كيف صنع المسلمون حضارتهم الأولى؟
كيف صنع المسلمون حضارتهم الأولى؟
أحمد الشجاع
كل من يقرأ في تاريخ علوم الحضارة الإسلامية لن يجد نفسه إلا أن يفخر ويتحسر؛ يفخر بما وصلت إليه أمتنا الإسلامية من تقدم وعلو في كافة مناحي الحياة باجتهاد وهمة علمائها، ويتحسر على حالها في زمن الانحطاط والتبعية الذي نعيش فيه..
إنهما زمانان مختلفان لحالتين متناقضتين في أمة واحدة.. حيث لا يصدق من يجهل تاريخ المسلمين أنه كان لهم حضارة فاقت كل الحضارات بينما حالهم الآن في الدرك الأسفل بين الأمم..فما هي أسباب هذا التناقض وما هي المسببات التي هوت بأمة ذات حضارة عظيمة قامت على منهج شرعي عادل شامل لكل مناحي الحياة.
والسطور التالية مقتطفات من الحضارة الإسلامية العظيمة، كيف بدأت وعلى أي أساس انطلقت ونهضت والحالة التي وصلت إليها؛ لعلنا نجد في حضارتنا السابقة دعامة تعين على النهوض أو صرخة توقظ من الرقود.. أما من مات قلبه وعقله فلا عزاء له، ولا راد لأمر الله.
مفهوم الحضارة الإسلامية
فسر البعض مفهوم الحضارة الإسلامية بأنها ما قدمه الإسلام للمجتمع البشرى من قيم ومبادئ، وقواعد ترفع من شأنه، وتمكنه من التقدم في الجانب المادي وتيسِّر الحياة للإنسان.
فالفرد هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وإذا صلح صلح المجتمع كله، وأصبح قادراً على أن يحمل مشعل الحضارة، ويبلغها للعالمين، ومن أجل ذلك جاء الإسلام بتعاليم ومبادئ تُصْلِح هذا الفرد، وتجعل حياته هادئة مستقرة، وأعطاه من المبادئ ما يصلح كيانه وروحه وعقله وجسده.
وبعد إصلاح الفرد يتوجه الإسلام بالخطاب إلى المجتمع الذي يتكون من الأفراد، ويحثهم على الترابط والتعاون والبر والتقوى، وعلى كل خير؛ لتعمير هذه الأرض، واستخراج ما بها من خيرات، وتسخيرها لخدمة الإنسان وسعادته.
وقد بلغت مكانة العلوم الحياتية والتطبيقية في ظلِّ الإسلام مبلغاً عظيماً، حتى أصبح المسلمون فيها سادة الأرض، وقد ملكوا ناصيتها كما ملكوا ناصية العالم، فغدت جامعاتهم مفتوحة للطلبة الأوروبيين الذين نزحوا من بلادهم لطلب تلك العلوم، وطفق ملوك أوروبا وأمراؤها يفدون على بلاد المسلمين ليُعَالَجوا فيها، وهو ما دعا العلامة الفرنسي غوستاف لوبون أن يتمنَّى لو أن العرب المسلمين استولوا على فرنسا؛ لتغدو باريس مثل قرطبة في إسبانيا المسلمة، فقال تعبيرًا عن عظمة الحضارة العلمية في الإسلام: "إن أوروبا مدينة للعرب (المسلمين) بحضارتها"، حسب ما نقله الدكتور راغب السرجاني.
ويوضح السرجاني أن هذا الأمر حصل لما فَقِه المسلمون حقيقة دينهم، وعلموا كيف أنه يُشجِّع على العلم النافع بكُلِّ أشكاله، ويُعلي من شأن العلماء ومكانتهم، فطفقوا يجُوبون في تحصيله، شعارهم أنهم أحقُّ الناس به أنَّى وجدوه، وفي ذلك فإنهم لم يُفرِّقوا بين علوم شرع أو علوم حياة؛ فإذا كان بعلوم الشرع يُقام الدين، فإن علوم الحياة هي أيضاً تلك العلوم النافعة التي يحتاج إليها الإنسان ليُصْلِح بها حياته، ويعمِّر بها أرضه، ويستكشف بها كونه وبيئته، فتتحقَّق بذلك أهليَّته كخليفة لله في الأرض.
والحقيقة التاريخية تؤكِّد أن العلوم الحياتية نشأت أوَّل ما نشأت عند المسلمين في أحضان الدين وفي ظلِّ تعاليم القرآن، فعندما نزل الوحي بأول كلمة على رسول الله : "اقْرَأْ"، كان ذلك إيذانًا ببزوغ فجر عصر العلم، فالقراءة هي مِفتاح العلوم؛ مما رسَّخ في أذهان المسلمين عظمة طلب العلم وتحقيق السبق والتفوُّق فيه.
وإيماناً من رسول الله بقيمة العلم جعل فداء المشرك الأسير لنفسه في غزوة بدر تعليمه عشرة من الصحابة الكتابة والخطَّ, وهذا إعلان من النبي بأهمية العلم وعظمة تعلُّمه..
وقد تعدَّدت الأحاديث النبوية الكثيرة التي تحث المسلمين على التعلم، وتدفعهم دفعاً إلى طلب العلم وتحصيله، ومما جاء في ذلك، وبالأخص في مجال العلوم الحياتية، قوله - في قصة تأبير النخل في المدينة-: "أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ".
كما كانت أحاديثه في الطبِّ، والصحَّة، والمرض، والوقاية من العدوى, والتي بلغت ثلاثمائة حديث، ثم في عهد الخلفاء الراشدين، وقد كان يُؤخَذ بالتجرِبة والممارسة؛ يؤيِّد ذلك ما رواه ابن الجوزي عن هشام، قال: كان عروة يقول لعائشة: "لا أعجب من فقهك، أقول: زوجة رسول الله وبنت أبي بكر.. ولكن أعجب من علمك بالطب". فقالت: "إن رسول الله كان سقيماً في آخر عمره، فكانت تقدَم عليه وفود العرب من كل وجه، فتنعت الأنعات، فكنت أعالجها له..".
وقد سمِّيت فيما بعد بالطب النبوي، مُلْهماً لكل مَن يعمل بالطب أن يبحث عن الدواء وسبب الداء, فكان الطب من أهم العلوم التي ظهرت وزاد الاهتمام بها في عهد الرسول.
عبقرية الحضارة الإسلامية
حقق المسلمون حضارتهم الكبرى في ظل التزام عام بتعاليم الإسلام، وأصبح المسلمون القوة الأعظم في العالم القديم بلا منازع. بينما كانت الشعوب الأخرى قبائل شتى تتسم بالعبودية والقهر والظلم بل والجهل أيضاً..
وأصبح علماء الإسلام وكتبهم منارات تسترشد بها الأمم الأخرى.. ويؤكد البعض أنه وإبان مطلع عصر النهضة في الغرب كان علماء وفلاسفة الغرب ينظرون لهؤلاء نظرة الإجلال بل والتقديس؛ لأنهم أثروا في الفكر الغربي وغيروا من نظرتهم للفكر الإغريقي الذي تواري خلف الفكر الإسلامي.
لهذا ظلت كتبهم تترجم وتدرس بالعربية زهاء أربعة قرون. ويُذكر أن كتاب (القانون) في الطب لابن سينا كان يدرس في الغرب ولاسيما بكليات فرنسا ولاسيما في جامعة (مونبلييه) العريقة.
وكانت نظريات ابن رشد قد غيرت الفكر والفلسفة المسيحية واليهودية بأوروبا؛ مما جعل مارتن لوثر يعلن تمرده على البابوية معلنا البروتستانتية بعدما أسقط مقولة صكوك الغفران. وقد استقى أفكاره من فلسفة ابن رشد التي شاعت بين الأوساط والجمعيات الفلسفية الأوربية وقتها.
ويقول البعض: من هنا كان ظهور حركة الاستشراق الذي تبنته الكنيسة الغربية لتشويه صورة الإسلام وبث المطاعن فيه وكتابة المثالب الإفكية حول رسوله. فالصليبيون لما جاءوا للمشرق العربي وشاهدوا حضارته أصيبوا بالدونية الحضارية، ونقلوا هذه الحضارة لبلدانهم؛ فأنبهر الغرب بها وحاكاها ونقل تراثها العلمي والفكري. وعكف علماؤه ومفكروه وفلاسفته على تمحيصه وتحقيقه. فظهرت أعمالهم كصدى فكري لعلوم المسلمين بعدما حررهم الفكر الإسلامي من هيمنة الكنيسة والكهنوت الكنسي وإرهاصاته كما حررهم من أساطير الإغريق.
ومن أعمال عباقرة هذه الحضارة الإسلامية نجد الجاحظ وقد ظهر كعالم للحيوان عندما تحدث لأول مرة عن هحرات الطيور في رحلتي الصيف والشتاء. ولم يكتشف العلماء هذا إلا في القرن 19 الميلادي.
ويعتبر الجاحظ مؤسساً لعلم الجغرافيا البشرية وعلم الأجناس حيث قسم البشر وصنفهم لأمم وشعوب وأجناس وأعراق مختلفة وأوعز ألوانهم ولغاتهم وطبائعهم إلي تأثير العوامل الوراثية والبيئة الطبيعية والاجتماعية.
وفي الفلك نجد أن البيروني قاس محيط الأرض بواسطة معادلة رياضية وضعها وأكد على كروية الأرض وبين أن الأجسام تنجذب نحو مركزها. وبين أن توالي الليل والنهار سببه دوران الأرض وليس الشمس أو النجوم والكواكب معها. وبيّن بدقة اختلافات المواقيت والغروب والشروق حسب مواقع البلدان فوق خريطة الأرض وبهذا نجده قد سبق كوبرنيق ونيوتن وجالليو.
وفي الرياضيات نجد الخوارزمي الذي مازالت شهرته حتى الآن ولاسيما كمؤسس لعلوم الجبر، ولاسيما وهو واضع حساب اللوغريتمات التي تقوم عليها الرياضيات الحديثة. وكان أول من اكتشف الصفر ووضعه ضمن الأعداد وفي الحساب.
كما جعل الحساب ميسراً بأن جعله طرحاً وجمعاً وقسمة وضرباً. فبهذا علم الناس الطرق الحسابية المبسطة.
ويعتبر عمر الخيام عالماً في الفلك والرياضيات ويعتبر ثاني اثنين بعد الخوارزمي في علم الجبر فأسس علم الترجمة الرياضية المزدوجة. حيث ترجم مسائل الهندسة للغة الجير وترجم مسائل الجبر للغة الهندسة كما ترجم مسائل من الهندسة الفراغية للغة الجبر. وهي المسائل التي لا يمكن رسمها بالمسطرة والفرجار كمسألة تثبيث الزوايا ومسألة الوسطين الجسابين ومسألة المسبع المنتظم. وقد ابتكر حل المعادلات من الدرجة الثانية عن طريق الأقواس المخروطية. وفي الطب نجد أن ابن النفيس قد اكتشف الدورة الدموية قبل هارفي بعدة قرون.. وابن زهر بالأندلس كان يمارس الجراحة والتخدير. والدميري أول من وضع معجماً للحيوانات وصنفها فيه من حيث الشكل والطباع ومرادفات أسمائها.. والقائمة طويلة.
انطلاق مرحلة العلم التجريبي
بدأت مرحلة جديدة في العلوم التجريبية عند العرب والمسلمين بحركة الترجمة التي نشطت في أواخر القرن الأول الهجري واستمرت في الازدهار والعطاء حتى بداية القرن الثامن الهجري. ولم يكن العرب في ترجمتهم لتراث الأمم التي أخذوا عنها العلوم الطبيعية نَقَلَةً جامدين، لكنهم أضافوا إليها كثيرًا، وجعلوا ما توصل إليه غيرهم مقدمة أساسية لأبحاثهم.
ورغم ما حصل من بعض العلوم المترجمة من أضرار على عقائد بعض المسلمين إلا أن العالم الإسلامي كان محط أنظار الأمم الأخرى ومصدر أخذهم للعلوم التطبيقية المختلفة.
وكانت بواعث ذلك ما بثّه الدين الإسلامي من أفكار، وما أحدثه في نفوس معتنقيه من حب العلم والتأمّل في الكون، إضافة لتشجيع الحكام الذين أحبوا العلم وأكرموا العلماء على الإبداع. ثم إن الفتوحات الإسلامية كانت عامل التقاء بين الثقافة العربية وثقافات الشعوب التي دخلت الإسلام. كما أن حاجة العرب إلى علوم ليست عندهم جعلتهم يقبلون على الترجمة. وحيث إن العلم من توابع الاستقرار والحضارة، فما أن استقرت الدولة العربية الإسلامية وازدهرت سياسياً واقتصادياً حتى اتجهت النفوس إلى الحركة الفكرية؛ فتُرجمت الكتب الإغريقية والفارسية والسريانية والقبطية والكلدانية، ونُقلت ذخائرها في العلوم إلى العربية. وبلغت الترجمة أوجها في عهد المأمون (198ـ 218هـ، 813 ـ 833م) الذي كان يقبل الجزية كتباً، ويدفع وزن ما يترجم ذهباً.
وكان بيت الحكمة في بغداد، والجامع الأموي في دمشق، والجامع الأزهر بمصر، وجامع القيروان في تونس، وجامع القرويين في المغرب، وجامع قرطبة في الأندلس، والجامع الكبير في صنعاء منارات للعلم يفد إليها الطلاب من كل مكان. وتخرج في هذه الصروح العلمية عدد كبير من العلماء تميزوا بغزارة الإنتاج في العلوم والفنون.
تقسيم المسلمين للعلوم
تنقسم العلوم التي اشتغل بها العرب إلى علوم أصيلة وعلوم محدثة؛ فالأولى نشأت في ظل دولة الإسلام وعلى أيدي العرب أنفسهم، أما الثانية فتلك التي نشأت خارج البيئة العربية، ثم دخلت في بلاد الإسلام وطوّرها العلماء.
اعتنى المسلمون بكل العلوم المحدثة من طب وصيدلة وكيمياء وفيزياء وعلوم رياضية وعلوم الأحياء وعلوم الأرض وفلك وجغرافيا.
ولكي يطلع العرب على هذه العلوم كان طبيعياً أن ينقلوها من لغاتها الأصلية إلى لسانهم.
وكان أول ظهور حقيقي لمسيرة العلوم في الإسلام على يد حكيم بني أمية الأمير خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85هـ - 704م)، الذي كان على يديه أول نقْلٍ في الإسلام من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، فيما عُرف ببداية حركة الترجمة، تلك التي نشطت في بداية عصر الخلافة الأموية، أواخر القرن الأول الهجري، الثامن الميلادي.
فما أن استقرَّت الخلافة الأموية وازدهرت سياسيًّا واقتصاديًّا، وورثت علوم الأعاجم من الفرس والروم وغيرهم بعد انهيار دُولهم، حتى كان الاتجاه إلى الحركة الفكرية؛ فتُرجمت كثير من كتب الحضارات السابقة من إغريقية وفارسية وغيرها، ونُقلت ذخائرها في العلوم إلى العربية؛ لِتُعْتَبر حدثًا مُهِماً من الناحية الحضارية؛ لأنها فتحت نافذة أَشْرف منها العلماء العرب والمسلمون لأوَّل مرَّة على ما لدى غيرهم من معارف وعلوم.
إلا أن حركة الترجمة لم تتوسع إلا في العصر العباسي، ولاسيما في عصر المأمون. وقد أسهم المترجمون كثيراً في تكوين المصطلح العلمي والفلسفي الذي لا يزال بعضه مستخدماً حتى الآن.
وكانت الترجمة تتم في بادئ الأمر من اللغة الأصل إلى السريانية ومنها إلى العربية، ثم في مرحلة لاحقة صارت مباشرة من اللغات الأصل إلى العربية. وكان المترجمون نوعين: سريان ومسلمون؛ فكانت أغلب نقول السريان من اللغة اليونانية أو السريانية، أما المسلمون فقد كانوا يترجمون مباشرة من الفارسية أو الهندية وغيرهما إلى العربية.
بعد أن تمت عملية النقل واستقرت أحوال الدولة العباسية اقتصاديًا واجتماعياً وعسكريًا، برز في ظل هذا الاستقرار علماء ومفكرون أبدعوا في شتى مجالات المعرفة منطلقين مما نقل من معارف الأمم الأخرى. وجاء وقت أعمل فيه العرب أفكارهم فيما نقلوه من نظريات وغيرها ولم يتقبلوها مباشرة، بل أخذوها بحذر شديد بعد أن صارت لهم طرقهم الخاصة التي تعتمد على التجربة والملاحظة التي اعتبروها حجر الزاوية لدراسة العلوم الطبيعية.
وامتد الاهتمام إلى الخلفاء فهذا أبو جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين (135 - 158هـ) كان مولعاً بالطبِّ والفلك والهندسة، يُكاتِب ملوك الروم فيطلب منهم ما لديهم في هذا الشأن، فبعثوا إليه كليات إقليدس في الهندسة، وفي الطبيعيات. وهذا هارون الرشيد (170 - 194ﻫ) حين افْتَتَح عَمُّورِية وأنقرة انتخب من أبنائها فريقًا من العلماء والتراجمة وجعلهم في حاشيته، وطلب إليهم أن يختاروا عيون الكتب التي وُجدت في مكتبات هاتين البلدتين، فاختاروا الكتب النادرة التي لا توجد عند غيرهم، في ميدان الطبِّ والفلك وغيرهما، ونقلوها إلى بغداد، وأمر الرشيد آنذاك أبا زكريا يوحنا بن ماسويه (ت 244هـ) - أكبر أطباء عصره - أن يرعى هذه النُّقُولات.
ولم يكتف المأمون بإرسال العلماء إلى بلاد الروم والأعاجم كي يبحثوا له عن أمهات الكتب الأجنبية وجلبها، وإنما كان إذا عقد معاهدة أو أبرم حلفًا مع ملوك الروم أو غيرهم، فإنه يجعل من بين شروط المعاهدة شرطًاً بأن يُتْحِفَه الطرف الآخر بما لديه من نفائس كتب الحكمة، وذخائر الفلسفة والعلوم في بلادهم، ومن ذلك أنه جعل أحد شروط معاهدة الصلح بينه وبين إمبراطور الروم ميخائيل الثالث أن يتنازل الثاني للأول عن إحدى المكتبات الشهيرة في القسطنطينية، وكان من بين ذخائرها الثمينة كتاب بطليموس في الفلك، فأمر بنقله إلى العربية وسمَّاه (المجسطي).
ويُنسَب إلى المأمون أنه أوَّل مَن قام بمحاولة قياس أبعاد الكرة الأرضية، وذلك بمساعدة فريقين من علماء الفلك والجغرافيا، والذي قال عنه المستشرق نللينو في كتابه (علم الفلك وتاريخه عند العرب في القرون الوسطى): "إن قياس العرب للكُرة الأرضيَّة هو أول قياس حقيقي، أُجْرِيَ كله مباشرة مع كل ما تقتضيه تلك المسافة الطويلة وهذا الفريق الكبير من العلماء والمساحين العرب؛ فهو يُعَدُّ من أعمال العرب المأثورة وأمجادهم العلمية". وقال عنه كراتشوكوفسكي في كتابه (تاريخ الأدب الجغرافي العربي): "إن الخطأ في مقاس العرب يقلُّ عن كيلو متر واحد"، حسب ما جاء في موقع قصة الإسلام.
تأثير علم الحديث في البحث العلمي
وقد كان لأسلوب الجرح والتعديل الذي اتبعه علماء الحديث في تنقية الحديث وتمييز الصحيح من الموضوع أثر كبير في توجيه منهج المسلمين في البحث العلمي؛ لذا نجد أن العلماء المسلمين في شتى ميادين المعرفة جعلوا البرهان دليلاً وشاهدًا. فالدعوة إلى الإنصاف وإلى الحق والصدق والمعرفة كانت من صميم مقدمات أعمالهم، ولم يكن تفكيرهم العلمي يختلف كثيرًا عن المنهج العلمي الحديث.
فهذا جابر بن حيان (ت 200هـ، 815م) شيخ علماء الكيمياء المسلمين يدعو إلى الاهتمام بالتجربة ودقة الملاحظة فيقول: "إن واجب المشتغل في الكيمياء هو العمل وإجراء التجربة، وإن المعرفة لا تحصل إلا بها". وقد سلك الحسن بن الهيثم الطريقة المثلى في إجراء البحث العلمي وقال بالأخذ بالاستقراء والقياس والتمثيل، وضرورة الاعتماد على النمط المتبع في البحوث العلمية الحديثة فيقول: "يبدأ في البحث باستقراء الموجودات وتصفّح أحوال المبصرات وتمييز خواص الجزئيات، ويلتقط باستقراء ما يخص البصر حال الإبصار، وما هو مطرد لا يتغير، وظاهر لا يشتبه في كيفية الإحساس، ثم نترقى في البحث والمقاييس على التدريج والتدريب، مع انتقال المقدمات والتحفظ في الغلط في النتائج".
أثناء وبعد حركة الترجمة ألف المسلمون في كل ضرب من ضروب المعرفة وفي كل الفنون، ولم يكتفوا بنقل التراث العلمي للأمم الأخرى، بل أضافوا له وزادوا عليه، ثم كانت لهم ابتكاراتهم الجديدة.
العناية بالعلم الشرعي
لم تهتم أمة بعلمها الشرعي كالاهتمام الذي أبداه المسلمون بدينهم حفظاً ودراسة وتحقيقاً وتأصيلاً، حتى كونوا مكتبة علمية شرعية ضخمة لا تجاريها أي أمة أخرى.
فحفظ الله سبحانه وتعالى لكتابه الكريم (القرآن) – بصفته المصدر الأول للتشريع – يتضمن العناية بدراسته وتأمله والعمل به وتفسيره، وكذلك العناية بالمصدر الثاني للتشريع (سنة رسول الله)، وتنقيحه من المدسوس والمكذوب على رسول الله. ومن هذين المصدرين تم بناء الفقه الشرعي مع إعمال الاجتهاد العقلي المستند إلى قواعد وضوابط الشرع.
كذلك كانت العناية باللغة العربية وآدابها وسيلة من وسائل حفظ شرع الله وفهمه..وتفرغ للعناية بها وخدمتها فئات من مختلف الأعراق، وقد شارك علماء العربية في علوم القرآن المختلفة، وكان بين علوم القرآن، وعلوم العربية ارتباط قوي.
وصار في اعتقاد كل مسلم أن العربية - لأنها حملت كتاب الله - أفضل لغة، وهي الأقدر على التعبير عن معاني القرآن..وقد صار إتقان العربية مدعاة لتفضيل القارئ، كما صارت الرغبة في فهم القرآن دافعاً لحفظ لغة العرب، وشعرها، وأمثالها، وكلامها، وسائر علومها.
والعربية حجة شرعية فيما يرجع فيه إلى اللغة.. وهذه الصلة الوثيقة بين علوم القرآن وعلوم العربية قد تجلت في تاريخ تلك العلوم، ونشأتها، ومن خلال تراجم أعلامها، ورسم القرآن، وألفاظه، ومعانيه، وتفسيره، والاحتياج للقراءات وبها، ووقوف القرآن، وإعرابه، وغيرها من علوم القرآن.. حسب قول الدكتور سليمان العايد.
العلوم التجريبية
ومن بين العلوم التجريبية نكتفي بذكر علم الطب نموذجاً لكيفية اهتمام المسلمين الأوائل بالعلوم التطبيقية (التجريبية)، ولا تسمح مساحة التقرير لعرض باقي العلوم.. ولكل مهتم السعي لمعرفة المزيد.
الطب
كانت للعرب في الجاهلية تجاربهم في الطب، وقد أضافوا إليها ما اكتسبوه من الأمم المجاورة كالفرس والهنود وغيرهم. وقد انتهجوا طريقتين للعلاج أولاهما الكهانة والعرافة، والثانية ما خبروه من عقاقير نباتية إضافة إلى الكي والحجامة والفصد.
وكان الطبُّ الإسلامي معتمِدًا على إرشادات رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وعلى الأعشاب والنباتات الطبية، والكيِّ، والفصد، والحجامة، والختانة، وبعض العمليات الجراحية البسيطة، ولمَّا بدأ الأطباء المسلمون والعرب يتَعَرَّفون على الطبِّ اليوناني عَبْر مدرسة الإسكندرية ومدرسة جُندَيسابور كان اتِّجاههم إلى ترجمة الكتب الطبية إلى اللغة العربية. وفي هذا فقد ترجم ماسرجويه، الطبيب اليهودي الذي يُعدُّ من أبرز المترجِمِين في ذلك العصر، للخليفة مروان بن الحكم (64 - 65هـ) موسوعة طبية يونانية تُسَمَّى (الكُناش).
وقد ازدهر الطبُّ بذلك، وبُنيت المستشفيات، واعتبر بعض المؤرخين للعلوم العلمية أن الخليفة الأُموي الوليد بن عبد الملك (ت 96هـ) هو أول من بنى مستشفًى نموذجياً في الإسلام، وذلك سنة 88 هجرية، وقد زوَّده بالطعام والأدوية والملابس، وعَمَّره بالأطباء والصيادلة، وألحق به صيدلية تحتوي على مختلف أنواع الأدوية من الشراب والمعاجين.
ويمثِّل ظهور خالد بن يزيد أيضاً بدء ظهور علم الكيمياء، وقد تتلمذ خالد في ذلك على الراهب الرومي مريانوس وتعلَّم منه صنعة الطب والكيمياء.
وقد علا شأن الطب في عهد الدولة العباسية بزيادة احتكاك العرب بالأمم الأخرى التي فتحوا بلدانها، واستقدم الخلفاء أفضل الأطباء منهم مثل جورجيس بن بختيشوع وابنه جبريل، ويوحنّا بن ماسويه، وقد اشتهروا بجانب كونهم أطباء بنبوغهم في الترجمة والتأليف. ومع تقدم الزمن ظهر نوع مما يمكن أن نسميه حالياً بالتخصص في تناول فروع الطب المختلفة كالطب الجراحي، وطب العيون، وطب الأطفال وعلم التشريح، والطب النفسي، وما يتبع ذلك من تطور في طرق العلاج وبناء المستشفيات.
طب الجراحة
عرف الطب الجراحي عند الأقدمين من المسلمين بأسماء عدة منها: (عمل اليد، وصناعة اليد، وعلاج الحديد) لما يدخل فيه من استخدام أدوات تصنع من الحديد.
وكان يطلق على من يزاول هذه المهنة اسم "جرائحي "أو "دستكار"؛ وهي كلمة فارسية الأصل أخذت من (دستكاري) وهي ترجمة للكلمة العربية التي تعني عمل اليد، أما الطبيب غير الجراح فكان يطلق عليه "الطبائعي". وعلى الرغم من أن العرب ذكروا أنهم استقوا علمهم في الجراحة من الهند وبلاد فارس، فإن معظم ما نقلوه كان من اليونان، ومن ثم أبدعوا فيه.
وهم أول من فرّق بين الجراحة وغيرها من الموضوعات الطبية، وألزموا الجراح أن يكون ملماً بعلم التشريح ومنافع الأعضاء ومواضعها. وكانوا يؤكدون على حاجة المشتغلين بالطب إلى تشريح الأجسام حية وميتة، وقد شرّحوا القرود كما فعل ابن ماسويه. وكانت معرفة الجراحين المسلمين بكتاب جالينوس المعروف بـ(قاطاجانس في الجراحات والمراهم) أمرًا إلزامياً.
ومن إبداعات العرب في مجال الجراحة أنهم أول من تمكّن من استخراج حصى المثانة لدى النساء عن طريق المهبل، كما توصلوا إلى وصف دقيق لعملية نزف الدم وقالوا بالعامل الوراثي.
وكتبوا عن جراحة الأسنان وتقويمها وجراحة العين. وبرعوا في قدح الماء الأزرق من العين.. وذكروا أكثر من ست طرق لاستخراج هذا الماء من العين منها طريقة الشفط.
وأجروا العمليات الجراحية في القصبة الهوائية، بل إن الزهراوي (ت 427هـ، 1035م) كان أول من نجح في عملية فتح الحنجرة (القصبة الهوائية) وهي العملية التي أجراها على أحد خدمه.
ولعل العرب كانوا من أوائل من أشاروا إلى ما يسمى الآن بجراحة التجميل، وقد بينوا كيفية هذه الجراحة في الشفة والأنف والأذن حينما تطرأ عليها الضخامة من نتوء بارز أو قطع، بحيث تعود هذه الأعضاء إلى حالتها الطبيعية فيرتفع القبح الناشئ عن اللحمة الزائدة.
كما مارس الجراحون المسلمون العمليات الناجحة في البطن، والمجاري البولية، والولادة القيصرية، وتجبير الكسور، والخلع، وعمليات الأنف والأذن والحنجرة، وكانوا يخيطون الجروح خياطة داخلية لا تترك أثراً ظاهراً من الجانب الخارجي.
أدوات الجراحة
إضافة إلى الأدوات التي نقلوها عن الأمم التي سبقتهم، اخترع الجراحون المسلمون آلات جديدة وطوروا تلك التي آلت إليهم من غيرهم. وذكر الكثيرون منهم ـ في ثنايا مؤلفاتهم ـ الأدوات التي استخدمت في عصرهم. ومن هذه المؤلفات، على سبيل المثال، الكتاب الذي صنفه الزهراوي (التصريف لمن عجز عن التأليف)، وابن القُف أبو الفرج بن يعقوب (ت685هـ، 1286م) (عمدة الإصلاح في صناعة الجراح)، وأبو الحسن ابن بطلان (دعوة الأطباء). وقد اكتشفت بعض الآلات الجراحية أثناء الحفريات التي جرت في موقع الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص سنة 21هـ،641م.
واستخدم الجراحون أدوات دقيقة لاستئصال الأورام والناسور أو لقطعها؛ من ذلك (البريد)، وهو أداة كالمسبار تصنع من النحاس الأصفر أو الأبيض أو الرصاص، ويختلف حجمه وشكله باختلاف موضع الورم أو الناسور أو الخراج وحجمه. كما استخدموا المدس وهو آلة كالمرود لجس واستقصاء الأورام. وأنواع المدسات ثلاثة؛ كبير ومتوسط وصغير.. ومما استخدم في جراحة الأورام (المشرط)، وهو آلة تشق بها الأورام، وهي على ثلاثة أنواع كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وهي عريضة ذات طرفين أحدهما حاد يستعان به في شق الورم. وهناك (المكبس المجوف)، وهو آلة تصنع من الفضة أو النحاس مسطحة، ووظيفتها كبس اللسان ليتمكن الجراح من رؤية الحلق وكشف أورامه.. ومن أدوات جراحة الأورام أيضاً (الكاوية)، وتشبه السكين المعوجة النصل، تكوى بها الأورام التي تنشأ في الأرجل كالفخذين والساقين والأقدام. وكذلك (الكاوية المسمارية) وتكوى بها بواسير الشرج والرحم. و(الكاوية الأنبوبية) التي تكوى بها الأضراس فهي ذات أشكال متعددة، و(الكاوية الهلالية) الطرف التي تكوى بها الفتوق.. الخ.
أما في جراحة العيون والأنف والأذن والحنجرة، فقد استخدموا آلات عديدة. ومن ذلك أنهم استخدموا (البريد) وهو آلة شديدة الصلابة لثقب الملتحمة دون التعمق في الثقب، ومن ثم يستخدمون (المقدح) بعد إجراء الثقب. كما استخدموا (القصبة) في رفع جفن العين أثناء العملية..
ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة العظام (البيرم)، وهي تشبه العتلة الصغيرة تصنع من الحديد، وتستخدم لرد العظام المكسورة الناتئة على الجلد وتسويتها. ومنها (خشبة الرأس)، وكانوا يزيلون بها العظم الفاسد.. كما استخدموا نوعاً من المثاقب لثقب العظام بحيث لا يتجاوز عظم القحف إلى الجهة الأخرى، ومن هذه المثاقب الكبير والمتوسط والصغير. ولتسوية خشونة ما يبقى من عظام استخدموا آلة تسمى (المقطع العدسي).
التخدير والإنعاش
لم تقتصر إضافات المسلمين في مجال الطب الجراحي على إجراء عمليات لم يُجر مثلها من قبل، واستحداث أدوات جراحية جديدة فحسب، بل إنهم طوروا ما وصل إليهم من علم التخدير والإنعاش ممن سبقهم، ثم اكتشفوا طرقًا أخرى أضافوها لهذا العلم. إن التخدير العام بالاستنشاق أو بالحقن لم يعرف إلا منذ وقت قريب نحو سنة 1260هـ، 1844م. وما انتقل إلى العرب من محاولات التخدير لا يعدو أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء: السحر والشعوذة - التبريد - إعطاء جرعات من مزيج مخفف للألم عن طريق الفم.
ويعود الفضل إلى المسلمين في اكتشاف (المرقِّد) (المبنج) العام. وهناك من القرائن ما يدل على أن العرب كانوا أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق. وكان ذلك يتم عن طريق الإسفنج المخدر؛ فكانت توضع قطعة من الإسفنج في عصارة من الحشيش والأفيون والزُّؤان، ثم تترك في الشمس لتجف ثم تحفظ. وقبيل بدء العملية تخرج وترطب ثانية، وتوضع فوق أنف المريض وفمه، فتمتص الأنسجة المخاطية المبنجات، فيخلد المريض إلى نوم عميق أثناء إجراء العملية الجراحية. وكان هذا الاكتشاف فتحاً في مجال الطب الجراحي وأكثر رحمةً من المشروبات المسكرة التي استخدمها الهنود والرومان والإغريق، وكانوا يجبرون مرضاهم على تناولها كلما أرادوا تخفيف آلامهم.
طب الأطفال والولادة
وعرف المسلمون الاختصاص الطبي، فكان هناك: الجراح ومجبِّر العظام، وطبيب الأسنان، والحجّام، والفصّاد، والكحّال، والمتخصص في الطب النفسي والعقلي، والبيطري، وأمراض النساء والولادة.
واهتم الأطباء العرب بمراحل حياة الطفل منذ مولده، ولم يختلف تقسيمهم هذا كثيرًا عن تقسيم المحدثين. وتعرضوا لذكر أطوار الجنين في بطن أمه، وكيفية العناية به وقت خروجه إلى الحياة. كما حظي موضوع إرضاع الأطفال بنصيب وافر من العناية، فقد كتبوا فصولاً كثيرة في الخصائص التي ينبغي أن تتوافر في المرضع، ولبنها، وما عليها أن تتبعه من غذاء حتى يظل لبنها مغذياً وصحياً. وتحدثوا عن الأمراض التي تصيب الأطفال، كالإسهال والربو والبول في الفراش، والتشنج، والحَوَل، والقروح، والخراجات، والبثور، والتسنين، والقلاع، وأنواع الديدان، والأعصاب (شلل الأطفال)، والحُمَّيَات بأنواعها، والكزاز، وآلام الأذنين والعينين. ويعتبر كتاب الطبيب العربي أبو الحسن أحمد بن محمد الطبري (ت366هـ، 976م) أقدم مخطوط عربي موجود في طب الأطفال.
وتناول الأطباء المسلمون الأمراض التي تعرض للنساء تناولاً ينم عن سعة اطلاع وعمق استنتاج. فقد تحدّثوا عن اضطرابات الطمث والدورة الشهرية، والآلام المرافقة لذلك، وتشريح الرحم وأمراضه. وكتب الرازي في أمراض النساء والولادة، وضمَّن ابن سينا الجزء الثالث من كتابه (القانون) كلاماً مفصلاً عن أمراض النساء والولادة بما في ذلك مختلف الأمراض التي تعرض للرحم ومسبباتها، والحامل وما يعتريها أثناء الحمل والولادة.
وبحث الأطباء المسلمون أيضًا في الحمل والوضع، وتطور الجنين داخل الرحم بعد الإخصاب، وشكاوى الحمل ومخاطره والتغيرات التي تطرأ على الحامل، ووجوب مكافحة الإمساك بالملينات لا المسهلات، وأنواع الأطعمة التي ينبغي أن تتناولها الحامل، والابتعاد عن اضطرابات المعدة، وبضرورة ممارسة نوع من الرياضة المعتدلة المتمثلة غالبًا في المشي دون إفراط، واجتناب الحركة المفرطة، والوثب، والضرب، ومراعاة الجانب النفسي لديهن "ولا يورد عليهن ما يغمهن ويحزنهن، ويبعد عنهن جميع أسباب الإسقاط وخصوصًا في الشهر الأول... ويجب أن تشتد العناية بمعدتهن". كما شخصوا أعراض ما نسميه الآن بالحمل الكاذب (الرحا). وبينوا الصفات التشريحية المرضية له، فمثلاً يقول ابن سينا: "إنه ربما تعرض للمرأة أحوال تشبه أحوال الحبالى من التباس دم الطمث وتغيير اللون وسقوط الشهوة، وانضمام فم الرحم. ويعرض انتفاخ الثديين وامتلاؤهما وربما عرض تورمهما، وتحس في بطنها بحركة كحركة الجنين وبحجم كحجم الجنين.. وربما عرض طلق ومخاض ولا يكون مع ذلك ولد؛ وربما كان السبب فيه تمددًا وانتفاخًا في عروض الطمث، ولا تضع شيئًا".
الطب النفسي
لم يقتصر الطب عند العرب والمسلمين على العلاج العضوي فحسب، بل تعدّاه إلى العلاج النفسي. وكانوا يرون الوهم والأحداث النفسية من العلل التي تؤثر في البدن.. وقد خصص الأطباء جناحاً في كل مستشفى كبير للأمراض العصبية والعقلية. وأشار الرازي إلى أهمية العامل النفسي في العلاج، وكان أول طبيب يتوصل إلى الأصول النفسية لالتهاب المفاصل الروماتيزمي. وقد فرق بينه وبين مرض النقرس، وقرر أنه مرض جسدي في ظاهره إلا أنه ناشئ عن الاضطرابات النفسية، وأن أكثر من تظهر عليهم هذه الأعراض من أولئك الذين يكظمون الغيط؛ وبتراكمه يتعرضون لهزات نفسية كبيرة. بل إن الرازي رأى أن بعض أنواع سوء الهضم تنشأ عن أسباب نفسية؛ فقد "يكون لسوء الهضم أسباب بخلاف رداءة الكبد والطحال، منها حال الهواء والاستحمام ونقصان الشرب، وكثرة إخراج الدم والجماع والهموم النفسانية. وينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويُرجّيه بها، وإن كان غير واثق بذلك. فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس".
