الدعوة للحوار الإسلامي ـ الإسلامي بين الواقع والطموح

قاسم قصير

 

تركت الدعوة التي أطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز لإنشاء مركز للحوار الإسلامي ـ الإسلامي في السعودية ارتياحاً كبيراً لدى العديد من الأوساط الإسلامية والسياسية والشعبية، خصوصاً أن هذه الدعوة جاءت خلال افتتاح مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة، وفي ظل التطورات الخطيرة التي تواجه العرب والمسلمون في هذه المرحلة.

وقد عمل بعض العلماء والمفكرون والإعلاميون إلى الإشادة بهذه الخطوة، لكن بالمقابل طرحت العديد من الأسئلة والاستفسارات حول مدى واقعية الدعوة وكيفية تحقيقها والنتائج المتوقعة منها، خصوصاً أنها تزامنت مع ازدياد موجة العنف في عدد من الدول العربية والإسلامية القائمة على أساس مذهبي أو طائفي.

ففي باكستان قام مؤخراً مسلمون ينتمون إلى مجموعات إسلامية متشددة بقتل 20 مسلماً شيعياً عبر إعدامهم بالرصاص بعد اعتراض الحافلة التي يقلونها.

وفي العراق ازدادت موجة التفجيرات التي تطال مرتادو الحسينيات والمساجد والأسواق الشعبية وزوار المراقد المقدسة.

وفي سوريا تشهد موجة عنف كبيرة بسبب الأزمة السائدة، وبرزت العديد من عمليات القتل والخطف على أساس مذهبي وطائفي.

وفي لبنان نعيش أجواء قلقة ومضطربة من عودة الحرب الأهلية وازدياد الصراع المذهبي والطائفي.

وفي مالي لا تزال المجموعات الإسلامية المتشددة تفرض نظامها الخاص على البلد أن دمرت مراقد الأولياء والعلماء.

ويضاف إلى ذلك إننا لا زلنا نواجه موجات متنوعة من التكفير والتخويف المتبادل بين المذاهب، وانتشرت في بعض الدول العربية ظاهرة التخويف من "المد الشيعي" و"التشيع"، ونشرت مؤخراً إحصائيات تشير إلى أن 53% من المسلمين السنة في مصر يعتبرون المسلمين الشيعة "غير مسلمين"، مع أن مصر هي بلد إسلامي منفتح وأهلها محبون لأهل البيت ونشأت فيها الدولة الفاطمية التي أسست جامعة الأزهر.

كما تنتشر في العديد من الدول العربية والإسلامية التنظيمات الإسلامية السلفية والمتشددة والتي تنظر بسلبية ضد بعض أتباع المذاهب الإسلامية ـ الإسلامية الأخرى وخصوصاً أهل التصوف والتشيع.

إذاً، فإن الأمور على أرض الواقع لا تسر ولا تقدم مؤشرات إيجابية، لكن رغم ذلك فإنه لا بد من النظر بإيجابية إلى الدعوة لإقامة مركز الحوار الإسلامي ـ الإسلامي خصوصاً أنه انطلق هذه المرّة من السعودية ومن ملكها تحديداً.

وكي تنجح هذه الخطوة لا بد أن ترافقها سلسلة خطوات عملية.

 1- وقف كل أشكال التكفير بين أتباع المذاهب الإسلامي والاعتراف المتبادل للمذاهب الإسلامية بعضها بالبعض الآخر.

 2- إصدار فتاوى واضحة وصريحة من كل المرجعيات الدينية بتحريم قتل المسلمين إلى أي مذهب انتموا وسحب الشرعية عن أية مجموعة تقوم بعمليات القتل والتفجير.

 3- تشكيل هيئة علمائية أو قيادية تتولى الذهاب إلى الدول التي تشهد أعمال عنف وقتل من أجل تقديم حلول عملية للأزمات القائمة هناك.

 4- الطلب من كل وسائل الإعلام نشر ثقافة التسامح والاعتراف بالآخر ووقف الحملات بين أتباع المذاهب الإسلامية.

ودعاؤنا لله عز وجل أن تنجح كل المبادرات الإيجابية للحوار الإسلامي ـ الإسلامي، المهم هو جديّة الطرح وخلوص النيات وصدقها.

وكل عام وأنتم بألف خير

المصدر: http://www.husseinalsader.org/inp/view.asp?ID=7399

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك