إعلام شباب الإسلام بحرمة التفجيرات والخروج على الحكام

إعلام شباب الإسلام
بحرمة التفجيرات
والخروج على الحكام

تأليف
أبي أنس
مَاجد البنكاني



إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له . وأشهد أنّ لا إله إلاّ اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسولُه.                       •   سورة الأحزاب
أما بعد،،كَثُرَ في هذا الزمان وللأسف الشديد التفجيرات من قبل بعض الشباب المتهور، والتي تخالف الشرع الحنيف، ويسقط بسبب هذه التفجيرات النفوس البريئة ، ولزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مسلم، وأصبحنا نسمع بهذه التفجيرات وقتل النفوس البريئة في كثير من البلدان وبخاصة البلاد العربية، وهذه التفجيرات لا يقرها دين ولا عقل . وقد حذرنا النبي  أشد التحذير من قتل نفس مسلمة ، فقد قال رسول  :"لزوال الدنيا جميعاً، أهون على الله من دمٍ يسفك بغير حقِّ".( )
وكذلك لا يجوز قتل المعاهد كما ثبت ذلك عن رسول الله .
فعن عبد الله بن عمرو عن النبي  قال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً".( )
وعن أبي هريرة ، عن النبي  قال: "ألا من قتل نفسا معاهدةً لها ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر ذمة الله ولا يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفاً".( )
ومن المعلوم أن إنكار المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر فلا يجوز إنكاره. فأحببنا أن نكتب في هذا الموضوع وقد ذكرنا بعض الأدلة بهذا الخصوص دون التوسع ليقف القارئ الكريم عليها وليكون الناس على علم بها، وليعم الأمن والسلام بين الناس .وأسأل الله العظيم أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعنا به،              ٍ.( )
إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
و كتب / أبو أنس العراقي
ماجد بن خنجر البنكاني
الجمعة 21/جمادى الأولى/1425هـ
9/7/2004م
الفرق بين الجهاد والإرهاب
من المعلوم أن هناك فرق بين الجهاد والإرهاب ، فالجهاد شُرِعَ لفتح البلدان ونشر هذا الدين العظيم والدفاع عنه، وشُرِعَ كذلك للدفاع عن النفس والعرض والوطن والمال .
فعن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله  يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه لهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد".( )
فإذا هجم العدو - سواء كان فرد أو جماعة، مسلما كان أوكافر- على بلدك، أو بيتك، أو عرضك، أو كان يريد قتلك، أو أخذ مالك، فإن قتلته فهو في النار، وإن قتلك فأنت في الجنة بإذن الله تعالى .
وعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي  فقال: "يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك" قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله" قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد" قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار". رواه مسلم (140).
فالجهاد ماض إلى قيام الساعة ومن أنكره أو جحده فهو كافر والعياذ بالله، أما الإرهاب الذي هو ترويع الناس وقتل الأبرياء العزل منهم من النساء، والأطفال، والشيوخ، وما شابه ذلك فهو حرام ومنهي عنه بنص كلام ربنا جل في علاه وسنة رسوله المصطفى  .
باب
النهي عن قتل النفس إلا بالحق
قال الله تعالى:       •            . سورة النساء
وقال الله تعالى:      •    •                            ( )
وقال تعالى:             ••      ••  .( )
وقال الله تعالى :    •                        .( )
والآيات في الباب كثيرة .
قال القرطبي: قوله تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق الألف واللام في النفس لتعريف الجنس كقولهم أهلك الناس حب الدرهم والدينار، ومثله إن الإنسان خلق هلوعا ألا ترى قوله سبحانه إلا المصلين، وكذلك قوله والعصر إن الإنسان لفي خسر لأنه قال إلا الذين آمنوا وهذه الآية نهي عن قتل النفس المحرمة مؤمنة كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها، قال رسول الله  : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم ماله ونفسه إلا بحقه وحسابهم على الله"، وهذا الحق أمور منها منع الزكاة وترك الصلاة وقد قاتل الصديق مانعي الزكاة، وفي التنـزيل فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وهذا بين، وقال : "لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة"، وقال عليه السلام : "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما" أخرجه مسلم .
وقال: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية، وكذلك من شق عصا المسلمين عدا إمام جماعتهم وفرق كلمتهم وسعى في الأرض فسادا بانتهاب الأهل، والمال، والبغي على السلطان ، والامتناع من حكمه يقتل، فهذا معنى قوله إلا بالحق . ( )
وقال رسول الله  : "المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم و يجير عليهم أقصاهم و هم يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم و مسرعهم على قاعدهم لا يقتل مؤمن بكافر و لا ذو عهد في عهده" .‌( )
وقال عليه الصلاة والسلام : "المؤمنون تتكافأ دماؤهم و هم يد على من سواهم و يسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر و لا ذو عهد في عهده من أحدث حدثا فعلى نفسه و من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين" . ( )
قوله  : المسلمون تتكافأ دماؤهم أي تتساوى في القصاص والديات ، وقوله: وهم يد على من سواهم أي هم مجتمعون على اعدائهم لا يسعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضا على جميع الأديان والملل كأنه جعل أيديهم يدا واحدة وفعلهم فعلا واحدا، وقوله: يسعى بذمهم ادناهم أي إذا أعطى أحدا لجيش العدو امانا جاز ذلك على المسلمين وليس لهم ان يخفروه ولا ان ينقضوا عليه عهده، وقوله: ولا يرد عليهم اقصاهم أي ابعدهم، وذلك في الغزو أي إذا دخل العسكر أرض الحرب فوجه الامام منه السرايا فما غنمت من شيء أخذت منه ما سمى لها ورد ما بقي على العسكر لأنهم وان لم يشهدوا الغنيمة لكنهم ردع السرايا وظهر يرجعون إليهم زجاجة . ( )
وقال رسول الله  : "اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها قتل النفس التي حرم الله.
وسئل النبي  أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك قال: ثم أي: قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قيل: ثم أي قال: أن تزاني حليلة جارك".( )
وقال : "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل أخيه".( )
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام: "لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً".( )
قال ابن حجر : قوله: في فسحة من دينه :قال بن العربي: الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره، والفسحة في الذنب قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول، وحاصله أنه فسره على رأي بن عمر في عدم قبول توبة القاتل، قوله: ما لم يصب دما حراما في رواية إسماعيل القاضي من هذا الوجه ما لم يتند بدم حرام وهو بمثناة ثم نون ثم دال ثقيلة ومعناه الإصابة وهو كناية عن شدة المخالطة . ( )
وقال : "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".( )
وقال بشير بن مهاجر عن ابن بريدة عن أبيه، أن النبي  قال: "لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا".( )
وقال ابن عمر: من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم والحرام بغير حِلِّه.
وعن ابن مسعود  قال: قال النبي : "أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء".( ).
وفي رواية للنسائي: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، وأنّ أول ما يقضى بين الناس في الدماء".
قال ابن حجر: والمعنى: اول القضايا في الدماء ويحتمل أن يكون التقدير: أول ما يقضى فيه الأمر الكائن في الدماء. ( )
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين ، واليمين الغموس".( )
وقال النبي : "ما من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل".( )
وعن البراء بن عازب ، أن رسول الله  قال: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".( )
وزاد الأصبهاني في رواية: "ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن، لأدخلهمُ الله النار".
وفي رواية للبيهقي: "لزوال الدنيا جميعاً، أهون على الله من دمٍ يسفك بغير حقِّ".( )
قال الطيبي : الدنيا هنا عبارة عن الدار القربى التي هي معبر الدار الأخرى ومزرعة لها وما خلقت السماوات إلا لتكون مسرح أنظار المشمرين ومتعهدات المطيعين كما يشير إليه وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً أي بغير حكمة بل خلقته لأن جعلته مساكن المكلفين فمن حاول قتل من خلقت الدنيا لأجله فقد حاول زوال الدنيا . ( )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي  قال: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلمٍ".( )
وعنه قال: رأيت رسول الله  يطوف بالكعبة ويقول: "ما أطيبك، وما أطيب ريحك، ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمةً منك، ماله ودمه وأن تظن به إلا خيراً".( )
وعن معاوية  قال: قال رسول الله : "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمداً".( )
وعن أبي الدرداء  قال: سمعت رسول الله  يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت مشركا، أو يقتل مؤمناً متعمداً".( )
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سأله سائلٌ فقال: يا أبا العباس! هل للقاتل من توبة؟ فقال ابن عباس كالمعجب من شأنه: ماذا تقول؟! فأعاد عليه مسألته، فقال: ماذا تقول؟! مرتين أو ثلاثا، ثم قال ابن عباس: أنَّى له التوبة! سمعت نبيكم  يقول: "يأتي المقتول متعلقاً رأسه بإحدى يديه، متلبِّباً قاتله بيده الأخرى تشحب أوداجه دماً، حتى يأتي به العرش، فيقول المقتول لرب العالمين: هذا قتلني، فيقول الله للقاتل: تعست ويذهب به إلى النار".( )
وعن ابن مسعود  عن النبي  قال: "يجيء المقتول آخذاً قاتله وأوداجه تشحب دماً عند ذي العزة، فيقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: فيم قتلته؟ قال: قتلته لتكون العزة لفلان. قيل: هي له".( )
وعن ابن سعيد  عن النبي  قال: "يخرج عنق من النار يتكلم فيقول: وكلت اليوم بثلاثةً: بكل جبار عنيد، ومن جعل مع الله آلها آخر، ومن قتل نفسا بغير حق، فينطوي عليهم، فيقذفهم في غمرات جهنم".( )
باب
الرجوع إلى العلماء في كل الأمور
لابد من الرجوع إلى العلماء في كل الأمور وعند كل صغيرة وكبيرة ، لأن نصوص الكتاب والسنة لاتفهم بمجرد النظر ولكن علينا الرجوع للعلماء ، لأنهم على علم بها وبصيرة، ويصوبون الأمور إلى مسارها الصحيح.
وكلنا نعلم فتنة جهيمان قبل عدة سنوات وكيف تم الإفساد في الحرم، وسبب ذلك عدم الرجوع إلى العلماء.
قال الشيخ عبد المحسن العباد البدر في كتاب بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً (ص16) ، قال: أن الشيطان يدخل إلى أهل العبادة لإفساد دينهم من باب الإفراط والغلو في الدين ، كما حصل من الخوارج والعصابة التي شغفت برأيهم وأن طريق السلامة من الفتن الرجوع إلى أهل العلم ، كما حصل رجوع وعدول العصابة عمَّا همَّت به من الباطل برجوعها إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .اهـ.
باب
النهي عن الخروج بالسيف والتكفير بالكبائر
أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بطاعة ولي الأمر ، فقال تعالى :           . سورة النساء .
والطاعة تكون بالمعروف، فأن أمرك بمنكر أو أمر يخالف الشريعة فلا تطيعه ولكن لا يجوز الخروج عليه وقتاله لما في ذلك من فتنة كبيرة وسفك للدماء وترويع للأبرياء .
قال الله تعالى: ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.( )
وقال تعالى:ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا.( )
وكذلك لايجوز التكفير بالكبيرة ، والحكم على المسلمين إلا ببينة قاطعة ويكون ذلك من قبل أهل العلم العارفين بهذه الأمور .
قال النبي : "من قال لأخيه المسلم: يا كافرّ! فقد باء بها أحدهما".( )
قال النووي: فقيل فى تأويل الحديث أوجه أحدهما أنه محمول على المستحل لذلك وهذا يكفر فعلى هذا معنى باء بها أى بكلمة الكفر وكذا حار عليه وهو معنى رجعت عليه أى رجع عليه الكفر فباء وحار ورجع بمعنى واحد، والوجه الثانى: معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره، والثالث: أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين وهذا الوجه نقله القاضى عياض رحمه الله عن الإمام مالك بن أنس وهو ضعيف لأن المذهب الصحيح المختار الذى قاله الأكثرون، والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع، والوجه الرابع: معناه أن ذلك يؤول به الى الكفر وذلك أن المعاصى كما قالوا بريد الكفر ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير الى الكفر ويؤيد هذا الوجه ما جاء فى رواية لأبى عوانة الاسفراينى فى كتابه المخرج على صحيح مسلم فان كان كما قال والا فقد باء بالكفر، وفى رواية: إذا قال لأخيه يا كافر وجب الكفر على أحدهما، والوجه الخامس: معناه فقد رجع عليه تكفيره فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافرا فكأنه كفر نفسه أما لأنه كفر من هو مثله وأما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام والله أعلم . ( )
وقال رسول الله  في الخوارج : "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم".( )
وقال فيهم: "شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه".( )
وعن ابن أبي أوفى  قال: سمعت رسول الله  يقول: "الخوارج كلاب النار".( )
وعن سعيد بن جمهان قال: دخلت على ابن أبي أوفى وهو مكفوف فقال: من أنت! قلت سعيد بن جمهان قال: ما فعل والدك! قلت: قتله الأزارقة فقال: قتل الله الأزارقة ثم قال:حدثنا رسول الله :"أنهم كلاب النار قلت:الأزارقة وحدهم؟قال:الخوارج كلها. ( )
وعن عبد الله بن ابي أوفى وهم يقاتلون الخوارج يقول: سمعت رسول الله  يقول: "طوبى لمن قتلهم وقتلوه".( )
وقال رسول الله : "من دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه".( )
حار : أي رجع .
باب
النهي عن الغدر بالأمير أو ولي الأمر
قال الله تعالى: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا.( )
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفو بالعقود.( )
وقال تعالى: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم. النحل (91)
وقال النبي : "أربع من كن فيه كان منافقا حقا: من إذا حدث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".( )
وقال: "لكل غادر لواء يوم القيامة عند إسته يقال: هذه غدرة فلان ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامةٍ".( )
وقال : "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره".( )
وقال : "من خلع يداً من طاعةٍ لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".( )
وقال عليه الصلاة والسلام: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر".( ) وقال : "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني".( )
وقال عليه الصلاة والسلام: "من كره من أميره شيئاً فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة الجاهلية".( )
وقال : "من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه".( ) وقال : "من حمل علينا السلاح فليس منا".( )
باب
نهي العبد عن قتل نفسه
قال الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلما فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيرا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً.( )
وعن جندب بن عبد الله  عن النبي : "كان ممن كان قبلكم رجل به جرح فَجَزِعَ فأخذ سكيناً فحزَّ بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة".( )
قوله: بادرني عبدي بنفسه :قال ابن حجر: هو كناية عن استعجال المذكور الموت، وقوله: حرمت عليه الجنة جار مجرى التعليل للعقوبة لأنه لما استعجل الموت بتعاطي سببه من أنفاذ مقاتله فجعل له فيه اختيارا عصى الله به فناسب أن يعاقبه، ودل ذلك على أنه حزها لإرادة الموت لا لقصد المداواة التي يغلب على الظن الإنتفاع بها . ( )
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً".( )
وعن ثابت الضحاك عن النبي : "لعن المؤمن كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله به يوم القيامة".( )
وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : "من تردى من جبل، فقتل نفسه، فهو في نار جهنم، يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً، فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً".( )
تردى: أي رمى بنفسه من الجبل وغيره فهلك.
يتوجأ، مهموز: أي يضرب بها نفسه.
وفي رواية لأبي داود ولفظه: "ومن حسا سماً فسمه في يده يتحسا، في نار جهنم".
وعن أبي قلابة، أن ثابت بن الضحاك أخره: أنه بايع رسول الله  تحت الشجرة، وأن رسول الله  قال: "من حلف على يمين بملةٍ غير الاسلام كاذباً متعمداً، فهو كما قال: ومن قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة، ومن رمى مؤمناً بكفرٍ فهو كقاتله، ومن ذبح نفسه بشيء، عذب به يوم القيامة".( )
وفي رواية للترمذي ولفظه: أن النبي  قال: "ليس على المرءِ ندرٌ فيما لا يملك، ولا عن المؤمن كقتلِهِ، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقاتله، ون قتل نفسه بشيء، عذبه الله بما قتل به نفسه يوم القيامة".
وقال : "إن رجلاً كان ممن كان قبلكم، خرجت بوجهه قرحة، فلما آذته انتزع سهماً من كنانته، فنكأها، فلم يرقأ الدم حتى مات، قال ربكم: قد حرمتُ عليه الجنة".( )
وعن سهل بن سعد ، أن رسول الله  التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله  إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله  رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا أتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان! فقال رسول الله : "أما إنه من أهل النار؟!" فقال رجل من القوم: أنا صاحبه أبداً، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جُرحاً شديداً، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذُبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله  فقال: أشهد أنك رسول الله قال: "وما ذاك؟" قال: الرجل الذي ذكرت آنفا إنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديداً، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه.
فقال رسول الله : "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة".( )
الشاذة والفاذة: هي التي انفردت عن الجماعة، وأصل ذلك في المنفردة عن الغنم، فنقل إلى كل من فارق جماعة وانفرد عنها.
من فوائد الحديث:قال النووي: ففيه: التحذير من الاغترار بالاعمال، وأنه ينبغى للعبد أن لا يتكل عليها ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق، وكذا ينبغى للعاصى أن لا يقنط ولغيره أن لا يقنطه من رحمه الله تعالى. ( )
باب
إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار
قال رسول الله : "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار"، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه".( )
وفي رواية: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار".
قال القاضي عياض: إنما هم من أهل النار لأنهم ما قصدوا بتلك المقاتلة والخروج إليه إعلاء دين، أو دفع ظالم، أو إعانة محق، وإنما كان قصدهم التباغي والتشاجر طعما في المال أو الملك.
وعن ابن مسعود  قال: قال رسول الله : "سباب المؤمن فسوق وقتاله كفرٌ".( )
قال الصنعاني: وقوله  وقتاله كفر دال على أنه يكفر من يقاتل المسلم بغير حق، وهو ظاهر فيمن استحل قتل المسلم أو قاتله حال إسلامه، وأما إذا كانت المقاتلة لغير ذلك، فإطلاق الكفر عليه مجازا ويراد به كفر النعمة والأحسان وأخوة الإسلام لا كفر الجحود وسماه كفرا لأنه قد يؤول به ما يحصل من المعاصي من الرين على القلب حتى يعمى عن الحق فقد يصير كفرا أو إنه كفعل الكافر الذي يقاتل المسلم . ( )
باب
التحذير من قوله لمسلم يا كافر
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال، وإلا رجعت عليه".( )
وعن أبي ذر  أنه سمع رسول الله  يقول: "ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه".( )
حار : أي رجع.
وعن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".( )
وعن أبي قلابة، أن ثابت بن الضحاك  أخبره أنه بايع رسول الله  تحت الشجرة وأن رسول الله  قال: "من حلف على يمين بملةٍ غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملك ولعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله ومن ذبح نفسه بشيء عذب به يوم القيامة".