التشريح
كان التشريح عُدّة الطبيب الجراح. وصرّح الأطباء المسلمون أن الجراح ينبغي أن يكون عالماً بالتشريح، ووظائف الأعضاء ومواضعها "ليجتنب في فتح المواد قطع الأعضاء وأطراف العضل والأوتار والألياف". ولا شك أن الجراحين المسلمين اعتمدوا كثيراً في فقههم الجراحي على ما ترجموه من اللغة اليونانية وبخاصة كتاب جالينوس الذي ترجم بعنوان (قاطاجانس في الجراحات والمراهم). وكانت معرفة الجراحين بهذا الكتاب أمراً إلزامياً؛ لأن الطبيب ينبغي أن يكون واعيًا بكيفية فتح البدن والخياطة واستعمال المراهم وعياً كاملاً.
وكان على رأس الاختبارات التي يؤديها الطبيب اختباراً في علم التشريح يسمى (محنة).
فعلى سبيل المثال، يقول الرازي في كتابه (محنة الطبيب): "فأول ما تسأله عن التشريح ومنافع الأعضاء، وهل عنده علم بالقياس وحسن فهم ودراية في معرفة كتب القدماء، فإن لم يكن عنده ذلك، فليس بك حاجة إلى امتحانه في المرضى. وإن كان عالماً بهذه الأشياء، فأكمل امتحانه حينئذ في المرضى".
وقد برع ابن طفيل (ت 581هـ، 1185م) في تشريح الأجسام الميتة والحية، وقد شرَّح ظبية حيّة وشق عن قلبها، وذكر أن الدم الموجود في القلب كالدم الموجود في سائر الجسد، وأنه متى سال من الجسم جمد.
شرَّح الأطباء المسلمون عيون الحيوانات، واكتسبوا من ذلك خبرة. وقد وضع ابن عيسى (رسالة في تشريح العين وأمراضها الظاهرة والباطنة)، ترجمت إلى اللاتينية، وكانت ذات أثر بالغ إبان ما اصطلح عليه في أوروبا القرون الوسطى.
ولم يقْدم الأطباء المسلمون على عمليات تشريح الجسد البشري، ولعل ذلك يعود إلى أسباب دينية أو إنسانية أو اجتماعية. لكن هناك من يقول إن بعضهم قد مارس ذلك سراً، ويُستدل على ذلك بدليلين؛ أولهما أنهم وصفوا أجزاء الجسم البشري ـ كالعين والقلب والكبد ـ وصفاً بالغ الدقة، وثانيهما أنهم خرجوا بآراء تخالف آراء كثير من الأطباء اليونانيين، وبينوا خطأهم في بعض ما ذهبوا إليه.
فعلى سبيل المثال، نجد أن ابن النفيس ينتقد آراء جالينوس في التشريح، وكذلك آراء ابن سينا الذي قال بآراء جالينوس؛ فقد وجد من خلال تشريحه للقلب والحنجرة أن هناك صلة بين التنفس والنبض، أو بين التنفس وانتقال الدم إلى القلب من الرئتين. فأظهر أخطاء جالينوس وابن سينا فيما يختص بتركيب الرئتين ووظيفتهما، وكذلك وظيفة الأوعية الشعرية التي تربط بين الشرايين والأوردة ووظيفة الحويصلات الرئوية والعروق الممتدة بين الرئة والقلب.
ويمكن إيجاز مآثر الأطباء المسلمين وعلى رأسهم ابن النفيس في مجال التشريح فيما يلي:
- اكتشاف الدورة الدموية الصغرى التي تجري في الرئة ويمر الدم خلالها من الشريان الرئوي إلى القلب. وقد يكون هذا الاكتشاف هو الذي مهد الطريق لوليم هارفي ليكتشف الدورة الدموية الكبرى.
- الوقوف على تركيب الرئة والأوعية الشعرية، ووصف الشريان الإكليلي ووصف الدورة الدموية فيه، وإثبات أن للقلب بطينين فقط.
- إثبات عدم وجود أي هواء أو رواسب مع الدم في شرايين الرئتين، مخالفين بذلك رأى جالينوس..
- انتقدوا وصف جالينوس للهيكل العظمي؛ فقد بين عبداللطيف البغدادي (ت 619هـ، 1222م) أن الفك الأسفل قطعة واحدة وليس قطعتين بعد أن فحص أكثر من 2,000 جمجمة بشرية.
- اكتشف ابن القف (ت 685هـ،1286م) عدد الأغشية القلبية ووظيفتها واتجاه فتحاتها لمرور الدم.
- معرفتهم أن الدم يجري إلى الرئتين حيث يتجدد، ويتشبع بالهواء وليس لمدِّهما بالغذاء؛ وهذا ما أكده وليم هارفي فيما بعد.
- البراعة في تشريح العيون وإجراء العمليات فيها، وبيّن ابن سينا أن العضلات "المحركة للمقل ست؛ أربع منها في جوانبها الأربعة فوق وأسفل المآقي"، وقال ابن النفيس: "إن العين آلة للبصر وليست باصرة، ومنفعة هذه الآلة تتم بروح مدرك يأتي من المخ. وهذا ما أثبته العلم حالياً؛ حيث ينقل العصب البصري الصورة إلى الدماغ الذي يقوم بدوره بتفسير المرئيات.
الأمراض والعلاج:
للمرء أن يتخيل القدر الكبير من الأمراض المستوطنة والطارئة في أمة امتدت حدودها من الصين شرقاً إلى الأندلس.
هذا إلى جانب المسمَّيات العديدة للمرض الواحد وذلك باختلاف الأمصار التي حلّ بها المسلمون. فعلى سبيل المثال يذكر ابن العين زربي (ت 548هـ،1153م) في خاتمة مقالته عن (الشقفة ويسمى الآن (الجمرة والخزفة): "اعلم أن هذا المرض الذي شاهدناه يعرض في أكثر البلاد مثل أرض الشام والعراق وخراسان ومصر وأرض المغرب، ويسمونه بالشقفة، وقد يسمونه خزفة، وقد يسمى بأرض المغرب إسفنجة، وإنما هو ورم حار.. يبتدئ صغيراً كالدُّمل... ثم تتفقأ تلك البثور...".
عرَّف الأطباء المسلمون المرض بأنه حالة يكون فيها العضو في الجسم فاشلاً جزئياً أو كلياً عن أداء وظيفته.
وحصروا أسباب الأمراض وأعراضها. ومعظم من صنف منهم في الأمراض العامة وعلاجها، كان يبدأ من أمراض الرأس متنقلاً عبر الجسم حتى يصل القدم.
أما الذين كتبوا كتابات تخصصية فكانوا يكتبون إما عن مرض بعينه وكيفية علاجه، أو عما يصيب عضواً معيناً في الجسم كالأمراض التي تصيب الرأس، والتي تعرض للعين أو الأذن أو البطن... إلخ.
البيمارستانات (المستشفيات)
كان يطلق عليها "البيمارستانات"، وكانت أحد المظاهر المهمة لتقدم الرعاية الطبية لدى المسلمين..وقد عرف العالم الإسلامي هذه المستشفيات منذ عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وبالتحديد إبان غزوة الخندق (5هـ، 627م)؛ عندما أمر بضرب خيمة متنقلة للصحابية رفيدة بنت سعد الأسلمية، وكانت أول مستشفى حربياً متنقلاً لتطبيب الجرحى.
وعرف المسلمون نوعين من البيمارستانات: المتنقلة والثابتة. وكانت المتنقلة منها أسبق، وكانت تنقل من مكان إلى آخر في ضوء الحاجة إليها كانتشار الأوبئة أو بسبب الحروب كما حدث في غزوة الخندق. وكانت هذه البيمارستانات تجهز بمعظم مستلزمات المستشفى الثابت من حيث الأدوات والعقاقير والطعام والشراب والأطباء، وكانت تنقل من منطقة إلى أخرى حيث لا توجد بيمارستانات ثابتة. وبتطور شكل الدولة صارت تصحب الملوك والأمراء في رحلاتهم للقنص والحج وخلافهما. وبلغت ضخامة بعض هذه البيمارستانات أن كانت تحملها قافلة من الإبل مكونة من 40 جملاً.
وكان السلطان الظاهر برقوق (ت 801هـ، 1398م) يصطحب مستشفى محمولاً كبيراً جداً. وظهرت فكرة المستشفيات المتنقلة بشكلها المنتظم في العهد العباسي، ففي عهد الخليفة المقتدر تأسس أول مستشفى مدني متنقل ليعالج المرضى في شتى مناطق الخلافة.
أما المستشفيات الثابتة بشكلها المكتمل فقد عرفت لأول مرة في عهد الوليد بن عبدالملك (88هـ، 706م)، وجعل فيها الأطباء وأجرى لهم الأرزاق، وأمر ببناء مستشفى لمعالجة المجذومين وحبسهم حتى لا يمدوا أيديهم بالسؤال، وخصص لكل ضرير دليلاً ولكل مُقعد خادماً.
وباتساع رقعة الدولة الإسلامية كثرت البيمارستانات الثابتة لاسيما في المدن الكبرى مثل بيمارستان هارون الرشيد في بغداد، وكان يرأسه ماسويه الخوزي، من أطباء بيمارستان جنديسابور.
وكان بها أيضاً بيمارستان البرامكة، وكان يقوم بالطبابة فيه ابن دهني، وبيمارستان ابن طولون، وهو أول مستشفى من نوعه في مصر، وكان ممنوعاً فيه علاج الجنود والمماليك، وكان أحمد بن طولون يشرف بنفسه عليه ويزوره كل يوم جمعة.
ومن أهم البيمارستانات التي أنشئت في مصر: زقاق القناديل، العتيق، القشايش، السقطيين، الناصري، الإسكندرية، الكبير المنصوري، والمؤيدي. ومن أهمها في الشام البيمارستان النوري الكبير، والقيمري، وآراغون، وأنطاكية، وحماة، والقدس، وعكا.
وازداد عدد هذه البيمارستانات في عهد الأيوبيين والمماليك خاصة في الشام والعراق. ويعود ذلك إلى الظروف التي طرأت بسبب الحروب الصليبية، ولم تخل بلدة آنذاك من مستشفى متنقل أو ثابت.
وكانت البيمارستانات تقسم إلى قسمين منفصلين؛ أحدهما للذكور والآخر للإناث. وكان كل قسم مجهزاً بما يحتاج إليه من آلات وخدم ومشرفين من الرجال والنساء. وينقسم كل قسم من هذين القسمين إلى قاعات تخصصية، فهناك قاعة للأمراض العقلية، وقاعة للأمراض الباطنية، وقاعة للجراحة، وقاعة للكحالة، وقاعة لتجبير العظام وقاعة للبرص. وكانت كل قاعة مقسمة بدورها لتخصصات أدق، فقاعة الأمراض الباطنية، على سبيل المثال، بها قسم للحُمَّيَات، وقسم للمبرودين (المتخومين)، وقسم للإسهال… وهكذا.
وكانت هذه البيمارستانات فسيحة جيدة البناء وباحاتها الداخلية واسعة، وكانت تعتمد على الأوقاف في نفقاتها؛ سواء ما ينفق على المرضى أو الأطباء أو الطلاب. وكانوا يسجلون هذه الأوقاف في حجج مكتوبة ينقشونها على حجارة للتأكيد على توثيقها. وكان الماء فيها جارياً بصورة مستمرة، ولكل بيمارستان رئيس يطلق عليه "ساعور البيمارستان"، ولكلّ قسم رئيس.
ومن الوظائف المهمة في البيمارستان رئيس الأطباء، ويرأس مجموعة الأطباء، ويأذن لهم بالتطبيب، ويحدد لهم مواعيد تناوب العمل، ويحدد لكل طبيب موعدًا معلومًا لزيارة القاعة التي يعالج فيها مرضاه.
وتأتي بعد وظيفة رئيس الأطباء وظيفة رئيس التخصص؛ كرئيس الكحالين الذي يرأس أطباء العيون وسلطته عليهم كسلطة رئيس الأطباء، ورئيس الجرائحية الذي يرأس الجراحين ومجبري العظام.
وكان هؤلاء الأطباء مقدمين، يكرمهم الخلفاء والأمراء والوجهاء ويغدقون عليهم، ولم يمنع هذا الإكرام الكثيرين من العمل في البيمارستانات احتساباً لوجه الله.
وألحقت بكل مستشفى (شرابخانة) (صيدلية)، سميت في عصور لاحقة (أجزخانة).. ولها رئيس يسمى "المهتار"، أي الشيخ الصيدلي، يساعده غلمان يطلق على كل واحد منهم "شراب دار". وكان لكل بيمارستان ناظر يشرف على الإدارة.
إلى جانب الصيدلية الملحقة بالبيمارستان، كان لكل بيمارستان حمام عام ومكتبة، ومكان يخصص لرئيس الأطباء يقوم فيه بإلقاء الدروس على الطلاب. وكانت هذه البيمارستانات تستقبل المرضى من مختلف الأجناس والطبقات من الذكور والإناث، من المسلمين وغيرهم، وتوفِّر للمريض إقامة كاملة تتضمن المأوى والطعام إلى جانب الرعاية الطبية دون مقابل.
والمتَّبع في هذه البيمارستانات أنه بمجرد السماح للمريض بالدخول، تنزع ثيابه وتحفظ في مكان خاص إلى أن يخرج معافى، ثم يمنح ثياباً أخرى نظيفة، ويظل فيه إلى أن يبرأ تماماً.
بعد ذلك يُعطى صدقة البيمارستان كثوب وبعض المال، حتى يخلد إلى الراحة في فترة النقاهة ولا يضطر للعمل.
وكانت البيمارستانات بمثابة مستشفيات تعليمية، يتلقّى فيها طلاب الطب علومهم.
فبعد أن يتفقد الطبيب مرضاه ومعه طلابه، يأتي إلى إيوان خاص مزوّد بكل الآلات والكتب ثم يلقي عليهم دروسه أو يناقش معهم بعض الحالات التي وقفوا عليها. وكان بعض كبار الأطباء يجعل له مجلساً عاماً في منزله أو في المدارس الخاصة لتدريس الأطباء الجدد.
أما اختيار مواقع هذه المستشفيات فكان يتم بعد البحث والتقصي لتشييدها في أكثر الأماكن ملاءمة من حيث المناخ.
فيُذكر أن عضد الدولة لما طلب من الرازي اختيار موضع يقيم عليه (البيمارستان العضدي) في بغداد، أمر الرازي أن تعلّق قطع من اللحم في وقت واحد في أماكن مختلفة من المدينة؛ فأيها أسرع إليه الفساد تركوه لسوء هوائه.
البيمارستان |
المؤسس |
أهم أطبائه |
موقعه |
الرشيد |
هارون الرشيد |
جبريل بن بختيشوع |
بغداد |
السيدة أم المقتدر |
سنان بن ثابت 321هـ، 933م |
يوسف بن يحيى المنجم |
سوق يحيى ـ بغداد |
المقتدري |
المقتدر بالله 306هـ، 918م |
يوسف الواسطي |
باب الشام ـ بغداد |
ابن الفرات |
أبو الحسن علي بن الفرات |
- |
بغداد |
واسط |
مؤيد الملك الحسن الرخّجي 413هـ، 1022م |
- |
بغداد |
الموصل |
مجاهد الدين قيماز 572هـ، 1176م |
- |
دجلة ـ بغداد |
العتيق |
أحمد بن طولون 261هـ، 874م |
- |
مصر |
الأسفل |
الأخشيد 346هـ، 957م |
- |
الفسطاط ـ مصر |
الناصري |
صلاح الدين الأيوبي 567هـ، 1171م |
ابن موسى بن ميمون |
القصر الفاطمي ـ القاهرة |
الإسكندرية |
صلاح الدين الأيوبي |
- |
الإسكندرية |
المنصوري الكبير |
علم الدين سنجر الشجاعي 683هـ، 1284م |
أحمد بن يوسف بن هلال |
القاهرة |
المؤيدي |
الملك المؤيد 823هـ، 1420م |
- |
باب زويلة ـ مصر |
الكبير النوري |
نور الدين زنكي 580هـ، 1184م |
أبو المجد بن أبي الحكم الباهلي |
دمشق |
النوري |
نور الدين زنكي |
المختار بن بطلان |
حلب |
القدس |
صلاح الدين الأيوبي |
يعقوب بن صقلاب المقدسي |
فلسطين |
عكا |
صلاح الدين الأيوبي |
- |
فلسطين |
الصالحية |
سيف الدين الكندي |
- |
قاسيون ـ دمشق |
غزة |
علم الدين سنجر الجاولي 730هـ، 1329م |
- |
فلسطين |
مكة |
المستنصر العباسي 628هـ، 1230م |
- |
شمال المسجد الحرام |
المدينة |
الظاهر بيبرس 663هـ، 1264م |
محي الدين بن تمام |
المدينة المنورة |
المدرسة الشفائية |
كيكاوس السلجوقي ابن أرسلان 614هـ، 1217م |
- |
سيواس ـ بلاد الروم |
محمد الفاتح |
محمد الفاتح 905هـ، 1499م |
- |
القسطنطينية |
السلطان سلي |
السلطان سليم 970هـ، 1562م |
- |
القسطنطينية |
أدرنه |
بايزيد الثاني 890هـ، 1485م |
شهاب الدين يوسف |
تركيا |
مراكش |
المنصور أبو يوسف 580هـ، 1184م |
أبو إسحاق الداني |
مراكش |
سيدي فرج |
أبو يعقوب يوسف بن عبدالحق 685هـ، 1286م |
فرج الخزرجي |
فاس |
غرناطة |
محمد الخامس 767هـ، 1365م |
- |
الأندلس |
من أشهر الأطباء المسلمين وأهم مؤلفاتهم
الطبيب |
تاريخ وفاته |
أهم مؤلفاته |
أبو الحسن علي بن سهل الطبري |
بعد سنة 236هـ، 850م |
فردوس الحكمة. |
جبرائيل بن يختيشوع |
218هـ، 833م |
رسالة في المطعم والمشرب، كتاب في الباه، رسالة مختصرة في الطب. |
يوحنا بن ماسويه |
243هـ، 857م |
البرهان، البصيرة، الفصد والحجامة، الحميات. |
الرازي |
311هـ، 923م |
الحاوي، المنصوري، رسالة الجدري والحصبة، كتاب الحصى في الكلى والمثانة، كتاب من لا يحضره الطبيب. |
يعقوب بن إسحاق، الكندي |
260هـ، 873م |
الأدوية المشفية من الروائح المؤذية، علة الجذام وأشفيته، عضة الكلب، وجع المعدة والنقرس، أقسام الحميات. |
عيسى بن علي |
نحو 270هـ، 883م |
المنافع التي تستفاد من أعضاء الحيوان، كتاب السموم. |
أبو العباس السرخسي |
286هـ، 899م |
المدخل إلى صناعة الطب، |
أبو الحسن ثابت بن قرة الصابئي |
288هـ، 900م |
النبض، وجع المفاصل والنقرس، الذخيرة في علم الطب. |
أبو نصر عبدوس |
289هـ، 901م |
التذكرة في الطب. |
أبو علي خلف الطولوني |
بعد سنة 300هـ، 912م |
النهاية والكفاية في تركيب العينين. |
إسحاق بن عمران |
بعد سنة 320هـ، 932م |
نزهة النفس، المالنخوليا، الاستسقاء، علل القولنج، الأدوية المفردة. |
ابن الجزار أبو جعفر |
نحو 320هـ، 932م |
زاد المسافر، الأدوية المفردة، الأدوية المركبة، المعدة: أمراضها ومداواته، طب الفقراء، البلغة في حفظ الصحة. |
أبو الفرج علي بن هندو |
نحو 330هـ، 941م |
مفتاح الطب. |
أبو الحسن بن بختويه |
بعد سنة 420هـ، 1029م |
كنز الأطباء؛ الزهد في الطب، الفصد إلى معرفة القصد. |
أبو القاسم الزهراوي |
427هـ، 1035م |
الزهراوي، التصريف لمن عجز عن التأليف. |
ابن سينا |
428هـ، 1036م |
القانون في الطب. |
أبو الحسن علي بن رضوان |
453هـ، 1061م |
شرح كتاب الفرق لجالينوس، الأصول في الطب، علاج الجذام، الأورام. |
أبو القاسم النيسابوري |
بعد سنة 460هـ، 1067م |
منافع الأعضاء، شرح كتاب المسائل في الطب لحنين ابن إسحاق، شرح كتاب الفصول لأبقراط. |
الفضل بن جرير التكريتي |
بعد سنة 472هـ، 1079م |
أسماء الأمراض واشتقاقاتها. |
أبو البركات بن ملكا البلدي |
561هـ، 1165م |
اختصار التشريح. |
فخر الدين الرازي |
606هـ، 1209م |
التشريح من الرأس إلى الحلق، الأشربة، مسائل في الطب. |
الخلاطي مهذب الدين البغدادي |
610هـ، 1213م |
المختار في الطب، الطب الجمالي. |
موفق الدين عبداللطيف البغدادي |
629هـ، 1231م |
آلات التنفس، مقالة في شفاء الضّد بالضِّدّ، الكفاية في التشريح. |
شرف الدين أبو الحسن الرحبي |
667هـ، 1268م |
خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها. |
رشيد الدين أبو الوحش أبو حليقة |
بعد سنة 667هـ، 1268م |
الأمراض وأسبابها وعلاماتها، مقالة في ضرورة الموت، مقالة في حفظ الصحة. |
الخلاصة
لا ريب أن أول أسباب سقوط المسلمين ودخولهم نفق الجهل الدنيوي المظلم هو ابتعادهم عن مصدر النور الذي أضاء لهم طريق الحياة وجعل إعمار الأرض جزءاً من الشرع..
ثم قعودهم عن العمل بأسباب الدنيا المادية الممكنة لإعمار الأرض.. فعندما حرّف الغرب دينه ثم تخلى عنه بعد ذلك نهض نحو البديل ألا وهو النظر في الأسباب المادية في سبيل عيش أفضل وحباً في المعرفة والعلم رغم أن دينهم لا يشجع على ذلك..وقد نجحوا في شق طريقهم العلمي ضمن سنن الله الكونية الآخذة بالأسباب.
لكن الغرب عندما بنى علمه الدنيوي وحضارته المادية المتطورة انحرف عن المسار الصحيح في كثير من مجالات العلوم المادية؛ مما أدى إلى نتائج سلبية أضرت بالحياة على هذه الأرض؛ وذلك لأنهم ركنوا إلى الجانب المادي فقط واستسلموا لأطماع النفس البشرية، وافتقدوا منهجاً ربانياً يوجه مسار العمل الدنيوي بما يخدم مصالح الناس دون إفساد، فتتحقق عملية إعمار الأرض بصورتها الصحيحة.
وفي الإسلام كل ما يحتاجه الناس في أمور حياتهم وسعادتهم وسلامة عيشهم وعيش كل مخلوق على وجه هذه الأرض.. ولكن تبقى المشكلة في خمول أبناء الإسلام وقعودهم عما أمر الله به دينا ودنيا.. وبالتالي لن تعرف الأمم الأخرى ما في ديننا وتبقى دائرة الانحراف البشري تدور حتى تعود أمة الإسلام إلى منهج الله عالمة بما فيه عاملة بما جاء به.
المصادر
- (موسوعة الحضارة العربية الإسلامية) – الطبعة الأولى 1995م.
- الموسوعة العربية الشاملة.
- موقع قصة الإسلام.
- موقع شبكة المحمل الأدبية.
- ويكيبيديا.
المصدر: http://www.awda-dawa.com/Pages/Articles/Default.aspx?id=975