التأويل بين الشطح اللاهوتي والتخرص الفلسفي والتعالم الواهم

التأويل بين الشطح اللاهوتي والتخرص الفلسفي والتعالم الواهم

ليس غريباً أن يجد المرء بعض رجع صدى بين ما يسرد القرآن الكريم من نصوص ونظائرها في كتب العهدين القديم والجديد، مادامت جميعها تعبر عن حقيقة خالدة واحدة.

طابع بريدي تكريما لابن حزملكن، وبسبب ما تعرضت له نصوص العهدين من التحريف المقصود وغير المقصود، كل بحسب زمانه وظرفه ودواعيه، وهو ما كشف عنه النقد التاريخي ومنذ عهد الإمام علي بن أحمد بن حزم (ت: 465 هـ) رحمه الله (الصورة التذكارية)، لم يعد بإمكان أي قارئ أياً كان مستواه المعرفي تبين النصوص الأصلية من المحرفة، ليكون على بينة من أمره فيما يجب أن يأخذ منها وما يجب أن يدع، وخصوصاً بعد أن قرر القرآن ذلك بنص محكم بقوله:

{وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب} {سورة الشورى، الآية 114}

وهو شك محايث للنصوص لا يمكن رفعه بحال.

ومن هنا، فعلى خلاف القرآن، الذي سيتجلى لأي قارئ بهوية نص موحدة في موضوعها ومتجانسة في تراكيبها، وتتحدث، وعلى مدى العشرين سنة من عمر الزمن الفاصلة بين بداية نزول الوحي على الرسول منجما ونهايته، لغة واحدة متعالية في المطلق وإعجازية على أكثر من صعيد، لا صدى فيها لأحاسيس ولا لانطباعات مبلغ الرسالة، وهو الذي انقلبت أحواله من النقيض إلى النقيض، مُذ كان طريداً يتوجس خيفة من قومه ويوم أصبح الآمر بأمره ًً يُقاتل العالمين على كلمة التوحيد، .....

صورة تمثيلية لألوان الطيف فإن كتب العهدين ستتبدى له هلامية كبقع ضوئية متلألئة بألوان شتى في ليل بهيم فوق مياه راكدة، مؤلفوها كثر، لا هم يتكلمون لغة واحدة ولا هم حاضرون في نفس الزمن حين دون كل واحد أو آحاد منهم تلك النصوص.

ويتبين من هذه المقارنة أن الهوية اللغوية العربية للنص القرآني هوية مفارقة ومتعالية لا يشاركه فيها أي نص من النصوص الموجودة بين أيدي البشر، مع أن القرآن ذاته يُصرح بدون لبس في الآيتين 18 و 19 من سورة الأعلى:

{إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى}

وهو ما يستدعي طرح السؤال المحايث:

ترى ! على أي مستوى أو مستويات يتنزل هذا التوارد وهذا التعالق بالرغم من كونه مفارقاً وعلى أكثر من صعيد ؟

الجواب:

يتميز النص القرآني بكونه "نصاً أوليأ"ً خاماً ومحفوظاً، غير مؤول ولا مفسر، بينما النصوص التوراتية التي بين أيدينا عبارة عن "نصوص" ثانوية متأخرة جداً عن زمن النزول، وخضعت للتأويلات المتعسفة وإعادة الصياغات وللزيادة والبتر في محتوياتها من طرف عدد كبير من النساخ والناشرين مجهولي الهويات والأزمنة والمقاصد على مر العصور إلى أن أفقدوها هوياتها المميزة.

وليلاحظ القارئ أنني استعملت لفظة: "النص" بالمفرد بالنسبة لما بين دفتي القرآن الكريم، واستعملت "النصوص" بالجمع بالنسبة لمكونات العهدين القديم والجديد، كي أجعل القارئ ينتبه إلى أن هوية القرآن هوية متوحدة على أكثر من صعيد. فهي كتاب واحد، أنزل على رجل واحد، في عصر مخصوص هو عصر النبوة، بينما كتب العهدين هويات متعددة من أزمنة مختلفة وبيئات شتى.

لذلك، فلئن أمكننا استحضار وتبين هوية النص القرآني بشكل مباشر، فسيصعب علينا في المقابل تبين الهوية المركبة لنصوص كتب العهدين، لأنها لا يظهر منها على السطح سوى واجهتها السطحية المعروضة في نسخها المتداولة بين الناس، بينما غاص جسدها في الأرض على شكل طبقات جيولوجية رأسية تمتد من الزمن الجيولوجي الأول الموغل في القدم وهو: زمن موسى عليه السلام في القرن الثالث عشر قبل الميلاد إبان حصوله على الألواح الأصلية للعهد من الله فوق جبل الطور بسيناء، إلا لتضيع بمرة مع ضياع تابوت بني إسرائيل التي كانت تحفظ فيه،....

ارتخشتا الثانيثم لتسترجع من الذاكرة الخائنة لعزرا الوراق (Ezra the Scribe) إبان فترة حكم ارتخشتا الثاني (Artaxerxes II) الفارسي (404 ق.م - 358 ق.م) (الصورة تظهره بمدينة سوسة)، إلا لتخضع الأخيرة وهي ثانوية لتأويل أولي من طرف عزرا نفسه، ثم لإعادة صياغة وإخراج من طرف كل لاحق من الكتبة والناشرين من بعده لنحصل على النسخ التي بين أيدينا اليوم بعد هذا السفر الطويل.

وبما أن أية تأويلية إنما تشتغل على نصوص كمادة خام، فيلزم أولا رسم الخرائط الجيولوجية الأولية لهذه الرِّكازات، التي هي في نفس الوقت ركائز بالنسبة للتاويلية المعنية، قبل الشروع في التنقيب عنها واستخراجها.

لذلك، فسواء أتعلق الأمر:

أ‌) بالتأويلية الإسلامية، وألفت انتباه القارئ من الآن، إلى أن مفهوم "التأويل" المقصود هنا مفهوم قرآني منضبط الدلالة. وهو يعني قصراً النظر في مآلات الأمور وحقائقها بحيث لا تتعداها إلى غيرها. ومن هنا فهي تأويلية خاصة ومتفردة، ومفارقة كل المفارقة لكل التأويليات الأخرى التي تطورت في الماضي أو سوف تتطور في المستقبل عند باقي الأمم والنحل الأخرى، لتعلقها المباشر بالرائزية التحققية التصديقية العلمية التي تعتمد مبدأ القراءتين: الوحي / الكون، والمعنية بالصيرورة المآلية للدعاوى القرآنية كتفسير نهائي لها لا تتعداه إلى غيره.

لذلك أخطأ خطأ فاحشاً الناقل الأول الذي ترجم لفظة "هيرمينوطيقا" الغربية الفضفاضة والمخثرة بالدلالات والإيديولوجيا إلى "تأويلية"، التي ليس لها في اللغة العربية سوى المعنى القصري المسطر أعلاه.

وهو ما سأكرس له جهدي فيما يأتي لتقريره بأكثر من دليل.

ب‌) أو التأويليات اللغوية المجازية الصارفة للمعاني عن مداليلها المتبادرة بقرائن قوية خارجية أو محايثة، وهي خاصية لغوية تشترك فيها جميع اللغات،
ت‌) أو التأويليات الخرقاء عند أهل الكتاب، أو نظائرها عند المتصوفة المحسوبين على الإسلام،
ث‌) أو التأويليات الطائفية المتعددة الألوان والأشكال، التي تعالج النصوص من خلال نظاراتها الطائفية، وهذا منحى مرضي شنآني عام نجده في كل النحل، بما في ذلك الإسلام، حال التاويليات: المعتزلية، والشيعية، والمتصوفة، والمتفلسفة التي نشأت في ديار الإسلام ، والتي ليس لها من جهة الدلالة المفهومية المتأسسة على مرجعية القرآن تعلق بمفهوم: "التاويل" القرآني، مادام المعنى الذي ينصرف إليه مفهوم: " التأويل القرآني" واضح جلي لا لبس فيه لعلميتهً. وهي علمية تعنى بالمآلات النصية لمنطوقات النصوص كحقائق لا بد وأن تجد تصديقها على محك العلم في المستقبل القريب أو البعيد. لذلك لم يكن غريباً أن يكتشف كل ذي لب مدى زائفية مثل هذه المقاربات لتأويل النصوص. وهو ما يحصن "التأويلية الإسلامية" المتأسسة على القرآن من الوقوع في مثل هذه الانزلاقات الإيديولوجية القصيرة النظر.
ج‌) أو تلك التي تطور بعضها كردة فعل على احتكار الكنيسة البابوية لتأويل الكتب المقدسة قبل عصر الحداثة الأوروبية، كما تجسد نموذجها الأمثل في التأويلية البروتستانتية، أو لدى الأناسيين الأوروبيين الحداثيين فيما بعد، أو أخيراً عند الما - بعد حداثيين المعاصرين في الغرب، الذين سيعتبرون كل التأويليات الغربية خطابات هيمنية بالأساس، وبحاجة إلى إعادة تفكيك بتأويليات خارج حدود المعروف والمألوف، ليعانقوا تخوم كل اللا- مفكر فيه إما بالتلاعب بالألفاظ أو باللغة ككل بغية إفقاد المعنى في الأشياء. وهي انزلا قات ليسوا بأول من استحدثها أو قال بها، بالرغم من الرنة المعاصرة المتبادرة من المصطلحات، بل مرآة انعكاسية فقط لما جرت عليه عادة الفرقاء المسيحيين، لكن من منظور معارض ومشاكس لأطروحاتهم.

وكي أجعل القارئ يلمس لمس اليد القصور البنيوي الذاتي في كل هذه التأويليات، وعلى اختلاف وتشعب أطيافها، ويتبين موقعها مقارنة مع " التأويلية الإسلامية" القرآنية، التي هي بمثابة المعيار في هذا الحقل، فيكفيني أن أقيم مقارنة أولية بين "التأويلية المسيحية" ونظيرتها الإسلامية، محيلا القارئ على كتابنا الشامل في الموضوع: "التأويلية الإسلامية في ماضيها وحاضرها: آفاق المستقبل"، الذي سنعمل لاحقاً على نشر فصوله على موقعنا بإذن الله.

وتتجسد المفارقة بين هاتين التأويليتين على مستوين:

- مستوى المادة الخام وهي النصوص،
- ومستوى الآليات والإجرائيات التحليلية المتبعة في دراسة تلك النصوص.

فعلى صعيد النصوص:

فالتأويلية الإسلامية تشتغل قصراً على نصوص أصلية مرجعية محفوظة إما منسوبة إلى الله سبحانه وتعالى وهي ما يحتويه القرآن الكريم بين دفتيه أو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي السنة الثابتة.

لكن، وبإزاء هذا الحفظ للنصوص الذي تتميز به التأويلية الإسلامية، فكل النصوص اليهودية – المسيحية تعتبر نصوصاً بشرية ثانوية، خضعت مرات عديدة لعمليات استنساخ، وإعادة صياغة من طرف كتبة مجهولي الهويات في الغالب، الذين حاولوا كل بحسب عصره ومنطلقه العقائدي استبطان أو استعادة الخطاب الإلهي أو المقولات النبوية السابقة عن عصره ولونها بلون عصره ورؤيته وفهمه قبل أن يسطرها في كتابه.

وهذا فارق جوهري كبير يجب ألا يعزب عن نظر القارئ ولو لطرفة عين.

وهو ما يستدعي ملاحظتين مهمتين:

الملاحظة الأولى:

كل النصوص المؤلفة في الإسلام، التي تتناول الأصلين: القرآن والسنة، إما بالشرح حال كتب التفسير، أو بالاستنباط والتنزيل الفقهيين، أو بالبحث العلمي، أو بالتنظير في أي ميدان من ميادين الحياة باعتماد نصوص الأصلين، تعتبر نصوصاً ثانوية محكومة بمسارين تأويليين لا ثالث لهما:

أ) صيرورة تأويلية متوقفة، لأن النص الأصلي المؤسس تحول من نص متشابه إلى نص محكم بعد أن جاء تأويله، بحسب ما حددت الآية 39 من سورة يونس:

{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله}

أي آخر ما آل إليه الشيء المؤول بحيث لا يتعداه إلى غيره.

وظاهر من نص الآية السابقة أن التكذيب حصل لقلة العلم بالمآل ضمن سيرورة تكشفية قاهرة.

لكن ظاهر جلي من المنطوق أن كل من كذبوا بدعاوى القرآن السابقين، لقلة علمهم، لحق العلم في آخر المطاف بتلك الظواهر ليكشفها على ما هي عليه كما وصفها القرآن، ليسلم بها اللاحقون كحقائق شاءوا أم أبوا.

ب) صيرورة تأويلية مفتوحة: وهذه لها تعلق بمتشابه النصوص، التي لم يأت تأويلها بعد، والتي ستظل قيد البحث المستمر والمساءلة إلى أن يأتي تأويلها بدورها، وتصبح نصوصاً محكمة تنضاف إلى نظيراتها الأخرى.

الملاحظة الثانية:

لاحظ قبل أن أستطرد، أن عملية "التأويل" في السياق القرآني عملية علمية بحتة تستقرئ النصوص وتسائل الكون ليجيب بحثاً عن تصديقاتها فيه.

فالاستقراء الشمولي للنصوص، لا يمكن أن يتم بمعزل عن العلم ولا عن الأفق العلمي لعصر المتأول المعني، ولا من دون إحاطته بعلوم عصره، وهو ما يعني أن المتأول وليد عصره وعالم بالمعنى المعاصر لهذه الدلالة، وليس بالمعنى الكهوفي القديم الذي هو خارج العصر بامتياز.

وواضح جلي أن هذا الصنف من العلماء سواء أكانوا علماء علوم صلبة من طبيعيات وأحياء وكيمياء،....، أو مؤرخين أو أدباء أو ممن تخصصوا في العلوم الهشة عامة مثل العلوم الإنسانية، سيكونون في مجموعهم مفارقين كل المفارقة من جهة الثقة في الاستخراج والاستنباط، لكل نظرائهم في نفس التخصصات، لكن يشتغلون على نصوص أخرى، لأن هذه النصوص الأخيرة لن تكون بحال دالة، مادامت نصوص العهد القديم قد ثبت فشلها على هذا المحك بالذات.

ثم إن ما سيميز هؤلاء العلماء أيضاً بالإضافة إلى ما سبق، عن نظرائهم في المرجعيات الأخرى، كونهم يبحثون جميعاً بالرغم من اختلاف تخصصاتهم، وتنوع آلياتها، في كل ما يمكن أن يولد علاقات إسقاطية توفيقية وتواصلية بين النص المقروء والكون المفتوح.

فدائرة التأويلية الإسلامية مغلقة هنا من حيث الإجرائية، وتجعل من عملية "التأويل" الوسيطً الوحيد لإمكان فك شفرة النص القرآني من أجل تثبيت إيمان المؤمنين أولاً بجعلهم يلمسون لمس اليد وفي عصرهم معاجيز القرآن، زيادة على مساعدتهم لو فقهوا، على إيجاد الحلول العملية الناجعة لمشكلات مجتمعاتهم التي يعيشون بين ظهرانها.

ويفهم القارئ الآن، بعد هذه التوضيحات للمفارقات الموجودة بين المناهجية الإسلامية في "التأويل" بالمفهوم القرآني العلمي التي تحث على التساؤل وعلى البحث العلمي، وبين المناهجية المؤدلجة التي تطورت في الغرب، والتي هي بالأساس مناهجية "ما-ورائية" (ميتافيزيقية) فلسفية بشرية تخرصية محضة، لم تخرج قط من بطن فلسفة الإغريق، على ما سنثب بعد قليل من خلال استعراض أفكار من نظروا فيها منذ أفلاطون وإلى يوم الناس هذا.

الملاحظة الثالثة:

كل النصوص الشارحة (الميتالغوية) التي نشأت في حاضرة الإسلام، تعتبر نصوصاً بشرية ثانوية. والتعامل معها يكون على مستويين:

1) لا مشاحة من هذه الجهة، في إمكان مقارنة نصوصها مع نصوص أهل الكتاب من جهة فهم كل طرف لمرجعيته، سواء من باب وقوع الحوافر على الحوافر، أو من باب الاشتراك في كونها جميعها نصوصاً ثانوية بالنسبة لكل الإبراهيميين.

2) لا يمكن تحت أي ظرف أو مبرر خلط هذه النصوص التاشئة في الحاضرة الإسلامية {قلت (عمراني): لم أنعتها بالإسلامية لأن هذه خاصية النصوص الأولى المؤسسة} بالنصوص الأولى أو معاملتها بنفس المعاملة، كما حصل في التاريخ بالنسبة للمدارس الفقهية، حيث غلب التقليد البليد والتخلف المزمن على تلك الأجيال حتى أحالوا اجتهادات وتخريجات أئمة مذاهبهم وتلامذتهم المباشرين إلى نصوص مؤسسة، وعاملوها كنصوص أولى، إن لم يجعلوها لجهلهم بدينهم فوق النصوص المؤسسة الأولية، بينما هي نصوص ثانوية بالأساس، وليدة عصرها وأفقهم المعرفي.

فالتعامل مع مثل هذه النصوص الشارحة أو المستنْبطة، بفتح الباء، وهي متجاوزة دوماً بصيرورة برنامج الوجود، وكأنها نصوص مؤسسة تعتبر تعَدياً محضاً على الدين من طرف الفقيه الذي يعتمدها لأنها:

أولا: متجاوزة،

وثانياً: لم تخلق للجيل المعني ولا فصلت بالتنزيل المحايث على مقاس مشاكله،

وثالثاً: لأنها ظلت مثار جدل عقيم ومستديم بين الفرقاء، زيادة على كونها أذكت لقرون الصراعات العقائدية والمذهبية لأصحابها، وعملت على توجيه نصوصها، وهي في غالبها مخترعة، وموجّهة الوجهة التي يبتغيها الفقيه، أو الحاكم، أو غيرهما من المؤدلجين الذين لا يخشون الله تعالى، واستخدمت في الغالب كتكأة من طرف أصحاب الأغراض من أجل التقليد البليد والخروج عن العصر.

وهو ما يجعل من هذه النصوص نصوصاً فوعية سرطانية قاتلة تحول دون مواكبة المسلمين لأزمنانهم وأماكن تواجدهم وظروفهم، وهو الوجه الحالك للتخلف الذي يمشي على قدمين، والذي يمكن أن يصادفه المرء جاثماً وقاهراً، من المحيط الأطلسي غرباً وحتى تخوم الصين شرقاً.

