الدعوة الإسلامية بين أنصارها وأعدائها
الدعوة الإسلامية بين أنصارها وأعدائها
شاء الله عز وجل أن خلق آدم عليه السلام، وخلق منه زوجه وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء، وخلق إبليس وذريته فأذن لهم في إغواء وهداية من اتّبعهم إلى صراط الجحيم، وبعث من المومنين رسلاً مبشرين ومنذرين يهدون العباد إلى صراط الله المستقيم، وأعدّ للكافرين والمجرمين جهنم خالدين مخزيين فيها، وأعدّ للمومنين والمحسنين جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين مكرّمين فيها.
فاختار قومٌ الضلال والتحرّر من الضوابط الشرعية، وحكّموا هواهم فعبدوه وتنكّروا للوحي. واختار قوم آخرون سبيل الرّسل -عليهم الصلاة والسلام- ومنهجهم فأتبعوا هواهم لهديهم وأخذوا بالحكمة البشرية في سياق الضوابط الشرعية، وتخيّر قوم آخرون بين ما عند الفريقين بميزان هواهم، فلم يكفروا بكلّ الوحي ولم يومنوا به كلّه، وإنما اختاروا من التشريعات ما تستوعبه حويصلتهم ويقبله هواهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".[1]
فتباينت بذلك مذاهب الناس وفق تباين اعتقاداتهم، وسار كل فريق في عكس اتجاه الآخر، مؤكّدين الصّراع الأزليّ الأبدي بين الإيمان والكفر، وبين التقوى والعصيان، وبين الحقّ والباطل، وبين الخير والشر.
وقد سارع أهل الظلم والطغيان وأتباع الشيطان منذ أن وجد آدم عليه السلام لنشر الفساد وقتل الفضيلة. فقد قتل قابيل هابيل، قتل رمزُ العصيان رمزَ التقوى، واتبع منهجَ قابيلَ كلُّ الظالمين والمعتدين، الكارهين لصفاء الروح وطهارة القلب واستسلام النفس لربّ العالمين، فتجنّدوا لمحاربة أهل الإيمان والتقوى، بداية بالإعراض عن آيات الله تعالى، ثم التكذيب بها، ثم الاحتقار والتسفيه والاستهزاء بالرّسل عليهم السلام وبالمومنين، ثم إذاية وقتل أهل الحقّ، ثمّ الصدّ عن سبيل الله؛ فقد ألقي سيدنا إبراهيم عليه السلام في النّار من قبل قومه، وهدّد الرسل، نوح وإبراهيم وشعيب -عليهم السلام- بالرجم من قبل أقوامهم، وعزم فرعون على قتل موسى عليه السلام ومن معه، وأوشكت اليهود على قتل عيسى عليه السلام لولا حفظ الله له، وعزمت قريش على قتل رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم...
وتعرّض أتباع الأنبياء والرسل عليهم السّلام لكل أنواع الأذى والبطش؛ فقد ألقي عدد من المومنين في أخدود مشتعلة ناراً.
وقُتلت فرقة دعت إلى دين عيسى بالمناشير وحرّقت بالنيران، فصبرت حتى لحقت بالله.[2]
وقتل أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وقتل عبد الله بن الزبير والحسين بن علي بن أبي طالب وغيرهم كثير، كما هُدّد سعيد بن المسيّب سيّد التّابعين العالم الصالح الورع التقي -رضي الله عنه- بضرب عنقه بأمر عبد الملك بن مروان، حينما امتنع عن بيعة الوليد وسليمان، ثم جلد خمسين سوطاً، وطوّف به أسواق المدينة، ثم مُنع الناس من مجالسته، وسجن بعد ذلك.
وذُبح مفخرة التابعين سعيد بن جبير من الوريد إلى الوريد بأمر الحجاج بن يوسف، لعدم رضاه بالخضوع له، وكان الإمام أبو حنيفة يخرج كلّ مرة فيضرب عشرة أسواط إلى أن ضرب عشرة ومائة سوط، لرفضه قبول منصب رئاسة القضاة والانضمام إلى أبي جعفر المنصور والرضا بحكمه، فلما أبى دسّوا عليه السّمّ فقتلوه. وفي رواية أخرى، أخرج من السّجن ثم منع من التّدريس والإفتاء والخروج من البيت إلى أن توفّي.
وضُرب الإمام مالك بن أنس سبعين سوطاً بأمر من ابن عمّ المنصور أبي جعفر، للتحدث بحديثٍ مَنعَ المنصور التحدثَ به وهو: "ليس على مستكره طلاق" إذ فهم منه المسلمون بطلان بيعة الإكراه. وسجن الإمام أحمد بن حنبل ثمانية وعشرين شهراً، وتعاون على جلده مائة وخمسون جلاّداً إلى أن غاب عن الوعي، لتكذيبه قولة خلق القرآن...
ولم يكتف أعداء التقوى والصلاح والاستقامة بالنّيل من رجال الدعوة -كان ذلك تعذيباً أو سجناً أو صلباً أو تشريداً أو تضييقاً في الرزق أو حصاراً أو إخراجاً من الدور أو ذبحاً للأبناء و استحياء للنساء...- بل عملوا على الصدّ عن سبيل الله بكل الوسائل، فعمدوا إلى تشجيع الانحلال وتخويف النّاس من رجال الدعوة وغير ذلك.
وقد واجه المومنون الصادقون الدعاة إلى الله تعالى كلّ هذه التشكّلات لفعل الشيطان وسعيه بكل قوة وحزم، ولم ينقص ما تعرض له الأنبياء والرّسل عليهم الصلاة والسلام ومن تبعهم بإحسان من عزمهم وإرادتهم، بل اعتصموا بحبل الله وطاعته ولم يحيدوا عن نصرة دينه، ومن الصّفات التي ميّزت سلوكهم إزاء تدافع الحق والباطل الصفات الآتية:
1ـ الاعتزاز بالانتساب إلى رجال الدعوة والافتخار باختيار الله تعالى:
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدد1 مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ2 [3]
2ـ الثقة في موعود الله تعالى:
قال الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ. .
وقال سبحانه وتعالى: قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ .
وقال الله عزّ وجل مخاطباً رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ.
3ـ الاستئناس بمواساة الله تعالى للأنبياء خاصة وللمومنين عامة:
قال الله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ* مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَوَمَا كَانَ قَوْلَهُمُ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [4].
وأخبر الله تعالى بمصير من قتل الأنبياء عليهم السلام والمومنين في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ .
وأخبر سبحانه وتعالى عن جزاء من فتن المومنين والمومنات في قوله عز وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ .
وأخبر عزّ وجلّ بجزاء من صبر وأوذي في سبيل الله، إذ قال الله تعالى: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ .
وأثنى الله تعالى على الصابرين والمحتسبين فقال: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ ، وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ* مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [5]
4ـ الوعي بسنة الله في ابتلاء المومنين وامتحانهم:
قال الله تعالى: حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُول الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ .
قال الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3}
5ـ الاعتصام بالله تعالى عبادة وتوكّلاً واستعانة به:
قال الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
وقال الله عزّ وجلّ على لسان من آمن مع موسى عليه السلام: فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
وقال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
6ـ طلب المدد من الله تعالى دعاء وتضرعاً وتبتّلاً وإخباتاً وخضوعاً...
قال شعيب عليه الصّلاة والسلام عند مواجهته لقومه المكذبين: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ .
وقال من آمن مع طالوت عليه السّلام: وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
وقال المومنون الصادقون في لجج المحن والمعارك: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
7ـ المضيّ قدماً في الدّعوة دون عجلة أو جبن أو تراجع أو تنازل أو عنف...
قال الله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ* مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمُ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [6].
وقد امتنع سيّد التّابعين سعيد بن المسيّب -رحمه الله- عن تزويج ابنته للوليد بن عبد الملك رغم ما يعلم من بطش عبد الملك بن مروان، كما امتنع عن بيعة الوليد وسليمان، وهو غير مبال بما قد يجلب عليه هذا الفعل من البأس والأذى.
وتحدّى سعيد بن جبير -رحمه الله- الحجّاج بن يوسف وهو يعلم فسق وظلم هذا الرّجل، فحاوره بقوة ولم يسأله العفو.
وردّ الإمام أبو حنيفة رحمه الله هديّة أبي جعفر المنصور المتمثّلة في عشرة آلاف درهم وجارية، وهو يعلم ما معنى معارضة إرادة الحكام الجبابرة، كما أعرض عن رئاسة القضاة في دولته دون خوف أو استكانة.
وأصرّ الإمام مالك رحمه الله على التّحدّث بالحديث: "ليس على مستكره طلاق" رغم أنّه منع من ذلك من قبل أبي جعفر المنصور بحجّة تحريض المسلمين على نقض البيعة، فلم يكترث بما قد يقدم عليه هذا الحاكم.
ولم يغيّر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله رأيه في بطلان فريّة خلق القرآن رغم ما تعرّض له من تضييق وحبس وتعذيب، ولم يأخذ بالرّخصة أو التقيّة، ولم يتأثّر بشهادة علماء السّوء وطلاّب الدنيا فيه.
8ـ الإعراض عن المنافقين والكافرين والجاهلين:
فقد أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالإعراض عن المنافقين إذ قال: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا .
وأمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالإعراض عن الكافرين فقال: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ .
وأمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالإعراض عن الجاهلين فقال: خُذ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ
9ـ الصبر على أذى الظّالمين:
قال الله تعالى: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ .
وقال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ .
وقال الله تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ
10ـ الاستخفاف بالدنيا وعطاياها:
بعث أبو طالب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال له: يا ابن أخي إنّ قومك قد جاؤوني وقالوا: كذا وكذا، فأبْق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحمّلني من الأمر مالا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك، فظنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن قد بدا لعمّه فيه وأنّه خاذله ومسلمه وضعف عن القيام معه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا عمّ لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتّى يظهره الله أو أهلك في طلبه..[7].
وقد ورث الصحابة رضوان الله عليهم زهد قدوتهم وأسوتهم، وتبعهم في ذلك التّابعون ومن تبعهم بإحسان.
فسعيد بن جبير رضي الله عنه لم يغترّ بما قدّمه له الحجاج بن يوسف من ياقوت وزبرجد مقابل الخضوع والسّكوت عن كلمة الحق. وغير هذا المثال كثير.
11ـ الشّوق إلى لقاء الله ورضاه وجنّته:
فقد خاطب أنبياء الله، نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وغيرهم عليهم السلام، أقوامهم بلسان واحد: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وأمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم فقال: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ .
وقال الله تعالى: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ .
وقال عز وجلّ: مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
وقال سبحانه وتعالى: وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