الأفكار المتفككة للمستشرق الألماني نولدكة

الأفكار المتفككة للمستشرق الألماني نولدكة
في صفحات من كتابه تاريخ القرآن
« دراسة ونقد »

إشراف الشيخ العلامة المحدث
أ.د .نور الدين عتر

دراسة ونقد
مثنى علوان الزيدي
بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعالمنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً وأشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك الله وأشهد أنَّ محمداً  عبده ورسوله فصلي يا رب عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإنَّ لفظ الاستشراق له إطلاقان ، الأول: يراد به البحث في تراث الشرق عامة والثاني: يطلق في تراث الإسلام بشكل خاص، وعادة ما يراد بالاستشراق الدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامي مرتبطاً في بداية تكوُّنه بالكنيسة وبالحركة الصليبية عموماً، واعتبر المستشرقون الأوائل عملهم نوعاً من الكفاح ضداً على العروبة والإسلام وأصبح المراد بالاستشراق محاربة الإسلام.
ومن هؤلاء المستشرقين المستشرق الألماني "ثيودور نولدكة" وهو أحد أقطاب الاستشراق الألماني بل شيخ المستشرقين الألمان الذي جعل مدينة سترانسبورغ في نهاية حياته مركزاً للاستشراق الأوربي ، واصبحت حصيلة جهوده في مجال الدراسة في النص القرآني عمدة ومنطلقاً للدراسات القرآنية في أوربا وأصبحت تنبني عليها أخطر النتائج في مجالات الدراسات الإسلامية.
ومن هذه الدراسات التي قام بها هو كتابه "تاريخ القرآن" وأصله أطروحة قدمها سنة 1858م ، ولما أعلنت أكاديمية باريس عن جائزة للبحث يكتب في موضوع القرآن رحل في طلب المزيد من المصادر لرسالته وتوسع فيها ثم أرسل مساهمته بعنوان "تاريخ القرآن" فنال الجائزة سنة 1858 من (مجمع الكتابات والآداب في باريس) وتقاسم الجائزة هو وزميلين له، كتبا في القرآن الكريم ومن ثم ترجم رسالته للألمانية عام 1960م.
وعندها اُعتبر هذا الكتاب أخطر كتاب أنتجه الغرب في تاريخه في تعامله مع النص القرآني، بل أصبح ملاذاً للمستشرقين وأساساً في البحث العلمي المتخصص في القرآن الكريم عندهم وخاصة لمن جاء من بعده.
ولهذا فقد كفلني فضيلة شيخي وأستاذي العلامة نور الدين عتر ومجموعة من طلبة الدراسات بالرد على عدد من صفحات هذا الكتاب الذي طعن بكتاب ربنا بل ودستورنا رداً علمياً بيناً واضحاً رصيناً معتمداً على البحث العلمي المتخصص.
فبدأت بقراءة الصفحات قراءة تدقيق وإمعان لتظهر عندي مجموعة من أوهام زرعها هذا المستشرق كذباً بل طعناً وزوراً فجعلتها على شكل مسائل عديدة لكل مسألة وضعت لها عنواناً وبعد أن وضعت كل مسألة عنواناً وضعت تحتها عبارة المستشرق نصاً دون زيادة أو نقصان ثم بدأت بدراسة النقد والإيضاح والتحليل تحت عنوان "دراسة العبارة" فتكلمت عن أوهامه في كل مسألة من المسائل وما هي الكلمات التي طعن بها هذا المستشرق وما هو الصحيح الذي تجاهله وتركه حباً في الطعن وعداوة لهذا الدين الواضح الذي شهد له القاصي والداني.
وكان ردي الى جانب رد العلماء الذي اقتبسته من كتبهم وأخذت منها ما احتاجه ببحثي وأكثر ما نفعني بهذا الزرقاني "رحمه الله" في كتابه مناهل العرفان إلى جانب الاستفادة من كتب أخرى، كما كان لكتب التفاسير النصيب الأوفر لاستشهاد المستشرق بها آخذاً منها ما يعتقده أنه يدُّل على مكره وما يريد.
وختمت كل ذلك بالفوائد والعبر التي استفدت منها خلال رحلتي هذه من كتب ومؤلفات علمائنا إلى جانب إرشاداتهم التي أكرمني الله بها من فضيلة المربي الشيخ المحدث والمحقق والمفسر نور الدين زاده الله نوراً وبهجة.
وبعد ذلك أتيت بذكر فهارس البحث كاملة.
وفي النهاية لا بد أن أقول إنني بشر والإنسان خطاء فما كان في البحث من عبارة صحيحة فمن فضل الله ومنِّه كرمه وإن كان فيه ما لا يسر أساتذتنا فها نحن نجد من أجل مواصلة الطريق والحول والقوة كلها بيد الله فنسأله  أن يمدنا بالعون وأن يغفر زلاتنا وأخطاءنا في ظروف بعدنا عن أهلنا ووطننا الحبيب وهو محتَّلٌ يعاني من تكالب أعداءه.
فأسأل الله أن يقبل طلبنا للعلم هذا بتفضله وأن لا يعاملنا بما نحن له أهل وأن يعاملنا بما هو له أهل أنه أهل التقوى وأهل المغفرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
الأربعاء 9/جمادى الأولى/1429ﻫـ- 14/5/2008م

وكتبه
مثنى علوان الزيدي

(المسألة الأولى)
(أسلوب القرآن الكريم)
قال المستشرق الألماني نولدكة في كتابه تاريخ القرآن ما نَصه( ): (إنَّ الأمور الجديدة التي دخلت بعد الهجرة في دائرة اهتمامات محمد فصارت تعالج في السورة، سببت فيها بالتأكيد اختلافات بالغة مقابل أسلوب الفترة المكية الأخيرة).
(دراسة العبارة)
الكلام هنا واضح باحتوائه على شبهة بل شبهات عديدة حول القرآن الكريم فكأنما أراد المستشرق بهذه العبارة أن يقول:
((إنّ القرآن الكريم مختلف الأسلوب من حين إلى حين ومن وقت إلى وقت ومن مكان إلى مكان فبالتالي إن هذه القرآن أو الكتاب هو كلام وضعي غير منـزل من الله  فكيف يمكن كلام الله أن يتخالف في أسلوبه)).
وهذا الأمر واضح مصرحاً به في النصوص القادمة التي قال فيها مثلاً: ((لكن محمداً يبقى ملتزماً بالنظم ...))( ). وقال: ((وبما أن النبي لا يتوجه إلى الناس ...))( ) وقال: ((حتى لو اختفت بعض القطع ...))( ).
إلى غيرها من الكلمات التي تصرح بالاعتقاد بوضعية القرآن الكريم.
فقلت: بالنسبة لاختلاف أسلوب القرآن الكريم في مكة عن المدينة هو أمر طبيعي فلا غنى له عن أوقات وظروف وأماكن معينة نـزل فيها القرآن ((إنْ سلمنا بصحة اختلاف الأسلوب)).
فكل سورة إما مكية أو مدينة وقد تستثنى من السور المكية آيات مدينة ومن السور المدينة آيات مكية. فلذلك نرى أن مراحل الدعوة متدرجة مع الأحداث والظروف وهذا أمرٌ معروف، فلا بد أن تكون السورة التي تنـزل متناسقة مع هذه الظروف المحيطة بمراحل الدعوة وكذلك بالنسبة لاختلاف البيئة على سبيل المثال في مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو في البادية أو الحاضرة( ).
ومن ثم إن الكلام السماوي لا بد وأن يأتي مناسباً لكل وقت وظرف لكل بيئة على حدٍ سواء صالح لكل شخص ذكراً كان أو أنثى.
فمن الكلام السابق الذي قرأناه في كتاب مباحث في علوم القرآن( ) استنتجنا أن اختلاف الأساليب في مخاطبة المؤمنين والمشركين وأهل الكتاب هو أمر طبيعي يقره العقل قبل أن يكون دستوراً اتبعه الخالق بل (جل وعلا) في كتابه العظيم فإذا كان الكلام الطبيعي يختلف باختلاف بيئته والمخاطب فمن باب أولى أن يكون أساساً يعتمد في كلام الله تبارك وتعالى.
((فالأمور الجديدة ... أدت إلى اختلاف الأسلوب))( )... ممكن وغير ممكن، كيف؟
المتأني لهذا الكلام يرى أن نولدكة( ) لا يقصد باختلاف الأسلوب هو هذا الذي قدمنا الكلام عليه بل إن الهدف من هذه الكلمات الإعلان بأن هذا القرآن مفكك الأجزاء غير متصل الحلقات وإنه خاضع للظروف متأثراً بالبيئة ذلك التأثر السلبي وإنه كلام محمد  والدليل إنه صرح بذلك كما أسلفت.
فهذا الكلام باطل، واضح البطلان لا بد علينا أن نوضح بطلانه.
فإنّ وتيرة الكلام الإلهي في القرآن الكريم ما زالت على نسقٍ معروف وعلى كفتين متوازنتين في حملهن على الترغيب أو الترهيب و الطول والقصر إلى آخر الأمور.
فلو وقفنا مثلاً عند قول الله : ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﭼ [البقرة: 24] وقال الله فيها أيضاً: ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﭼ [النساء: 10] .
وقال فيها: ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﭼ [البقرة: 278-279]، وفي آيات أخرى مكية قال : ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ [فصلت: 33]، وقال تعالى: ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ [الشورى: 36].
وقد حملت السور المدينة كذلك تقريعاً عنيفاً عند المناسبة مثل قول الله تعالى في شأن المشركين: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭼ [البقرة: 6].
وقول الله: ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ [البقرة: 8] إلى ثلاث عشرة آية مليئة بالتوبيخ والتعنيف لهؤلاء الذين ينفثون سمومهم ويفسدون المجتمع بسلاح خطير ذي حدين هو سلاح النفاق والذبذبة وغير ذلك كثير( ).
أما ما قد يدل على أن المراد من كلامهم الإعلان بانقطاع الصلة بين المكي والمدني والتعارض بين أسلوبهما هو زعم ساقط مبني على اعتبارات كاذبة أثبتنا بطلانها، وأول دليل على ذلك أن أساطين البلاغة من أعداء الإسلام في مكة نفسها أيام نـزول القرآن لم يستطيعوا أن يتهموا أساليب التنـزيل بمثل هذا الاتهام ولا كذباً، لأنهم كانوا أعقل من ملاحدة اليوم، كيف وهذا الوليد بن المغيرة( ) يقول للملأ من قريش: ((والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن وإنَّ له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلوا وما يعلى عليه))( ).
ولما قالت قريش عندئذٍ صبأ والله الوليد واحتالوا عليه أن يطعن في القرآن لم يجد إلا أن يقول: ((إنَّ هذا إلا سحر يؤثر)) ولم يستطع أن يرمي القرآن بالتهافت والتخاذل وانقطاع الصلة بين أجزاءه وانحطاط شيء من أساليبه والله أعلم بما يبيتون.
وإذا بطل هذا بطل زعمهم من تأثر القرآن بالوسط وما بنوه على أنه من كلام محمد لا كلام رب العزة، ثم إنها اتهامات سخيفة لا تستحق الرد ما دام إعجاز القرآن قائماً يتحدى كل جيل وقبيل ويفحم كل معارض ومكابر( ).
فهل يبقى لأحدٍ بقية من تلبيسٍ أو إدعاء ما يوهم بربانية القرآن وحقيقة مصدره.

(المسألة الثانية)
(قيمة الآيات المكية مختلفة عن المدينة ومضمونها)
(عبارة المستشرق)
قال: ((ويقل حجم الآيات المدنية وهي تحتوي في الغالب على تشريعات قصيرة ومخاطبات وأوامر وما شابه في الأصل عن حجم الآيات المكية التي غالباً ما تتألف من خطابات مسهبة، من جهة أخرى تسبب تشابه المضمون بجمع كثير من الآيات المدنية إلى سورة واحدة وهذا ما يفسر كون السور المدنية هي الأطول في قرآننا الحالي))( ).
(دراسة العبارة)
التركيز والغاية تمتين فكرة انقطاع الصلة بين القرآن وتفكك الأجزاء القرآنية نتيجة تأثر محمد بالوسطية والبيئة فكأنما قال: لما كان النبي  في مكة أمياً بين الأميين جاءت سور المكي قصيرة وآياته طويلة ولما وجد في المدينة بين مثقفين ومستنيرين جاءت سور المدني أطول محتوية على تشريعات وأحكام. "والله أعلم بما يبيتون".
فنحن نقول:
أولاً: إن في القسم المكي سوراً طويلة مثل الأنعام وفي القسم المدني سوراً قصيرة مثل: ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ [النصر:1] والعكس موجود كذلك.
ثانياً: إذا أرادوا الكثرة الغالبة لا الكلية الشاملة فهذا نسلمه لهم ولكن القصر والطول هذا العام لا يقطع الصلة بين قسمي القرآن مكيه ومدنيه، ولا بين سور القرآن وآياته جميعاً بل الصلة كما يحسها كل صاحب ذوق في البلاغة محكمة وشائعة بين كافة أجزاء التنـزيل( ).
ثم إنّك تلاحظ آيات مكية منبثة بين آيات سور مدينة، ورغم ذلك لا أحد يحس بتفاوت ما أو تفكك أو انقطاع بل العكس، ترى وتشعر بكمال الاتصال وجمال التناسق والانسجام مما يجعل القرآن كله على طوله سلسلة واحدة محكمة متصلة الحلقات أو عقداً رائعاً أخَّاذاً منتظم الحبات أو قانوناً رصيناً مترابط المبادئ والغايات.
ثم إن هذا القصر الذي أشاروا له مظهر الإيجاز والإيجاز مظهر رقيِّ المخاطب وآية فهمه وذكائه بحيث يكفيه من الكلام موجزه ومن الخطاب أقصره.
أما من كان دونه ذكاءً وفهماً فلا سبيل إلى إفادته إلا بالإسهاب والبسط إن لم يكن بالمساواة والتوسط( ).
فأين نضع قول المستشرق: (معظم الآيات المكية المتأخرة تتألف من خطابات مسهبة)( ).
إن هذا الكلام فارغ المحتوى واضح البطلان.

(المسألة الثالثة)
(الآيات المدينة تحتوي على تشريعات وأحكام بخلاف المكية)
(عبارة المستشرق)
قال: ((ويقل حجم الآيات المدنية وهي تحتوي على تشريعات قصيرة ومخاطبات وأوامر وما شابه في الأصل عن معظم الآيات المكية المتأخرة))( ).
(دراسة العبارة)
أيضاً تدل هذه العبارة على أن القرآن من وضع محمد، فهو حين كان بمكة كان لا يملك أن يتكلم مع الناس إلا بما يدور حوله بخلاف ذهابه للمدينة وقربه من اليهود فجاء القرآن مليئاً بالعلوم والمعارف. والله أعلم.
فنقول: ما قال العلماء:
إن القسم المكي لم يخل جُملة من التشريع ولا يختلف اثنان إنها أكثر من مثيلاتها من السور المدنية بأضعاف الأضعاف.
ثم إن كثرة التفاصيل في تشريع الأحكام هو أمرٌ لا بد منه في سياسة الأمم وتربية الشعوب وهداية الخلق، وذلك أن الفكرة حليفة الخيبة والفشل، والتدرج حليف التوفيق والنجاح وتقديم الأهم على المهم واجب في نظر الحكمة.
لهذا بدأ الله عباده في مكة بما هو أهم.
بدأهم بإصلاح القلوب وتطهيرها من الشرك والوثنية حتى استقاموا على هذا المبدأ القويم وشعروا بمسؤولية البعث والجزاء وتقررت فيهم هذه العقائد الراشدة ففطمهم عن أقبح العادات وأرذل الأخلاق وقادهم إلى أعلى الآداب والفضائل، ثم كلفهم بما لا بد منه من أمهات العبادات وهكذا ما كان في مكة ولما تهيأت نفوسهم على ذلك وكانوا وقتئذٍ قد هاجروا إلى المدينة جاءهم بتفصيل التشريع والأحكام وأتم عليهم نعمته ببيان دقائق الدين وقوانين الإسلام( ).

(المسألة الرابعة)
(التزام محمد بالنظم يجعله أسلوباً مشوشاً مع وجود مواضع قوية الأسلوب)
(عبارة المستشرق)
قال المستشرق: ((لكن محمداً يبقى ملتزماً بالنظم الذي يتألف في أحيان كثيرة من زيادات فائضة تجعله عنصراً أسلوبياً مشوشاً)) ثم قال: ((وتوجد في هذه السور مواضع منفردةً قوية الأسلوب شعرية))( ).
(دراسة العبارة)
أسلوب القرآن مشوشاً بسبب تمسك سيدنا محمد  بالنظم الذي لا حاجة له البتة بل هو زائدٌ. وهناك مواضع قوية الأسلوب شعرية!!
فنقول: إنَّ أسلوب القرآن الكريم خالٍ من هذه الزيادات أو التشويشات أو اتباع أسلوب وضعي معين كالشعر وغيره، بل إن هذا الدستور احتوى أسلوبه على خصائص فريدة لم نجدها في أي كتاب آخر وضعي كان أم سماوي إنما كانت من ميزات هذا القرآن وحسب، وسنعرض بعض من هذه الخصائص والتي ستكون كفيلة بالرد على هذه الفرية ،فمنها:
1- مسحة القرآن اللفظية: فهي مسحة إلهية وليست مصدرها محمد  وتتجلى هذه المسحة بنظامه الصوتي وجماله اللغوي.
والنظام الصوتي: هو اتساق القرآن وائتلافه في حركاته وسكناته ومدَّاته وغنَّاته واتصالاته اتساقاً عجيباً وائتلافاً رائعاً يسترعي الأسماع ويستهوي النفوس (كما قدمنا في قصة الوليد بن المغيرة)( ) بكلام لا يمكن أن يصل إليه أي كلام آخر من منظور ومنثور.
فكل من يسمعه يشعر حتى لو كان أعجمياً لا يعرف العربية أنه أمام لحنٍ غريب وتوقيع عجيب يفوق في حسنه وجماله كل ما عرف من توقيع الموسيقى وترنيم الشعر لأن الموسيقى تتاشبه أجراسها وتتقارب أنغامها فلا يفتأ السمع أن يملها والطبع أن يمجها، أما الشعر فتتحد فيه الأوزان وتتشابه القوافي في القصيدة الواحدة غالباً وإن طالت على نمط يورث السأم والملل بينما سامع هذا اللحن القرآني لا يسأم ولا يمل.
فأين قول نولدكة: ((عنصراً مشوشاً)) وقوله: ((شعريةً)) وهو يصف في حاشيته الآيات (16، 17، 264، 266) من سورة البقرة.
ثم ينتقل فيه دائماً لألحان متنوعة وأنغام متجددة على أوضاع مختلفة يهز كل وضع منها أوتار القلوب وأعصاب الأفئدة.
أما قول المستشرق: "أسلوب شعري".
فإن العرب قد قالت ذلك من قبل لأنهم أدركوا اللذة في إيقاعه لم يعرفوا شيئاً منها إلا في الشعر ولكنهم سرعان ما عادوا وخطأوا أنفسهم بما قالوا وظنوا، حتى قال قائلهم كما أسلفنا "وما هو بشعر".
فهلا عاد مستشرقوا اليوم عن ظنونهم ومطاعنهم؟
لكنه وسط ظلام العناد والحيرة قالوا إنه سحر، لماذا؟
لأنه أخذ من النثر جلاله وروعته ومن النظم جماله ومتعته ووقف منها في نقطة وسط خارقة لحدود العادة البشرية والله لو أنصفوا لعلموا أنه كلام معجز ليس كمثله كلام لأنه صادر من متكلم قادر ليس كمثله شيء( ).
2- جماله اللغوي: أما هذه الظاهرة فهي الأخرى تدل على ربانية القرآن بأسلوبه ونظامه فترى حروفه رصينة، كلامه مرتب دونه كل ترتيب فلو استمعت لقراءته بالقراءة الصحيحة لشعرت بلذة جديدة في رصف هذه الحروف بعضها بجانب بعض في الكلمات والآيات هذا يحبر وهذا يصفر وذاك يخفى ... وإلى آخره.
ومن هنا يتجلى لك جمال لغة القرآن حين خرج إلى الناس في هذه المجموعة المختلفة المؤتلفة الجامعة بين اللين والشدة والخشونة والرقة إلى آخره.
فأين الصحة لهذه الإدعاءات( )؟

3- إرضاؤه الخاصة والعامة:
أسلوب فريد إذا قرئ على العامة أحسوا بجلالته وذاقوا حلاوته وفهموا عنه على قدر استعدادهم ما يرضي عقولهم وعواطفهم وكذلك بالنسبة للخاصة( ).

4- إرضاؤه العقل والعاطفة:
يخاطب العقل والقلب معاً ويجمع الحق والجمال معاً والأمثلة في هذا المقام كثيرة جداً( ).

5- جودة سبكه وإحكام سرده:
ترابطت أجزاؤه وتماسكت كلماته وجمله وآياته مبلغاً لا يداينه في أي كلام آخر مع طول نفسه وتنوع مقاصده.

6- براعته في تصريف القول وأفانين الكلام:
فتراه يورد المعنى الواحد بألفاظ وطرق مختلفة بمقدرة فائقة تنقطع في حلبتها أنفاس الموهوبين من العظماء والبلغاء.
7- جمعه بين الإجمال والبيان مع أنهما غايتان متقابلتان لا يجتمعان في كلام واحد للناس.