فالشخص الذي بحفظ مثل هذه الثراثيات، بينما هو عاجز عن تشغيلها من أجل استنباط مثيلاتها بالإسقاط المباشر للأصلين على عصره، كهوفي في المطلق وعلمه، زيادة على كونه عقيماً فهو زخرف لا نفع فيه.

أما على صعيد التأويل:

فظاهر أن المُتأوِّل الذي سيتعامل مع النصوص الأولية للإسلام سيتعامل:

 مع نصوص مباشرة مستقلة عن الزمان والمكان. فهو سيتلقاها غضة وكأنه كان حاضرا بشخصه زمن الوحي مع المتلقين الأول لها من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم، بحيث لا يتميز عنه الصحابة ولا التابعون ولا تبع الأتباع، ...وهلم جرا وإلى زمانه بخاصية أو ميزة من جهة التعامل مع النصوص كخطابات لغوية، لا من جهة اللغة في حد ذاتها ولا من جهة القدرة على الفهم، بسبب عملية الحفظ التي خضعت لها النصوص وصانتها من التغيير والتبديل.

لذلك، فكل المتأولين في التأويلية الإسلامية سيظهرون وكأنهم خوطبوا بهذه النصوص المؤسسة والمؤطِّرة على صعيد واحد، منذ أول نزول الوحي وإلى عصرهم.

 وليلاحظ القارئ أن هذا الفارق جوهري أيضاً، مادام لا يمكن أن يدعي مثله أحد خارج النص الإسلامي. وقد سطرت على هذا الكلام، من أجل أن يتذكره القارئ،

ففي حين نجد المُتأول المتعامل مع النص الإسلامي يقرأه مباشرة وبدون واسطة تتوسط بينه وبين النصوص، لتفسد عليه قراءته أو تشوش عليه فهمه، شأنه في ذلك شأن الصحابة ولا فرق، فإن المتأول المتعامل مع النصوص اليهودية – المسيحية، لا يمكنه الوصول البتة إلى النصوص الأصلية: "الرِّكاز" التي غارت جيولوجياً وصارت بعيدة المنال عن معاوله، لنجده يكتفي فقط بالنبش في الطبقات الجيولوجية العلوية للنصوص الثانوية التي لم تحتفظ مع ذلك، بسبب عوامل التعرية التي خضعت لها عبر الزمن، لا على تضاريسها ولا على معالمها المميزة الأصلية.

 صورة الحفر والتنقيب للمقارنةوهو ما يجعل من التأويلية الإسلامية عملية حفرية سهلة المنال وميسورة، يقوم بها الجيولوجي الباحث على المعنى على مستوى سطح الأرض (Surface mining)، بحسب زمان القارئ ومكانه، لينزلها بأفق عصره عليهما، مستفيداً من مستجدات العلم وشفرات القراءة التي أتاحها له برنامج الوجود في زمانه (الصورة)، بينما سيضطر المهندس الجيولوجي الباحث على المعنى في النصوص اليهودية – المسيحية إلى النزول إلى باطن الأرض، بحثاً عما ليس هناك، حافراً للآبار هنا وهناك، وراجعاً دوماً بخفي خنين ومهما ثابر ! وهو نشاط "سيزيفي " بالأساس، ولا طائل تحته بالرغم من المشقة المحايثة، كما تظهر الصورة إلى اليسار. إذ بالرغم من المخاطر الملازمة لمثل هذا التنقيب، في حال نصوص العهد القديم، فلن يأتي بطائل.

ثم هناك فرق جوهري ثالث بين مفهوم التأويلية في الديانتين.

ذلك أن الهرمينوطيقا (التأويلية) اللاهوتية يمكن النظر إليها كنشاط ذهني محض يهتم بالإجراءات التفسيرية الشكلانية إما بغرض التسويف، أو التمويه، أو المغالطة ، أو حتى إضلال الأتباع، من دون أن يمتلك القدرة على التفسير الذي هو الثمرة الطبيعية لمثل هذا الجهد الذهني المضني،وهو التطبيق الأمثل للتفسير الإيديولوجي المُخل، بينما التأويلية الإسلامية، التي هي علم موضوعي منتج، تجعل من التفسير وكل الشروح الممكنة أو المحتملة آليات مرتهنًة ارتهاناً وظيفياً بالعلوم الطبيعية، حيث يعتبر القرآن أن العلوم هي بمثابة الثوابت المتكشفة التي تعيد ضخ دماء جديدة في نصوصه، من أجل تنزيلها النهائي على ما قدر لها في الأزل أن تتنزل عليه عند أوانه دون سواه.

وهي عملية ضرورية لأنها المحك العملي لإثبات دعاوى القرآن في كونه نصاً مفارقاً وغير بشري، من خلال هذا التحقق المستمر بين دلالة النص ومدلوله الخارجي، وبالتالي صدق رسول الإسلام في كونه رسولاً مبتعثاً رحمة للعالمين.

التعريفات وآثارها على المرجعيات

الآن، وقد أتينا على أهم الفروقات بين التأويليتين بإجمال، فتعالوا بنا نستعرض بشيء من التفصيل: كيف تعاملت الكنيسة تاريخياً مع هذا الموضوع، مقتصرين على جانب واحد له تقاطع مع موضوعنا وهو: "الضوابط الكاثوليكية للتأويل"، كما استقرت أخيراً عند الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة، منبهاً القارئ إلى أن معنى "الهيرمينوطيقا" سيتمدد في الغرب ليجد له تعريفات وتطبيقات أخرى مخالفة في ميادين فلسفية أخرى..

وللقارئ الملم باللغات الأجنبية، متسع سردي ومرجعي هائل في هذا المجال، حيث تسرد الموسوعات الكاثوليكيةُ المختلفة عدداً مِنْ الضوابط التي يحب أن تُوجّهُ المُتأول في تأويلاته من منظور كاثوليكي.

لكن، قبل أن نقوم بهذا الاستعراض، فلا بأس من تعريف أصل الكلمة.

تعريف

"الهيرمينوطيقا" مشتقة من اللغة الإغريقية (Ερμηνεuτικος) ( hermeneutikos) وتعني "التفسير" ويقابلها "المفسر" (Ερμηνεύς) (hermeneus).

أفلاطونوأول فيلسوف نعرف عنه استعمال لفظة: "هيرمينوطيقا" هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون (427 ق.م – 347 ق.م) حيث وردت في العديد من محاوراته. فأثناء بحثه في حقيقة "الحدوس" البشرية أقام مقارن بين المعرفة الدينية والمعرفة الفلسفية بقوله: بأن المعرفة الدينية لها تعلق:

"بكل ما كُشِف أو قيل"،

على عكس ما اختصت به "الصوفيا" {sofia [sophía]: المعرفة التي من اختصاصها التحقق من صدق منطوقاتها.

و تعني كلمة صوفيا (Sophia) "المعرفة" أو "العلم" والمهارات عامة في الصنائع والفنون وقول الشعر، كما عنت كلمة صوفوس ((Sophos "العالم" أو "العارف".

و"صوفيا" تورد لها القواميس اليونانية تعريفات مشابهة في المفردات التالية: {mêtis، sumphilosopheô، poluplokia، phradmosunê، ،diaphusikeuomai، kerdosunê، artemeô، artemês، aphusiologos، themisteios، phronêsis، dianoêsis، phusiologia، althainô، autokomos، deinotês، و philosophos.

فيثاغورثواللفظة الأخيرة: "فيلسوف" (philosophos.) مكونة من بادئة "فيلو" (philo ): التي تعني محب أو مؤثر و ( sophos.) التي تعني : "العارف" أو العالم. وصارت تطلق على "محب أو مؤثر المعرفة"، ثم لتميزه عن العارف السفسطائي (Sophist) على "محب أو مؤثر للتعقل (sage) ". لذلك أثر عن الفيلسوف الإغريقي فيثاغورث، الذي عاش لفترة مع كهنة مصر ومجوس العراق بأنه:

كان يطلق على نفسه اسم:فيلسوف وليس سفسطائي.

{Pythagoras called himself philosophos, not sophos}

والسفسطائيون للتذكير: فلاسفة عاشوا قبل سقراط (Presocratic)، وكانوا يعرضون على شباب سكان مدينة أثينا تَعليمهم: ِ كَيفَ يَستعملونَ المنطقَ وفن الخطابة لهَزيمة المعارضين في أيّ خلاف.

وقد إنتقدَ كل من سقراط وأفلاطون بحدّة أغلب السفسطائيين لأنهم كانوا يتقاضون في نظرهم أجورا من أجل تشجيع ممارسات إقناع غير مبدئية.

ومن هنا، جاء تمييز فيثاغورث لنفسه عن السفطائيين ليعني بفيلسوف "مؤثر للتغقل أي: "عقلاني" " على الطريقة الشرقية بمعنى: "عاقل" و"رزين"، وليس سفسطائياً.

إلا أن كل ما قدمنا لا يستنفذ معاني "صوفيا" لدى الإغريق. لأن اللفظة مخثرة بعوالق أخرى. ف "صوفيا" يمكن أن تحمل أي محتوى ما دامت لا توجد في العالم المحسوس، ولا ترتبط بأي محتوى خاص.

لذلك: فأن تكون "صوفوساً" أي عارفاً، فمعناه أنك تسيطر على نشاطك وميدان تخصصك، وعلى نفسك، وعلى الآخرين.

وهكذا فالنجار، وربان السفينة، والطبيب والسياسي، والكاهن، والشاعر كلهم "صوفوي" بهذا التعريف. وإن كان الشاعر عندهم، أخص بهذا الوصف !.

الفارابيوهو ما سيقوله الفيلسوف: محمد بن محمد بن طرخان الفارابي ( 870 م – 951) (صورة متخيلة للرجل كما لغيره !) بالحرف في: "صوفيا"التي ترجمها إلى "الحكمة !"، فقال في تعريفها:

تُقال على الحذق جداً وبإفراط  في أي صناعة كانت. ويحكي الإغريق أسطورة مفادها أن صديق سقراط خيرافون كان قد سأل عرّاف ذلف (Delphi) عن أعقل رجل في يونان. فكُشِف للعراف من طرف الآلهة ! أنه: سقراط!.

وهذا ما دفع بسقراط إلى محاورة الناس ليتعرف أذلك صدق أم كذب؟ ليخلص أنه كان كذلك!.

و قال أفلاطون في حوار "خرميدس" (Charmides) أن سقراط وبعد أبحاث مُضنية عجز عن تحديد معنى مقبول ل التعقل (Sagesse) فما كان من خرميدس إلا أن سلم بهذه المفارقة..

والذين كانوا يتمتعون بهذه "المعرفة" أو "المعارف" يرجعونها دائماً إلى الآلهة التي أوحت لهم بمثل هذه المعارف، حال سقراط هنا.

فكل معرفة تأتي إذن من الآلهة، سواء أكانت معارف مشتركة بين جماعة من الناس أو معرفة خاصة مرتبطة بتقنية أو مهنة معينة.

قلت (عمراني): لاحظ من هذه القصة وهي المؤسسة للفظة: "التعقل" من المنظورية الإغريقية، أنها ارتبطت ب "العقلانية" (Sagesse)، التي ارتبطت بدورها كمفهوم مجسد بنمط السلوك السقراطي!

هذا من جهة،

ومن جهة أخرى، فقد شرع أفلاطون في انتقاد الأساطير، كتجسيد لهذا التعقل السقراطي، في محاولة لإحداث انقلابية مفهومية في سلوكيات الشعب الإغريقي الغارق في الأساطير.

لذلك، فعوض أن يرجع ب "الصوفيا" إلى الآلهة كما في الموروث، فقد عمل على أن ترجع الآن إلى الطبيعة "فوزيس" (Phusis) التي ترتبط بعلية نظامية ثابتة، بين سبب ومسبب.

ومن هنا، لم يعودوا يرجعون التفسير إلى الآلهة وإنما إلى المشاهدة التي تسمح باكتشاف العلاقات السببية بين العلة والمعلول.

لذلك، أقول بأن الفارابي، لم يكن موفقاً حين ترجم مفردة "صوفيا" المثقلة بالمورث الوثني الإغريقي، والمخثرة بمثل هذه الحمولات الدلالية إلى "الحكمة" ويتركها تلعب وتمرح في المجال التداولي المعرفي الإسلامي، بينما المجال مسكون بساكن شرعي وهو: "الحكمة" التي نزل بها القرآن الكريم !

فما بالك، وأن تكون لفظة "صوفيا"، لم تعد تعني عند فلاسفة الإغريق ما بعد سقراط أكثر من "التعقل" على النمط السقراطي !

بينما سلوكيات سقراط على الصعيد الشخصي، ملعومة من فوق سبع سماوات، حتى أن الله دمر عليهم مساكنهم وثطع دابرهم!

فالجهل هنا جهلان:

1) الجهل بالحمولة القيمية لكلمة: "صوفيا" في لغتها الأم اليونانية،
2) والجهل بقابلية الوعاء المستقبل وهو اللغة الغربية لغة عموم المسلمين، لما يمكنها حمله وما لا يمكن.

وليلاحظ القارئ، زيادة على هذا أن: "الوجود" و"الموجود" وهما شطرا المباحث "الفلسفية"، لو كان المتفلسفة المحسوبين على الإسلام يفقهون، لطوروا مباحث موازية، تتسم ب "العلمية"، كما هو مطلب النصوص القرآنية، بدل الاشتغال ضمن إطار مرجعي وثني!

ومن دون هذه المباحث التي تضعها تحت يد القارئ، فيصعب عليه بحسب ما درج عليه العرف في الكثير من البلاد الإسلامية هضم كريحتنا: لا فلسفة في الإسلام بالمعنى الاصطلاحي الإغريقي.

ثم مادامت الفلسفة، وكما تطورت في الغرب وثنية المحتوى، وكان غالبية منتحليها من الدهرية والمشركين بدون مواربة!. فأين " الحكمة الفلسفية السقراطية" من:

أ‌) "الحكمة" التي كانت تتلى على أمهات المؤمنين في بيوتهن مع الكتاب ؟ و
ب‌) حكمة النبي أو حكمة لقمان عليهما السلام سواء من خلال التعريف، أو المواضعة اللغوية، أو التطبيق أو واقع الحال؟.

ولو كان المتفلسفة المحسوبين على الإسلام أدرى بما نقلوا لترجموا الفلسفة حرفياً إلى حب المعرفة من "فيلو" = حب و "صوفيا" = معرفة.

ونظراً لمركزية "العقل" في كل فلسفة أفلاطون ومن جاءوا بعده،

ونظراً لكون الفلسفة الإغريقية أفلاطونية النشأة، إذ هو واضع أسسها وحابك إطارها، أمكن تجاوزاً أن نقول:

الفلسفة = حب التعقل.

فنقول عن الفيلسوف بأنه متعقل أو رزين التفكير إن أردنا إطنابه ظاهرياً، ولا نقول "حكيم" ونحن نتكلم من داخل مرجعية القرآن.

فنعترف لمن هذه حاله بأنه عقلاني نسبة إلى كثرة كلامه على العقل والمعقولات وليس لتعقله الشخصي في نفس الأمر، وإلا لكان هداه عقله قسراً إلى الإسلام.

وهو ما لم نره حاصلاً عند أكثر المشتغلين بالفلسفة. فثبت أنهم لا هم عقلانيون ممارسة ولا هم بالحكماء حالة!.

وهذا التداخل في تعريف "الحكمة" قديم. إذ نجده انتقل من المتفلسفة الذين نقلوا معناه كما أسلفنا عن الإغريق إلى اللغة العربية.

فنجد ابن منظور يقول في لسان العرب (12: 143) في تعريف "الحكمة":

فهي تعني: إما إحكام الأمور وإتقانها فيقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أحكمته التجارب..

قلت (عمراني): ووددنا لو كانت عندنا مراجع تتبع نشوء المفردات وتاريخها، حال ما نجد في اللغات الغربية. مع أن كثير من المتخصصين في اللغة العربية عاطلون !.

ثم أورد ابن منظور في لسان العرب (12: 140) تعريفات إسلامية للمفردة فقال:

وفي القرآن الكريم نجد من صفات الله تعالى : "الحاكم" و"الحكيم" والله أعلم بمرادها كما قال الأزهري..

وترد "الحكمة" بمعنى الفقه والعلم، لسان العرب (12:140). بل نجد ابن النديم في الفهرست ص. 498، يطلق اسم "الحكماء" على أصحاب الصنعة الذين كانوا كيميائيين يرومون تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب.

ونجد كذلك الوزير جمال الدين القفطي يسمي كتابه: "أخبار العلماء بأخبار الحكماء" ويذكر فيه تراجم الفلاسفة.

ولا يشك لبيب في كون: " الحكمة" التي عناها القرآن لا تنطبق بحال على أي من هؤلاء.

فالحكمة القرآنية ترد في القرآن مرتبطة مع السلوك المتوافق مع الدين.

وهي ترد دائما كقدر زائد مرتبط بالكتب السماوية: القرآن، الإنجيل، التوراة وغيرها كما في سورة آل عمران الآية 8:

(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة )

فهي قدر زائد على الكتب السماوية ومصاحبة لها.

لذلك أمكن القول مع الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204 هـ) رحمه الله دون خلف:

أ‌) أنها السنة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهي وحي كما هي عند باقي الأنبياء والرسل. وهي إلهام من الله لصالحي المؤمنين من باب قوله تعالى:في سورة البقرة، الآية 269:

(يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت لحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً(.

وما لهذا النوع من "الحكمة" الممدوحة من طرف الحق سبحانه وتعالى من تعلق بما ينسب للفلاسفة بحال !.

الشيخ محمد الغزاليودليلك الذي تنقطع له الرقاب: هو:

أ‌) أن الفارابي الفيلسوف يؤمن بقدم العالم مسايراً لأرسطو ومخالفاً للقرآن الكريم !
ب‌) وابن سينا الفيلسوف لا يؤمن ببعث الأجساد موافقاً لأصوله ومخالفاً للقرآن!!

حتى ذهب أبو حامد الغزالي إلى تكفيرهما على ذلك، مع أنه لم يخل هو نفسه من شطح لتصوفه، بينما لا تصوف ولا فلسفة في الإسلام.

وانظر ما قلناه بهذا الخصوص في كتابنا: "الانقلابات البولصية في الإسلام: المعهد العالمي للفكر الإسلامي نموذجاً"، اعتراضنا على تأويل الشيخ الغزالي السقا رحمه الله ل "الحكمة " بأنها: "الفلسفة!"

المصدر: http://www.alhiwar.org/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=292:---&catid=53:---&Itemid=2

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك