حوار مع د.حافظ الكرمي
حوار مع د.حافظ الكرمي
28/03/2011
كيف واقع المسلمين في بلاد الغرب؟ وكيف أحوال الدعوة والدعاة؟ وما هي أبرز المشكلات التي تواجههم؟ ذلك وغيره نتعرف عليه من خلال الحوار التالي مع د. حافظ أحمد الكرمي، الأصل من فلسطين..
أرسل لصديق
طباعة
قراءة : 564 | طباعة : 128 | إرسال لصديق : 0 | عدد المقيمين : 1
كيف واقع المسلمين في بلاد الغرب؟ وكيف أحوال الدعوة والدعاة؟ وما هي أبرز المشكلات التي تواجههم؟ ذلك وغيره نتعرف عليه من خلال الحوار التالي مع د. حافظ أحمد الكرمي، الأصل من فلسطين من طولكرم وحاصل على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية ومقيم في لندن ويعمل مديرا للمركز الإسلامي:
*دكتور بارك الله فيك بحكم وجودك هناك في بلاد الغرب كيف ترى أوضاع المسلمين بشكل عام وأوضاع الدعوة بشكل خاص؟
أوضاع المسلمين في أوروبا بشكل عام تختلف من بلد إلى بلد ولكن بشكل عام نحن نتحدث عن وجود الكثير من مسلمين في هذه البلاد فإذا تحدثنا عن أوروبا الغربية نتحدث عن حوالي 30مليون مسلم في هذه البلاد ، فبريطانيا بها حوالي عن 3مليون مسلم 11% من سكان لندن مسلمون وفيها أكثر 1600مركز إسلامي، هذا يعني أن المسلمين أصبح لهم وجود كبير جدا في هذه البلاد حضورا ومساجدا وأشخاصا ولباسا وطعاما وثقافة ،لم يعد المسلم غريبا في تلك الديار ، لم يعد الإسلام واللباس الإسلامي والذبح الحلال والمساجد ومناظر المسلمين بالغريب في تلك البلاد الغربية، بل أصبحت منظرا مألوفا في هذه البلاد.
المسلمون الحمد الله رب العالمين جاءوا على موجات ما يسمى بالهجرة وكان آخرها في بداية التسعينيات من القرن الماضي نتيجة لبعض الاضطرابات في بعض العالم الإسلامي كالصومال وأفغانستان وغيرها، جاء أعداد كبيرة من المسلمين أقاموا في هذه البلاد أنشؤوا لهم مدارس، وأنشئوا لهم مساجد ومراكز، وبدؤوا في العمل.
*ما هي أبرز المشكلات والعقبات التي تواجه المسلمين هناك؟
بشكل عام ليس هناك مضايقة مقصودة بأن تغلق عليهم مساجدهم أو يضيق عليهم في دراستهم أو لباسهم إلا في بعض الأماكن، فمثلا نحن نتحدث عن بلاد طويلة عريضة جدا حوالي 27 بلد أو أكثر، هناك ففي بريطانيا مسموح فيها الحجاب والنقاب وكل شيء ولا أحد يعترض أحداً، وفي فرنسا قوانين علمانية متشددة في قوانين الحجاب، يعني بشكل عام المسلمون لهم حرية كبيرة جدا في الدعوة وفي إقامة مراكزهم ومناشطهم.
ولكن هناك عدة مشاكل تواجه المسلمين، منها مشكلة التكيّف مع الحياة الموجودة في تلك البلاد من الناحية الثقافية، فهم جاءوا من بيئة مختلفة من ثقافة مختلفة من دين مختلف وبالتالي يحتاجون للوقت حتى يتكيفوا، وبالتالي نجد مجموعة من الشباب يصابون بالصدمة ، وقد أنشأ المسلمون مراكز تستطيع أن تستوعب مثل هذه القضايا، وبدأ المسلمون يدخلون في مؤسسات البلاد المختلفة سواء كانت مؤسسات سياسية، مؤسسات خدمية حتى المؤسسات الأمنية كالشرطة وغيرها وأصبح لهم وجود.
*ما مدى القابلية من المؤسسات المختلفة للمسلمين في البلاد الغربية بشكل عام وبريطانيا بشكل خاص؟
في القوانين الموجودة يفترض أن لا يكون هذا التمييز، ولكن في التعامل يوجد تمييز وإن كان أحيانا غير ملاحظ، يعني لا يمكن من الناحية القانونية لكن في التعامل الخاص قد يكون نوع من العنصرية، إلا أن المسلمين يتقدمون وأنا أتكلم عن خبرة 10سنوات، المسلمون قبل 10سنوات ليسوا مسلمي اليوم، مسلمو اليوم كثيرون جدا ولهم وجود ورأي مؤثر، وجودهم أصبح مؤثراً وينظمون أنفسهم في جمعيات ومؤسسات سياسية ودعوية وغيرها ، ولها صوت يؤثر في داخل هذه المجتمعات.
*هل المسلم بإمكانه التنقل والسفر في هذه البلاد بسهولة ويسر دون أن يجد معاناة أو مشقة؟
المسلمون من أهل هذه البلاد أو المقيمون فيها يستطيعون التنقل من غير أي حواجز، ونحن إذا أردنا أن نضع صورة حول 25بلد أوروبي ليس بينها حدود وبالتالي يستطيع الشخص أن يركب بالقطار من فرنسا ويمر بـ 10 أو 15 دولة أوروبية من غير أن يعترضه أحد.
* هذه مبشرات طيبة عن واقع المسلمين وواقع الدعوة هناك، فلو أردنا باختصار استعراض أبرز العقبات التي تقف أمام الدعاة ، ما هي؟
هناك مجموعة عقبات نلخصها في التالي:
1- وجود بعض الدعاة المنفرين وهم قلة ولكنهم للأسف مؤثرين يحملون بعض الأفكار المنفرة للمسلمين ولغير المسلمين، يعتقدون أن هذا المجتمع ينبغي أن يُسرق وأن يُحارب، وبالتالي كيف يمكن أن تدعو شخصا وأنت تعتبره عدو ، وكيف يمكن أن تدعو شخصا وأنت تتجهم في وجهه ، هذه كلها ليست من أخلاق الإسلام ، لكن مع أنهم قلة بدأوا ينحسرون والحمد لله وهذه عقبة تضخمها وسائل الإعلام المغرضة.
2- قلة الدعاة المؤهلين بلغات الأقوام الأوروبية المختلفة ، والدعاة الذين يأتون من العالم العربي والإسلامي لا يمتلكون مؤهلات اللغة والثقافة التي يستطيعون من خلالها أن يرسلوا تلك الرسائل المؤثرة.
3- عقبة الإعلام، فالإعلام في معظمه معاد يشوه صورة الإسلام والمسلمين ويرسم لهم صورة منفرة ويساعده كما قلت بعض الأصوات النشاز في داخل الجاليات المسلمة وبالتالي يقف عائقا أمام وصول هذه الدعوة المباركة إلى قلوب الناس.
4- من العقبات الأخرى الظروف العالمية أو ما يسمى بالإرهاب، أو القوانين التي فرضت زورا وبهتانا، وأحيانا تقييما لأخطاء موجودة بين الحين والآخر، هذه القوانين أصبحت تحدد نوعا ما طريقة العمل من حيث انتقاء الألفاظ لأن كثيرا من الألفاظ يمكن أن يجرّم عليها القانون.
5- ضعف اللغة الأجنبية لدى الدعاة المتمكنين والمشهورين، مما يؤثر في توضيح الإسلام وتعاليمه وجذب الناس إليه.
* لو تطرقنا إلى اللغة العربية وفاعليتها، بمعنى أن الداعي العربي الذي لا يتقن غير العربية هل يستطيع أن يقوم بالدعوة إلى الله في تلك البلاد؟
يستطيع أن يقوم في داخل الجالية العربية ، لوجود عدد كبير من أبناء الجالية العربية بالملايين، لكن لا نستطيع أن نقول أنه يمكن أن يؤدي دوره كاملا باللغة العربية في قوم لا يعرفون اللغة العربية، وإذا كان هناك بعض الدعاة المشهورين الذين يأتون ويترجم لهم، لكن لا يستطيع المترجم في كل الأحوال أن ينقل أحاسيس وتعابير الوجه وبالتالي تبقى قضية اللغة عائق كبير. فنحن نحتاج إلى الدعاة الذين يأتون ويقيمون ويعرفون ثقافة البلد وطريقة تفكير الناس وكيفية الدخول إليهم وحل مشاكلهم.
*بالنسبة للحياة الاجتماعية والأسرية في أوروبا، يذكر أن قرابة 70% من الأسر لا يوجد بها أبناء، والترابط الأسري منهار، فكيف وضع المسلمين بينهم؟
فعلا هناك تفكك أسري وليس فقط بأن 70% ليس عندهم أولاد، بل حتى الذين عندهم أولاد، 50% من هؤلاء الأولاد لا يأتون بطريقة شرعية ، وهذا الشيء طبيعي في الحياة الغربية أن الرجل والمرأة يعيشون معا دون رابطة شرعية بينهما. هناك أعداد هائلة من الأمهات لهم أولاد من غير آباء ويسمونها المرأة الوحيدة من غير زوج ، مشكلة الحضارة الغربية أنها تحطم الأسرة......وحقيقة هي فرصة إذا أردنا استغلالها، عندك القدرة على أن تقدم لهذا الغرب شيئا في الحفاظ على قيم الأسرة وقيم الزواج وقيم الإنسانية الشريفة، أن تقدم لهذا العالم المحروم المعذب بديلا، هذا موجود والناس يعانون معاناة شديدة من هذا الواقع ، ثم إنه إذا كان هناك تكاتف من جميع المسلمين في الدعوة لجلب أعداد كبيرة لحفظ الأسرة من خلال الإسلام فستكون هذه الدعوة مثمرة ومفيدة.
وهذا الواقع له تأثير على المسلمين ، والأسرة المسلمة في الغرب لا زال يحافظ عليها بشكل عام، وهناك بعض التفكك الأسري موجود في العالم العربي والإسلامي، وعندنا محافظة على الأسرة في الجالية المسلمة فهناك مراكز إسلامية ومراكز الرعاية للشباب ومدارس إسلامية، فعندنا أكثر من 100مدرسة في بريطانيا تحاول أن تحافظ، ولكن للأسف يوجد أعداد كبيرة من أبنائنا يضيعون ....
* هل المؤسسات الدعوية والمراكز الإسلامية هناك تقوم بدورها في تدريب الدعاة ؟
في الفترة الأخيرة بدأ يُلتفت إلى هذا الجانب، ووجد مجموعة معاهد لإعداد الدعاة وأعرف بعض هذه المعاهد، وهناك الآن دورات تعقد للدعاة تؤهلهم من ناحية اللغة ومن الناحية الدعوية حتى من الناحية القانونية لأن القانون يحاسب أحيانا، فكل هذه القضايا أصبحت الآن موجودة والحمد لله ، لكن مع كل الأحوال لا زال الداعية الغير مؤهل هو الذي يكثر وجوده لأن كثيرا من الجاليات و خاصة الجاليات الشرق أسيوية وللأسف الشديد لا زالت تأتي بأئمتها من بلادها، ويأتي وهو لا يعرف اللغة ويبقى 10أو 20 سنة وهو لا يستطيع أن يتكلم بكلمتين من لغة البلد الذي يعيش فيها وهذه عقبة.
والمراكز الإسلامية تطلب علماء في أوقات مختلفة وخاصة في رمضان من أجل أن يصلون بالناس ويلقون عليهم الدروس ، يطلبون بشكل عام زواراً من العالم الإسلامي ، لكن الملاحظة العامة على هؤلاء الدعاة الذين يأتون أنهم يخاطبون شريحة واحدة من المجتمع ولا يخاطبون الشريحة الأوسع وهي شريحة الشباب لأنهم جاءوا من بيئة تختلف ومن جيل يختلف ؛ لذلك أقول المراكز تحتاج إلى تأهيل الدعاة وإعدادهم إعدادا جيدا.
* نود أن تحدثنا فيما يتعلق باستخدام الانترنت والوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله في تلك البلاد؟
طبعا هذا هو الآن هو بيت القصيد ، نحن لم يعد لدينا قضية حضور الشيخ والداعية على أهميته إلى مكان المدعوين ضرورة ملحة كما كان في السابق، أصبح الشيخ يستطيع أن يحضر إلى الدعاة عن طريق الفيسبوك أو التويتر أو اليوتيوب والوسائل الحديثة الإنترنت وغيرها ويستطيع أن يحدثهم ويحدثوه وأن يسألهم ويسألوه وأن يتفاعل معهم ويتفاعلوا معه وتصل الدعوة إلى أعداد كبيرة جدا من شرائح المجتمع، لكن كما قلت مرة أخرى نحتاج إلى دعاة أكثر للوصول إلى هذه الوسائل ومخاطبة الجيل الجديد، هذا الجيل الجديد يستطيع أن نؤثر عليه وأن نربيه في أماكن وجوده المنتشرة في كل أنحاء العالم من خلال هذه القرية الصغيرة الرابطة بين الناس وهي الشبكة العنكبوتية.
والشبكة الإسلامية مشكورة وأنا أراجعها بشكل كبير عندها اللغة الإنجليزية بشكل أساسي وتوفر معلومة طيبة للمسلمين الناطقين باللغة الانجليزية ، لكن كما قلت نحتاج دائما إلى أن نعمل صفحات تفاعلية ، هذه الصفحات التفاعلية ضرورية جدا ، أصبح الشيخ تفاعلياً من خلال هذه الصفحات هو المعلم وليس الشيخ فقط هو من يلقي الخطب والمواعظ .
*هل تقترح أن يكون عدد من الدعاة على مثل هذه الصفحات بالتناوب؟
نعم هذا مهم جدا والأهم منه أن يكون لهؤلاء الدعاة صفحة في الفيس بوك والتويتر واليوتيوب وأن يتفاعلوا مع هؤلاء الشباب وإذا كان الجيل القديم لا يستطيع التفاعل مع مثل هذه الوسائل فلا بد من إيجاد جيل شبابي جديد من الدعاة الجدد يتفاعلوا مع مثل هذه الصفحات التي تصل إلى ملايين الناس في جو فضاء غير مرئي لكنه مؤثر جدا ومؤثر في العالم ، يصلون إليهم وهم في أماكنهم وهم في غرفهم المسلمين وفي غير المسلمين.
المصدر:
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=166205