الإسلام دين التعايش بين البشر

الإسلام دي التعايش بين البشر

أكد الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد كبير مفتين ومدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي أن الإسلام دين عالمي أتى به آدم فمن دونه من الأنبياء والمرسلين، لأنه يعني الاستسلام لله رب العالمين يقول عنه المسلم: (أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) آل عمران- 20.

وهو يدعو للتي هي أقوم في جميع الشؤون المادية والاجتماعية والأخلاقية وغير ذلك مما تحتاجه البشر لإصلاح حياتها ومعادها، ختمه برسالة سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه ليخرج الناس مما علق بهم من أوحال الوثنية، ويهديهم للشرعة السوية، ومن ظلمات الجهل إلى نور القرآن.

ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، فلا يعرف الانكفاء على النفس ولا يحمل العدوانية على الغير ولا الضغينة لأحد ولا يود العنت لأمة ولا لفرد، فالناس في شرعته سواسية أمام القضاء والعدالة، لا تعرف البشرية إنصافا ولا رحمة ولا إيثارا كما عرفته في شرعة الإسلام.

وقال إن الإسلام عاش في ظلاله المسلمون مع طوائف اليهود والنصارى وغيرهم في بلد واحد، بينهم النصرة والحماية والنصح والبر لا الإثم، هكذا عايش النبي صلى الله عليه وسلم طوائف اليهود في مدينته وعاصمة دولته: طيبة الطيبة التي تنزل فيها القرآن وقامت فيها دولة الإسلام.

فكان هذا التعايش مصدر إشعاع للبشرية أنار لها طريق الهداية وأضاء لها مستقبل السعادة المدنية والتعايش السلمي بين الشعوب، وذلك ما تضمنه الدستور العالمي القرآن الكريم الذي فيه الدعوة إلى ذلك التعايش والتعاون والتناصر والتناصح، فامتثلها المسلمون وطبقوها في واقعهم فعاشوا مع غيرهم ما داموا راغبين بهذا التعايش المثمر.

وقد توالت دعوة القرآن الكريم للتعايش السلمي بين البشر؛ بالأساليب التالية: تارة بذكر ببيان علية خلقهم وأخرى كنتيجة لإعراضهم عن دعوة الحق وثالثة كقوم لم تبلغهم دعوة الله تعالى.

أولا السبب من خلق البشر: التعايش مع الشعوب

لقد بين الله تعالى علِّيَّة خلق البشر وجعلهم شعوباً وقبائل ؛ انها من أجل أن يتعايشوا فيما بينهم ويتعاونوا على هذه الحياة، يقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات - 13)

والمعنى خلقناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضاً، ويعيش بعضكم في كنف بعض، كما قال سبحانه: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا) الزخرف/32 والمقصود من هذا: أن الله سبحانه خلقهم كذلك لهذه الفائدة، لا للتفاخر بأنسابهم، ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب.

وهذه القبيلة أكرم من هذه القبيلة، وهذا البطن أشرف من هذا البطن، بل ليعرف بعضهم بعضاً ويعين بعضهم بعضاً في هذه الحياة فإن الحياة لا تستقيم بغير ذلك لأنه مدني بطبعه، لا يستغني عن غيره كما أن غيره لا يستغني عنه، بل كل يكمل الآخر.

فالآية تخبر أنه سبحانه وتعالى خلق بني آدم، من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، ولكن الله تعالى بث منهما رجالا كثيرا ونساء، وفرقهم وجعلهم شعوبًا وقبائل، وذلك لأجل أن يتعارفوا.

ثانيا: الإعراض عن دعوة الحق لا يعني التناحر

الإسلام جاء بدعوة لإصلاح البشر وإقامة العدل بينهم، ومنع الطواغيت أن يحولوا بين الناس وبين دعوة الحق؛ لأنهم عبيد الله تعالى وليسوا عبيد البشر، فلهم حق أن يسمعوا ويميزوا الباطل من الحق والغث من السمين، ومع ذلك فإنهم إن لم يهتدوا واختاروا لأنفسهم ما وجدوا عليه آباءهم فلا ضير عليهم؛ لأن الله تعالى لو شاء لهدى الناس كلهم جميعا.

وكما قال سبحانه: (لَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لسجدة - 13 ولكنه سبحانه: «خلق للجنة خلقا فجعلهم لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وقال لكليكما علي ملؤها، فهو الذي يحاسبهم على أفعالهم ويجزي كلا بما صنع.

فكل نفس بما كسبت رهينة، فيمكن أن يعيش الناس وهم مختلفو الديانات والمذاهب والعقائد كما عايش النبي صلى الله عليه وسلم يهود بين قينقاع في وسط المدينة ويهود بني قريظه وهم من حولها ويهود بني النظير وخيبر وهم من حولها كذلك، وكتب بينهم وثيقة تعايش وتناصر وحماية المدينة من عدو خارجي.

وقد كان هذا منهجا له عليه الصلاة والسلام في دعوته، فإنه كان يأمر أصحابه أن لا يبدأوا بقتال حتى يعرضوا على أهل البلاد خطة رشد يتعايشون فيها. لكن من ظلم وطغى وتجبر على العباد فمن حق الناس أن ينتصروا لأنفسهم ويدفعوا الأذى عنهم

كما قال سبحانه: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج - 39، 40. أما النوع الثالث من أنواع البشر في دعوة القرآن إلى التعايش معه فهو الذين لم تبلغه دعوة الحق من مختلف الطوائف.

فإن الإسلام دعا إلى التعايش مع هذا النوع كبشر وبني الإنسان لكونهم أمة دعوة، يتوجه إليهم الخطاب القرآني في الدعوة كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة - 21 وقوله جل شأنه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فإن لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)

(170) النساء - 170 فهذه الخطابات القرآنية تنادى بني البشر كلهم أن يستجيبوا لدعوة الله التي أتى بها سيدنا محمد بن عبد الله فإنهم جميعا معنيون بعبادة الله تعالى فإنه لذلك خلقهم كما قال سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) لذاريات - 56-58.

http://alnaaemi.yoo7.com/t34-topic

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك