فاسد الرأي..فساد الخيار
فاسد الرأي..فساد الخيار
بقلم ظافر أحمد
عندما يتحدد الخيار بين الوقوف مع الوطن والوقوف مع أنظمة النفوذ الاستعماري أو مع حكومة أردوغان أو مع أنظمة الزنخ النفطي وتوابعها فإنّ فساد الخيار لمن يقف مع الطرف الأخير وينشق عن القيم الوطنية لصالح زنخ نفطي وزنخ تآمري، إنّه الخيار الأكثر فساداً وتصبح حتّى ملفات الفساد أو مؤشراتها في حال وجودها على مسؤول كبير ينشق أو من دون وجودها كلّها تفصيل صغير ولا تستحق إعارتها أدنى حدود الاهتمام أمام هذا النوع من الفساد: فساد الرأي..
وطبعاً لم يكن رئيس الحكومة السابق الأوّل من نوعه في مفاجآت قطاع كبار المسؤولين، إذ بين رئيس حكومة انتحر ورئيس حكومة اغتال نفسه بالسفر..وانشق عن المسؤولية الوطنية تفصيلات لبعض المسؤولين علامتهم الفارقة على الأقل فساد الرأي وفساد الخيار، ولكن هؤلاء مهما كانت خياراتهم الوطن باق..
رئيس حكومة سابق هو تفصيل، والأهم التنبه إلى أخطاء في "طبخ" وتوضيب و"سلق" شخص لجعله مسؤولاً من الصف الأوّل مع أنّه "رافس نعمة" وأثبت أنّه لا يستحق أن يكون مسؤولاً من الصف الأخير..!.
سنوات طويلة من عمر سورية لم تشهد أكثر من واقعتين ارتبطتا بفساد بطله رئيس حكومة، ففي نموذج الأوّل انتحر ذاتياً بُعيد تكشّف ملفات "لوثته أو طرطشته"، وكان خياره بالانتحار لا نقاش فيه، فالقصة وما فيها أنّ رئيس حكومة يومها انتحر بعيد الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة وكان البلد بمعدل نمو اقتصادي سلبي ومريع، وماذا يعني؟ البلد لم يتأثر ولو بذرّة تأثير سلبي وكل الذي حدث أنّ الشعب تناقل قصة الانتحار باكتراث أو بنصف اهتمام.. لمدة محدودة جداً إذ سرعان ما دخلت المسألة برمتها في غياهب النسيان الشعبي.
الثاني انتحر من الذاكرة الشعبية على طريقته وسواء تحت صفة "منشق" أو فارّ أو هارب أو متوارٍ عن الأنظار..فإنّ قصته منتحرة وسرعان ما تدخل المسألة برمتها في غياهب النسيان الشعبي أيضاً..
لا توجد مصيبة فيما حدث مع رئيس الحكومة السابق تتفوق على مصيبة "الاختراق" الذي أدّى إلى فقدان أربعة من كبار المسؤولين في عملية مكتب الأمن القومي، ما هي التداعيات الناجمة عنها سوى تصميم وطني وشعبي أكثر وأكثر على حسم لدحر المؤامرة؟ فكيف عند غياب مسؤول طارئ على المسؤولية الحساسة وينضم إلى صفوف المؤامرة؟!. ماذا يعني أنّ المؤامرة زادت "شخصاً يحمل صفة مسؤول مرموق"؟..
بواقعية وموضوعية لابد من التسليم بحقيقة أنّ الوطن يلفظ من يفيض عنه بموقع مرموق أو موقع غير مرموق، ويجد المنشق "وطناً فندقاً" له في أحضان المؤامرة التي عادة وحتماً تستقطب كل من لا يشكل خسارة لوطن أكبر بكثير من المؤامرات و"المنشقين"، وخير له أن "يخسر" فاسدي الرأي وأصحاب الخيار الخاطئ!.
المصدر: http://www.alazmenah.com/?page=show_det&category_id=9&id=42560&lang=ar