الحوار والخوار!

الحوار والخوار!

بقلم ظافر أحمد

مهما تبيّن الرأي مخالفاً لرأي الآخرين هل يمكن لحامله أن يتجرأ ويقول: لست مع حوار وطني، أي بمعنى: لا أجد أن سورية بحاجة إلى حوار وطني..، وإنّ الشيء الوحيد التي تحتاجه تنظيفها من الإرهاب والقاعدة وعصابات القتل والمرتزقة العرب والأجانب..، ثمّ انطلاقة حقيقية للإصلاح دون عرقلة من أحداث أمنية وأحداث "الزعبرة الثورجية"..؟

تحليل ما ورأي ما يستحق الإمعان مفاده أن نجاح الحوار الوطني ضرب من ضروب الخيال لأنّ الاستحقاق الأهم أن ينجح أولاً حوار تجّار الإيجارات والزبائن المهجرين وغير المهجرين، وأن ينجح حوار السائقين من مدمني طلب الفراطة والركاب من مدمني القرفصة المشهورة في سرافيس الركوع الجماعي أيام الرخاء والسلام والأمان..هؤلاء الحالمون بعودة زحام المدن حتّى لو قرفصوا دهراً وتأزّمت فراطتهم، لأنّ أزمة (الفراطة) أرحم بكثير من أزمة (الجامع)!.

الأولوية قبل الحوار الوطني نجاح الحوار بين رجال الأعمال وتجار السوق والممسكين بالأسواق والدراويش والمستهلكين الذين كانوا في السنوات السابقة يعبرون الأسواق مستعجلين بسبب بطش الأسعار، واليوم يعبرون الأسواق مستعجلين لخلخلة الأمان ومن بطش التجار والأسعار ورجال الأعمال..، ويصلّون لأن يعبروا أسواقاً كانت أسواقاً، وكثيرون يرثون أسواقاً لم تعد أسواقاً!.

الأولوية قبل الحوار الوطني نجاح الحوار بين ممسكي الملف الإعلامي والإعلاميين الذين لطالما طالبوا بضرورة اكتشاف الثروة الإعلامية السورية، وتكفلت أزمة الأزمات بكشف شيء منها فقط!..

الأولوية قبل الحوار الوطني أن ينجح الحوار بين الجهات الرقابية والفاسدين وضحايا الفساد..فأول علامات نجاحه معرفة أن أهم ميزات أدائنا الحكومي المديد تجاه مكافحة الفساد هي مكافحة آليات مكافحة الفساد والانشغال الصوري في البحث عن آليات لمكافحة الفساد!.

والأولوية لنجاح الحوار بين البلديات وطالبي السكن، وتجار السكن وطالبي السكن، والأزواج والآباء والأبناء والسائق وشرطي المرور والقضاة والمتهمين والشرطة التي هي في خدمة الشعب والشعب الذي في خدمتها..، والأولوية لإصلاح الجامع قبل إصلاح الاقتصاد الوطني برمته..

عند النجاح بتلك الأمور أو على الأقل الاعتراف بأولويتها التي تفوق أولوية الحوار الوطني، يمكن اكتشاف عدم الحاجة بتاتاً وقطعاً إلى حوار وطني!.

وعند التسليم بأولوية الحوار الوطني يجب القناعة بموضوعية شديدة أن الحوار الوطني لن يتمكن في يوم ما من تقديم عصاً سحرية أو عصاً غير سحرية ولا همة سريعة ولا سلحفاتية لحل المشاكل المستعصية بين المالكين والسائقين ورجال الأعمال والتجار وأصحاب الملف الإعلامي والجهات الرقابية والأزواج الرجال والشرطة والآباء من جهة، والمستأجرين والمهجرين والمستهلكين والإعلاميين وضحايا الفساد..والزوجات والأبناء والسائقين والمتهمين والشعب..من جهة أخرى..

أيضاً ماذا لو تعرقل الحوار الوطني (الفرضي) طويلاً ولم تتوافر ظروفه، هل يمكن تصنيف الحالة السياسية في البلد وإدارة الدولة عندئذ بأنّها حالة معطوبة؟. من يضمن أن الحوار الوطني بمنأى عن "الانعطاب" أو بمنأى عن إنتاجه لحالات من "اللبننة" على سبيل المثال في آلية عمل المؤسسات إذا ما تسللت إليه سراً أو علناً قوى لا تتوافق مع النهج السوري العريق في الممانعة والمقاومة؟!. غالبية السوريين اليوم في حالة قلق تجاه ضمانات عدم حدوث عملية التسلل المشار إليها..

يجب التنبه إلى الدولة بمؤسساتها الحالية والتي هي من مرحلة ما بعد اعتماد دستور معدّل لسورية، وبعد انتخابات للإدارة المحلية وانتخابات لمجلس الشعب..، أي هي نتاج حالة انتخابية وفي قمّة شرعيتها..، ومن المهم التشدد وجعل المساس بها خطاً أحمر، فمصداقية مؤسسات الدولة وكيانات الدولة من حراك وطني تمثل بالاستفتاء على الدستور وانتخابات حدثت تحت سقفه، ومن المعيب أن تصبح مثل هذه الخطوات المهمة - التي جرت تحت سقف دستور - ضمن باب الهدر السياسي والجهد المهدور..

المصدر: http://www.alazmenah.com/?page=show_det&category_id=9&id=42758&lang=ar

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك