دور الإعلام الغربي في تشويه صورة الإسلام والمسلمين

دور الإعلام الغربي في تشويه صورة الإسلام والمسلمين

أحمد الشجاع

 

خطان تسير عليهما جهود التشويه ضد الإسلام والمسلمين:

الخط الأول سار عليه فريقان من المنتمين للإسلام، الفريق الأول هم الذين يسيئون للإسلام والمسلمين بأخذهم ثقافات الأمم الأخرى بديلاً عن الثقافة الإسلامية الصافية.. وترويجهم لتلك الثقافات خصوصاً الغربية منها، إما عمداً في التشويه أو اغتراراً بما لدى الآخر أو جهلاً بثقافة الإسلام.

الفريق الثاني هم الذين رفعوا شعار الإسلام لكن فقدوا النظر الصحيح والقويم في مقاصد الإسلام.. وكانوا طرفي نقيض بين إفراط وتفريط؛ فأساؤوا إلى دينهم عن غير قصد، وغلب سوء السلوك على "حسن النية" في أحسن الأحوال..

الخط الثاني سار عليه أعداء الإسلام والجاهلون به من أبناء غير المسلمين..ويمثل الإعلام – في عصرنا الحاضر- أهم وسائل الحرب ضد الإسلام والمسلمين..

وهذا هو محور تقريرنا اليوم.. في محاولة لرصد جوانب التشويه الإعلامي الغربي ضد الإسلام والمسلمين من عرض لبعض الدراسات والتقارير المعنية بهذا الأمر..والحديث عن وسائل الإعلام هنا يشمل كل الوسائل العصرية التي تقوم بنشر الفكر والثقافة ومن ذلك السينما والكتب والانترنت..

وللعلم فإن العالم الإسلامي والعربي منه بالذات مستهدف بشكل كبير من قبل وسائل الإعلام العالمية، فقد أورد أستاذ المذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود الدكتور فهد بن عبد العزيز السنيدي - خلال محاضرة له في إدارة التربية والتعليم بنجران في أبريل الماضي- بعض الإحصاءات عن عدد الفضائيات الموجهة للمشاهد العربي، مستنداً إلى تقرير من الاستخبارات الأمريكية (CIA) التي أشارت إلى وجود 13 ألف قناة في العالم، منها 7500 قناة مشفرة، و5500 مجانية، وفي العالم العربي 696 قناة تبث من 17 قمراً صناعياً، يشاهدها أكثر من 150 مليون مشاهد للقنوات المفتوحة، بينما 42 مليون للمشفرة، وبيّن أنه من ضمن القنوات الموجهة لنا 112 قناة فاضحة باللهجات العربية.

خطر الإعلام الغربي على عقيدة المسلم

في البداية يرى الدكتور جعفر شيخ إدريس أن الإعلام الغربي نادراً ما يتعرض للمسائل الدينية بطريقة مباشرة.. لكن له تأثير كبير؛ "لأنه ليس من شرط التأثير أن يكون مباشراً، بل إن التأثير غير المباشر قد يكون أعظم من التأثير المباشر.. وهو في غالبه تأثير سيء، وإن كان لا يخلو من بعض التأثيرات الحسنة. ونعني بالتأثير غير المباشر هنا تلك المعتقدات العلمانية الإلحادية المادية الشائعة في الغرب والتي تفترض صحتها والتي تكمن لذلك وراء تفسيراتهم للحوادث الطبيعية والاجتماعية والنفسية، وإن كان لا يصرح بها إلا نادراً".

وقسم الدكتور هذا التأثير في قسمين، على اعتبار أن هذا التأثير يجد طريقه إلى عقول المسلمين وتصوراتهم، وفي ما يلي ملخص هذين التأثيرين:

التأثير السلبي

- من التأثيرات الشديدة الخفاء البالغة الضرر الاعتقاد السائد بين كثير من علماء الطبيعة والاجتماع، وبالتالي بين عامة المفكرين والصحفيين والمحللين في الغرب، أن التفسير العلمي للحوادث سواء كانت طبيعية أو اجتماعية هو ذلك التفسير القائم على افتراض أن هذا الكون مكتف بنفسه، وأن تفسير حوادثه ينبغي لذلك أن يكون من داخله، أعني أن الظواهر يجب أن تفسر بظواهر أخرى، وأن كل تفسير لشيء من حوادث الكون بإرجاعها إلى سبب خارج عنه هو تفسير خرافي غير علمي. 

هذا هو المبدأ المفترض، لكنه لا يقرر بهذه الطريقة الصريحة التي ذكرتها، وإنما يفترض افتراضاً، وقد يفترضه ويلتزم به حتى من لم يفكر فيه من العلماء الطبيعيين وسائر المفكرين، والصحافيين. من مظاهر افتراضهم له أنهم يقفون في تفسيرهم للحوادث عند أسبابها الدنيوية ظاهرة كانت أم خفية, ولا يتجاوزونها. وما ذلك للاعتقاد بأنها هي الأسباب الحقيقية الكافية.

لكن المسلم مع اعتقاده بفاعلية الأسباب الطبيعية أو الاجتماعية أو النفسية، لا يقف عند حدودها، بل يذكر نفسه بأنها إنما صارت أسباباً بجعل الله لها أسباباً، وأن الفاعل الحقيقي إنما هو الخالق سبحانه.

وهذا المبدأ الإلحادي قليلاً ما يصرح به، والتزامه في الواقع قد لا يبدو فيه ما يخالف عقيدة المسلم، ما دام المسلم معترفاً بتأثير الأسباب المخلوقة وفاعليتها. لكن الأمر في الحقيقة ليس كذلك، إن المتلقي إذا كان لا يسمع لله ذكراً أبداً في كل ما يخبر آبه من حوادث طبيعية واجتماعية يوشك أن يتأثر بذلك المبدأ فينسى هو الآخر ذكر الله تعالى، وينحو نحو أصحابه في تفسيره للحوادث، فلا تكون له فيها عبرة.

  - المبدأ الغربي الثاني: الذي له أيضاً أثر سيئ، وبدأ ينتشر حتى بين المسلمين في العالم الإسلامي بسبب التأثر بالثقافة الغربية التي تنقل عن طريق وسائل الإعلام، هو مبدأ النسبية. أي نسبية الحقائق، والقيم.

لقد أصبح من المسلمات عند كثير من الناس في الغرب أنه لا توجد حقيقة مطلقة، ولا قيمة مطلقة، وإنما الحقائق والقيم نسبية، أي إنها منسوبة وتابعة  لزمانها أو مكانها أو الحضارة والثقافة التي ظهرت فيها، وهكذا.. فما قاله الناس في العصر الفلاني، أو اعتقدوه في المكان الفلاني، أو رأوه حسناً في الحضارة الفلانية، كل هذا صحيح أو معقول بالنسبة لهم وإن كنا نراه نحن في ظروفنا أو زماننا أو حضارتنا على غير ما رأوه. وما دام الأمر كذلك فليس من حق أحد أن يقول إن فهمه لنص من النصوص هو الفهم الصحيح أو إن فهم خصمه خطأ. وأننا ينبغي لذلك أن نكون سلفيين في فهمنا للنصوص، فللسلف زمانهم ولنا زماننا، ولهم ظروفهم ولنا ظروفنا. بل - الكلام للدكتور جعفر - قد رأيت بعضهم غلا في هذا الأمر حتى قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يفسر القرآن لعصرنا لأنه لا يعرفه.

- الاعتقاد في المفهوم السلبي للحرية.. وهذا يكثر ترداده والتصريح به، والدعوة إليه، والتفاخر به، في كل أجهزة الإعلام. وقد أثر لذلك في الناس تأثيراً بالغاً حتى صار من المسلمات حتى عند كثير من المسلمين. إن الحرية بمعنى أن الله تعالى أعطى الإنسان المقدرة على الاختيار كما أعطاه المقدرة على العمل، أمر لا شك فيه، بل ربما كان هو مما يتميز به الإنسان..

المفهوم السلبي للحرية يجعلها غاية في ذاتها، بمعنى أن كرامة الإنسان تزداد بازدياد استقلاله في اتخاذ قراره، أياً كان ذلك القرار. أي إن العبرة في الاختيار لا فيما يختار. وعليه فكلما مكن الإنسان من أن يفعل ما يشاء كان هذا أكرم له وأكثر تحقيقاً لإنسانيته. هذا المفهوم السلبي للحرية مفهوم قديم وإن تزين بزيٍ حديث. إنه المفهوم المرتبط بالاستكبار والكفر. وهو المفهوم الذي لجأ إليه قوم شعيب في احتجاجهم على أمره لهم بعبادة الله وعدم الظلم في المعاملات المالية: [قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء]، وهو المفهوم الذي ذمه الله تعالى في قوله [أيحسب الإنسان أن يترك سدى؟] أي لا يؤمر ولا ينهى.

- في الإعلام الغربي هجوم على المسلمين ولاسيما العرب، هجوم قال عنه إدوارد سعيد إنه من النوع الذي لم يعد مقبولاً في الغرب حين يُوجه لليهود أو السود أو الآسيويين أو الأفارقة. يتهم العرب بعدم الأصالة وبالمحافظة وبعدم المقدرة على التحضر، وبالإرهاب، بل وبالتواكل وبالقذارة، ثم يقال إن سبب هذا كله هو الإسلام..

- الإعلام الغربي مليء بإثارة الشهوات الجنسية بكل نوع من صور الإثارة، بالكلمة والصورة، بالشعر والقصة، بأخبار المنحرفين وبنشر الفضائح. قد يقال لكن ما علاقة هذا بالعقيدة التي هي موضوع بحثنا؟.. إن الإنسان قد يقع في المعاصي الجنسية ويظل مع ذلك محتفظاً بإيمانه وصفاء عقيدته. لكن هنالك صلة بين الشهوات والشبهات كما نبهنا إلى ذلك علماء السلف. فالذي يكثر ضعفه أمام الشهوات يضعف قلبه، فيكون مهيأ للتأثر بالشبهات المتعلقة بالعقيدة..

الآثار الحسنة

هنا ذكر الدكتور جعفر بعض التأثيرات الإيجابية للإعلام الغربي تتمثل بنشر الكشوفات العلمية والتقدم في العلوم الطبيعية..

وكذلك تذكير العقلاء من المفكرين الغربيين، وإعلانهم أنه قد صاحب بُعدهم عن القيم الدينية تدهور في الحياة الخلقية؛ فالمخدرات والإباحية الجنسية، تزداد انتشاراً حتى بين الصغار من طلاب المدارس، ويزداد معها اللجوء إلى العنف والقسوة. وقد اعتبر بعض المسلمين بهذا فرجعوا إلى دينهم بعد أن كانوا قد بعدوا عنه.. بل إن كثيراً من الآباء والأمهات في أمريكا صاروا يفرحون بإسلام أبنائهم وبناتهم حين يرون التغيير الذي طرأ عليهم. لقد صار الغرب هي هذا المجال عبرة لكل عاقل معتبر.

كما أتاح الانترنت للمسلمين فرصة لم تتح لهم من قبل في وسائل الإعلام الأخرى لتعريف الغربيين بالإسلام وللرد على الشبهات التي تثار حوله، ولتكون منبراً مفتوحا للحوار بين المسلمين أنفسهم وللرد على أسئلة السائلين منهم ومن غيرهم.

إضافة إلى ما ذكره الشيخ جعفر ثمة إيجابية أخرى هي نشر فضائح وكوارث السياسات الغربية وممارساتها القبيحة ضد المسلمين وبلدانهم كجرائم الاحتلال الغربي في العراق وأفغانستان.

وآخر تلك الفضائح الوثائق السرية التي نشرها موقع (ويكليكس) – في 25يوليو 2010م- وبلغ عددها حوالي 92 ألف وثيقة سرية، كلها تتحدث عن فشل الحرب في أفغانستان وجرائم الاحتلال هناك. وقد أحدثت هذه الوثائق دوياً وضجة عالمية واسعة.

وقد قال مسؤول كبير في موقع (ويكيليكس) - في مقابلة مع صحيفة (فرانكفورت روند شاو) الألمانية نشرتها يوم 27 يوليو 2010م - إن نشر الموقع آلاف الوثائق السرية حول سنوات الحرب الدائرة في أفغانستان، سيسلط المزيد من الأضواء على العنف المفرط والمعاناة اليومية التي خلفتها الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عند جبال الهندوكوش.

وتوقع مسؤول الموقع أن تحدث الوثائق المنشورة تغيراً جذرياً في مواقف الرأي العام - في المجتمعات الغربية وأصحاب التأثير السياسي والدبلوماسي فيها - من الحرب الأمريكية بأفغانستان.

وقال إن حجم المعلومات الضخم الذي كشفت عنه الوثائق سيجعل كل ما قيل ونشر حول حرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان بلا قيمة، ويهيل عليه ركام النسيان.

وصنف المسؤول معلومات الوثائق السرية "كأدق تفاصيل تُكشف حول حربٍ أو نزاعٍ مسلحٍ عبر التاريخ"، ووصف الوثائق السرية بالتسرب الأكبر - من الاستخبارات والجيوش - عبر كل العصور، حسب ما جاء في موقع (الجزيرة نت).

لكن يبقى السؤال حول حجم الفرق بين التأثير السلبي والتأثير الإيجابي الذي يحدثه الإعلام الغربي في المسلمين.

طريق الثقافة والإعلام لبسط الهيمنة الأمريكية

بعد الحديث عن تأثير الإعلام الغربي على عقيدة المسلم نتطرق الآن لجوانب أخرى من التأثير والتخطيط الغربي المستهدف للعرب والمسلمين، ومن ذلك استخدام الإعلام وسيلة من وسائل الاستعمار الحديث..

مثال ذلك التقرير الذي أصدرته مؤسسة (راند) – في عام 2008م- تحت عنوان (العقبات التي تواجه انتشار الأعمال الإبداعية في العالم العربي)، وقدمته لمكتب السياسات الدفاعية التابع لوزارة الدفاع الأمريكية.

ويأتي التقرير في سياق فشل الحرب الأمريكية على ما يسمى "الإرهاب" التي اندلعت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، من أجل العمل على التأثير على دول الشرق الأوسط بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص من ناحية الثقافة وصناعة الأفكار والتوجيهات الدعائية.

التقرير – كما  يقول صالح سليمان عبد العظيم في (الجزيرة نت) - عبارة عن مخطط إستراتيجي مُوجه لوزارة الدفاع الأمريكية من أجل توسيع النفوذ الأمريكي في المنطقة عن طريق الثقافة والدعاية الإعلامية الموجهة والممولة "من خلال نشر وإنتاج الأعمال الإبداعية بمعناها الأدبي والنقدي والفني والجمالي الواسع، والعمل على الالتفاف على الحكومات العربية المهيمنة من ناحية، ومواجهة وإضعاف ما أسماه التقرير بالتيارات "الأصولية المتطرفة" من ناحية أخرى".

ويهدف التقرير إلى:

- السعي للنفاذ إلى جوهر المنطقة عن طريق مثقفيها..

- التوجه نحو الفئات والشرائح السكانية الأخرى الأقل تعليماً والتأثير عليها من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة التي تُروج للأعمال الإبداعية البناءة والأكثر تأثيراً..

- التعرف على الأسباب الكامنة وراء ضعف إنتاج ونشر الأعمال الإبداعية التي يمكن أن تحرض على التفكير والجدل النقديين وتقويض رؤى "المتطرفين"..

آليات الإعلام الغربي لتشويه الإسلام:

وللإعلام الغربي وسائله في تشويه الإسلام لخص بعضها الدكتور سيد عيسى محمد في مجموعة نقاط منها:

- المناهج التعليمية الغربية:

حيث أثبتت عدة دراسات عن صورة العرب والمسلمين في المناهج التعليمية الغربية على أن العربي رجل همجي بدائي لا يقترن بوسائل التمدن والتحضر، كما تعطى للتاريخ الإسلامي صورة خاطئة، وتصور الحروب الصليبية على أنها كانت صراع بين الخير المتمثل في الغرب والشر المتمثل في الشرق؛ مما دفع الطلاب المسلمين في فرنسا للاحتجاج على تلك المناهج الدراسية التي تنشر أفكاراً مغايرة للحقيقة ومنافية للصدق.

- كتب الأدب والقصص:

وفيها تركيز على وصف العربي المسلم بالسذاجة والبلاهة، والإساءة للإسلام وللمرأة العربية والرجل العربي، ومن أمثلة ذلك (قصة الفارس المسافر) للكاتب نيكولاس لورد، وقصة (باروخ نادل)، و(تحطمت الطائرة عند الفجر)، وكتاب (الرحالة العرب) لمؤ لفه توماس كيرنان، الذي يدلل فيه المؤلف على سفه العرب.

ويحتوى أدب الأطفال والموسوعات والمعاجم الخاصة بالطفل والمجلات المصورة أفكاراً مسممة عن العرب والمسلمين، والإساءة للإسلام، ومن أمثلة ذلك سلسلة الكتب المسماة (حقيبة طبيب الغابة) تأليف بول هوايت بالإضافة إلى رجال الأدب والفكر مثل الشاعر كبلنج الذي دون أشعاره وكان منها (أن الشرق شرق والغرب غرب ولن يتلقيا) والكاتب صموئيل هنتجتون بترويج نظريته (صراع الحضارات).

- السينما وأفلام الكرتون:

أثبتت إحدى الدراسات الرائدة للكاتب جاك شاهين الحال المتردية التي وصلت إليها صورة العرب في السينما الأمريكية، فالدراسة - التي استغرق إعدادها عشرين عاماً وصدرت في كتاب عنوانه (العرب الأشرار في السينما) - تلقي الضوء على الأساليب الأمريكية لتشويه صورة العرب والمسلمين في أغلب أفلام القرن الماضي.

وكشفت الدراسة أن صورة العربي فى أفلام هوليوود تتراوح بين كونه أعرابياً من البدو الرحل وبجواره ناقة وخيمة، وكونه ذلك الشخص المنغمس في اللهو والملذات وشرب الخمر، أو الشخص المتجرد من الحضارة وآداب السلوك في الطريق العام وفى معاملة الآخرين وفى اتباع آداب الطعام والنظافة، أو صورة المسلم المتطرف ثم الإرهابي المجرم مختطف الطائرات ومفجر المباني وقاتل الأبرياء، كما أنه في رأى هيوليود المهووس جنيساً، مالك الجواري الذي يعيش في حالة عداء متواصل للعلم والتقدم والحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان. 

إساءة الصحافة الألمانية للإسلام

أعد الدكتور خالد حاجي قراءة حول التحول السلبي تجاه الإسلام لدى الصحافة الألمانية، واختار مجلة (دير شبيغل) الأكثر شهرة وتأثيراً في الساحة الإعلامية نموذجاً لهذا التحول، مستعرضاً ما جاء في أحد أعدادها الصادر عام 2008م (العدد 52).

وكان القرآن الكريم محور العدد وموضوع غلافه بعنوان: (القرآن: أقوى كتاب في العالم).

ويعتبر هذا العدد مؤشراً مهما على التحولات الحاصلة في مجال الإعلام بخصوص "سؤال الإسلام" وقضايا المسلمين في الفضاء الأوروبي. كما يدل على تحول ملموس في الإستراتيجية الثقافية، الألمانية خصوصاً والأوروبية عموماً، حسب قول حاجي.

غلاف غير بريء

تظهر صورة الغلاف امرأة محجبة مطأطأة الرأس وهي تحمل قرآناً بين يديها. اختفت كل ملامح وجه المرأة وكأن المقصود من الصورة هو اختزال المرأة في الحجاب الذي يغطي رأسها، علامة على الخنوع والخضوع، ثم القرآن الذي بين يديها، علامة على القوة الخاضعة لها.

تصرح صورة الغلاف بأن مناط حديث العدد سؤالين: سؤال المرأة من ناحية، وسؤال القرآن من ناحية أخرى. فأما المرأة فهي موضوع تحرير، وأما القرآن فهو موضوع إعادة قراءة وتفسير.

وقد اجتهد مصممو الغلاف في أن يكون مظهره مُعبرا عن مخبره، فكتبوا اسم القرآن بأحرف صفراء متوهجة وكأنها نار مستعرة، ووضعوا الصورة على خلفية سوداء.

والجدير بالذكر أن أعداد "دير شبيغل" المخصصة للإسلام كلها تتضمن صوراً على خلفية سوداء. وتساءل حاجي: هل هذا من قبيل الصدفة أم أنه أمر مقصود. والراجح عندنا أن الأمر ليس سهواً من المصممين، أو صدفة من الصدف، ومن المستبعد أن يفوت الساهرين على شكل أهم المجلات في ألمانيا التنبه لهذا الأمر.

ولعل الخلفية السوداء المحيطة بجميع صور الأغلفة المتعلقة بالإسلام هي جزء من إستراتيجية "شيطنة" المسلمين وتكريس صورة الإسلام المظلمة وما يعد به هذا الدين من مستقبل قاتم، كما تجلي ذلك بوضوح محتويات الأعداد.

من يتجاوز الوقوف عند صور غلاف العدد 52 يطلع على محتوى المحور، يدرك أن الأمر ليس أقل من أن يكون حملة تشهير موجهة. ويشي مضمون حديث المجلة عن الإسلام والمسلمين بوجود تحول في النبرة يختفي معه طيب الكلام وطلاقة الوجه اللذان هما علامتان من علامات إكرام الضيف.

مفردات اليمين المتطرف

لقد جاء هذا العدد، مثله مثل الأعداد السابقة الأخرى، ليصدع بحقيقة مفادها أن صدر ألمانيا لم يعد يتسع لجميع الضيوف العرب والمسلمين، وبأن بقاء هؤلاء تحت سمائها مرهون بقدرتهم على التخلص من عوالق الانتماء لحضارة الإسلام والامتداد في تاريخه.

ورغم محاولة أصحاب المجلة الظهور بمظهر الحيادية العلمية والموضوعية الفكرية، فإن لغتهم لا تختلف عن لغة اليمين المتطرف الذي لم يعد يتحرج في رفع شعارات تتجاوز حدود اللباقة السياسية، من قبيل: "حظر منارات المساجد"، أو "أخرجوا الإسلاميين"، أو "إننا نقوم بحملة تطهير/تنظيف".

إما معي أو ضدي

يدخل المسلم إما في خانة الإرهاب والاستبداد والتسلط، وإما في خانة دعاة الإصلاح المتحصنين داخل أسوار الحداثة الغربية، المنتمين إلى زمنها الثقافي والحضاري. وهكذا نجد أنفسنا أمام ثنائية جديدة من جنس "المانوية الجديدة" التي أُعلِن ميلادها بعد أحداث 11 سبتمبر: "إما معي أو ضدي".

ويصرح لسان حال مجلة (دير شبيغل) بأن زمن الفرز قد حان: إما القبول بالعيش داخل فضاء الحداثة واتخاذها نموذجاً للإصلاح وسقفاً لطموحات المصلحين، وإما الخروج إلى العراء والانضمام إلى كهوف الإرهابيين والدخول في جحور المستبدين.

ولا ريب – يقول حاجي - أن المجلة باعتماد هذا التقسيم المانوي الصارم، تكون قد التحقت بركب المتطرفين رافعي شعار التطهير والتنظيف، فانخرطت في عملية الفرز بين من يصلح للبقاء في الفضاء الأوروبي وزمن الحداثة، وبين من يستحق التهجير بمعنييه، الجسدي والرمزي.

يقول العنوان الفرعي للكاتب الهولندي "فون ليون دي فينتر"، ذي الأصول الأرثوذكسية اليهودية، "أن مستقبل الإسلام لن يتحدد في السعودية، بل في أوروبا". يختم هذا الكاتب مقالته بجملة جعلتها  المجلة مسك خاتمة العدد كله، ومضمونها يطمئن القارئ بأن "أوروبا لن تُؤسلَم، بل الإسلام هو الذي سيُأَوْرَب"، أي سيصبح أوروبياً.

في هذه الطمأنة ما ينبه القارئ الأوروبي إلى خطر محدق، ألا وهو خطر "الأسلمة". يتدرج "دي فنتر" في تحليله ليخلص إلى ما معناه أن مصير الإسلام في أوروبا، مثل مصير الديانات التوحيدية الأخرى، سيكون هو التراجع إلى "أسلوب فردي وشخصي غامض" في ممارسة الحياة، عوض أن يكون "أسلوب جماعة في العيش، يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية مشتركة".

فالمسلمون كما يذكرهم بذلك "دي فنتر"، يقفون أمام مفترق طرق، أمامهم فرصة التأسيس لوجود إسلام ليبرالي داخل المجتمعات الأوروبية، شرط أن يؤمنوا بضرورة تطوير العلوم والفنون، وشرط.. وشرط.. وشرط! كل ما يرد في كلام هذا الكاتب قد يكون مقبولاً إلى حد ما، لو حُمِل على أن مصدره الأوحد هو الخوف من "أسلمة أوروبا"؛ لكن الأمر، على ما يبدو، لا يقف عند هذا الحد، بل له توابع إستراتيجية مهمة.

إن القارئ بين أسطر هذه المقالة، وباقي المقالات الأخرى التي تضمنها العدد، يحس بأن مطلوب هؤلاء هو تحديث "الإسلام" في معاقله الأصلية، وليس في أوروبا فحسب؛ وإذا أرادت أوروبا أن تتفادى السقوط في شراك فخ الأسلمة، فعليها أن تجتهد لتصلح الإسلام خارج حدودها أولا، وذلك بالمساهمة في إعادة قراءة القرآن وتفسيره، لا بوصفه وحياً، بل بوضعه في سياقه التاريخي، وكذا بنزع القداسة عنه، وبتحرير المرأة من سلطة الرجل في العالم الإسلامي، وما إلى ذلك.

وبالنتيجة، لما كان القرآن خارج حدود أوروبا في أيدي المستبدين والإرهابيين، فلا مندوحة للأوروبيين عن تولي أمر قراءته بأنفسهم، وهو الأمر الذي يقتضي محاربتهم. بهذا تنضوي قضية إصلاح الإسلام، وإعادة قراءة القرآن، وتحرير المرأة، تحت راية "مكافحة الإرهاب" في زمن ما بعد 11 سبتمبر.

جوجل يسيء للعرب

في موقع جوجل برنامج يهدف إلى توفير جهد مستخدم الانترنت يطلق عليه اسم (جوجل يقترح) (Google Suggest). وهو برنامج جرى تطويره في نطاق آلية البحث الضخمة في نظام جوجل وعرّفه القائمون عليه بأنه "آلية تخمين".

فما أن يطبع مستخدم الانترنت مجرد حرف أو كلمة أو عبارة في خانة البحث (search) يسارع جوجل إلى تخمين السؤال الذي يدور في خلد الباحث وبلمح البصر يمده بقائمة من الخيارات التي يقترحها استكمالاً لما بدأ الباحث في طباعته وما عليه إثر ذلك سوى أن ينقر على الخيار الذي يكمل سؤاله فتنفتح أمامه جميع الوصلات التي توصله إلى الصفحات والمواقع والأبحاث المتعلقة بالموضوع مدار بحثه. وبذلك يكون جوجل قد وفر على الباحث الوقت والجهد الذي كان سيبذله في طباعة السؤال الذي يود طرحه بكامله.

إلى هذا الحد، لا يبدو أن هناك أي ضرر من استخدام نظام "جوجل يقترح"، غير أن الكثير يعتمد في حقيقة الأمر على الموضوع مدار البحث. فمثلاً، حينما تسعى للحصول على معلومات عن العرب يخمن جوجل أنك تبحث عن أشياء مهينة فعلاً.

فمثلاً، ما أن تكتب في خانة البحث: "لماذا العرب..." يبادر جوجل إلى تقديم أكثر الخيارات شيوعاً واستعمالاً لمساعدتك في استكمال بحثك وستجد من ضمنها: "... على هذا القدر من العنف؟"، و"...على هذا القدر من العنصرية؟"، و"...على هذا القدر من الغباء؟"، و"...على هذا القدر من القباحة؟"، أو "...أجسادهم مغطاة بالشعر؟"، إضافة إلى أشياء مهينة أخرى، ولا يبقى عليك سوى النقر على الخيار الذي تبحث عنه من بينها.

من الطبيعي أن يثير اقتراح مثل هذه الخيارات القلق، خاصة وأن جوجل تعلن أن هذه الآلية بالذات من وجوه استخدام النظام تهدف إلى التنبؤ بالأسئلة أو الاستفسارات التي يرجح غالباً أن يطرحها القسم الأكبر من جماهير مستخدمي الانترنت.

ومن الطبيعي أن يبعث هذا على الانزعاج أيضاً ليس بالنسبة للعرب فحسب، وإنما كذلك بالنسبة إلى من يرى في الانترنت أداة يمكن أن توحِّد المجتمعات المتباينة سواء تلك التي كانت في عزلة عن غيرها من المجتمعات، أو كانت تلك التي لا تملك معلومات كافية عن المجتمعات الأخرى أو تلك التي تتوافر فيها معلومات عنها ولكنها تكّن الكثير من التحامل والسلبية تجاهها، حسب قول الكاتب غاي غابرييل.

وبالمناسبة تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الوجه من استخدامات جوجل لا تقتصر محاولته على تقديم تتمات لاستفسارات مهينة ولكنه يتعداها إلى أسئلة تظهر فهماً غريباً لأمور تاريخية. فالسؤال الذي يستقطب أكبر عدد من المقترحات التي يقدمها جوجل لاستكماله هو مثلاً: "لماذا (يريد) العرب إسرائيل؟".

وما يسبب هذا الانزعاج أيضاً وما يثير قلقاً أكبر هو كيف يتوصل جوجل إلى هذه الخيارات التي يقترحها في المكان الأول. فالخيارات التي يقدمها جوجل تستند أساساً إلى عمليات تفتيش معلوماتية حقيقية قام بها مستخدمو الانترنت في مجملهم وضمها جوجل إلى اقتراحاته نظراً لشعبيتها وكثرة استعمالها في مجمل الأبحاث التي سبقت البحث الحالي. فحين يبادر جوجل إلى مساعدة الباحث لإتمام السؤال الذي يطرحه وهو: "لماذا العرب...؟" فيقترح: "على هذا القدر من العنف أو الغباء أو القذارة..." الخ، فإنما يقدم اقتراحه؛ لأن أعداداً كبيرة من جمهور مستخدمي الانترنت أرادت كذلك أن تعرف الجواب على مثل هذا السؤال.

وبما أن معظم مستخدمي الانترنت في العالم هم من غير العرب والمسلمين (كما تدل على ذلك كثير من الإحصائيات) فإن هذه الخدمة تدل على مدى انتشار الصورة السلبية للعرب في العالم بفعل تأثيرات وسائل الإعلام، إضافة إلى الدور السلبي الذي يقوم به بعض العرب في زيادة تشويه صورتهم عند الآخرين. 

العربي إرهابي في السينما الفرنسية

 لم يكن النشاط السياسي الخارجي الذي قام به الرئيس الفرنسي ساركوزي العام الماضي باعتباره رئيساً للاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط  منعزلاً عن الثقافي، وإذا كان الرئيس قد حضر إلى المنطقة المضطربة، فإن الشرق الأوسط - كما تصوره سينمائيون فرنسيون - قد حضر في قلب باريس بعدة أفلام عرضت مواكبة لزياراته ومازالت تلقى إقبالاً حتى الآن.

وما كان للسينما الفرنسية أن تتجاهل هذا الاهتمام الدبلوماسي الاستثنائي بمنطقة الشرق الأوسط، فقامت دور العرض بعرض باقة من الأفلام ذات الصلة بالمنطقة، كالفيلم الفلسطيني (ملح هذا البحر) والفيلم الوثائقي الإسرائيلي (الرقص مع بشير) الذي يحكي عن حصار بيروت 1982م، كما عرضت أفلاماً فرنسية عن المنطقة منها (سر حربي) و(مراسلان خاصان جداً) و(جواسيس).

وأجمعت الأفلام الثلاثة على التعامل مع العربي سواءً كان في منطقة الشرق الأوسط أو في أوروبا باعتباره إرهابياً ولن يثبت العكس، وهو ما يشير إلى أن هوليوود وحدها لا تنفرد بالتصور المشوه عن العربي والمسلم.

بدأ عرض فيلم (سر حربي) بدور العرض في فرنسا في ديسمبر 2008م ويحكي عن شبكة إرهابية تترأسها شخصية غامضة تدعى "أبو الغضب" تقوم بعدة عمليات إرهابية في أوروبا، وتقرر تلك المجموعة استهداف فرنسا بسبب "محاربتها للإسلام واضطهادها للمسلمين"، وتقوم تلك المجموعة بتجنيد شقي فرنسي على يد مجموعة من السجناء من ذوي الأصول العربية، وبعد خروجه من السجن، ينتقل إلى معسكر تدريب في أفغانستان حيث يتلقى تدريبات مكثفة على استخدام الأسلحة والمتفجرات ثم يعود بعد ذلك إلى فرنسا من أجل تنفيذ عملية انتحارية في المترو، وفي نفس الوقت، تحاول الاستخبارات الفرنسية اختراق تلك المجموعة فتقوم بتجنيد طالبة فرنسية تدرس اللغة العربية وزرعها في الشبكة دونما نجاح كبير في أول الأمر، لكنها ما تلبث أن تنجح في إجهاض العملية الإرهابية في المترو.

ويحاول مخرج الفيلم فيليب حايم من خلال عرضه لتلك الشخصيتين أن يوضح أن أجهزة المخابرات والشبكات الإرهابية تتشابه كثيراً في أساليب عملها وإن اختلفت أهداف كل منها، فكلها تتلاعب بالمدنيين ولا تتورع عن خداعهم، وكلها تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة ومستعدة لأن تلعب "بقذارة" من أجل تحقيق أهدافها.

الفيلم يحاول أن يحذو حذو أفلام التجسس الأمريكية ذات الميزانيات الضخمة كفيلم "سيريانا" ومسلسل "24 ساعة"، لكن الفيلم الفرنسي لم ينجح إلا في تقليد المظهر الخارجي فقط، رغم الإشادة الكبيرة التي لقيها في الصحافة الفرنسية، فحبكة الفيلم اتسمت بالضعف الشديد وكثير من أحداث الفيلم غير منطقية وغير مبررة.

في حين كان العنف الدائر في العراق موضوع الفيلم الكوميدي "مراسلان خاصان جداً" الذي بدأ عرضه في قاعات العرض في آخر يناير2009م. ويحكي الفيلم عن صحفي وتقني يعملان في إحدى محطات الراديو الفرنسية، تقوم إدارة المحطة بتكليفهما بالتوجه للعراق لتغطية أعمال العنف الدائرة هناك، يواجه الصحفيان بعض التعقيدات تمنعهما من السفر للعراق، ويضطران للإقامة لدى صديق في أحد الأحياء الباريسية المكتظة بالمهاجرين العرب والتظاهر بأنهما توجها فعلاً إلى العراق.

ومن ذلك الحي العربي-الباريسي، يعمد البطلان إلى فبركة مواد إخبارية يرسلونها إلى محطتهما وكأنهما في قلب الحدث، فينقلان المعاناة الكبيرة التي يعيشها العراقيون بسبب غياب الأمن وانتشار العنف والإرهاب.

وما تلبث الأحداث أن تتعقد ليضطر الصحفيان بعدها إلى السفر فعلاً إلى العراق حتى لا تنكشف خدعتهما، وهناك، يتعرضان للاختطاف على يد إحدى العصابات التي تطالب ذويهما بتسديد فدية مقابل إطلاق سراحهما، وينتهي الفيلم بعودة الصحفيين إلى فرنسا حيث ينتظرهما استقبال حافل من الجمهور.

الفيلم فكاهي يتسم أحياناً بالمبالغة، لكنه مليء بالمشاهد الموحية والإحالات إلى أحداث واقعية، فالمشاهد التي تصور الحي العربي في باريس بما فيه من زحام واكتظاظ والباعة الذين يشغلون الأرصفة والنساء المحجبات يعطي المشاهد الانطباع أنه في حي شعبي في إحدى المدن العربية..

كما يشير الفيلم بشكل ساخر لحملات التضامن التي نظمت في فرنسا للمطالبة بإطلاق سراح الصحفيين الفرنسيين جورج مالبرونو (مراسل صحيفة لو فيجارو) وكريستيان شينو (مراسل صحيفة ليبراسيون) اللذين تم احتجازهما مدة أربعة أشهر عام 2004م على يد الجيش الإسلامي في العراق.

الفيلم الثالث عنوانه "جواسيس" وبدأ عرضه في آخر يناير 2009م وتدور أحداثه بين باريس ولندن، يحكي الفيلم عن موظفين في مطار باريس اعتادا الاستيلاء على بعض المقتنيات من حقائب الركاب لبيعها بعد ذلك.

يقوم أحدهما بفتح حقيبة دبلوماسية سورية متجهة إلى لندن، ويستولي على زجاجة غريبة لا تلبث أن تنفجر وتودي بحياته.

على إثر ذلك، يفقد "فنسان"، الموظف الآخر الذي بقى على قيد الحياة، وظيفته ولا يلبث أن يتعرض إلى ضغوط شديدة من قبل الاستخبارات الفرنسية. يضطر "فنسان" للقبول بصفقة تجنبه السجن مقابل أن ينخرط في عملية مشتركة مع المكتب الخامس البريطاني لملاحقة أصحاب الحقيبة الدبلوماسية في لندن.

وهناك، يحاول رجال المكتب الخامس تتبع شبكة إرهابية على علاقة وثيقة بدبلوماسيين سوريين، وتتابع أحداث الفيلم حتى نرى في النهاية فشل هذا التحالف الاستخباراتي في منع التنظيم الإرهابي من تنفيذ عملية انتحارية في قلب لندن.

الفيلم لا يخلو من انتقاد لأساليب عمل المخابرات التي لا تتورع عن التلاعب بالمدنيين وتوريطهم بدعوى مكافحة الإرهاب، كما يلاحظ في الفيلم قيامه "بشيطنة" النظام السوري، حيث يظهر تورط دبلوماسيين سوريين كبار في دعم ورعاية الإرهابيين وتسهيل عملهم لضرب أوروبا.

ويتوقع الكاتب معاذ محمود أن هذا الاهتمام الكبير الذي توليه السينما الفرنسية للعالم العربي مرشح للاستمرار بل الازدياد، كما لم يعد ذلك الاهتمام مقتصراً على المغرب العربي، بل بدأ ينسحب على مشرقه كذلك.

الخلاصة

واضح أن صورة العربي والمسلم في الغرب أكثر تشوهاً مما نتوقعه، وكل يوم يثبت لنا الإعلام الغربي كم هو حريص على زيادة تشويه هذه الصورة.

وواضح أن العقلية الغربية لن تتوقف عن محاولات الإساءة للإسلام وتنفير الغربيين وبقية شعوب العالم من الإسلام والمسلمين، ولوسائل الإعلام الغربي القدرة الكافية على غرس تلك النظرة السلبية في أنحاء العالم.

والأسوأ من ذلك هو أن يجد الإعلام الغربي في أخطاء وضعف وذل العرب والمسلمين مصدراً حياً لعمليات التشويه تلك.

وما كان ذلك ليتم لو كان للمسلمين القدرة الكافية لمواجهة من يسيء إليهم، وتتمثل هذه القدرة في تصحيح مسار العمل بالدين ونزع أسباب الذل والانصياع للغرب والقبول بكل ما يصدر منه. لأن التابع الضعيف القاعد لا يملك من أمره شيء يدفع عنه تلك التبعية ويزيل تلك الصور المشوهة.

ولن يشق الإسلام طريقه في هذا العالم على يد أتباع الآخرين وعبيدهم بل على يد أتباعه المخلصين الأحرار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر

- (العربي إرهابي في السينما الفرنسية)- معاذ محمود - صحيفة (الحياة- 5/3/2009م).

- ("جوجل يقترح".. قرار مسبق بالإساءة إلى العرب)- غاي غابرييل – صحيفة (الحياة- 9/3/2010م).

- أهمية العقيدة وأثر الإعلام الغربي عليها - د. جعفر شيخ إدريس – موقع (جعفر إدريس).

- (قراءة في: واقع الصحافة الألمانية: "دير شبيغل نموذجا")- الدكتور خالد حاجي- موقع مركز الجزيرة للدراسات التابع لقناة الجزيرة.

- دعوة لاستخدام الثقافة والإعلام لتوسعة النفوذ الأميركي بالمنطقة- صالح سليمان عبد العظيم- الجزيرة نت.

- الحرب الإعلامية الغربية الأمريكية على الإسلام -د. سيد عيسى محمد - موقع (قاوم).

 

المصدر: http://www.awda-dawa.com/Pages/Articles/Default.aspx?id=1087

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك