التسامح أساس التعامل

جيهان محمود

«التسامح» معنى راقٍ وجميل، وقيمة عالية وسلوك متحضر ومكسب في الدنيا وثواب في الآخرة، والحياة الزوجية التي تستمر سنوات عديدة في أمس الحاجة إلى أن يتعامل طرفاها بهذا الخلق الكريم. والتسامح يعني الصفح عمن أخطأ في حقك أو تجاوز حده، أو اختلف معك اختلافاً غير أخلاقي، فالمفهوم بهذا الاعتبار قيمة أخلاقية عظمى، وانتصار لروح الخير والأخلاق في النفس الإنسانية على روح الشر من الاستجابة لنزغات الشيطان.

والتسامح هو أساس التعامل الذي يفترض أن يحكم علاقة الناس بعضهم ببعض، وخاصة العلاقة بين الزوج والزوجة؛ أما الإصرار على رفض التسامح فهو إصرار على إلحاق الأذى بالنفس قبل الآخرين، وهو إصرار على المعاناة الشخصية في مواجهة قلب يموج بذكريات مؤلمة عمن حوله وقد حثنا الله سبحانه وتعالى على خلق التسامح وخصص له العديد من الآيات..فيقول تعالى في سورة الشورى عندما يذكر صفات المؤمنين: «وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون..». الشورى آية37

وفى نفس السورة الكريمة يقول تعالى: «وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين».، «ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور» الشورى39، 43. ولقد ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرات الأمثلة على التسامح والعفو، وعلى نفس الدرب سار الصحابة رضوان الله عليهم..

وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك».

وقد يكون خلق التسامح شيئاً ليس بالسهل على بعضنا..ولكي يصبح هذا الخلق عندنا عادة؛ يتطلب ذلك الالتزام بخطوات متدرجة تصاعدياً في تعويد النفس على التسامح والعفو والغفران، وعدم جعل صغائر الأمور وبعض مواقف من الحياة تكدر علينا أوقاتنا، وحياتنا. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محبوبا يلتف الناس حوله ويتعلقون به.. وكان أكثر الناس تسامحاً فصدق فيه قول العزيز الحكيم: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» (آل عمران 15)

لذلك ننصح كل زوج وزوجة ان يزكي في نفسه خلق التسامح ورفع المظالم ومراعاة شعور كل طرف للطرف الآخر بلا تكلف ولا نفاق بل بنية خالصة لله عز وجل أن يصلح الأمور وأن يزيل ما في الصدور. فلو يدّرب الزوج نفسه على التسامح والصفح والعفو باستمرار تجاه أي خطأ مقبول يأتي من زوجته فهذا جميل...

وأن تتغافل الزوجة عن بعض أخطاء أو سلبيات زوجها، وتتسامح في البعض الآخر، فهي بذلك تضمن امتلاك مفتاح من أهم مفاتيح السعادة الزوجية، والنجاح والصحة النفسية... وإذا كان خلق التسامح هام جدا مع الأقارب والأصدقاء والجيران فهو مع الزوج والزوجة أهم ما يكون على ألا يستغل أحد الأطراف تسامح الطرف الآخر معه بل ينمى هذه الصفة الجميلة فيه والتي هي من تمام الإيمان ومن حسن الإسلام ومن خلق الأنبياء والمرسلين.

ولنتذكر قول الله تعالى: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». فصلت 34

ودفع الأذى هنا يكون بالحسنى وبالسماحة التي تتغلب على دفعات الغضب والغيظ، بسعة الصدر والسماحة..... «فاصفح الصفح الجميل» الحجر 85

وقد فسر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين سئل عن الصفح الجميل فقال.. صفح بلا عتاب!

«والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين» آل عمران 134 ويقول الشيخ عائض القرني على الإنسان المسلم أن يستبصر بمعنى هذه الآية الكريمة وأن يُصدر عفواً عاما عن كل من أساء إليه، وأن يتسامح ويحسن وله الثواب من الرحمن الرحيم.

المصدر: http://www.albayan.ae/across-the-uae/1215005441257-2008-07-18-1.658211

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك