إبطال استدلال النصارى بآيات القرآن الكريم على ألوهية المسيح

إبطال استدلال النصارى بآيات القرآن الكريم على ألوهية المسيح

الرُّوح القُدُس عند زعم النصارى هو الإله الثالث المكوّن للثالوث الإلهي، وهو الأب والابن والروح القدس، وشبّه النصارى الروح القدس بالحمامة النازلة على المسيح عليه السلام.
نقول إذا كان النازل هو الإله الثالث فلا يصح أن يُقال في الآية الكريمة:(فأرسلنا إليها روحنا..)الآية، لأن الإرسال يقتضي مرسلا ورسولا والإله لا يكون رسولا، ثم كيف يصح لمريم أن تخاف من الإله (الإله هنا الروح القدس) وتستعيذ بالرحمن منه بقولها (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) ومن خاف الله لجأ إليه واستعاذ به، ومن خاف المخلوق استعاذ منه بالله، بل كيف يصح للإله أن يجيبها:(إنما أنا رسول ربك.. ).
والمفروض حسب الزعم الباطل أن يقول: إنما أنا الإله الثالث أقنوم الروح القدس لأنفخ فيك أقنوم الابن الإله الثاني وأن لا يتمثل لها، ولكن الذي خاطبها تمثل لها بشرا سويا والتمثل من صفات الملك لا من صفات الله جلا جلاله.
وليس في القرآن الكريم ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في سائر كتب الأنبياء أن الروح القدس الذي أيد الله به المسيح هو إله، ولا هو صفة من صفات الله، ولا أنه يخلق ويرزق.
والمطلع لقصة خطاب جبريل لمريم عليها السلام في انجيل لوقا 1/26-31 لا يبقى عنده أدنى شك في أن جبريل عليه السلام إنما خاطبها بصفته مرسلا من الله الواحد الأحد الفرد الصمد وأن الموهوب لمريم إنسان مخلوق من غير أب أنعم الله به عليها.
وفيما يلي نص بعض فقرات القصة (26- وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة 27- إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داوود اسمه يوسف واسم العذراء مريم 28- فدخل إليها الملاك وقال : سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت في السماء 29- فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية 30 – فقال لها الملاك : لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله 31- وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا تسميه يسوع).
وقد تطابقت معاني هذه الفقرات مع معاني آيات القرآن الكريم. قال الله تعالى في سورة مريم آية 16-26 (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا. فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا. قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا. قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا. قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا. قال كذلك قال ربك هو عليّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا. فحملته فانتبذت به مكانا قصيا) صدق الله العظيم.
(ومن أصدق من الله حديثا)، (ومن أصدق من الله قيلا) .. يقول القس فندر في كتابه ميزان الحق: "يوجد نوع مهم من التناقض في القرآن يجب على المسلمين ملاحظته يختص بما في القرآن عن التوراة والإنجيل" قال : "رأينا أن القرآن يصرح أنه أنزل مصدقا لسائر الكتب وليحفظها من التغيير والتبديل ولكنه في أمور كثيرة يناقضها، ومن هذه المناقضة التامة تعاليم جوهرية في الإنجيل مثل موت المسيح على الصليب إتماما للنبوات وكفارته عن خطايا العالم كله ولا هوته وقيامته وأنه وحده القادر على تخليص العالم" وقال أيضا في الصفحة 400 من كتابه (ميزان الحق): "وإذا كان القرآن آخر وأتم وحي للإنسان فلا بد أن يبين لنا أحسن من الإنجيل عن قداسة الله وعدله".
ونرد على هذا الحديث فنقول: يُفهم من كلام (فندر) أنه يجعل خلو القرآن من الشرك وتأليه المسيح وسائر العقائد الباطلة دليلا على أن القرآن ليس من كلام الله.
وكيف يجعل هذه العقائد الباطلة من قداسة الله وعدله والقرآن إنما جاء بتنزيه الله عن جميع النقائص وبإقامة العدل والميزان بالقسط ويقطع دابر الشرك والوثنية.
ثم إن الإنجيل يخلو عن كثير مما في التوراة، فهما أولى بنسبة النقص والعيب من القرآن الكريم الذي جاء مشتملا على صحيحها ومبينا لما دخلها من الباطل.
ومن المتناقضات التي يزعمها (فندر) في كتابه (ميزان الحق) قوله : "إن آية سورة النساء آية 48، 116 قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) 48 وقوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) قال:"هذه الآيات تناقض ما ورد عن قصة إبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام". وزعم أيضا أن قوله تعالى في سورة الواقعة آية 13، 14 (ثلة من الأولين 13 – وقليل من الآخرين 14) قال:"هذا يناقض قوله تعالى في نفس السورة آية 39 وآية 40 (ثلة من الأولين 39 – وثلة من الآخرين).
والواقع أن مثل هذا الزعم لا يستحق الرد عليه. لأنه لا تناقض بين عدم مغفرة الله للمشرك وبين دعوة إبراهيم قومه إلى توحيد الله وترك عبادة الشمس والقمر والنجوم وإبراهيم نفسه لم يعبدها.
وكذلك لا مناقضة بين آيات سورة الواقعة لورودها في فريقين هما: أ – فريق السابقين الذي هم ثلة من الأولين وثلة من الآخرين. ب- فريق أصحاب اليمين الذين هم ثلة من الأولين وثلة من الآخرين. وعدم تمييز القسيس (فندر) ذلك إما وهم منه أو إيهام، وعلى كل فهو نفسه متناقض في كلامه كسائر زملائه المنصّرين الذين يطعنون في القرآن بزعم وجود التناقض والاختلاف بينما هم يستدلون بهذا التناقض الواضح في كتبهم على إلهاميتها فهو يقول في كتابه (ميزان القح ) بخصوص ما في التوراة من تناقض: "فوجود شيء من هذا القبيل في أسفار التوراة مع سكوت اليهود عنه وعدم تجاسرهم على تسويته لدليل على تمسكم بالمتون الأصلية".
هذا اعتراف دامغ بوجود تناقضات في التوراة.
كما زعم أيضا أحد المنصّرين صاحب كتاب (ذيل مقال في الإسلام) قال أن "القرآن متناقض واستدل بقوله تعالى في سورة آل عمران الآية 7 (... منه آيات محكمات هنّ أم الكتاب و أخر متشابهات ...) وعلل كلامه بأن القرآن العربي المبين لا يكون عربيا مبينا مع وجود المتشابهات فيه. انتهى كلامه.
ويُرَد على هذا الزعم الباطل: أن للعلماء أقوالا كثيرة في المقصود من المتشابه. ذكر القرطبي في تفسيره أن أحسنها القول أن المتشابه هو ما استأثر الله بعلمه دون خلقه، مثل قيام الساعة والحروف المقطعة في أوائل السور يعني الأشياء التي استأثرت بعلم الغيب، ووجود المتشابه في القرآن لا يمنع من كونه عربيا مبينا فصيحا.
ختاما: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن روح القدس جبريل عليه السلام عبد مخلوق ومَلَك مقرّب ورسول الله إلى أنبيائه، وأشهد أن عيسى المسيح بن مريم بشر وعبد مخلوق ونبي كريم ورسول الله إلى بني إسرائيل. صلى الله عليه وعلى نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وآلهم. والحمد لله رب العالمين.

المصدر: http://www.meshkat.net/node/12914

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك