الحوار في ألمانيا على المحكّ

وفي المؤتمر الصحافيّ الختاميّ، قال رئيس الكنيسة إنّ التسامح لا يأتي ثماره، لأنّ الفروق الحقيقيّة لن تظهر في الحوار، كما هو الحال في قصة الخواتم الثلاثة المتطابقة في الشكل، في قصّة "ناتان الحكيم"، للكاتب ليسنغ. وشدّد الأسقف هوبر بالطلب على أن تظهر الكنيسة "بصورة خاصّة" تميّزها بوضوح عن الديانات الأخرى.
ويتسائل الأسقف هوبر: هل يفتقر الحوار الإسلاميّ المسيحيّ إلى الموضوعات أم أنّه في مأزق لا مخرج منه؟
في الحقيقة هناك توتر في الحوار الإسلامي البروتستانتيّ، وصارت القوى المعتدلة من الجانبين من دون أهميّة في الوقت الحاضر. وهناك أيضاً شعور بأنّ بعض ممثلي الكنيسة يفضّلون الظهور في وسائل الإعلام على الاهتمام بالحوار مع المسلمين.
وهذا الوضع لا يساعد على خلق ثقة متبادلة. وهذه الثقة ضروريّة لمناقشة المسائل الحرجة بالفعل. أضف إلى ذلك أنّ المسلمين غالباً ما يُظهرون فقط الجانب الحسن للديانة الإسلاميّة أثناء حوارهم مع المسيحيين. إنّهم يجدون صعوبات في الحديث عن الظروف السيّئة التي يعيشها الكثير من المجتمعات الإسلامية وعن الجرائم التي تقترف باسم الدين.
ومنذ وقت قصير، قال رئيس الفيدراليّة البروتستانتيّة في فرنسا، جون أرنولد دي كليرمون، أثناء أحد المؤتمرات الإسلاميّة المسيحيّة في باريس، إنّه إذا ما أردنا مستقبلاً إسلاميّا مسيحيّاً فلا بدّ من مواصلة الحوار الأوروبيّ بين المسلمين والمسيحيين. وأثناء هذا المؤتمر الألمانيّ الفرنسيّ أيّد نائب رئيس الكنيسة البروتستانتيّة في منطقة راين لاند، القسّ كريستيان، هذا الرأي من دون أيّ تحفّظات.
ولكن إلى أيّ اتّجاه ينبغي أن تسير الجهود من أجل الحوار في المستقبل؟ هل نبقى على نفس المنهاج؟ إنّه حقّاً لن يكون من الحكمة بمكان.
هذه بعض الاقتراحات التي قد تساعد على دفع عجلة الحوار بين المسلمين والمسيحيين الذي أصابه الشلل في الوقت الحاضر:
1 ـ لمزيد من الحوار العملي وتقليل الحوار الأكاديميّ: إنّ الحوار الأكاديميّ لم يعد الأسلوب الوحيد للنقاش بين المسلمين والمسيحيين. لقد أصبح من الضروريّ أن تكون هناك مشاركة فعليّة بدلاً من الأوراق والدراسات والتصريحات. كما ينبغي ألا يُفهم الحوار على أنّه فقط نقاش بين رجال الدين – الذين هم بالفعل على علم تامّ بالفروق بين الديانتين – ولكن كنقاش بين العامّة الذين لديهم استعداد لتحمّل المسؤولية في المجتمع.
عدم التعالي على الآخر أثناء الحوار: يجب أن يكون الحوار في المستقبل بين المتحاورين مباشرة وليس عن طريق وسائل الإعلام، كما ينبغي أن ينصت كل طرف للآخر. بهذا يمكن أن يكتسب الحوار بالفعل تلك الثقة الضرورية.
توضيح حدود الحوار: من الممكن أن يكون للحوار حدود واضحة وأن يكون على مبدأ: "دعونا نجتمع ونحن على يقين أنّنا لن نستطيع أبداً فهم الطرف الآخر كما يفهم هو نفسه". وبهذا تنشأ الطمأنينة والألفة، وهذه صفات تبدو كما لو ضاع منها بعض الشيء أثناء الحوارات الحامية في الفترة الأخيرة.
بإمكان المسلمين أن يتعلّموا شيئاً من المسيحيين: يستطيع المسلمون أن يتعلّموا الكثير من التطوّرات الكنيسيّة على مرّ التاريخ، ومن خبرات أطراف الحوار المسيحيين. فمن الأشياء المهمّة على سبيل المثال اعتراف الكنيسة البروتستانتنيّة في القرن الماضي بمبادئ الديمقراطيّة وحقوق الإنسان وحياديّة الدولة تجاه العقيدة. إنّ معرفة المسلمين بهذا التاريخ قد يشجّعهم على فهم قضاياهم التي لم تمحّص بعد، وأن يتأنّوا بعض الوقت في قضايا التطوير.
وإذا لقيت هذه النقاط اهتماماً أثناء المناقشات والحوارات في الأماكن الهامة والمنتديات مثل الكنائس والمساجد وفي الشوارع والحرم الجامعيّ وأكاديميّات العالم فقد يتّضح للجميع: أنّ الحوار عمليّة من أجل السلام وليس نشاطاً يقوم به بُلهاء سذج.