شمسنا وشمسهم

شمسنا وشمسهم

 

ياسين العطواني

لا أعتقد ان شيئا ً قد حظي بمكانة مرموقة وقداسة مفرطة لدى الحضارات القديمة كما هو الحال مع الشمس، وخصوصا ً في حضارتنا الموغلة في القدم. فقد كان السومريون والأكديون والكلدانيون أول من عبد الشمس تحت قواعد دينية منظمه فأسسوا المعابد لعبادة إله الشمس (أوتو)، كما يشاهد حمورابي في مسلته وهو واقف أمام (شمش) إله الشمس البابلي يقدم خضوعه ويستلم منه قوانينه.. إلا ان المكانة المقدسة لهذا  النجم النوراني لم تعد قائمة اليوم كما يبدو، بعد ان طفح كيل الناس من شآبيب لظى هذه الشمس التي لاتبقي ولا تذر، وبغياب الوسائل التي تحد من لهيب هذا اللظى الذي يلفح الوجوه. مع العلم ان الأنواء الجوية تشير في تقاريرها الى تجاوز درجات الحرارة في الأيام القادمة نصف درجة الغليان. ولكن مقابل هذه السلبية هناك العديد من الايجابيات التي يمكن استغلالها من طاقة شمسنا المحرقة، ولاسيما مع التطور الكبير في التقنية والتقدم العلمي الذي وصل إليه الإنسان، والذي فتح آفاقاً علمية جديدة في ميدان استغلال الطاقة الشمسية، ومن هذه الآفاق العلمية والعملية هو ما تناقلته وكالات الأنباء مؤخرا ًعن إقلاع طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، يقودها السويسري برنار بيكار أحد مؤسسي هذا المشروع، من العاصمة الإسبانية مدريد متجهة الى العاصمة المغربية الرباط، في أول رحلة لها عابرة للقارات، ودون أن تستهلك أي قطرة وقود، فهذه الطائرة المصنوعة من ألياف الكربون تغذيها 12 ألف خلية ضوئية كهربائية تغطي جناحها الضخم، وتخزن الطاقة الشمسية في البطاريات، الأمر الذي يسمح لها بالطيران خلال الليل. وهذا المُنجز يعتبر غيضا من فيض استخدامات الطاقة الشمسية المتعددة الأغراض والجوانب.
ان مايثير الحساسية لدينا هو ان هذا المشروع تم تبنيه في أوروبا، والمعروف عن بلدان هذه القارة ندرة سطوع الشمس لديهم خلال العام، ومع ذلك نسمع ونشاهد تلك التطبيقات المثيرة للطاقة الشمسية في تلك البلدان، وفي مجالات عدة.
وهنا نتساءل، كيف يكون الحال لو كانت عندهم  شمسنا التي لا تغيب، وشعاعها الذي يذيب، وبهذه الدرجات المرتفعة؟.
ما نريد الوصول اليه هو اننا نعاني من مرض عضال ومزمن اسمه الكهرباء، وقد ثبت فشل جميع  الإجراءات الوقائية التي اتخذت لمعالجة هذا الداء، ونعتقد ان الأوان  قد آن للبحث عن البدائل والوسائل الناجعة للحد من استشرائه.
وفي هذا المجال علينا الاستفادة من تجارب الاّخرين، فإذا كان استخدام الطاقة الشمسية بات ضرورة ملحة في حسابات الكثير من البلدان لما تتمتع به من ميزات بيئية واقتصادية، باعتبارها طاقة رخيصة وصديقة للبيئة، فإن هذا الأمر أكثر إلحاحاً بالنسبة للعراق، وهذا الإلحاح مبني على عدة عوامل ومعطيات، باتت معروفة للقاصي والداني، خصوصا ًوان المعوقات التي تواجه استخدام الطاقة الشمسية في العراق محدودة، اذا ما قورن ذلك مع المعوقات التي وقفت أمام بناء منظومة وطنية للطاقة الكهربائية طوال تلك السنين العجاف.. ولكن هذا الأمر يحتاج الى رؤية وطنية، تتخطى كل هذا الحطام الذي خلفه الفساد بكافة أشكاله وأنواعه، وتنظر الى المستقبل بتفاؤل وأمل.

المصدر: http://www.iq23.com/details-469.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك