يقومون بالدعاية وتعجب من كون السنغال الذي يرأسه ليوبول سانفور وهو كاثوليكي قد قرر إجبارية تعلم اللغة العربية، وأشار إلى الحملة الواقعة حاليا بإفريقيا بأنها قد وقع تحضيرها منذ عشرة أعوام على يد وعاظ مسلمين وصلوا إذ ذاك مندمجين في التجار المتنقلين،(ديولة هواسيس)، وأنهم كانوا يخدمون الزنوج ليلا بينما كان المسيحيون يقضون أمسياتهم الراقصة أو أمسياتهم المدعو أمسيات الانطلاق، وأنه من السهل على الزنجي أن يصير مسلما فهو مختون، فيكفيه أن ينطق بشهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ليدمج حينئذ في مجموعة اجتماعية هائلة، وسلسلة من نعاضد على مسافة الآلاف الكثيرة من الكيلومترات وأن الزنجي المسلم سيجد دائما الطعام والحصير للنوم عند أخيه في الدين بينما النصرانية تقدم إليه الإيمان بالضحية وتعلمه معنى سوء الضمير وتتطلب منه بنوع خاص تعلم الأصول وقضاء أربعة أعوام في المعلومات المسيحية كما بين الكاتب ما يتخذه الفاتكان من التدابير لصمود في الأراضي التي بقيت مفتوحة أمام النصرانية فقال أن الكنيسة ستفرض وجودها المستمر وزياراتها، وستمارس سياستها التقليدية بإجبار القلوب على خدمة المصالح وعلى الطاعة والخضوع في كل وقت  وحين، وأنها تصنع الآن سلاحا سريا هو تكوين 1800 راهب و 50 أسقفا من الزنوج ومن الآن  فبالإضافة إلى ذلك كل داعية منهم يجب أن يكون أخصائيا في الجغرافية التطبيقية، وستكون له معرفة هامة باللهجات وأصولها.
وذكر الكاتب عقب ذلك أن الأب بلان لا يريدان Blanc laridan أكد أن عدم التفاهم انتشر بين الدعاة المسيحيين ومن دخلوا في دينهم من الأفارقة، لان الرهبان لم يكونوا يعرفون العوائد معرفة كافية، قال: فمثلا «في يوم الجمعة المقدسة من أ<ل عبادة الصليب، يقبل النصارى رجلي المسيح، وقد تعجب الدعاة النصارى من الزنوج زمنا طويلا لأنهم يكتفون بحك  المنخار والذقن بالصنم، إذ القبلة في نظرهم لا يمكن أ، تكون مظهرا للاحترام، وإنما تطبع على الفم خلال الاتصال الجنسي».
ثم إن الكاتب أتى برأي كل من عالمين أحدهما الأستاذ الجامعي الفرنسي الكبير جورج بلانديه Georges Blandier والثاني هو ارنيست فيرنيه Erneste Verner الألماني العالم المتخصص في أصول الشعوب وأخلاقهم.
فساق قول الأول منهما الذي يرى أن الأفارقة الراقين، بما أنهم لا يستطيعون الادعاء بأنهم من أـباع المذهب القائل بوجود الروح، فإنهم يختارون عن غير روية، البروتستانتية أو الكاثوليكية أو يؤثرون عليهما الإسلام لأنه يتطلب منهم أقل المجهودات، وفي الواقع  لا يحصل لهم اقتناع.
ثم ساق قول الثاني الذي يقول بصحة وجهة نظر الأول ويستدل على صحتها بأن للوثنية الإفريقية مكة أي مدينة يحجون إليها، وهي مدينة ويدة التي يبلغ سكانها 18.000 نسمة في بلاد الدهومي ويقع بها هيكل Temple de python أمام الكاثدراثية الأسقفية، وأن ممارسة الفودو(1)Vaudou بهذا الهيكل  شيء عادي، وبان اختلاط أهل الصلاح من النصارى وكبار الوثنيين داخل الأضرحة كثيرا ما يقع كما يقع عند زنوج باهية، وبأن الزنوج من جميع إفريقيا يأتون إلى المدارس المخفية للقائلين بوجود الروح في ويدة المذكورة، إذ الإفريقي في حاجة إلى الاعتقاد، بيد أن هذه الحاجة يمزقها شعور جديد وأفاض الكاتب في الاستدلال بكلام ارنيست فيريه قائلا: ولئن كانت النصرانية هي دين البيض فان الإسلام هو الآخر يذكر بالنخاسين المتأجرين في الرقيق الذين أدموا القارة طيلة ألف سنة .
وختم الكاتب مقاله بكلام عن ارنيست فيرنيه المذكور، مؤداه أن الزنوج لن يستقروا لأنفسهم دينا كما قال رئيس قبيلة بإفريقيا واستدل على ذلك بكون إفريقيا تتألم من دوار سياسي- ديني غير عادي ويكون دينين سودانيين مترادفين للاستقلال سادا وعما قريب سيكونان دينا واحدا : الأول ولد بالكونجو البلجيكي سابقا مع المتنبي كيمابانجو المدعو كونزه أي الكل وهو خليط من النصرانية والمجوسية ويكون الملايين من الزنوج الماوو واللولو والبالوبة والكونجوليين الفرنسيين سابقا يجلون الكيمابانجوية أي دين كيمابانجو، ويتغنون بأمداح هذا المسيح الذي لبث منبطحا في أوساخ زنزانة بلجيكية في جادوفيل قبل أن يغادر الحياة وهي نفس الزنزانة التي سجن فيها باتريس لومومبا مدة يسيرة قبل موته.

والثاني أنشأه متنبي هو ويليام وادهاريس Wiliam wade Harris الذي أدعى الرسالة سنة 1913 وكان نتيجة للبعثات الميثودية( شيعة بروتيستانية أمريكية) أعطي في رأس الجريد   Cap des palmes  توراة لم يعرف كيف يقرأها، لكنها خدمته لما سجن في ليبريا لرفضه أداء الضرائب، وقد استطاع أن يدخل في دينه موظفي السجن فطرد من البلاد وأخذ يدعو الناس بقوة ويعمدهم طيلة الطريق من ليبريا إلى غانا ثم توفي بهاربير Harper سنة 1929 بعدما القي عصا التسيار بشاطئ العاج ونفي منه سنة 1915.
ويروي الكاتب عن أرنيست فيرنيه أنه في سنة 1945 ظهر دين هاريس مرة أخرى بكيفية كبيرة عشرات الآلاف من الأتباع. وأخذ أخوان دعاة مرتدون جبة للكاهن بيضاء ومنطقة سوداء وعلى ظهر كل واحد منهم صليب كبير، يدخلون الناس في دينهم، وقد كادت أنفاسهم أ، تنقطع لشدة أجهادها، وأقام أحدهم في ابيجان داخل اجامي وبنى مدرسة لتعليم دينه وسمي نفسه بابا، فضحك الناس منه في أ,ل أمره، والآن صار هذا الدين القليل التدوين الجامع بين الكاثوليكية والبروتيستانية والإسلام والمجوسية قويا لدرجة أنه أخذ ينشئ معابده ذات الأجراس الصغيرة في كل جهة على وجه التقريب، ويضايق بشدة الديانات التقليدية.
تم ختم الكاتب خاتمة مقاله بقوله: الم يكن مسيحي من شاطئ العاج يظهر عليه أنه امن قليلا بهذا الدين الذي أثر عليه وقال ش.فافرو Ch.Favrod الدعاة النصارى أتوا إلينا بدين في منبت، فليتركونا الآن نغرسه بحرية وسيراه العالم بعد ذلك قويا مزدهرا.

تعليــــــق
سبق لي في العدد الرابع من «»دعوة الحق» أن بينت تذمر الكنيسة من نشر الإسلام في إفريقيا السوداء، وتحامل كبار رجال الكهنة على الإسلام، والدور السياسي الذي يقوم بت رجال الكهنوت في توجيه السياسة الغربية بهذه القارة. واليوم أضع تحت أنظار المسلمين وثيقة خطيرة تودن بان إتباع النصرانية من الأفارقة لم يعتنقوا النصرانية عن إيمان وإنما لحاجات في أنفسهم كانوا يريدون قضاءها، والدليل على ذلك هو الاعتراف المسجل في الوثيقة الملخصة من كون معلمي المسيحية أنفسهم حينما يحضر الداعية المسلم يعتنقون الإسلام هم ومن في القرية من أتباعهم ويطردون القسيس، وما جاء في كلام ش. فافرو الذي ختم بت الكاتب بيير اكوص مقاله لم يصدر عن مسلم وإنما صدر عن مسيحي لم يتصل بداعية مسلم.
وغني عن البيان أن ما جاء في المقال من الكلام عن الدعوة التي يقوم بها خريجو الأزهر الشريف بإفريقيا وجمعية إفريقيا بالقاهرة والرصيد المخصص للنفقة عليها بإيعاز من رئيس الجمهورية العربية المتحدة لما ينشرح له صدر كل مسلم. ويا ليت الدول الإسلامية المنخرطة في الجامعة العربية تقوم بعمل مشترك في هذا الصدد، ولا يراعي فيه إلا وجه الله والدار الآخرة والسياسة الإسلامية، وان لم يستطع أعضاؤها المسلمون القيام بت في نطاق الجامعة العربية، ففي نطاق إسلامي بحت على أن يكون الدعاة من أهل الكفاءة وأن يزودوا هم والآخرون بالجغرافية التطبيقية على غرار ما يقوم بت الفاتكان الآن ويتعلموا اللغات واللهجات إذ لابد من أن يقابل المنافسون بسلاح يضاهي سلاحهم، وأن تجهز الدول الإسلامية منظمة لذلك جامعة تقوم بالدعوة إلى الله لا في إفريقيا السوداء فحسب بل يمتد عملها إلى حيث تسمح لها إمكانياتها، وداخل البلدان الإسلامية التي أخذ الانهيار الخلقي يتسرب إليها.
وقيل إنهاء كلمتي هذه احمد الله للسودان ومالي وغينيا ونيجريا وفولتا العليا على أن هدى إليه أهلها فالغوا الأعياد التي لا تمت إلى الإسلام بصلة وعلى أن أخذوا يؤممون المدارس الأجنبية المسيحية وعلى أن جعلوا يوم الجمعة في السودان ومالي يوم راحة ، وأدعو الله تعالى أن يوفق الحكومة المغربية إلى تنفيذ إرادة شعبنا الذي برهن هلال جهادنا مع الاستعمار على أنه يريد أن يكون يوم العطلة الأسبوعي الرسمي هو يوم الجمعة وأدعو الله كذلك أن يوفقها حتى تعير الدعاية النصرانية الواقعة في بلادنا طولا وعرضا اهتماما بالغا فتمنعها منعا كليا ولا سيما بالنسبة للمسلمين.

لقد استقل المغرب المسلم بعد جهاد عنيف كان سلاحه فيه هو التمسك بالدين والدعوة إلى الله ، فيجب علينا، وقد استقللنا أن نشكر الله تعالى بالاستقامة وسوك سياسة تجعل من أهدافها المحافظة على التراث المقدس بما له من الحقوق فالإسلام يقول بالتسامح ولكن لا على حساب أرصدته، وأن الفاتكان لا يسمح قط بقيام دعاية إسلامية داخل منطقته، والكراملان لا يقبل مطلقا القيام بدعوة للرأسمالية بمكان يمت إلى نفوذه بصلة والجمهورية الأمريكية لا يمكن أن تسمح بإنشاء مؤسسات شيوعية تدعو لها، على أننا في الوقت الذي ندعو فيه إلى القيام بدرء مفاسد النصرانية في بلادنا ومنعها من الدعاية وبناء مؤسسات وكنائس زيادة على ما هو مبني، لا نخشى مطلقا نجاحها وتمكنها من أهدافها الروحية في هذا البلاد، فلقد تمكنت النصرانية من شاب مثالي نصرته منذ ما يقرب أو يزيد على 30 سنة تدرج خلالها في رتب الكنيسة حتى صار رهيبا وأخيرا نشرت الصحف أنه عاد إلى الإسلام وهو الأستاذ السيد الحاج محمد بن عبد الجليل الذي أزف له ولأسرته التهاني القلبية، لكن الشيء الذي نخشى منه هو التأثير على المدارك، والوسوة لإفساد العقيدة.
والحاصل ما تقوم به الآن حكومات البلدان الإفريقية السوداء الإسلامية المستقلة من درء مفاسد الكفر ومنع الرهبان وإحسانهم ومراقبة من يتخوف من دعاوته ككاهن الخرطوم الذي منع من حرية التجول لمخالفته، ولا شك، لنظام البلاد، ومن اتخاذ يوم الجمعة يوم عطلة وإلغاء الأعياد التي لا تمت إلى الإسلام بصلة وكلها أمور توجب الاغتباط والاعتزاز.

 (1) مذهب إفريقي نقله الزنوج إلى أمريكا

المصدر: http://www.habous.net/daouat-alhaq/item/951

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك