الإسلام يجب ما قبله

الإسلام يجب ما قبله

 

قال المغيرة بن شعبة:

كنا متمسكين بديننا ونحن سدنة اللات، فأراني لو رأيت قومنا قد أسلموا ما تبعتهم.

فأجمع نفرٌ من بني مالك الوفود على المقوقس وإهداء هدايا له، فأجمعت الخروج معهم، فاستشرت عمي عروة بن مسعود، فنهاني، وقال:

ليس معك من بني أبيك أحد، فأبيت، وسرت معهم، وما معهم من الأحلاف غيري، حتى دخلنا الإسكندرية، فإذا المقوقس في مجلسٍ مُطلٍّ على البحر، فركبت زورقاً حتى حاذيت مجلسه، فأنكرني، وأمر من يسألني، فأخبرته بأمرنا وقدومنا، فأمر أن ننزل في الكنيسة، وأجرى علينا ضيافة، ثم أدخلنا عليه، فنظر إلى رأس بني مالك، فأدناه، وأجلسه معه، ثم سأله، أكلكم من بني مالك؟.

قال: نعم، سوى رجلٍ واحد، فعرفه بي.

فكنت أهون القوم عليه، وسرّ بهداياهم، وأعطاهم الجوائز، وأعطاني شيئاً لا ذكر له، وخرجنا، فأقبلت بنو مالكٍ يشترون هدايا لأهلهم، ولم يعرض عليّ أحدٌ منهم مواساةً، وخرجوا، وحملوا معهم الخمر، فكنا نشرب، فأجمعت على قتلهم، فتمارضتُ، وعصبت رأسي، فوضعوا شرابهم،

فقلت: رأسي يُصَدَّع ولكني أسقيكم، فلم ينكروا، فجعلت أصرف لهم، وأترع لهم الكأس، فيشربون ولا يدرون، حتى ناموا سُكراً، فوثبت، وقتلتهم جميعاً، وأخذت ما معهم، فقدمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم، فأجده جالساً في المسجد مع أصحابه، وعليّ ثياب سفري، فسلّمت، فعرفني أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي هداك للإسلام».

قال أبو بكر: أمن مصر أقبلتم؟

قلت: نعم.

قال: ما فعل المالكيون؟

قلت: قتلتهم، وأخذتُ أسلابهم، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما إسلامك فنقبله، ولا نآخذُ من أموالهم شيئاً، لأن هذا غدرٌ، ولا خير في الغدر» فأخذني ما قرُبَ وما بعد، وقلت: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة، قال: «فإن الإسلام يجب ما كان قبله».

 

المصدر: طبقات ابن سعد (4/285 ـ 286) وسير أعلام النبلاء (3/24ـ 25).

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك