عندما بكت الكلمة
عندما بكت الكلمة
الكاتب خولة محمد الوادي
في البدء، كانت الكلمة بيننا، تُزفُّ إلى أسماعنا وعيوننا وقلوبنا، هي رقيقة هذه الكلمة، هالة من فرح بلقاء جديد، ينبىء بودّ عميق.. وتمّ اللقاء.. عندها صارت الكلمة كلمات، وصارت الكلمات سطوراً، وصارت السطور صفحات ممتدة، لا تنتهي.. حتى تمزقت!!
ثم افترقت الكلمة وتبعثرت إلى حروف قلقة نافرة، تكره وجودها ووجود غيرها.. لتستحيل خواءً فتعمي الأبصار وتضلّ البصائر وتضرّ بالأسماع وتطيش بها العقول.. وعندها تجمدت الدموع في رسم الحروف، حتى أُقصيت من معاجم اللغة، وألقيت.. فأُغلق الوحي، وأُوصد دفتر الأشعار.. والسر الذي كان مدفوناً في القلوب، مُزقت أستاره، ليصبح شيئاً باهتاً..
لكن ما تزال في نفسي كلمة، بإشراقتها الأولى، وحنينها اللاهث وراء لحظات السأم.. ماذا حدث؟ وكيف صارت الكلمة ملقاة في سلة النسيان؟ وكيف صارت الأشعار تعابير خاوية، لا حياة فيها ولا لقاء؟ وتظل هي الأحجية، تأتي من سماء مجهولة.. فمتى يحين اللقاء الحقيقي.. بلا أقنعة أو افتعال؟؟!!