رهاب الحوار بين الطوائف والأديان

رهاب الحوار بين الطوائف والأديان
إعداد: المهندس حسين جهاد
لا وألف لا للطائفية ...نعم للمكاشفة والمصارحة والحوار بين الطوائف لكن بلا طائفية :
يتطرق الى الموضوع الإمام السيد حسن الحسيني الشيرازي – ر - الذي اغتالته يد الإستخبارات الطائفية ببيروت وهو في طريقه للمشاركة في المهرجان التأبيني الذي كان قد عقد مكتبه لإستشهاد الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر- ر- فيقول :
أو ليس من الأفضل إبعاد القضايا الطائفية من الأذهان ، حتى يتعايش الناس على الصعيد الإنساني . أوعلى الأقل على الصعيد الديني ، و ينسوا الخلافات التي مات أبطالها جميعا ً ، ووقفوا أمام ربهم ، و حكم بينهم بما هو أعدل ؟
أو ليس ذلك من الأفضل و الأعدل ؟.
كلا ... أبدا ًَ .. بل يجب أن يجري الحوار حول القضايا الطائفية :
1- يجب أن يجري الحوار حول القضايا الطائفية حتى لا يجري الصراع حولها ، لأن البواعث الطائفية موجودة تنفخ في الصدور ، فاذا لم ينفّس عنها بالحوار تنفجر بالصراع ...
2- إن أبطال الخلافات ماتوا ، ولكن الدين لم و لن و لا يمكن أن يموت ، و نحن بحاجة الى الدين ، و هنالك مصادر مختلفة مرشحة لأخذه منها ، و هنالك قادة مرشّحون لأخذه منهم ، و كل فرد ٍ في موقعه الخاص ّ مضطر إلى أخذ الدين من أحد هذه المصادر و أحد هؤلاءِِ القادة ، و لابدَّ أن يبحث عن المصدر الأصحّ و عن القائد الأفضل ، و هو قد يعتمد في بحثه على قدرته الفردية ، فيكون متكبرا ً ، و تكون نسبة الخطأ في بحثه اكثر من نسبة الصواب ، و ربما يعتمد على قدرته الفردية مضافة الى قدرات الآخرين ، و خاصة المختصين منهم فيكون متواضعا ً ، و تكون نسبة الصواب في بحثه اكثر من نسبة الخطأ ، و هو الحوار ، فكل فرد ٍ مضطر إلى متابعة الحوار ، اضطراره الى الدين و القائد .
3- لماذا تموت القضايا الطائفية ؟
أليس حتى لا تثار مشاكل يمكن التخلّص عنها ؟ فليبق الحوار الطائفي مفتوحا . ولكن في مستواه الواقعي ، و ليعط حجمه الطبيعي ، بإجرائه في مجال التفاهم الفكري لاكتشاف الدين الذي أمر الله باتباعه ، أيُّ حوار يجري في مجال التفاهم الفكري لاكتشاف اوامر الله تعالى لا يثير مشاكل ، و انما يثيرها اذا عمم على الصعيد الإجتماعي او الصعيد السياسي ، و هذا ما يلزم اتقائه ، لا أصل القضايا .
4- لو أمتنا القضايا الطائفية بعامة ، و حرمنا على الفكر مناقشتها ، نكون قد سمحنا لأخطاء الأجيال الماضويّة أن تستمر عبرنا الى الأجيال المستقبليّة ، و هذا يعني تمرير الخطأ و توريط أجيال .
5- لو لم نبحث عن أوامر الله تعالى في مجال الدين ، و قلنا : إنّا وجدنا آبائنا على أمة ، و إنّا على آثارهم مقتدون ، فهل الله تعالى يقبل منا أن نقوله له : إنا أطعنا سادتنا و كبرائنا فأضلونا السبيل ؟
إن علينا أن ندرس ما وصل الينا في التراث أفكارا ً و قيادات . ولكن الذي ينبغي هو درس التراث ، درسا ً مشتركا ً ، و الذي لا ينبغي هو اتخاذ التراث أرضية للتعبير عن التناقض البشري .
ويضيف لماذا الحوار بين الطوائف :
الحوار للقاء :
ان الحوار بين الطوائف يؤدي الى انفتاحها على بعضها ، و قفزها فوق الجدر الوهميّة بينها ، و هذا الانفتاح يؤدي- بدوره - الى فهم كل طائفة الاسلوب الذي تفكر به بقيّة الطوائف ، و هذا الفهم يؤدي - بدوره أيضا ً - الى الالتقاء على نقاط كثيرة - لأن نقاط الالتقاء اكثر من نقاط الافتراق - و نقاط الالتقاء مع توفر حسن النية تشكل قاعدة متينة للتعاون المشترك ، و حصر نقاط الافتراق ، تمهيدا ً لتطويقها . من أجل اعداد المناخ المناسب لتوحيد الكلمة ، الذي هو اكبر آمال الطوائف كلّها ، و لا يمكن أن تقوم قائمة لأيِّ دين ، الاَّ بتوحيد كلمة اتباعه . و من اجل إلغاء الطائفية ، لا عن طريق تكتيمها للمجاملات و اللياقات ، و انما عن طريق تقليصها للتنفيذ .
ان أي شيء في الوجود - مهما كان صغيرا ً - لا يمكن أن يخرج الى النور ، الا بدراسة موضوعية ، و عمل منسجم مع الواقع ، فكيف يمكن لآمال كبار ، في حجم توحيد الكلمة و الغاءِ الطائفية ان تتحقق لو تجنبنا الحوار ، و اتقينا البحث المشترك . من أجل تحقيق هذه الآمال الكبار ، جرى هذا الحوار ، بين عملاق لبنان وعملاق مصر ، و صدر كتاب المراجعات .
المصدر : كتاب مقدمات : ص110 - 113