8- قصر اللفظ القرآني مع وفائه بالمعنى، ومعنى هذا إنك في كل جمل القرآن تجد بياناً قاصداً مقدراً على حاجة النفوس البشرية من الهداية الإلهية دون أن يزيد اللفظ على المعنى أو يقصر عن الوفاء بحاجات الخلق من هداية الخالق( ).
فهل بقي لطاعن أن يطعن أو مشكك أن يشكك؟

(المسألة الخامسة)
بعض قطع القرآن اختفت أو أتلفها النبي صلى الله عليه وسلم
(عبارة المستشرق)
قال: ((حتى لو اختفت بعض القطع الموحى بها مباشرة بعد الهجرة أو أتلفها النبي  بنفسه فيما بعد))( ).
(دراسة العبارة)
التشكيك واضح بحفظ الله  للقرآن ونبيه  الذي يتلف بنفسه القرآن الكريم أو بعض آياته.
فنقول: عندما نـزل القرآن الكريم على النبي محمد  كانت همته بادئ ذي بدء منصرفة إلى أن يحفظه ويستظهره لا أن يتلفه، ثم أن يقرأه للناس على مكث ليحفظوه ويستظهروه لأنه نبي بعثه الله في الأميينﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ[الجمعة: 2] فكان نبينا حريصاً على حفظه فكان يحرك لسانه به في أشد حالات حرجه وشدته، يفعل ذلك مخافة أن تفوته كلمة أو يفلت منه حرف، بقي كذلك حتى طمأنه الله  بقوله: ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ [القيامة: 16-19] وقال الله تبارك وتعالى في سورة طه ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ [طه: 114].
فمن هنا كان جامع القرآن في قلبه الشريف  وسيد الحفاظ في عصره المنيف ومرجع المسلمين في كل ما يعنيهم من أمر القرآن وعلومه، وكان يقرأه على الناس على مكث كما أمره جبريل بأمر الله، ((وكان يحيي به الليل ويزين الصلاة وكان جبريل يعارضه إياه في كل عام مرة وعرضه إياه في العام الأخير مرتين)) كما قالت عائشة وفاطمة رضي الله عنهن سمعنا من رسول الله  يقول: « إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي »( ).
فهل يمكن لعاقل أن يصدق بإتلاف النبي  لشيء من القرآن وأن العكس هو المنقول المعروف؟
ثم هكذا حفظت في صدور الصحابة الذين تلقوها عنه عليه الصلاة والسلام والذين بلغ عددهم مبلغ التواتر وأجمعوا جميعاً على صحته.
أين هم من قول الله : ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ [الحجر: 99].
فقد تكفل الله تبارك وتعالى بحفظه فلا يمكن لأحدٍ مهما كان أن يسقط حرفاً أو حركة واحدة منه( ).
وكلمة (لحافظون) هنا: أي لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه( ).
وقال بعض المفسرين: (حافظون له من التغيير والتبديل)( ).
وقال آخرون: (حفظ من التحريف والتبديل والحافظ له هو الله )( ).
ثم إن هذا القول هو تجنّ وعدم تبصر لأن النبي  كُلف أن يعلن رسالته إلى جميع الناس: ﭽ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ [الأعراف: 158] كما كلف بأن يعلن نـزول القرآن عن طريق الوحي: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ [الأنعام: 19].
وقد ثبت تاريخياً:
- إن الآيات فور نـزولها كانت تتلى.
- وكانت تكرر قراءتها على الكتّاب والحفّاظ.
- وكان الذين يحفظون ويكتبون ويسمعون يؤمنون بقداسة كل حرف من حروفها لذلك فإن استحالة شديدة تحول دون فقدان بعض الآيات أو إتلاف بعضها خاصة وقد نقل المسلمون كافة عن الرسول قول الله تعالى: ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ [يونس: 64] .
وقول الله: ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ [الكهف: 27].
فالمؤلف وهو يتحدث عن الفقدان والإتلاف في السور والآيات المدنية.
نسمي - على ما يبدو - إن التأكيد على ثبات كلمات الله مؤكد عليها في سورتي يونس والكهف، وهما من السور المكية، وكذلك سورة الحجر مكية أيضاً وقد جاء فيها: ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ [الحجر: 99] وفي سورة الإنسان المكية أيضاً ﭽ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭼ [الإنسان: 23], وإن كان النبي  قد أتلف بعض الآيات فمن أخبر نولدكة بذلك.
وإن كان سراً لأن الجهر بخلافه فمن أخبر نولدكة أن النبي  أتلف بعض الآيات فيما بعد.
من المؤكد إن هذه الروايات ليس من بنات خياله فقط بل من بنات عواطفه أيضاً لأنه لا نولدكة ولا سواه كشف عن قلب النبي فبانت أعماقه له وقرأ ما فيه من أسرار.
والإتلاف هو عمل يتلو الإعلان، والأحرف للآيات كان بتبليغها إلى الناس الذين كانوا يكتبونها ويحفظونها ولم يذكر أحد من الشرق والغرب غير نولدكة وبعض الحاقدين الطاعنين أن محمداً أتلف أو امر بإتلاف أية آية أعلنها( ).

(المسألة السادسة)
القرآن كلام محمد وليس كلام الله
(عبارة المستشرق)
وذكر مراراً بما يدل تلميحاً وصراحة بأن هذا القرآن ليس كلام الله وهو كلام سيدنا النبي محمد  فقال: ((وبما أن النبي لا يتوجه إلى الناس))( ) أي النبي هو الذي يتكلم وقوله: ((لكن محمداً يببقى ملتزماً بالنظم))( ) ... الخ.
(دراسة العبارة)
نسبة القرآن في كلام نولدكه للنبي  واضحة لذلك نقول:
إن من يقرأ القرآن الكريم يجد فيه آيات كثيرة تجرد الرسول  من أن يكون له فيها حرف أو كلمة، وتصفه بأنه كان قبل نـزول القرآن لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان وتمتنُ عليه بأن الله آتاه الكتاب والحكمة بعد أن كان بعيداً عنهما وغير مستعد لهما ولم يكن منه رجاء من قبل لأن يكون منهل هذا الفيض ولا مشرق ذلك النور، اقرأ قوله سبحانه في سورة النساء ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭼ [النساء: 113] وقول الله تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭼ [الشورى: 52].
بل كان عليه الصلاة والسلام يخاف انقطاع الوحي فإذا فتر عنه عراه من الحزن على فترته والتلهف على عودته ما يجعله يمشي في الشعاب والجبال كأنه يتلمسه حتى لقد كاد يتردى مرة من شاهق وهو يطلبه، وأكثر من هذا أنه كان يخشى أن يتفلت منه شيء أثناء إيحائه إليه لولا أن طمأنه الله عليه( ).
وأكثر من هذا وذاك إنه كان يخاف أن ينـزع الله من قبله ما أنـزل عليه وحفظه إياه ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭼ [الإسراء: 86].
فقل لي وربِّك: هل يتصور منصف على وجه الأرض أن القرآن كلام محمد  بعدما ما قصصنا هذا الآيات التي تجرد النبي الكريم من إنشاء القرآن الكريم أو وضعه بل تجرده من رجاء نـزوله عليه؟
وهل يصح في الأذهان أن أحداً يبتكر بعبقريته أمراً هو مفخرة المفاخر ومعجزة المعجزات ثم يقول للعالم في صراحة: ليس هذا الفخر فخري وما هو من صنعي وما كان لدي استعداد أن آتي بشيء وانتم تعرفوني وتعرفون استعدادي من قبل؟
إلا إن هذا يخالف العقل والمنطق ويجافي العرف والعادة وينافي مقررات علم النفس وعلم الاجتماع فإن النفوس البشرية مجبولة على الرغبة في جلائل الأمور ومعاليها مطبوعة على حب كل ما يخلِّد ذكرها ويرفع شأنها لا سيما إذا كان نابعاً منها وصادراً عنها وكان صاحب هذه النفس صدوقاً ما كذب قط دافعاً عقيرته بزعامة الناس ودعوتهم إلى الحق.
وليس شيء اجل شأناً ولا أخلد ذكراً من القرآن الكريم الذي جمع الله به شمل أمة وأقام به خير ملة وأسس به أعظم دولة.
فما كان لمحمد أن يزهد في هذا المجد الخالد ولا أن يتنصل من نسبته إليه لو كان من وصفه ووضعه وهو يدعو الخلق إلى الإيمان به ولما جاء به، وأي وجه لمحمد  في أن يتنصل من نسبة القرآن إليه وهو صاحبه؟
إنه إن كان يطلب الوجاهة والعلو والمجد فليس شيء أوجه ولا أعلى ولا أمجد من أن يكون هذا القرآن كلامه( ).
وإن كان يطلب هداية الناس فالناس يسرهم أن يأخذوا الهداية مباشرة ممن يعجز الجن والإنس بكلامه ويتحدى كل جيل وقبيل ببيانه ويقهر كل معارض ومكابر ببرهانه، ولو كان القرآن من تأليف محمد لأَثبت به ألوهيته بدلاً من نبوته لأن هذا القرآن لا يمكن أن يصدر إلا عن إله كما بينت.
وإذن لكانت تلك الألوهية أبلغ في نجاح دعوته وأرجى في ترويج ديانته لأن الناس تبهرهم الألوهية أكثر مما تبهرهم النبوة ويشرفهم أنهم أتباع إليه أكثر من أن يشرفهم أنهم اتباع رسول لم يخرج ولن يخرج يوماً من أرض العبودية ولم يرتق ولن يرتق يوماً إلى سماء الربوبية.
ولهذا كان أعداء الرسل كثيراً ما يعظم عليهم أن يخضعوا لرجل منهم وكانوا يعجبون أن يوحى إلى بشر مثلهم، ويقترحون أن يرو الله جهرة أو تنـزل لهم الملائكة عياناً.
فلو كان محمد  صاحب هذا التنـزيل لخرج عن مستوى الخلق جملةً.
ولظهر في أفق الألوهية، يطل على العالم بعظمة تنقطع دونها الأعناق وتخضع لها الرقاب وأن يحقق كل ما اقترحه معارضوه من الآيات ولكنه اعترف بعبوديته آنذاك وتبرأَ من حوله وقوته إزاء هذا الكتاب وغيره من المعجزات وخوارق العادات ولو قرأنا في سورة الإسراء حيث قال الله عز وجل: ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ [الإسراء: 90 - 93] ( ).

(المسألة السابعة)
(النبي أخذ واكتسب الكثير من الأمور من الديانات الأخرى)
(عبارات المُستشرق)
قال المستشرق: ((إن محمداً اكتسب موقعه الجديد في المدينة تدريجاً تجاه ديانتي الوحي السابقتين)) ( ) وقال: ((وأخذ محمد من ديانتي الوحي طقوساً كثيرة جداً)) ( ) وقال: ((وجد النبي في الجزيرة جماعات تحمل صيغة يهودية تأخذ بيت المقدس قبلة لها فاتخذها هو كذلك( ).
(دراسة العبارة)
هذه الدعاوى مجردة من الأدلة خالية من التعيين والتحديد والإيعاز إلى مصادر فكيف أخذ عن الديانات؟
إن التاريخ لا يعرف أكثر من أنه سافر إلى الشام في تجارة مرتين ، مرة كان فيها شاباً وكان فيها بحيرا الراهب فقط اليهودي المعروف.
فهل سمع منه نبينا  شيء؟ الجواب: كلا لم يسمع منه شيئاً اختص بالديانات، وكان معه عمه أبي طالب في الأولى وميسرة غلام خديجة في الثانية.
وجل ما هنالك أن بحيرا رأى سحابة تظلله  من الشمس فذكر لعمه أنه سيكون لهذا الغلام شأن فهو دليل معنا ويؤيد لنبوة النبي محمد .
ثم حذره عليه من اليهود فرجع به عمه مباشرةً( ).
ورواية الترمذي( ) ليس فيها اسم بحيرا وليس هناك ثمة روايات أن النبي  سمع من بحيرا( ) أو تلقى منه درساً واحداً أو كلمة واحدة لا في العقائد ولا في العبادات ولا في المعاملات أو الأخلاق فأنى يؤفكون، ثم لماذا لم يكونوا حاملين للواء النبوة والرسالة والانتداب لهذا الأمر العظيم.
إن طبيعة هذه الديانات تأبى أن تكون مصدراً للقرآن وهداياته وأساس النبوة بعدما أصاب هذا الدين ما أصابه من تغيير وتحريف: كيف يمكن؟
لو كان أساس ما جاء به النبي  من عندهم (حقاً) لفرحوا بها وقاموا وقعدوا لها لأنهم كانوا أعرف الناس برسول الله وكانوا أحرص على تكذيبه وتبهيته وإحباط دعوته بأية وسيلة.

وهذا ورقة ابن نوفل( ) النصراني المتنصِّر الكبير الذي يجيد اللغة العبرية ويقرأ بها ما شاء الله أن يقرأ قال لخديجة( ) رضي الله عنها: ((هذا الناموس الذي أنـزل الله على موسى))( ). ألم يسمعوا إلى هذا الاعتراف من أكبر كبرائهم.

فمن أين يعلِّم النبي  وأي منصف يسمع كلام ورقة ولا يفهم منه أنه كان يتمنى أن يعيش حتى يكون تلميذاً لمحمد  بقوله: ((يا ليتني منها جذعاً)) وجندياً مخلصاً ((وإن يأتيني يومك انصرك نصراً مؤوراً))( )...؟

لكن القوم ركبوا رؤوسهم على الرغم من ذلك وحاولوا قلب الأوضاع.
ألا ساء ما يحكمون( ).

(المسألة الثامنة)
أقدم السور المدنية سورة البقرة
(عبارة المستشرق)
قال: ((لا شك أن للمسلمين حق في قولهم أن سورة البقرة هي أقدم السور المدنية))( ).
(دراسة العبارة)
سورة البقرة مدنية باستثناء الآيات ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ [البقرة:109] والآية: ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ [البقرة: 272]، نقلاً عن مناهل العرفان( ).
وذكر أن سورة البقرة هي أول ما نـزل بالمدينة.
في البرهان: ((أول ما نـزل في المدينة سورة البقرة ثم الأنفال ثم آل عمران ...))الخ( ).
وفي روح المعاني: ((آخر آية نـزلت فيها ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ( ) [البقرة:281].
وأيد صاحب المناهل هذا وقال: (( هذا الذي تستريح إليه النفس لأنها تحمل إشارة اختتام الوحي والدين بسبب ما تحث عليه من الاستعداد ليوم المعاد وما تنوه به من الرجوع إلى الله واستيفاء الجزاء العادل من غير غبن ولا ظلم وذلك كله أنسب بالختام من آيات الأحكام المذكورة في سياقها)) ( ).
وفي تفسير القرآن العظيم أن السورة جميعها مدنية( ).
وقيل إنها مدنية بالاتفاق وليس فيه خلافاً( ).

(المسألة التاسعة)
التشكيك في مدينة السورة "البقرة"
(عبارة المستشرق)
قال نولدكة: ((الجزء التالي من الآية 21-39 لا يحمل علامات واضحة تدل على أصل مدني بل بعض الآثار التي تؤيد أصله المكي، في الآيات الأولى منه يتحدث النبي ضد عبادة الأصنام وهذا ما يعترف به المسلمون أيضاً)) ( ).
(دراسة العبارة)
أشار في الحاشية بقوله: ((قارن التفاسير وليس فيها ما يصرح بأن هذه الآية مكية بل إنها تخاطب المكيين)) وكذلك أشار للواحدي( ).
فبالنسبة للواحدي فقال: ((يا أيها الناس: يعني أهل مكة)) فخاطبت الآية أهل مكة ولم يشر إلى أنها مكية كما رجّح نولدكة( ).
ونُقل عن أهل العلم أن الخطاب ربما يكون للجميع يعني إن الله يجوز أن يخاطب المؤمنين مرة بصفتهم ومرة باسم جنسهم وقد يؤمر ممن ليس بمؤمن بالعبادة كما يؤمر المؤمن بالاستمرار على العبادة والازدياد عليها فالخطاب في الجميع ممكن( ).
فكيف يمكن تحديد أن الآية مكية وهي مدنية باتفاق العلماء كما بينا في المسألة السابقة.

(المسألة العاشرة)
المعنيون بالآيات الأولى من سورة البقرة
(عبارة المستشرق)
قال: ((الآيات (1-20) ... لا يتفق المسلمون فيما بينهم عما إذا كانت هذه الآيات تتناول اليهود أو المنافقين)) . وأشار في الحاشية لتفسير الطبري( ).
(دراسة العبارة)
اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين أنـزل الله جل ثناؤه هاتين الآيتين في أول هذه السورة فيهم وفي لغتهم وصفتهم التي وصفهم بها، من إيمانهم بالغيب ، وسائر المعاني التي حوتها الآيتان من صفاتهم.
فقال بعضهم: هم مؤمنوا العرب خاصة دون غيرهم من أهل الكتاب وقال البعض بل إنَّ الآيات الأربع من أول هذه السورة أنـزلت على محمد بوصف جميع المؤمنين الذين تلك صفتهم من العرب والعجم وأهل الكتابين وسواهم.
وعن مجاهد( ) قال: أربع آيات من سورة البقرة في نعت المؤمنين وآيتان في نعت الكافرين وثلاث عشرة في المنافقين فرجح الطبري القول الأول.
واختلفوا في (إنّ الذين كفروا) من عني بهذه الآية فكان ابن عباس( ) يقول: أي بما أنـزل إليك من ربك وإن قالوا إنا قد آمنا بما قد جاءنا من قبلك، وكأَنه يرى أنَّ هذه الآية نـزلت في اليهود الذين كانوا بنواحي المدينة على عهد رسول الله  توبيخاً لهم في جحودهم نبوة محمد  وتكذيبهم به مع علمهم به ومعرفتهم بأنه رسول الله إليهم وإلى الناس كافة.
وعن ابن عباس أيضاً: إن صدر سورة البقرة إلى المائة منها نـزل في رجال سماهم بأعيانهم وأنسابهم من أحبار اليهود من المنافقين من الأوس والخزرج( ).
وأما قول الله تعالى: ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ [البقرة: 14].
فعن ابن عباس أن هذه الآية نـزلت في عبد الله بن أبي( ) وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله  فقال عبد الله بن أبي انـظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم فأخذ بيد أبي بكر  فقال مرحباً بالصديق سيد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله  في الغار الباذل نفسه وماله، ثم أخذ بيد عمر فقال: ((مرحباً بسيد بني عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد علي فقال مرحباً بابن عم رسول الله  وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول الله، ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه كيف رأيتموني فعلت فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فاثنوا عليه خيراً ، فرجع المسلمون إلى رسول الله  وأخبروه بذلك فأنـزل الله هذه الآية( ).
وأما يا أيها الناس خطاب لمشركي مكة إلى قوله وبشر الذين آمنوا نازلة في المؤمنين وذلك أنَّ الله تعالى لما ذكر جزاء الكافرين في قوله: ﭽ ﰃ ﰄ ﭼ [البقرة: 24] ذكر جزاء المؤمنين.
وأما قوله : ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ [البقرة: 26].
قال ابن عباس: لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين (مثلهم - أو كصيب) قالوا الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال فأنـزل هذه الآية.
وقيل لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين المثل ضحكت اليهود وقالوا ما يشبه هذا كلام الله فأنـزل الله هذه الآية( ).

(المسألة الحادية عشرة)
فترة أو زمن تحويل القبلة وما هو السبب
(عبارة المستشرق)
قال: ((بعض الآيات تشير صراحة إلى الفترة الذي تم فيها تحويل القبلة من القدس إلى مكة)).
وتكلم في حاشية عن مصادر عنيت بتحديد الأوقات( ).
(دراسة العبارة)
أشار نولدكة في الحاشية إلى أقوال عديدة صرَّحت بوقت تحويل القبلة وبعضها تشابه، فأخرجنا الأقوال من هذه المصادر وعرضناها.
فقد ذكر في جامع البيان بأن تحويل القبلة حصل بعد 18 شهراً وقيل 16 شهراً( ) وقيل: كان النبي  يصلي إلى بيت المقدس فقط وبالمدينة أولاً سبعة عشر شهراً فصرفت يوم الاثنين النصف من رجب على رأس سبعة عشر شهراً وقيل سنتان( ).
أما القول الآخر وهو ما روي عنه  انه قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً في رجب بعد الزوال قبل قتال بدر بشهرين( ).
وعن البراء بن عازب( ) أنًَّ رسول الله  قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ثم وجه إلى الكعبة وقيل كان في رجب بعد زوال الشمس قبل قتال بدر بشهرين( ).
وكذلك عن سعيد بن المسيب( ) أنه  صلى بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس ثم تحولت القبلة قبل بدر بشهرين( ).
وقيل عن ابن عباس( ) قال: لما صرفت القبلة عن الشام - وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهراً - من مقدم رسول الله - معلقاً على هذا الحديث صاحب جامع البيان( ).
وقيل: إن النبي  استقبل بيت المقدس ستة عشر شهراً( ).
وعن معاذ بن جبل( ): أنَّ رسول الله  قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهراً( ).
وعن بعض أصحاب النبي  إن النبي  صلى نحو بيت المقدس تسعة عشر شهراً أو عشرة أشهر فبينما هو قائم يصلي الظهر بالمدينة وقد صلى ركعتين نحو بيت المقدس انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها( ).
وقد قال المستشرق نولدكة في الحاشية: (اما سبب تحويل القبلة فيعود إلى الموقع الجديد الذي اكتسبه محمد في المدينة تدريجياً تجاه ديانتي الوحي السابقتين) وأشْعَرَ بعد ذلك أن من الأسباب أيضاً هو فشل دعوة النبي لليهود والمسيحيين( ).

