غير المسلمين والعلاقة بهم!!

غير المسلمين والعلاقة بهم!!

جاسم سلطان

* اختلال الخطاب:

 

اليوم تضطرب الرؤية والتصورات، ويغيب خطاب الإنسانية الجامع ( يا أيها الناس )، ولا تظهر في الإسلام مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم (رحمة للعالمين )، ويضيق خطاب المؤمنين ( يا أيها الذين آمنوا) ولا يعود يشمل عند البعض إلا على آحاد من الناس!! طائفة أو مذهب أو حزب أو جماعة، ويتشوه خطاب (يا أهل الكتاب ) حتى يصبح إذلالهم دينا عند البعض!!

 

* فرصة للدعوة :

 

الناس بالنسبة للمسلم أمة دعوة ،هم فرصته للكسب الأخروي الوفير "لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " فوصفهم بالكفر اعتقادا لأنهم لم يدخلوا الإسلام هو تقرير حقيقة ، وتقرير الحقائق لا يعني تقرير الحقوق! فتنبه!

 

 

* تقرير الحقائق غير تقرير الحقوق:

 

فالقرآن يقرر الكثير من الحقائق عن الإنسان وعن الأنبياء وعن الصالحين وعن غير المؤمنين ،ولكنه يضع هذا في مقام الوصف لا أكثر ولا أقل، فهو حين يقرر مثلا عن عقائد اليهود والنصارى ويصفها ،أو اتجاهاتهم النفسية في صراعهم مع الإسلام يترك بعدها مساحة واسعة لصون حقوقهم، والمسلم يفرق بين تقرير الحقائق وتقرير الحقوق، فهما دائرتان بينهما تباين في المفهوم والماصدق كما يقول أهل المنطق، وحقوق البشر تختلف من حال إلى حال .

 

* مكافأة الواقع في تنوعه:

 

والقرآن واجه عبر حركة الدعوة ظروفا كثيرة بما يكافئها، فهو حين يتكلم عن العدل يرسمه في كمالاته ،  أي عدل في الرضا والغضب، في الحب والكره للمؤمن وغير المؤمن ، وحين يتحدث عن التعايش الإنساني يجعل البشر أكفاء نسبا واحدا لآدم ، وهو حين يتكلم عن التساكن البشري يؤسس للبر والقسط  ، وهو حين يتكلم عن الهدنة والسلام المؤقت يأمر بالوفاء بالعقود والعهود ، وهو حين يواجه الحرب يأمر بالقتال والمقاطعة والشدة، ومع ذلك لا ينسى صيانة البيع والصلوات والمساجد التي تعبر عن حرية الاعتقاد.

 

وحين يظفر بعدو يعرض عليه الدين، ثم يبلغه مأمنه حتى يختار وهو آمن! ولكن الكثير من سوء الفهم والتعبير شاب بعض الخطاب الإسلامي عبر العصور، وجعل العقل المسلم لا يفرق بين دوائر الخطاب الإسلامي، بل جعله خطابا أحاديا لا يعرف إلا العنف والغضب.

 

* الإمام القرافي يضع النقاط على الحروف:

 

ورحم الله الإمام القرافي الذي رسم لنا هذه الحقوق " الرفق بضعيفهم ،وسد خلة فقيرهم ، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل التلطف والرحمة، واحتمال أذيتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفا بهم ، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة ، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودنياهم ، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم ، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم ونيلهم لجميع حقوقهم ومصالحهم".

 

فما هي القواعد الكبرى التي وضعها الإسلام للعلاقة بين البشر في حالاتهم العادية :

 

• التنوع سنة ربانية ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) .

• الاختلاف سنة ربانية ("وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ ")، (اختلاف ألسنتكم وألوانكم ) .

• زمن الحكم أخروي ( والله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه مختلفين) .

• الله ( رب العالمين )، ( رب الناس) .

• الرسول (رحمة للعالمين ) .

• الناس في أغلبها لن تؤمن ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) .

•  أقرب من تحب قد لا يؤمن ( إنك لا تهدي من أحببت) .

•  البر والقسط للجميع (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) .

• الدعوة وحب الخير للإنسان ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) .

• ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى .

تلك هي المسألة كلها... الدعوة على بصيرة ، والقرآن يحدثنا عن تعليم الكتاب والحكمة، فالكتاب هو الهادي والحكمة تأتي في تطبيقه وتنزيله على الواقع ...أي كيف يتم التعاطي مع الإنسان سيرا به للأحسن والأكمل!؟

المصدر: http://www.alwihdah.com/identity-and-citizenship/relationship-with-west/relationship-with-non-muslims.htm

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك