الأديان السماوية رسالة حب ام نفير حرب؟

الأديان السماوية رسالة حب ام نفير حرب؟
الدكتور محسن العبيدي
هالني ما سمعته وقرأته قبل عدة أيام من مطالبة بعض الشيوخ بقطع رأس كاتب لمجرد قوله بأن الأديان متساوية عند الله واستغربت الضجة الاعلامية الغربيةالتي قامت بعد ان قام بابا الفاتيكان بتعميد مسلم ترك الإسلام الى المسيحية حتى يحسب المرء ان شيخ الازهر شخصيا قد ترك الاسلام واعتنق المسيحية في خطوة إستفزازية للمسلمين وكانها نكاية بهم ,ومن بعد تعميده أخذ هذا الرجل وهو صحفي ايطالي من اصل مصري ويدعى(مجدي علام) يسبّ الدين الإسلامي علنا ويحكي كيف انه ترك دين العنف الى دين السلم علما بان الرجل انتهازي من الدرجة الاولى ولا استبعد ان اراه بوذيا يوما ما بعد ان كان شيوعيا ثم علمانيا ثم يهوديا ( اسمى ابنه دايفد)واليوم اصبح كاثوليكيا ً, وتهالني الحرب الكلامية التي أراها على كل المنابر والمدونات بين المسلمين والمسيحيين وما يرافق ذلك من سب وشتم وتسفيه لعقيدة الآخر مصحوبة طبعاً بكم هائل من الشتائم السوقية.
وتوجع القلب الحملة المسعورة ضد النبي الأكرم محمد (ص) في صحف أوروبا بحجة الدفاع عن الرأي وإتهام الدين الإسلامي بأنه دين حرب وإرهاب وان الاسلام انتشر فقط بحد السيف ناسين أو متناسين الحروب الصليبية التي إستمرت مئات السنوات بإسم الدين المسيحي والسيد المسيح وناسين أن المسيحية دخلت أوروبا الشرقية وتحديداً مملكة ( كيف روس ) بحد السيف حيث ألقى الملك وقتها بالآلاف ممن رفضوا إعتناق المسيحية في نهر الدينيبر.
وناسين محاكم التفتيش في أسبانيا التي أجبرت الناس على إعتناق المسيحية على الخوازيق وبحد السيف كما تناسو محاكم تفتيش العقائد وكيف كانت تحرق الناس في اوروبا بتهمة السحر او الهرطقة وما الى ذلك من الهراء .
ولايذكر احد منهم المجازر بحق الهنود الحمر في امريكا الجنوبية التي تمت بمباركة الكنيسة في ذلك الوقت .
وفي نفس الوقت لا أستطيع مسامحة المسلمين ممن يقتلون الناس يميناً وشمالاً بحجة إعلاء الدين الإسلامي ويكفرون أصحاب الديانات السماوية الأخرى وهو مالم يقم به لا رسول الله ولا الخلفاء الراشدون من بعده علما باني لا انكر ان الكثير من الجرائم تمت في التاريخ الاسلامي وللاسف باسم الاسلام ولقد عاث العثمانيون قتلا في اوروبا باسم الخلافة الاسلامية وارتكبوا من الجرائم مايندى له الجبين ومجزرة الارمن في عام 1915 خير دليل على ذلك ونحن كمسلمين يجب ان نكون اكثر تفتحا وقبولا للنقد عندما نراجع تاريخنا .
إن المصيبة تكمن في تحول الأديان السماوية من رسالة حب وسلام وصفاء وجسر يربط المخلوق بخالقه الذي هو وحده له الحق في محاسبة عباده وتقرير مصيرهم سواء الى الجنة أو النار الى دعوة مفتوحة للحرب والقتل وتسفيه الآخر والإستهزاء بعقيدته ومقدساته.
ويتم تضخيم الأحداث الصغيرة مثل حادثة رجل جزائري او اردني بسيط إعتنق المسيحية فتجد الجرائد والصحف ومواقع الإنترنت تكتب عنه وكأن القيامة قد قامت على الرغم من أن وجود هذا الرجل في الدين الإسلامي من عدمه لا يزيد ولا ينقص شيئاً من هذا الدين .
هناك مليار ونيف من المسلمين فكم منهم حقيقتاً يعرف بأًصول دينه؟ كم من مسلم لا يفقه من الإسلام شيئاً؟ هل حقاً يعتبر هؤلاء مسلمين؟ هل رايتم وضع المسلمين في دول الاتحاد السوفياتي السابق ؟ أليس الأجدر بنا أن نقوم بتوعية المسلمين بدينهم بدلاً من لعن المبشرين؟ لو أن الناس تعرف بدينها فلن يستطيع أي مبشر أن يخرجهم من دينهم ألسنا نحن شركاء في خروج الناس عن دينها؟ اليس الجهل والفقر والياس هو العامل الاصلي في انجرار الناس وراء المبشرين ؟ اليس شيوخ الجهل هم من يخرجون الناس من دينهم ؟
البعض لا يفهم و لا يريد أن يفهم أن الصراع السخيف بين السنة والشيعة معول يهدم الإسلام كله وليس جزءاً منه فعندما يكفر المسلمين بعضهم ويصفون رموزهم الدينية بأبشع الصفات وأرذلها فكيف تتوقع من أتباع الديانات الأخرى أن يحترموا هذه الرموز؟ أي شخص يتفلسف في موضوع حقانية السنة او الشيعة او يربط عمالة شخص بكونه سنيا او شيعيا هو شخص كاره للدين الاسلامي ويريد ان يصرف الانظار عن مصائب الامة وويلاتها الى توافه الامور وبدلا من ان يكون همنا ان نطور امتنا ونلحقها بمصاف الامم المتقدمة اقتصاديا وعلميا وثقافيا وصحيا اصبح همنا ان نكفر بعضنا يوما ونكفر اتباع الديانات الاخرى يوما اخر .
الأديان السماوية جميعها من عند إله واحد هو الله وجاء بها أنبياء ورسل من عنده فمن صحت عقيدته فأجره عند الله ومن ساءت عقيدته فحسابه عند الله أيضاً فما لنا نحن وما لدين الناس؟من سلمنا مفاتيح الجنة والنار ندخل فيها من نشاء ؟
المسيحين كانوا ومازالوا يعيشون مع المسلمين جنباً الى جنب في كل بلاد العالم الإسلامي معززين مكرمين ولهم في هذه الارض مثل مالنا واكثر, يجمعنا بهم تاريخ طويل واخوة ومحبة ولا يجب اليوم أن يفتحوا باب الصراع مع المسلمين لمجرد تحريكات الإدارة الأمريكية وبعض المتطرفين من اليمين المسيحي في امريكا والذي يعرف ايضا بالمسيحية الصهيونية وهي فئة لاتمت الى الدين المسيحي السمح باي صلة سوى بالاسم وهي تمثل بحق الخرق الصهيوني للاوساط المسيحية كما ان الغلاة والمتطرفين لايمثلون الاسلام ولا راي المسلمين بالدين المسيحي ويكفينا فخرا ان اول لجوء سياسي للمسلمين كان عند النجاشي ملك الحبشة وهو مسيحي وكانت هذه الهجرة بامر من رسول الله (ص) ولابد ان نؤمن جميعا مسلمين ومسيحيين ويهود حتى بان دين وعقيدة كل إنسان محترمة وإحترامها مكفول حسب القوانين السماوية والوضعية.
وعليه فإني أرجوا من كل الذين يكتبون المقالات المخصصة للاستهزاء بالأديان الأخرى أن يحترموا أنفسهم وقراءهم وليعلموا أن من يستهزء بالآخرين يفتح المجال أمام الآخرين كي يسخروا منه ومن عقيدته وبالتالي فكانما يهين عقيدته بنفسه .
ولا بارك الله في كل قلم كتب في ذم الإسلام ولا في قلم كتب في ذم المسيحيين ولا في قلم ذم أهل السنة والجماعة ولا قلم ذم الشيعة وبارك الله في كل يد تمتد لنشر الاخوة والمحبة بين جميع الناس وكلنا لادم وادم من تراب .
ولنذكر جميعاً قوله تعالى ( لا إكراه في الدين )
المصدر: http://msaffar.arabblogs.com/archive/2008/3/510750.html