وعن أبي سعيد الخدري  قال: قال رسول الله : "ما أكفر رجلٌ رجلاً، إلا باءَ أحدهما بها، إن كان كافراً، وإلا كفر بتكفيره".( )
قال ابن حجر : والتحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم وذلك قبل وجود فرقة الخوارج وغيرهم . ( )
ثم قال: والحاصل أن من أكفر المسلم نظر، فإن كان بغير تأويل استحق الذم وربما كان هو الكافر، وإن كان بتأويل نظر إن كان بتأويل سائغ استحق الذم أيضاً ولا يصل الى الكفر بل يبين له وجه خطئه ويزجر بما يليق به ولا يلتحق بالأول عند الجمهور، وان كان بتأويل سائغ لم يستحق الذم بل تقام عليه الحجة حتى يرجع الى الصواب . ( )
وإن من البلاء الماحق أنَّ بعض الناس قد يطالع في سير العلماء أو يقرأُ في كتبهم أو يستمعُ إلى تسجيلاتهم فلا يبحثُ عما ينسبُ إليهم من هناتٍ أو يزلون فيه من أخطاءٍ، أما ما فتحَ اللهُ عليهم من علومٍ وما قدموهُ للناسِ من حق وخيرٍ فلا يلتفتونَ إليه ولا يذكرونه فهم كجيرانِ السوء إذا رأوا خيراً دفنوه وإذا رأوا شراً طاروا به وأذاعوهُ فنعوذ بالله من التماس الأخطاء وتحريف الكلام عن مواضعهِ وتأويل النصوص من أجل التشهير والتنقيص لأن ذلك لا يصدر إلا منْ أقوامٍ رائدهم الهوى ودافعهم التعصب لتلمسِ العيب للبراءِ والخطأِ للمصيبين فلا يجوزُ لأي مسلمٍ أن يلجَ في هذا الميدان وهو التكفير بالشبه والأوهام والمظانِ دون تثبتٍ ويقينٍ وعلمٍ محققٍ وإلا لم يبقَ مسلمٌ على وجهِ الأرضِ إلا القليلُ .
كما لايجوزُ التكفيرُ بارتكابِ المعاصي وإن كانوا على خطرٍ عظيمٍ مع الإيمانِ والإقرارِ بالشهادتين .
قال الغزالي : والذي ينبغي أن يميلَ المسلمُ إليهِ الاحتراز من التكفير ما وجدَ إليه سبيلاً فإنَّ استباحة الدماءِ والأموالِ من المصلين إلى القبلةِ المصرحينَ بقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) خطأٌ والخطأُ في تركِ ألفٍ في الحياةِ أهونُ منَ الخطأِ في سفك محجمةِ منْ دمِ مسلمٍ فالخطأُ في العفوِ خيرٌ منَ الخطأِ في العقوبةِ، قالَ رسول الله  : "لأن يخطئَ الإمامُ في العفوِ خيرٌ من أن يخطئَ في العقوبةِ"،( ) وهذا التحري محافظةٌ على الحياةِ وعدمُ المسارعةَِ في التكفيرِ حتى لا يحكم على أحدٍ فيحكم عليه بالقتل . ( ) ‌
يعني من حق إمام المسلمين وقائدهم أن يرجح سبيل العفو ما أمكن، والكلام في غير خبيث شرير متظاهر بالإيذاء والفساد، أما هو فلا يدرأ عنه بل يتعين السعي في إقامته بدليل الخبر المار، أترعون عن ذكر الفاجر أذكروا الفاجر بما فيه، والخطأ كما قال الحراني هو الزلل عن الحق من غير تعمد بل مع عزم الاصابة أو ودان لا يخطئ . فيض القدير .

وفي الختام نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبصر شباب المسلمين في دينهم الحنيف وأن يجنبهم الفتن ما ظهر منها ومابطن وأن يلهمهم الصواب في الأمور صغيرها وكبيرها، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يوفق حكام المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يرزقهم البطانة الصالحة تذكرهم إذا نسوا، وينصحوهم إذا أخطأوا، وأن يأخذوا بإيديهم لسعادة العباد، وأن يفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض بفضل الله تعالى ورحمته جل في علاه . اللهم آمين . وبهذا تم البحث .
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نسغفرك ونتوب إليك .

وكتب العبد الفقير إلى عفو ربه
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي

الأكثر مشاركة في الفيس بوك