بين أبي بكر بن العربي وابن حزم

بين أبي بكر بن العربي وابن حزم
قال الذهبي:
وقد حطَّ أبو بكر بن العربي على أبي محمد في كتاب القواصم والعواصم، وعلى الظاهرية، فقال:
هي أمة سخيفة، تسوّرت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلامٍ لم نفهمه، تلقَّوه من إخوانهم الخوارج حين حكم علي رضي الله عنه يوم صفين،
فقالت: لا حكم إلا لله.
وكان أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت، وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغربَ سخيفٌ كان من بادية إشبيلية يُعرف بابن حزم،
نشأ وتعلّق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، نسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيراً للقلوب منهم،
وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله وصفاته، فجاء فيه بطوام، واتفق كونه بين قومٍ لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا، فيتضاحك مع أصحابه منهم،
وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب وبشبَهٍ كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه، ويحمونه، بما كان يلقي إليهم من شبه البدع والشرك،
وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصار إلى حساد يطؤون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكشر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراض عنهم أو تشغيبٍ بهم.
المصدر: سير أعلام النبلاء (18/188 ـ 189).