وهذا كلام مفتقر إلى الصحة والدقة.
فإن سبب نـزول الآية هو أن النبي  قال لجبريل  وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها وكان يريد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم فقال له جبريل إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئاً فسل ربك أن يحولك إلى قبلة إبراهيم ثم ارتفع جبريل وجعل رسول الله  يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما يسأله فأنـزل الله تعالى هذه الآية( ).
وهذا دليل على بطلان زعم أن السبب هو الموقع الجديد.
وقد قيل أن النبي  كان يحب التوجه لأسباب منها وأبرزها:
أن اليهود قالوا: ((كيف أنه يخالفنا ثم يتبع قبلتنا ولولا نحن لم يدر أين يستقبل)).
ثم أن الكعبة كانت قبلة إبراهيم وكذلك فإن النبي  أراد أن يكون ذلك سبباً لاستمالة العرب ولدخولهم في الإسلام.
وأخيراً أحب أن يجعل هذا الشرف للمسجد الذي في بلده ومنشئه ( ).
فاتضح من ذلك أن السبب هو أن اليهود استهزئوا به وباستقباله قبلتهم فجاء التكريم من الله  باستقلال قبلتهم ووجهتم وهو أمنية النبي  ليس لتغير حصل أو فشل في أمر دعوته بل على العكس كانت الدعوة آنذاك تسير نحو التوسع والانتشار.
وهناك من قال أن النبي  لم يطلب أو أراد ذلك ابتداءاً بل إن الله  هو الذي سيحول القبلة كما اخبره جبريل فكان  ينتظر لأنه لم يبين له إلى أي موضع سيحولها.
إضافة إلى المصالح الأخرى التي تأتي بهذه الحادثة مثل المباينة عن اليهود ورغبة العرب الآخرين في الإسلام وتميز المنافق عن المؤمن( ).
ونؤكد في ردنا على المستشرق في أن النبي صرح مثلما صَرَّح عيسى إن كلاً منهما لم يأت لينقص بل جاء ليتمم، فإن وجد في رسالة المتأخر ما يشابه بعض النصوص والطقوس التي وردت في رسالة المتقدم فذلك ليس سطواً ولا اعتداء.
وإن وجد فيما تأخر تطوير في الأحكام والعلاقات الإنسانية فذلك إكمال وتتمة وليس رفضاً ولا استنكاراً، وأخطاء نولدكة واضحة أيضاً من حيث:
أ- أن الآية (87) من سورة يونس تحدثت عن موسى وهارون حينما أوحى الله إليهما بقبول التواري في البيوت هرباً من فرعون وذلك لممارسة العبادة، فالبيوت كفيلة بإخفاء بني إسرائيل وهم يمارسون طقوساً عبادية تختلف عن طقوس المصريين فهل استقلالهم للعبادة صحيح واستقلالنا لا يصح؟.
ولذلك جاءت القبلة بمعنى الجهة، لكن الإسلام جاء أكثر شمولاً واتساعاً إذ قال ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ [البقرة: 115] وقال: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ [الرحمن: 17].
ففي الجمع بين هاتين الآيتين يتضح الشمول القرآني وينتفي التحدي حيث تشرق أو تغيب الشمس.
فأحد المشرقين هو أقصى ما تشرق الشمس منه في الصيف والثاني أقصى ما تشرق منه في الشتاء وبين الأقصيين مئة وثمانون مشرقاً، وأحد المغربين هو أقصى ما ينتهي إلى غروب الشمس في الصيف والثاني هو أقصى ما تغرب منه في الشتاء وبين الأقصيين مئة وثمانون مغرباً.
ب- إن الأمر بالتوجه إلى الكعبة
- ﭽ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ [البقرة: 144].
- ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﭼ [البقرة: 149].
كان لتوحيد الكلمة وتوحيد ممارسات الطقوس، فأينما يصلي المسلم يتوجه نحو الكعبة فمن كان منهم في الجنوب منها يتجه شمالاً، كذلك يتوجه إليها من كان منهم في الشرق والغرب من الكعبة.
والمؤلف الذي أكد على معرفة محمد للقبلة من قبل حيث ذكر ذلك في الآية 87 من سورة يونس، لم يدقق في الآية جيداً، ولو فعل لوجد أن المقصود بقبلة البيوت هو للتوجه إلى البيوت والصلاة فيها، وليس المقصود أن تبقى البيوت قبلة مثلما نحن لدينا في كل بيت قبلة أي متجه والله اعلم.
ﺟ- المسلمون وجميع المؤمنين بوحدانية الله لا يستنكرون - كما تقدم - أن تظهر بعض عبادات وطقوس الديانات السابقة في الديانات اللاحقة.
ومع ذلك فإن إدعاء المؤلف ((أن النبي محمد أخذ عبادات وطقوساً صلاتية كثيرة من ديانتي الوحي السابقتين)) هو ادعاء جزاف، فالطقوس الإسلامية لا تتشابه أبداً مع طقوس ديانتي الوحي السابقتين.
لأن الطقوس ممارسات وحركات بشرية، تتغير بتغير الظروف والأزمنة.
- أما اسم الصلاة الذي يقول المؤلف: إن محمداً أخذه من ديانتي الوحي السابقتين فهو مرفوض لما يلي:
- ننفي إطلاع محمد على كتب اليهود والمسيحيين وننفي أن تكون تلك الكتب آنذاك مترجمة إلى العربية وهذا لم يحصل .
- "الصلاة" في اللغة "اللزوم"كما في (لسان العرب) وفي المدلول الإسلامي تعني "الرحمة إذا صدرت عن الله" و "الاستغفار إذا صدرت عن الملائكة" و "الذكر إذا صدرت عن المخلوقين" ويعبر عنها بالركوع والسجود لأنهما أقصى حالات الخضوع، فالركوع: هو طأطأة الرأس لأن الراكع هو المنحني.
وكانوا في الجاهلية يسمُّون الحنيف راكعاً إذا لم يعبد الأصنام، وقد قال الشاعر: "إلى ربه ربِّ البرية راكع"( ) والسجود: هو وضع الجبهة على الأرض إمعاناً في الخضوع، وفي قول القرآن عن يعقوب وبنيه: ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ [يوسف: 100].
وإنما هو سجود إعظام وتكريم لا سجود عبادة، لأن يعقوب وأبناءه لا يسجدون عبادة إلا لله, بهذا المعنى اللغوي وليس سواه أخذت كلمة الصلاة مدلولها الشرعي الذي هو الاستغفار والتعبير الصادق عن خضوع المخلوق للخالق، أما حركاتها ومناسباتها فقد كانت تختلف باختلاف الأزمنة.
فالصلاة عند بني إسرائيل أخذت صوراً شتى:
- بدأت على صلة وارتباط بالأحداث ما وقع منها وما يرجى وقوعه.
- صلاة موسى كانت للتشفع عن أخطاء الإسرائيليين.
- في المزامير والتوراة صارت الصلاة "دعاء وتذكراً"
تنتقل بعدهما إلى الضحك ثم إلى الدموع.
والصلاة التي علمها يسوع:
فهي كما جاءت في الأناجيل:
- ((إذا صليتم فقولوا أبانا الذي في السماوات فليتقدس اسمك فليأت ملكوتك فلتكن مشيئتك)) (لوقا - 11/2).
- صلى المسيح على الجبل (متى - 14/23).
- وصلاة الكنيسة لم تبق على شكل واحد:
- الرسل كانوا يلازمون الهيكل مسبحين (لوقا- 24/53) (وأعمال الرسل- 5/12).
- وبطرس يصلي في الساعة السادسة (أعمال - 10/9).
ويؤدي مع يوحنا في الهيكل صلاة الساعة التاسعة (أعمال - ويؤدي مع يوحنا في الهيكل صلاة الساعة التاسعة) (أعمال - 3/1).
فنقول: اختلفت في تصرفات الرسل وتضرعاتهم ولم تستقر.
هكذا: اختلفت في الإسلام بالطقوس والممارسات مع بقاء معناهما السامي وهو الخضوع لله، في موقعه دون تغيير.
ثم لابد من القول لقد سمي ذلك "مناسك" من "نَسَكَ" أي أطاع وتعبد فطرائق الطاعة والتعبد تختلف باختلاف الزمان والمكان: لذلك جاء في القرآن:
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ( )ﭼ [الحج: 34]( ).
فالقرآن ذكر تعدد الطرق التعبدية والتفرد بالإلوهية لله وحده، الذي هو إله الجميع وخالقهم. فالدين الذي هو "الإيمان بالله الواحد" و "اليوم الآخر" و "بالعمل الصالح" هو الذي لا يتغير بتغيرالزمان والإنسان. لذلك نبه القرآن إلى "التعدد والتفرد" بقوله:
ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ [الشورى: 13].
لما تقدم:
نستطيع أن نقول: لو كان المؤلف على سعة إطلاع ومعرفة في القرآن والكتابين لما استغرب لماذا لم يتبع المسلمون الجهة التي يتجه إليها الآخرون.

(المسألة الثانية عشرة)
أسرار الآيات (59/62) وحدتهن ومضمونهن
(عبارة المستشرق)
((الآية 59/62 تعبِّر عن فكرة أن كل شيء يتوقف على الإيمان وبحسبه لا يتقدم اليهود على النصارى والصائبة بشيء ... وفيها قليل من الحدة ... يثير الشك في أنَّ الآية الكريمة أضيفت لاحقاً))( ).
(دراسة العبارة)
اقول: الآيات الكريمات هنْ ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ................ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ [البقرة: 59 - 62].
فإن كل شيء يتوقف على الإيمان ولا يتوقف على الأشخاص لأن الإيمان هو المحور الذي عليه اختبار البشر جميعاً في هذه الحياة.
فمن آمن من الأمم السالفة وأطاع فإنَّ له جزاء الحسنى وكذلك الأمر إلى قيام الساعة، كل من اتبع الرسول النبي الأمي فله السعادة الأبدية ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه ولا هم يحزنون على ما يتركونه.
وقال ابن عباس رحمه الله: أنه لا يقبل من أحد طريقة ولا عملاً إلا ما كان موافقاً لشريعة محمد  بعد أن بعثه الله بما بعثه، فأما قبل ذلك فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل ونجاة، فاليهود أتباع موسى الذين كانوا يتحاكمون إلى التوراة في زمانهم، فلما بعث عيسى وجب على بني إسرائيل إتباعه والانقياد له فأصحابه وأهل دينه هم النصارى، فلما بعث محمد  خاتماً للنبيين ورسولاً إلى بني آدم على الإطلاق وجب عليهم تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر والانكفاف عما زجر وهؤلاء هم المؤمنون حقاً( ).
أما بالنسبة لقوله أضيفت لاحقاً هو من قبيل تشكيكهم في أَن القرآن الكريم كلام الله وقد تكلمنا عنه سابقاً، وأما قوله (تميزت بشيء من الحدة).
فنقول: إن القرآن الكريم جميعه بسوره وأقسامه (المكي والمدني) اشتمل على شيء من الشدة والعنف، نعم ، لأن ضرورة التربية الرشيدة في إصلاح الأفراد والشعوب وسياسة الأمم والدول تقتضي أن يمزج المصلح في قانون هدايته بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد والشدة واللين( ).
ولا بد لنا من أن نذكر هنا المبادئ التي استبعدها في بحثه عن أن يضعَها والتي اعتبرها القرآن هوية الدين الجديد وهي:
1- أن الآية (62) من البقرة حددت مبادئ الإسلام وفتحت أبواب تلك المبادئ وعددتها واعتبرتها سقفاً يجتمع تحته الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى دون فرق أو تمييز بينهم، والمبادئ هي الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.
قال : ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ [البقرة: 62]( ).
2- حينما ظهرت الدعوة الإسلامية كانت تنتشر في المجتمعات عقائد اليهودية والنصرانية والصائبة وغيرها.
ولما كانت رسالة الإسلام موجهة إلى الناس كافة فقد حددت هوية الدعوة التي تكفي أهل الكتاب كافة لكي ينالوا الأجر ويأمنوا من الخوف والحزن وطمأنتهم بأنَّّ عفو الله وغفرانه بمحو السيئات السابقة بل بمحو الإسراف فيها.
وحددت الآية الكريمة شروط استحقاق المغفرة وشطب جميع الذنوب عن سجل الحساب بثلاثة هي: (الإيمان بالله) (واليوم الآخر) (والاستمرار في العمل الصالح) تلك الصيغة البدائية لتوحيد الهوية بين أهل الكتاب وظلت مثلما جاءت في "البقرة" ومع ذلك في كل السور والكثير منها.
ولكن مع هذا ظل تحذير الإسلام قائماً وشديداً من تبادل الاتهامات بالكفر فذلك في يد الله وحده لأنه الفاصل الوحيد في هذه الأمور.
ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ [الحج: 17].

(المسألة الثالثة عشرة)
(التهمة ضد المنافقين)
(عبارة المستشرق)
((إنّ الآيات 7/8 توضح أن المنافقين هم المعنيون في الأمر والتهمة الأساسية الموجهة ضدهم عادةً الامتناع عن الحرب أو دفع الجزية من المحتمل أن تكون الآيات لم تنشأ في أول الفترة لكن في حوالي بداية السنة الثانية))( ).
(الدراسة)
إنَّ هذه الآيات 7/8 داخلة في إجماع اكثر المفسرين على أن هناك أربع آيات نـزلت في المؤمنين وآيتان نـزلت في الكافرين وثلاث عشرة آية نـزلت في المنافقين وأن الآية 7 داخلة ضمن الآيات التي نـزلت في الكافرين وهي قول الله: ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ [البقرة: 7] ويقول تعالى في الآية 8 من السورة ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ [البقرة: 8]( ).
وهي نازلة في المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر( ).
وقال الرازي: ((أجمع المفسرون على أن الآية 8 في وصف المنافقين))( ).
أما التهمة الموجهة ضدهم فهي امتناعهم عن الحرب أو دفع الجزية فهي باطلة.
فالجرائم التي قاموا بها يستحقون عليها التوبيخ والذم وكفرهم كذلك وخبثهم ومكرهم وإعلانهم عن الإيمان باللسان وإخفاءهم الكفر وامتلاء قلوبهم به والضلال ومخادعة المؤمنين مع تصورهم خداعهم لرب العزة إضافةً لمؤامراتهم الدنيئة ومخططاتهم الخبيثة وعلاوة على إثارتهم الفتن والتجسس لحساب الكفرة وتأليب الكفرة العرب على المسلمين، ثم يدعون بذلك أنهم مصلحون ويدعي مستشرقهم أن التهمة امتناعهم عن الجزية أو الحرب مع كل هذا مواصلة نصائح المسلمين لهم بشتى الوسائل وداعين لهم على الإيمان وسلوك سبيل الرشاد( ).

(المسألة الرابعة عشرة)
(رفع الشرائع السابقة)
(عبارة المستشرق)
الآية 100/106 تتناول على الأرجح رفع شرائع سابقة( ).
(الدراسة)
يَقصُدْ برفع الشرائع السابقة اليهودية والنصرانية وكل شريعة سبقت شريعة محمد  وهو النسخ.
ولكن لا بد من أن نوضح أن هذا الرأي موافق لرأي أبو مسلم بن بحر( ) أنًَّ هذا النسخ هو نسخ الشرائع وإنكاره وقوع النسخ في القرآن الكريم.
أما النسخ فهو موجود ودليله قول الله : ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ [البقرة: 106] وعلى هذا الجمهور( ).
فقوله: ما ننسخ: أي ما ننقل من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيره وذلك بأن يحول الحلال حران والحرام حلال والمباح محظور والمحظور مباح ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع وأما الأخبار فلا يكون ناسخ ولا منسوخ( ).
وقد وقعت آيات كثيرة في سورة البقرة خاصة وفي القرآن عامة منسوخة والنسخ أنواع كما تكلم بذلك العلماء، وسنتكلم عن بعض الآيات التي وقعت فيها نسخ عند الحديث عن كل آية.
إذن قول المستشرق مرجوح أمام قول العلماء الراجح المعتمد.
وفي سبب النـزول لم يُذكر أن الآية نـزلت لرفع شرائع( ).

(المسألة الخامسة عشرة)
(قبلة المؤمنين واليهود)
(عبارة المستشرق)
ويبدو أن الآية 109/115 التي تشرح أنه ليس مهماً للمؤمنين أي قبلة يستقبلون تهاجم قبلة اليهود( ). واستشهاده بالمصادر العديدة.
(الدراسة)
الآيات هي من قول الله  ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ إلى قوله:
ﭽ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ.
والآية التي تكلمت عن هذا العنوان من كلام المستشرق مباشرة هي الآية الكريمة ﭽ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ [البقرة: 115].
وهذه الآية التي قصدها المستشرق نـزلت قبل أن يفرض الله على نبيه والمؤمنين التوجه شطر المسجد الحرام وإنما أنـزلها عليه معلماً نبيه  بذلك وأصحابه أنَّ لهم التوجه بوجوههم للصلاة من نواحي المشرق والمغرب لأنهم لا يوجهون وجهاً من ذلك ولا ناحية إلا كانَ الله جل وعز في ذلك الوجه وتلك الناحية لأنه له المشارق والمغارب وأنه لا يخلوا منه عز وجل مكان( ).
أما ادعاؤه أنها هاجمت قبلة اليهود فلم أجد أثراً لمهاجمة أية آية لقبلة اليهود وخاصة فيها.
وإنما هو ادعاء لا صحة له( ).

(المسألة السادسة عشرة)
منع عباد الله من التعبد في بيوته
(العبارة)
(الآية 108/114) لها علاقة بخصوم النبيين الذين أزعجوا المسلمين أثناء تأدية الصلاة وطمعوا في تخريب أمكان تجمعهم)( ).
(الدراسة)
الآيات تبدأ من قول الله تعالى ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ إلى قوله ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ [البقرة: 108- 114].
أشار المستشرق أن علاقة الآية بخصوم النبي "المدنيين" وهذا الذي اختاره ولم يشر التحديد من هم هؤلاء المدنيين.
والعلماء اختلفوا في من المخاطب بهذه الآيات وتحديداً بآية من منع المسلمين من تأدية شعائرهم في بيت الله فقيل: المراد اليهود وهذا أصح الأقوال لأن هذه السورة من بدايتها حكاية عنهم "اليهود" ومحاجة لهم.
ومن ثم أنَّ الآية مدنية ولأنه جرى ذكر اليهود وما جرى ذكر غيرهم وخاصة في الآيات القريبة السابقة لهذه الآيات( ).
وأنَّ اليهود كما ورد كانوا يمنعون الناس عن الصلاة عند توجههم إلى الكعبة بعد توجههم وحملوا بعض الكفار على تخريبها وسعوا أيضاً في تخريب مسجد الرسول  وهذا التأويل أصح التأويلات( ).
ولم نر تصريح من المستشرق بأنَّ من فعل هذا هم اليهود، بل ذكر أنهم خصوم النبي ولم نر أنهم خصموا بذلك النبي بل خصموا النبي والمؤمنين وشريعتهم علاوة على أماكن تجمعهم.
وهناك من قال بأنها نـزلت في المشركين حين صدوا رسول الله عن مكة يوم الحديبية( ).
وقيل نـزلت في قريش الذين منعوا النبي  الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام( ).

(المسألة السابعة عشر)
التفاضل بين الديانات والملل
(العبارة)
((وتسعى الآيات (116/122 و 135/141) إلى إثبات إن الكعبة ودين إبراهيم أَفضل بكثير من اليهودية))( ).
(الدراسة)
الآيات 116/122 تقول: ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ إلى قوله تعالى: ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ [البقرة].
الآيات توضح المثبت ولا تسعى إلى إثبات ما لم يثبت كما أشار هذا المستشرق، لماذا؟
لأن إبراهيم شخص يعترف بفضله جميع الطوائف والملل، فالمشركون كانوا معترفين بفضله متشرفين بأنهم من أولاده ومن ساكني حرمه وخادمي بيته وأهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا أيضاً معترفين بفضله متشرفين بأنهم من أولاده فحكى الله عز وجل عن إبراهيم  أموراً تجب على المشركين وعلى اليهود والنصارى قبول قول محمد  والاعتراف بدينه والانقياد لشرعه( ).
وعندما قالوا بالتقليد أجابهم الله بأنَّ الأولى بالتقليد والاتباع ملة إبراهيم وهم متفقون بصحة دين إبراهيم فالأخذ بالمتفق أولى من الأخذ بالمختلف( ).
وقول الله في الآية (138) صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة.
سميت صبغة لأنَّ هيئته تظهر بالمشاهدة من أثر الصلاة والطهارة فوصف هذا الإيمان منهم بأنه صبغة الله، فالمباينة والمفاضلة تظهر جلية واضحة كما تظهر بين الألوان والأصباغ.

فهل أفضل من صبغة الإيمان والطهارة من أوساخ الكفر( )؟
ثم نقول:
لقد بيّن الإسلام أن المقصود بالقبلة هو الجهة .. وبما أن جميع الجهات لله، جاءت الآية 115 - من سورة البقرة لتؤكد هذه الحقيقة وكانت الآية 17 - من الرحمن قد أكدت أن ليس الشرق ولا الغرب وحدهما بل جميع المشارق والمغارب( ) وهو رب العالمين والسماوات والأرض وما بينهما.
(الأعراف: 67 و 14) و (الشعراء: 34).
ب- أما إن في الآية هجوماً على اليهود فهذا غير صحيح, لأن اعتبار جميع الجهات لله، لن يتضرر منه غير من يحاولون حصر الله بمكان واحد ،وهو مالك الأمكنة جميعها.
ﺟ- أما تفضيل إبراهيم على اليهودية فليس في هذه الآية ولا فيما تلاها ما يشير إلى هذا، وتحدث تحدث القرآن فقط من 123 - 132 عن قصة بناء إبراهيم للكعبة وتوسله إلى الله بأن ينشر الأمان على بلدها، وأن يبقيه مع ذريته مسلمين وجوههم لله، ثم قالت الآية: ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ [البقرة: 130].
- أما الحديث عن ملة اليهود والنصارى في الآية 120 - فليس إلا من باب (أن الهدى هو هدى الله لا هدى الملة). وكان في الآية 116- نـزه الله عن اتخاذ الولد وقال:
ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ [البقرة: 116].
- أما ما قبل الآية 115 - فقد تحدثت:
عن كثير من أهل الكتاب دون تعيين الطائفة ولا الأفراد الذين ودوا لو يرجع المسلمون كفاراً، ولكن رغبتهم لن تنفذ لذلك تطلب من المسلمين أن يصفحوا عنهم وأن يتركوا الأمر لله (109)، وقالت ليس الدخول إلى الجنة مقصوراً على اليهود والنصارى بل هي مفتوحة الأبواب لمن أسلم وجهه إلى الله ومارس الحسنات في حياته (112). أما تبادل التهم بين هاتين الطائفتين فإن الإسلام ليس طرفاً فيه لأن ذلك منوط بالله الذي يحكم بينهم يوم القيامة (113).
وفي الصيام ينساح المؤلف على مدى ثلاث صفحات مع هوامشها المزدحمة ليؤكد أمرين:
الأول: وهو المهم، يتحدث عن محمد الذي فرض الصوم مثلما فرض العبادات ووضع صيَغها ومثلما ومثلما وضع القرآن أثناء نوبات جنونه.
الثاني: إنه استدعاء وجلب من الشرائع والأقوام المتعددة: "وثنية" و "يهودية" و "مسيحية" "ومع أن الصيام الإسلامي تقليد لما تقدم وأخذ عمن تقدم فقد بالغوا فيه وربما جاءت هذه المبالغة من صوم المانويين ((إذا أهل الهلال ونـزلت الشمس الدلو (في العشرين من كانون الثاني) ومضى من الشهر ثمانية أيام يصام ثلاثين يوماً ويفطر كل يوم عند غروب الشمس)) (هامش الصفحة - 162).
تلك الأقوال اقتضت مواجهتها بما يلي:
أ- تجاه التكرار الذي عكف عليه المؤلف من أن الإسلام بكتابه ونظامه وشموله وانتشاره، هو صناعة صنعها رجل عادي عاش ومات في الصحراء العربة فنقول:
تجاه التكرار الذي لا يمل منه، نكرر: أنه مخطئ، وأن الإعجاز القرآني يعلو على الإمكانات البشرية، وأن الاستثنائية في شخص محمد، لا تضاهيها استثنائية في تاريخ الخلق، وأن الأعراض التي كانت تتشابه في الفترة الأولى لتلقيه الوحي التي سماها المؤلف نوبات صرع أو جنون، كانت تمر عليه كغبيوبة يستفيق منها فيتلو القرآن.
قلنا: إن كان الجنون ينجب القرآن ودين الإسلام ونظام الإسلام فهو أحسن من عقل العقلاء مهما عقلوا، ولكن الأمر ليس كذلك أبداً وإلا لم يكن من فرق بين القائلين به وبين من كان يقول به من عبدة الأصنام منذ ما قبل أربعة عشر قرناً.
ب- إن كان صوم رمضان مأخوذاً عن السابقين، فعن من أخذ السابقون؟
وإن كان الله قد ألهم السابقين فهل عسير عليه أن يلهم اللاحقين؟
ﺟ- أما الصوم المانوي - كما حددته حاشية الصفحة 162 - إنه يختلف عن الصوم الإسلامي في التوقيت والشروط. كما يختلف مع الصوم اليهودي اختلافاً بيناً.
هنا ينبغي لأن نستعرض المراحل التي مر بها الصيام الإسلامي حتى استقر على ما هو عليه فهو - أي الصيام - فرض بأسلوب تربوي مثل الصلاة ...
وكان عليه أن يتطور مع تطور الإيمان وترسخه في النفوس. فالصوم: لغة هو ترك الطعام والشراب، والكلام والنكاح، وفي قوله تعالى: ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ [مريم: 26].
وفي قوله: ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ [آل عمران: 41].
وفي قوله: ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ [مريم: 10].
هذا النوع من الصوم، هو الإمساك عن الكلام، والصوم: بالمعنى الشرعي الإسلامي هو الإمساك عن شهوة البطن وشهوة الفرج من الفجر حتى الغروب، طيلة شهر رمضان.
أما التزيد فيه: فهو خارج الحدود الشرعية. ففي الحديث أنَّ رسول الله  سئل عمن يصوم الدهر، فقال: « لا صام ولا أفطر »( ) مثل قوله تعالى: ﭽ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ أي إحباط لأجره عن الصوم، وهو فصل من فصول تربية الإنسان، وأن اختلفت مفرداته في الكيفية والعدد لذلك كان اختيارياً في البداية:
ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ [البقرة: 183-184].
فيلاحظ من هذه الآية أن الصوم لم يكن في البداية محدوداً ﴿أياماً معدودات﴾ أي قليلة، كما يلاحظ فيه الاختيار ﴿فدية إطعام مسكين﴾ أي (بين الصوم بدون تكفير - فدية) وبين (عدم الصوم مع التكفير)( ). والذين قالوا بالاختيار عللوه ((بأن الناس لم يكونوا قد تعودوا على الصوم)) ثم: فرض فيما بعد وحدد، بالآية 185 من السورة ذاتها.
أي إن الآية 185 نسخت الآيتين 183 - 184( ): وهي:
ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ [البقرة: 185].
فكلمة ﴿رمضان﴾ مشتقة من الثلاثي (رَمَضَ) أي شدة القيظ.
وقد سُمَّي هذا الشهر "رمضان" لأن التسمية - على ما رُوي - كانت في وقت حر. مثلما "ربيع أول" و "ربيع ثاني" و جمادى" الأولى والثانية.
ومع أن هذه الأشهر تأتي في الصيف مثلما تأتي في الشتاء والربيع، تبعاً لدوران الأرض فقد ظلت على أسمائها دون تغيير.
غير أن ما يهم البحث مما تقدم، هو التأكيد على أن الاختلاف بين الاختيار والفرض، وعدم التحديد، هو التدرج الذي اقتضته طبيعة الإنسان وتطورها في الاستجابة إلى الأحكام.
فالميراث فُرض وحُدد بالتدرج، حيث بدأ بالوصية ثم نسخ فرض الوصية بتحديد الورثة، وتحديد ما يصيب كلاً منهم، ففي الآية (180) من سورة البقرة، ورد النص بالخيار المطلق للمورث أن يكتب وصية يحدد فيها نصيب كل من والديه وأقربائه دون تعيين.
ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ [البقرة: 180].
ثم جاءت آيتا المواريث (11 - 12) من سورة النساء فحددتا الورثة، وحددتا الأنصبة فنسختا، فرض الإرث الذي كان قائماً على الوصية.
علماً بأن الاختيار الذي ألمحنا إليه في الآية (180) من سورة البقرة مشروط (بالمعروف) أي بما تعارف عليه الناس وهو العدل فالموصي الذي يوصي لأحد ورثته بدرهم ويوصي الآخر بعشرة دراهم يكون خارجاً على المعروف.
لذلك يأتي دور المصلح الذي يعيد الحق على نصابه.
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ [البقرة: 182].
على أنه منذ أن نـزلت آية المواريث أكَّد النبي  على أمرين:
أولهما: « إن لا وصية لوارث » أي لا يستطيع الوارث أن ينال شيئاً من التركة بالوصية لأن نصيبه الإرثي هو الحد النهائي الذي يستحقه.
الثاني: إذا كان المورث يريد الإيصاء، فالإيصاء المقبول بشرطين:
هما: « أن لا وصية لوارث » و ((وإن الوصية لغير الورثة يجب أن لا تتعدى ثلث التركة))( ).
والرفث( ) ليلة الصيام:
كان محظوراً إلى درجة التحريم، ولكن الله العالم بكل شيء كان يعلم أن الغرائز تنهش في هؤلاء الصائمين مثل غيرهم حيث كانت تدفع بالكثيرين منهم إلى مخالفة الخطر والمنع. ثم كان الصيام، الامتناع عن الطعام والشراب طيلة الليل والنهار لا يتناول الصائم خلالهما، غير وجبة واحدة، فكان، ثمة من لا يطيقون الصبر على الجوع والعطش طيلة تلك المدة.
فجاء الترخيص يهما. في الآية (187) من سورة البقرة.
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ [البقرة: 187].
وفي عاشوراء: قال المؤلف:
هذه الكلمة التي أطلقت على يوم العاشر من محرم أصلها يهودي لفظاً ونهجاً.
ففي اللفظ: أصل الكلمة "أرامي - يهودي" (عاشور) التي تختم بها الأسماء المعرَّفة في الآرامية، ثم تبناها اليهود، فأطلقوا على يوم الغفران (10/10) من كل عام.
هذا اللفظ - الذي التقطه العرب كما قال المؤلف - للدلالة به على اليوم العاشر من محرم. هو - في الحقيقة - لفظ عربي أباً عن جد. من قبل أن يخلق الله المؤلف بأكثر من ثلاثين قرناً، فهي - وإن عنت فيما بعد يوم العاشر من محرم - على وزن "فاعولاء".
مثل:
الضاروراء: الضرّاء.
و السارورا: السرّاء.
و الدالولاء: الدلاّل.
ولها جموع: عشرون، وعشرات. كما لها كسور: عُشْر، وعشير. والعِشُر من الإبل هي التي ترد كل عشرة أيام وتسمى كذلك العواشر( ).

(المسألة الثامنة عشرة)
حقيقة الآيات 148/153 و 152 / 157
(العبارة)
((الآيات 148/153 و 152 / 157 أحدث عهداً و لها علاقة بالمؤمنين الذين سقطوا في بدر وبما أن الآية 150/155 تشير إلى أن المسلمين لم يحالفهم الحظ آنذاك فإنَّ هذا الرأي غير محتمل ويفضَّل عليه رأي الضحاك الذي يرى فيه إشارة إلى الذين قتلوا بعد معركة أُحُد))( ).
(الدراسة)
الآيات 148/153 قال تعالى: ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭼ إلى قوله : ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ [البقرة].
الآيات 152/157 قال تعالى:
ﭽ ﯩ ﯪ ﭼ إلى قوله : ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ [البقرة].
والآيات 150/155 ﭽ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ إلى قوله : ﭽ ﭫ ﭬ ﭼ [البقرة].
فبادئ ذي بدء أنَّ الآية الكريمة (154) ﭽ ﭑ ﭒ........ ﭼ الخ.
ربما نـزلت في قتلى بدر وكانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله مات فلانٌ وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فأنـزل الله هذه الآية( ).
وأما ما فضله ورجحه المستشرق أنه في بئر معونة فنقول التي نـزلت في حادثة بئر معونة على الأرجح آية آل عمران: ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ [آل عمران: 169]( ).

وقد رجح المستشرق القول الذي رأى أنهم الذين قتلوا عند بئر معونة( ).
وهذا الكلام متعلق بالآية (154) و ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ [البقرة].
وأما الآية 159 فقول الله: ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ فنـزلت في رؤوساء اليهود وعلمائهم وأحبارهم وعلماء النصارى لكتمانهم الناس أمر محمد  وتركهم اتباعه مع وجودهم له في التوراة والإنجيل( ).

الخاتمة

الحمد لله على نعمه وآلائه حمداً كثيراً طيباً والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد هذه الرحلة القصيرة في زمنها الكبيرة في مادتها والتي سرت فيها مع العلوم الجليلة المتعلقة بكتاب الله  .
استفدت الكثير ومن هذه الفوائد التي أحببت أن أحصيها في نهاية المطاف هي:
1- أن القرآن الكريم كلام الله  وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه تنـزيل من حكيم حميد فينبغي أن نضع أنفسنا سداً منيعاً أما كل من يريد الإساءة له والتنكيل به.
2- إن النبي محمد  هو مبلغ رسالة الله ولم يزد ولم ينقص في أوامر الله وتعاليمه لاسيما القرآن الكريم متبعاً أمر الله ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ [النحل: 44].
3- أن الاستشراق له أهدافه سعى ويسعى من أجل تحقيقها وفي صدارتها أبعاد الربانية والإلوهية عن هذه الدين "الإسلام" وما هو إلا دين مخترع فجيشوا لذلك وأعدوا العدة وما هي في الحقيقة إلا أوهام واهية أصلها أحقاد تاريخية مخيفة.
4- انَّ العلماء واقصد بهم علماء المسلمين نذروا أنفسهم للدفاع عن بيضة هذا الدين وردوا بحكمة يَحذوها العلم والتبصر مؤدين واجبهم في العمل من أجل دينهم على أتم وجه وينبغي لطلبة العلم "أمثالنا" أن يسيروا على خطاهم.
5- إن مدرسة نولدكة هي مدرسة استشراقية ماكرة أرادت أن تطمس مقولة الوحي في لقرآن، وأن تثبت بشريته يتسنى لها أن تطفئ نوره بين سكان المعمورة بدعاوى التحريف تارة وضياع الكثير من القرآن تارة أخرى إلى غيرها من الأوهام.

وبعد هذه الخاتمة أسأل الله أن أكون قد وفقت في الدفاع عن القرآن الكريم من خلال ما يحمله جهدي وعقلي معتمداً على ما وجدت من مصادر مترجماً ذلك على هذه الوريقات إنه سميع مجيب.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
الأربعاء 9/جمادى الأولى/1429ﻫ- 14/5/2008م
وكتبه
مثنى علوان الزيدي

(الفهارس العامة)

أولاً: فهرس الآيات الكريمة.

ثانياً: فهرس الأحاديث النبوية.

ثالثاً: فهرس الأعلام.

رابعاً: فهرس المصادر والمراجع.

خامساً: فهرس الموضوعات.

(فهرس الآيات الكريمة)

الآية الكريمة السورة رقمها رقم الآية الصفحة
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ البقرة 2 6 5
ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ البقرة 2 7 33
ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ البقرة 2 8 5 -33
ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ البقرة 2 14 23
ﭽ ﰃ ﰄ ﭼ البقرة 2 24 23
ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ البقرة 2 24 4
ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ البقرة 2 26 23
ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ البقرة 2 59-62 30
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ البقرة 2 62 31
ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ البقرة 2 106 34
ﭽ ﮤ ﮥ ﭼ البقرة 2 109 20
ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭼ البقرة 2 108-114 36
ﭽ ﮕ ﮖ ﭼ البقرة 2 115 27
ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ البقرة 2 116-122 37
ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ البقرة 2 130 38
ﭽ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ البقرة 2 144 27
ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ البقرة 2 149 27
ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭼ البقرة 2 148-153 44
ﭽ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ البقرة 2 150-155 44
ﭽ ﯩ ﯪ ﭼ البقرة 2 152-157 44
ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﭼ البقرة 2 159 45
ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ البقرة 2 180 41
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ البقرة 2 182 41
ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ البقرة 2 183-184 40
ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ البقرة 2 185 40
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ البقرة 2 187 42
ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ البقرة 2 272 20
ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ البقرة 2 278-279 5
ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ البقرة 2 281 20
ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ آل عمران 3 41 40
ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ آل عمران 2 169 44
ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﭼ النساء 4 10 4
ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ النساء 4 113 15
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ الأنعام 6 19 13
ﭽ ﮢ ﮣ ﮤ ﭼ الأعراف 7 158 13
ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ يونس 10 64 13
ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭼ يوسف 12 100 28
ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ الحجر 15 9 13
ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ الإسراء 17 86 15
ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ الإسراء 17 90-93 17
ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ الكهف 18 27 14
ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ مريم 19 10 40
ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭼ مريم 19 26 40
ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ طه 20 114 12
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ الحج 22 17 32
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ الحج 22 34 29
ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ فصلت 41 33 5
ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ الشورى 42 13 29
ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ الشورى 42 36 5
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭼ الشورى 42 52 15
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ الرحمن 55 17 27
ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ الجمعة 62 2 12
ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭼ القيامة 75 16-19 12
ﭽ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ الإنسان 76 23 14
ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ النصر 110 1 6

(فهرس الأحاديث النبوية)

طرف الحديث الراوي الصفحة
« أن النبي  قدم المدينة سعيد بن المسيب 25
« إن جبريل كان يعارضني » عائشة 12
« أن رسول الله  قدم المدينة » البراء بن عازب 24
« لا صام ولا أفطر » عبد الله بن عمرو بن العاص 40
« ولله لقد سمعت من محمد كلاماً » ابن عباس 5
« يا رسول الله لقد حضر ما ترى » سعد بن أبي وقاص 42

(فهرس الأعلام)

العلم صفحة الورود
ابن عباس 22
أبو بكر الصديق 23
أبو طالب 18
أبو مسلم بن بحر 34
الترمذي 18
تيودور نولدكه 1
الراهب بحيرا 18
سعيد بن المسيب 25
عبد العظيم الزرقاني 2
عبد الله بن أبي 23
علي بن أبي طالب 23
عمر بن الخطاب 23
مجاهد 22
معاذ بن جبل 25
ميسرة 18
نبي الله عيسى  26
نور الدين عتر 1-2
الوليد بن المغيرة 5

(فهرس المصادر والمراجع)
• القرآن الكريم
1. الإتقان في علوم القرآن، للإمام جلال الدين السيوطي، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1416ﻫ- 1996م، ط1، تحقيق: سعيد المندوب.
2. أسباب النـزول، الإمام السيوطي جلال الدين، دار قتيبة، ط1، 1407ﻫ - 1987م.
3. أسباب النـزول، علي بن أحمد الواحدي، وبهامش الناسخ والمنسوخ، تحقيق: أبو القاسم هبة الله بن سلامة أبي النصر، عالم الكتب - بيروت، توزيع مكتبة المتنبي، القاهرة، مكتبة سعد الدين - دمشق.
4. الاستشراق والدراسات الإسلامية، الأستاذ الدكتور عبد القهار داود عبد الله العاني، دار الفرقان للنشر والتوزيع، ط1، 1421ﻫ - 2001م.
5. الإصابة في تمييز الصحابة، الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ﻫ)، ضبط ومراجعة، صدقي جميل العطار، دار الفكر، بيروت - لبنان، ط1، 2001م - 1421ﻫ.
6. الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت - لبنان، ط5، 1980م.
7. أنوار التنـزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبي سعيد عبد الله بن عمر الشيرازي البيضاوي، تحقيق: محمد صبحي حسن حلاق ومحمد أحمد الأطرش، دار الرشيد ومؤسسة الإيمان، ط1، 1421ﻫ - 2000م.
8. تاريخ القرآن الكريم، تيودور نولدكه.
9. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، دار الجيل لبنان - بيروت، ط1، 1988م.
10. التفسير المنير، للدكتور وهبة الزحيلي، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دمشق - سوريا، ط1، 1991م، وإعادة 1418ﻫ - 1998م.
11. تنـزيه القرآن عن المطاعن، عماد الدين أبي الحسن عبد الجبار بن أحمد (ت 415ﻫ)، دار النهضة، بيروت.
12. تهذيب الأسماء واللغات، محيي الدين بن شرف النووي، دار الفكر، بيروت، 1996م، ط1، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات.
13. جامع البيان في تأويل القرآن، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (224-310ﻫ)، تحقيق: محمود محمد شاكر، دار المعارف، مصر.
14. جولة في كتاب نولدكه، المحامي د. أحمد عمران الزواي، دار طلاس، دمشق.
15. الدراسات الاستشراقية للقرآن الكريم، فضيلة الدكتور عباس أرحلية، مدرسة نولدكه.
16. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الإمام أبي الفضل شهاب الدين الآلوسي البغدادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
17. سير أعلام البنلاء، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748ﻫ) تحقيق: شعيب الأرناؤوط، تقديم: بشار عواد معروف، رئيس قسم التاريخ - جامعة بغداد، مؤسسة الرسالة، ط4، 1406ﻫ - 1986م.
18. صحيح البخاري، الإمام عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، (ت 256ﻫ) تحقيق: مصطفى البغا، دار ابن كثير - اليمامة، بيروت، ط3، 1407ﻫ - 1987م.
19. صحيح مسلم، الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (206-261ﻫ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
20. طبقات الحفاظ، للإمام السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، أبو الفضل، دار الكتب العلمية - بيروت، 1403، ط1.
21. الكشاف عن حقائق التنـزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (467-538) دار المعرفة، بيروت - لبنان.
22. مباحث في علوم القرآن، الدكتور صبحي الصالح، مطبعة الجامعة السورية، دمشق، 1377ﻫ - 1958م.
23. مباحث في علوم القرآن، صبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت، ط5، 1983م.
24. المستدرك على الصحيحين، محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411ﻫ - 1990م، ط1، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا.
25. مفاتيح الغيب، محمد فخر الدين ابن ضياء الدين عمر الرازي المشتهر بخطيب الري (544-604ﻫ) تقديم مفتي البقاع خليل محيي الدين الميس، دار الفكر، 1993م، 1414ﻫ.
26. مناهل العرفان في علوم القرآن، عبد العظيم الزرقاني، تحقيق: الدكتور بديع السيد اللحام، دار إحياء الكتاب، منشورات عيسى البابي وشركاه، ط3.
27. موطأ الإمام مالك، تحقيق: د بشار عواد معروف ومحمود خليل، مؤسسة الرسالة، ط2، 1993م.
28. الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، علي بن أحمد الواحدي، أبو الحسن، دار القلم الدار الشامية، دمشق وبيروت، 1415ﻫ، ط1، تحقيق: صفوان عدنان داودي.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك