لا عقوبة بعد حوار

لا عقوبة بعد حوار

 

قال تعالى: ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة وإن الله لسميع عليم ) [الأنفال: 42].

 

فالعقوبة بعد إقامة الحجة هذا لأن الله عز وجل خلّى بين العبد والذنب من اجل أن يقيم على عبده حجّة عدله، فيعاقبه على ذنبه بحجته، فمغزاها: أن اعتراف العبد بقيام حجة الله عليه من لوازم الإيمان، أطاع أم عصى، فإن حجة الله قامت على العبد بإرسال الرسول، وإنزال الكتاب، وبلوغ ذلك إليه، وتمكنه من العلم به، سواء علم أو جهل، فكل من تمكن من معرفة ما أمر الله به ونهى عنه، فقصر، فإذا عاقبه على ذنبه عاقبه بحجته على ظلمه،

 

قال الله تعالى: ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً )[الإسراء: 15].

 

وقال: (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ قالوا: بلى. قد جاءنا نذيرٌ فكذبنا وقلنا: ما نزل الله من شيء )[الملك: 8 ـ 9].

 

وقال: ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )[هود: 117].

 

وفي الآية قولان:

 

أحدهما: ما كان ليُهلكها بظلمٍ منهم.

 

الثاني: ما كان ليُهلكها بظلمٍ منه.

 

والمعنى على القول الأول: ما كان ليُهلكها بظلمهم المتقدم، وهم مصلحون الآن. أي: إنهم بعد أن أصلحوا، وتابوا: لم يكن ليهلكهم بما سلف منهم من ظلم.

 

وعلى القول الثاني: إنه لم يكن ظالماً لهم في إهلاكهم، فإنه لم يهلكهم وهم مصلحون! وإنما أهلكهم وهم ظالمون، فهم الظالمون لمخالفتهم، وهو العادل في إهلاكهم، والقولان في آية الأنعام أيضاً: ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلمٍ وأهلها غافلون )[الأنعام: 131].

 

المصدر: تهذيب مدارج السالكين (1/216 ـ 217).

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك