الجمال النبوي وفقه الجمال
الجمال النبوي وفقه الجمال
- د محمد عمر دولة
- باحث إسلامي
إنَّ بعضَ الناس يظنون (الجمالَ) من العلوم العصرية التي جَهِلَها السابقون، والحق أنَّ البشريةَ لم تعْرِفْ توازُناً في فقهِ الجمالِ كما جاء في منهج الإسلامِ ونبيِّه مُحمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فقد تعمَّقَ في سَبْرِ أغْوارِ النفسِ؛ لِيَرْبِطَ مَكامِنَ زينَتِها الباطِنة بِمَحاسِنِ زينَتِها الظاهِرة؛ حتى لا تكون الظواهر مُنَوَّهة والبواطن مُشَوَّهة!
بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم الفرقَ بين التكبُّر والازْدِرَاءِ المذمُومَيْن 1 ، وبين التزيُّنِ والتأنُّقِ المحمودَيْن؛ اللَّذَيْن يُكمِّلُ جَمالُهما الظاهِرُ ما في أعماقِ النفسِ من الجمالِ الباطِن. وقد قرَّرَ علماءُ الإسلام أنَّ "الجمال الظاهر جزءٌ من الجمال الباطن، والألفة بين المتحابين ليست إلا للاشتراك في جمال الباطن"2.
وفي عُنُقِ الحسناءِ يُسْتَحْسَنُ العِقْدُ 3
إنَّ الإسلامَ يُوازِنُ بين الظاهِرِ والباطِن؛ لاستِكْمالِ جَمالِهما معا، ويُحقِّقُ التوافقَ بين الاعتقادِ والعمل، وبين السِّر والعلانية، وبين القولِ والفعل4؛ وأما المنافقون فهم (عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (الذاريات :13 ) ، "يُعَذَّبُون بسبِبِ ما انطَوَوْا عليه من خُبْثِ الباطنِ والظاهِر"5؛ إذْ إنَّهم "أظهروا الموافَقةَ في الإيمانِ وهم كفَرةٌ فجَرةٌ في الباطِن" 6. ولذلك ذكروا العُرْيَ الباطن 7.
وهذا من تكامُلِ منهجِ الشريعة الإسلامية التي تُعْنَى بالطهارةِ الباطِنة والظاهِرة للتوابِين والمتطهِّرين 8، وتُقرِّرُ "أنَّ طهارةَ الظاهرِ بالماء والتراب تكميلٌ لطهارةِ الباطِنِ بالتوحيدِ والتوبةِ النَّصُوح" 9! (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)10 . "وإذا كان مأمُوراً بتَِطهِيرِ الظاهِرِ؛ فإنَّ طهارةََ الظاهِرِ مِن تَمامِ طهارةِ الباطِن" 11.
¬¬فقهُ الجَمال
ما أحسنَ قولَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جميلٌ يحب الجمال))؛ فقد روى مسلمٌ رحمه الله عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: ((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ))12.
وفي مسند أحمد: ((لا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلاً وَرَأْسِي دَهِينًا وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا ــ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ عِلاقَةَ سَوْطِهِ - أَفَمِنْ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: ((لا؛ ذَاكَ الْجَمَالُ؛ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَازْدَرَى النَّاسَ)) 13.
فقد علَّم صلى الله عليه وسلم صَحْبَه الكرام رضوانُ الله عليهم أن يكونوا على أحْسَنِ حالٍ وأجمل صُورةٍ وأكمَلِ زِينةٍِ باطِنةٍ وظاهِرةٍ، وبيَّنَ صلى الله عليه وسلم أنَّ الكِبْرَ يَنْخَرُ القلبَ قبلَ أن يَظْهَرَ على الثَّوْب! فقد روى عبدُ اللَّهِ بن مسعودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: ((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً! قَال: ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس)) 14.
قال ابنُ رَجَب رحمه الله: "لم يزلْ علماءُ السلَفِ يلبسون الثيابَ الحسنة، ولا يَعُدُّون ذلك كِبْراً" 15. وقال ابنُ حجر رحمه الله: "إنَّ مَنْ قَصَدَ بِالْمَلْبُوسِ الْحَسَن إِظْهَار نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِ مُسْتَحْضِرًا لَهَا شَاكِرًا عَلَيْهَا غَيْر مُحْتَقِر لِمَنْ لَيْسَ لَهُ مِثْله لا يَضُرّهُ مَا لَبِسَ مِنْ الْمُبَاحَات، وَلَوْ كَانَ فِي غَايَة النَّفَاسَة" 16.
وقد أمَرَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم المسلمَ أن يتجمَّلَ ويتزيَّنَ أحْسَنَ زينةٍ ويلبَسَ يومَ الجمعة ثوباً غيرَ ثَوْبِ مِهْنَتِه! وأمرَه أن يتطيَّبَ ((ولو من طِيبِ امرأتِه!)) كما روى مسلمٌ رحمه الله في بَاب (الطِّيبِ وَالسِّوَاكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: ((غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنْ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ)) 17.
وروى البخاري في باب (الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ) عن عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَال: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ))18.
وقد كان يُعْجِبُه جَمالُ الخضابِ أن يُكْسَى به بياضُ الشَّيبِ، وأمَرَ بذلك أبا قحافة في يومِ الفتح، كما روى النسائي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي قُحَافَةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهُ ثَغَامَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((غَيِّرُوا أَوْ اخْضِبُوا))19. و"(ثَغَامَة) بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَة وَغَيْن مُعْجَمَة ثَمَر أَبْيَض لِنَوْعٍ مِنْ النَّبَات" 20.
وقد بيَّنَ ابنُ ماجه في روايته أن ذلك كان يوم الفتح، جِيءَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَأَنَّ رَأْسَهُ ثَغَامَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَلْتُغَيِّرْهُ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ)) 21.
ورواه أحمد بأتَمَّ من ذلك، قال: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ يَعُودُهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((هَلا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِيَ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ أَنْتَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: ((أَسْلِمْ)) فَأَسْلَمَ، وَدَخَلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأْسُهُ كَأَنَّهُ ثَغَامَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((غَيِّرُوا هَذَا مِنْ شَعْرِهِ))22.
بين الجمال والتكبر
ولكنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم علَّمَ الصحابةَ والأمةَ أنْ يُفَرِّقوا بين معنى الجمال، وبين الإسراف والتكبُّر؛ فأمرهم بالتوازن في حب الجمال حتى لا يُسْرِفُوا ولا يختالوا؛ فيفقد الجمال معناه ويتحوَّل إلى قُبح. فقد روى البخاري في مطلع كِتَاب (اللِّبَاسِ) بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ23)) ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ24.
قال ابنُ حَجَر رحِمَه الله: "الإِسْرَاف مُجَاوَزَة الْحَدّ فِي كُلّ فِعْل أَوْ قَوْل، وَهُوَ فِي الإِنْفَاق أَشْهَر، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ) وَقَالَ تَعَالَى: (فَلا يُسْرِف فِي الْقَتْل)، وَالْمَخِيلَة بِوَزْنِ عَظِيمَة وَهِيَ بِمَعْنَى الْخُيَلاء وَهُوَ التَّكَبُّر... وَقَالَ الرَّاغِب: الْخُيَلاء التَّكَبُّر يَنْشَأ عَنْ فَضِيلَة يَتَرَاءَاهَا الإِنْسَان مِنْ نَفْسه، وَوَجْه الْحَصْر فِي الْإِسْرَاف وَالْمَخِيلَة أَنَّ الْمَمْنُوع مِنْ تَنَاوُله أَكْلا وَلُبْسًا وَغَيْرهمَا إِمَّا لِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ مُجَاوَزَة الْحَدّ وَهُوَ الإِسْرَاف. وَإِمَّا لِلتَّعَبُّدِ كَالْحَرِيرِ إِنْ لَمْ تَثْبُت عِلَّة النَّهْي عَنْهُ وَهُوَ الرَّاجِح، وَمُجَاوَزَة الْحَدّ تَتَنَاوَل مُخَالَفَة مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْع فَيَدْخُل الْحَرَام، وَقَدْ يَسْتَلْزِم الْإِسْرَاف الْكِبْر وَهُوَ الْمَخِيلَة قَالَ الْمُوَفَّق عَبْد اللَّطِيف الْبَغْدَادِيّ: هَذَا الْحَدِيث جَامِع لِفَضَائِل تَدْبِير الإِنسَان نَفْسه، وَفِيهِ تَدْبِير مَصَالِح النَّفْس وَالْجَسَد فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة؛ فَإِنَّ السَّرَف فِي كُلّ شَيْء يَضُرّ بِالْحَسَدِ وَيَضُرّ بِالْمَعِيشَةِ فَيُؤَدِّي إِلَى الإِتْلاف وَيَضُرّ بِالنَّفْسِ إِذْ كَانَتْ تَابِعَة لِلْجَسَدِ فِي أَكْثَر الأَحْوَال، وَالْمَخِيلَة تَضُرّ بِالنَّفْسِ حَيْثُ تُكْسِبهَا الْعُجْب وَتَضُرّ بِالآخِرَةِ حَيْثُ تُكْسِب الإِثْم، وَبِالدُّنْيَا حَيْثُ تُكْسِب الْمَقْت مِنْ النَّاس" 25.
وأما قَوْلُ ابنِ عَبَّاس: "كُلْ مَا شِئْت وَاشْرَبْ مَا شِئْت مَا أَخْطَأَتْك اِثْنَتَانِ: سَرَف أَوْ مَخِيلَة ". فقد وَصَلَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي مُصَنَّفه وَالدِّينَوَرِيّ فِي (الْمُجَالَسَة) مِنْ رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَة عَنْ طَاوُسٍ عَنْ اِبْن عَبَّاس. أَمَّا اِبْن أَبِي شَيْبَة فَذَكَرَهُ بِلَفْظِهِ. وَأَمَّا الدِّينَوَرِيّ فَلَمْ يَذْكُر السَّرَف. وَأَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ "أَحَلَّ اللَّه الأكْل وَالشُّرْب مَا لَمْ يَكُنْ سَرَف أَوْ مَخِيلَة"، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن ثَوْر عَنْ مَعْمَر بِهِ. وَمَعْنَى قَوْله: "مَا أَخْطَأَتْك" أَيْ تَنَاوَلْ مَا شِئْت مِنْ الْمُبَاحَات مَا دَامَتْ كُلّ خَصْلَة مِنْ هَاتَيْنِ تُجَاوِزك" 26.
قال الطبري رحمه الله: "مَن أحَبَّ ذلك لِيَتعظَّمَ به مِن سِواه مِن الناس مِمَّنْ ليس له مثلُه؛ فاختال به عليهم واستكبر؛ فهو داخلٌ في عِدةِ المُستكبِرِين في الأرض بغير الحق، ولَحِقَته صِفةُ أهلِه، وإنْ أحَبَّ ذلك سُرُورًا لِجَوْدتِه وحُسْنِه، غيرَ مُريدٍ به الاختِيالُ والتكبُّر؛ فإنه بعيدُ المعنى ممن عناه الله تعالى بقوله: (لا يريدون عُلُواًّ في الأرضِ ولا فساداً) 27 وقال ابن بطال رحمه الله: "في قول ابن عباس أنه مباح للرجل اللباس من الحسنِ والجمال في جميع أموره إذا سلم قلبه من التكبُّرِ به على من ليس له مثل ذلك من اللباس" 28 .
جمال الأنبياء
وكان صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ عن جمالِ الأنبياءِ عليهم السلام ظاهراً وباطِناً، فيبيِّن جمال إبراهيم الخليل عليه السلام، وأنه((أحسن الرجال)) كما وردَ في حديث المعراج(( فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن مُسْنِدًا ظَهْره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور كَأَحْسَن الرِّجَال))29.
ويذكر صلى الله عليه وسلم جمال موسى عليه السلام ومَحاسِنَ حَيائه وعَفافِه في قصةِ الحَجَر المشهورة. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلا حَيِيًّا سِتِّيرًا لا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ؛ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ! وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى. فَخَلا يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ؛ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَر! ثَوْبِي حَجَر! حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ. وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ؛ فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا))30.
قال النووي رحمه الله: "وَمِنْهَا: مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْره أَنَّ الأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلامه عَلَيْهِمْ مُنَزَّهُونَ عَنْ النَّقَائِص فِي الْخَلْق وَالْخُلُق، سَالِمُونَ مِنْ الْعَاهَات وَالْمَعَايِب، قَالُوا: وَلا اِلْتِفَات إِلَى مَا قَالَهُ مَنْ لا تَحْقِيق لَهُ مِنْ أَهْل التَّارِيخ فِي إِضَافَة بَعْض الْعَاهَات إِلَى بَعْضهمْ، بَلْ نَزَّهَهُمْ اللَّه تَعَالَى مِنْ كُلّ عَيْب، وَكُلّ شَيْء يُبَغِّضُ الْعُيُون، أَوْ يُنَفِّرُ الْقُلُوب"31. وقال ابنُ حَجَر رحمه الله: "فِيهِ أَنَّ الأنبِيَاءَ فِي خَلْقِهِمْ وَخُلُقِهِمْ عَلَى غَايَةِ الْكَمَالِ، وَأَنَّ مَنْ نَسَبَ نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ إِلَى نَقْصٍ فِي خِلْقَتِهِ فَقَدْ آذَاهُ وَيُخْشَى عَلَى فَاعِلِهِ الْكُفْرُ"32.
وأثنَى صلى الله عليه وسلم على صَبْرِ موسى عليه السلام: وهو جمالٌ باطِنٌ، كما روى البخاري عن ابنِ مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَغَضِبَ؛ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: (( يَرْحَمُ اللَّهَ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ))33!
ويقرر أنَّ يوسف عليه السلام قد (( أوتي شطر الحسن ))؛ فمن ذا ذي أوتي الحسن البشري كله سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال السعدي رحمه الله: "(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ) تدعوهن إلى منزلها للضيافة (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) أي: محلا مهيأ بأنواع الفرش والوسائد، وما يقصد بذلك من المآكل اللذيذة، وكان في جملة ما أتت به وأحضرته في تلك الضيافة، طعام يحتاج إلى سكين: إما أترج أو غيره (وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا) ليقطعن فيها ذلك الطعام (وَقَالَتِ) ليوسف: (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) في حالة جماله وبهائه. (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) أي: أعظمنه في صدورهن، ورأين منظراً فائقاً لم يشاهدن مثله، (وَقَطَّعْنَ) من الدهش (أَيْدِيَهُنَّ) بتلك السكاكين اللاتي معهن، (وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ) أي: تنزيها لله (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ )، وذلك أن يوسف أعطي من الجمال الفائق والنور والبهاء، ما كان به آية للناظرين، وعبرة للمتأملين. فلما تقرر عندهن جمال يوسف الظاهر، وأعجبهن غاية، وظهر منهن من العذر لامرأة العزيز شيء كثير أرادت أن تريهن جماله الباطن بالعفة التامة"34.
قال ابنُ كثير رَحِمَه اله،: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) أي: أعظمن شأنه وأجللن قدره؛ وجعلن يقطعن أيديهن دَهَشا برؤيته، وهن يظنن أنهن يقطعن الأترج بالسكاكين، والمراد: أنهن حززن أيديهن بها، قاله غير واحد. وعن مجاهد، وقتادة: قطعن أيديهن حتى ألقينها. وقد ذكر عن زيد بن أسلم أنها قالت لهن بعدما أكلن وطابت أنفسهن، ثم وضعت بين أيديهن أترجاً وآتت كل واحدة منهن سكيناً: هل لكن في النظر إلى يوسف؟ قلن: نعم. فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهن فلما رأينه جعلن يقطعن أيديهن، ثم أمرته أن يرجع فرجع ليرينه مقبلاً ومدبراً وهن يحززن في أيديهن؛ فلما أحسسن بالألم جعلن يولولن فقالت: أنتن من نظرة واحدة فعلتن هكذا، فكيف ألام أنا؟ فقلن: حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم، ثم قلن لها: وما نرى عليك من لوم بعد الذي رأينا، لأنهن لم يرين في البشر شبهه ولا قريباً منه، فإنه صلى الله عليه وسلم كان قد أعطي شطر الحسن، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح في حديث الإسراء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بيوسف عليه السلام في السماء الثالثة، قال: ((فإذا هو قد أعطي شطر الحسن))، وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُعْطِيَ يوسف وأمه شطر الحسن... فلهذا قال هؤلاء النسوة عند رؤيته: (حَاشَ لِلَّهِ ) قال مجاهد وغير واحد: معاذ الله، (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ)، تقول هذا مُعتَذِرةً إليهن بأنَّ هذا حقيقٌ بأن يُحَبَّ لِجمالِه وكمالِه (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) أي: فامتنع. قال بعضهم: لما رأين جمالَه الظاهِرَ أخبرَتْهن بصفاته الحسنة التي تخفى عنهن: وهي العفة مع هذا الجمال 35.
وهذه الآيات الخالدة تؤكِّدُ جمالَ يوسف عليه السلام خَلْقاً وخُلُقاً، "وما عليه يوسف من الجمال الظاهر والباطن؛ فإن جماله الظاهر أوجب للمرأة التي هو في بيتها ما أوجب وللنساء اللاتي جمعتهن حين لمنها على ذلك أن قطعن أيديهن وقلن (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ)، وأما جماله الباطن فهو العفة العظيمة عن المعصية مع وجود الدواعي الكثيرة لوقوعها، وشهادة امرأة العزيز والنسوة بعد ذلك ببراءته، ولهذا قالت امرأة العزيز: (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ)، وقالت بعد ذلك: (الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)، وقالت النسوة: (حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ)"36.
ولله دَرُّ ابن المنير والزركشي ما أحسنَ قولَهما في حديث ((أعطي يوسف شطر الحسن))37: "المراد أنه أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا؛ فإنه بلغ النهاية ويوسف بلغ شطرها"38. قال ابنُ حَجَر: "(فَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْر الْحُسْن) وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد الْبَيْهَقِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَة عِنْد اِبْن عَائِذ وَالطَّبَرَانِيِّ: ((فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَن مَا خَلَقَ اللَّه، قَدْ فَضَلَ النَّاس بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر عَلَى سَائِر الْكَوَاكِب))؛ وَهَذَا ظَاهِره أَنَّ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلام كَانَ أَحْسَن مِنْ جَمِيع النَّاس، لَكِنْ رَوَى التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَنَس: (( مَا بَعَثَ اللَّه نَبِيًّا إِلا حَسَن الْوَجْه حَسَن الصَّوْت؛ وَكَانَ نَبِيّكُمْ أَحْسَنهمْ وَجْهًا وَأَحْسَنهمْ صَوْتًا))؛ فَعَلَى هَذَا فَيُحْمَل حَدِيث الْمِعْرَاج عَلَى أَنَّ الْمُرَاد غَيْر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَيُؤَيِّدهُ قَوْل مَنْ قَال: إِنَّ الْمُتَكَلِّم لَا يَدْخُل فِي عُمُوم خِطَابه، وَأَمَّا حَدِيث الْبَاب فَقَدْ حَمَلَهُ اِبْن الْمُنِير عَلَى أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ يُوسُف أُعْطِيَ شَطْر الْحُسْن الَّذِي أُوتِيهِ نَبِيّنَا صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهُ أَعْلَمُ"39.
وإذا استحضرنا ما ذكَرَه النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشبَهُ الأنبياء بأبيه إبراهيم الخليل عليه السلام، وما وَصَفَ به النبِيُّ صلى الله عليه وسلم أباه إبراهيم من الجمالِ الباهِرِ وأنه أحْسَنُ الرِّجال، كما جاء هذا الوصفُ في حديث المعراج: ((فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن مُسْنِدًا ظَهْره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور كَأَحْسَن الرِّجَال))40 ، تبيَّن لنا أنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم أجمَلُ الناسِ ظاهراً وباطِناً خَلْقاً وخُلُقاً صلى الله عليه وسلم.
تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
ولكنه لكمالِ تواضُعِه صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّ تفضيلَ نفسِه على غيرِه وهو القائل: (( لا تفضِّلوني على يونس بن متى!))، بل إنه لما بيَّنَ صلى الله عليه وسلم مرتبتَه عند ربِّه نفى صلى الله عليه وسلم الفخرَ؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (( أنا سيد ولد آدم ولا فخر))! وهذه الإشارةُ إلى جمالِ أبيه إبراهيم عليه السلام وشَبَهِه بأبيه وهو( أحْسَنُ الرِّجَال) تكفي اللبيب! مع قوله في يوسف عليه السلام: إنه أوتي شطرَ الحسن! والشطر يُطلَقُ على النِّصف وعلى الجزء.
وهذا دأبُه صلى الله عليه وسلم في التواضُعِ والأدَبِ مع إخوانه الأنبياء عليهم السلام كما ثبت في الصحيح من حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))، قَالَ: (( وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ)).
قال النووي رحمه الله: "قَوْله صلى الله عليه وسلم: ((نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْف تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيم عَلَى أَقْوَال كَثِيرَة أَحْسَنهَا وَأَصَحّهَا مَا قَالَهُ الْإِمَام أَبُو إِبْرَاهِيم الْمُزَنِيُّ صَاحِب الشَّافِعِيّ وَجَمَاعَات مِنْ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّكّ مُسْتَحِيل فِي حَقّ إِبْرَاهِيم فَإِنَّ الشَّكّ فِي إِحْيَاء الْمَوْتَى لَوْ كَانَ مُتَطَرِّقًا إِلَى الْأَنْبِيَاء لَكُنْت أَنَا أَحَقّ بِهِ مِنْ إِبْرَاهِيم وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكّ فَاعْلَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلام لَمْ يَشُكّ، وَإِنَّمَا خُصَّ إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم لِكَوْنِ الآيَة قَدْ يَسْبِق إِلَى بَعْض الأَذْهَان الْفَاسِدَة مِنْهَا اِحْتِمَال الشَّكِّ، وَإِنَّمَا رَجَعَ إِبْرَاهِيم عَلَى نَفْسه صلى الله عليه وسلم تَوَاضُعًا وَأَدَبًا!"41 .
--------------
الهوامش:
/1 وتأمل بلاغة التعبير النبوي عن الفقر الباطن في الكامن في أعماقِ النفوس، فلا يستر عوراتِ النفوس بِهَلَعِها وجَشَعِها وطَمَعِها وجزَعِها: حتى صارت من الغنى قفراً ومن القناعة صفرا: ((ليس الغنى عن كثرة العَرَض؛ لكنَّ الغنى غِنَى النفس!)) فلا تشعر بالغنى أبداً ما دامت فقيرةَ النفس!
/2 هذا القول للمناوي في فيض القدير 1/319ــ320 , قال: ولله در القائل:
وإذا اعتراك الوهم في حال امرئ فأردت تعرف خيره من شره
فاسأل ضميرك عن ضمير فؤاده ينبيك سرك بالذي في سره!
/3 من قول أبي الطيب المتنبي:
وأصبح شعري منهما في مكانهِ وفي عنق الحسناء يستحسن العقدُ!
4/ فالإيمان يشمل التصديقَ الباطن والأعمال الباطنة والظاهرة.
5/ تفسير السعدي 1/667.
6/ تفسير السعدي 1/878.
7/ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا) أي: ظهرت عورة كل منهما بعد ما كانت مستورة، فصار للعري الباطن من التقوى في هذه الحال أثر في اللباس الظاهر، حتى انخلع فظهرت عوراتهما، ولما ظهرت عوراتهما خَجِلا وجَعَلا يخصفان على عوراتهما من أوراق شجر الجنة، ليستترا بذلك. تفسير السعدي 1/407.
8/ كما قال السعدي في تفسير آية الوضوء من سورة المائدة 6
9/ تفسير السعدي 1/222.
10/ البقرة 222.
11/ تفسير السعدي 1/808. في تفسير قولِ الله تعالى: )وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)(المدثر 4).
12/ صحيح مسلم 1/247، حديث131. كتاب الإيمان، باب تَحْرِيمِ الْكِبْرِ وَبَيَانِهِ.
13/ مسند أحمد 8/135، حديث 3600.
14/ سبق تخريجه.ِ.
15/ فتح الباري لابن رجب 3/103.
16/ فتح الباري لابن حجر 16/333.
17/ صحيح مسلم 4/313، حديث1400.
18/ فتح الباري لابن حجر 3/283.
19/ سنن النسائي 16/10، ح5147.
20/ حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ على سنن النسائي 7/41.
21/ سنن ابن ماجه 10/499، حديث 3614.
22/ مسند أحمد 54/391.
23/ روى ابن ماجه عن ابن عمر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ)). سنن ابن ماجه 10/ 470، حديث 3595.
24/ صحيح البخاري 18/81.
25/ فتح الباري لابن حجر 16/323.
26/ فتح الباري لابن حجر . 323/16
27/ شرح ابن بطال 92/17
28/ شرح ابن بطال 92/17
29/ فتح الباري لابن حجر 11/216.
30/ صحيح البخاري 11/205، حديث 3152.
31/ شرح النووي على مسلم 8/102.
32/ فتح الباري لابن حجر 10/199.
33/ صحيح البخاري 11/206، حديث 3153.
34/ تفسير السعدي 1/397.
35/ تفسير ابن كثير 4/285ــ386.
36/ تفسير السعدي 1/407.
37/ صحيح مسلم 1/385. حديث 234، (( ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صلى الله عليه وسلم إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ)).
38/ فيض القدير للشوكاني 2/4.
39/ فتح الباري لابن حجر 11/216.
40/فتح الباري لابن حجر 11/216. وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد الطَّبَرِيّ (( فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشَمَط جَالِس عِنْد بَاب الْجَنَّة عَلَى كُرْسِيّ))
/41شرح النووي على مسلم 1/277، حديث 216.
المصدر: http://www.meshkat.net/node/13607