كثر الحديث فى الغرب عن صراع الحضارات، كتبرير وتأصيل لمواجهة الإسلام والمسلمين، ولإثبات العداء التاريخي بين أصحاب المناهج والحضارات، والمحاولة لإظهار استعلاء الفكر الغربي، بل السعي لفرضه وهيمنته، حيث يقول صامويل هانتنجتون: ''يعتبر التفاعل بين الإسلام والغرب صدام حضارات؛ إذ إن المواجهة التالية ستأتي حتماً من العالم الإسلامي، وستبدأ الموجة الكاسحة التي تمتد عبر الأمم الإسلامية من المغرب إلى باكستان التي تناضل من أجل نظام عالمي جديد''. وفى المقابل خرج البعض ينادي بحوار الحضارات لا بصراع الحضارات، وكان أشبه بمن يرفع غصن الزيتون فى مواجهة المدفع. ولا بأس بالدعوة للحوار، والمجادلة بالتى هي أحسن، وإظهار سماحة الإسلام، وتفنيد شبهات الأعداء والخصوم، لا معارضة بين ذلك وبين الخروج من الواقع السيئ، والثبات على معاني العقيدة.
وتوضيح مفهوم الولاء والبراء، والجنوح للسلم لا حرج فيه متى تحققت مصلحة الإسلام والمسلمين.. قال الله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) وقال سبحانه: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم).
يقول الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة: إن الحضارات لا تتصارع، وإنما تتدافع وتتلاقح ويكمل بعضها بعضاً، وتتعاقب وتتواصل، لأنها خلاصة الفكر البشري والإبداع الإنساني وحركة التاريخ.. والتدافع الحضاري مفهوم قرآني، وهو جامع للمعاني والدلالات التي تؤكد بطلان نظرية صراع الحضارات من الأساس. يقول الله تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، ويقول عز من قائل: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً). ويأمر الله عباده بالدفع بالتي هي أحسن في جميع الأحوال، في قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليًّ حميم)، ويقول عز وجل: (ادفع بالتي هي أحسن السيئةَ نحن أعلم بما يصفون).