بالحوار يتم السلام بين الأديان

بالحوار يتم السلام بين الأديان

بقلم: صباح الشرقـــــي

إن تجارب الحروب والصراعات التي عشنا نتائجها اصبح الحوار بين الثقافات مطلبا حيويا لذي كل الشعوب لتحقيق التعايش السلمي وتحويل مسارها لأدوات التنمية الفعالة، إن جدارا سميكا شيد على أساس الكراهية

وانعدام الحوار أصبح يفصل بين شعوب العالم والهوة أصبحت عميقة بل تهدد بشكل لم يعرفه العالم من قبل، وثمة مجموعة من المبادرات والتصريحات تصب في اتجاه خلق أجواء الحوار والتعاون بين شعوب العالم بتنوع دياناتهم بل حتى الأمريكيون يعترفوا بالإسلام كواحد من أعظم الديانات والعقائد بالعالم، والغربيون يؤكدون باستمرار بان الدين الإسلامي قوة حضارية تاريخية بين القوى العظمى التي أثرت في ثقافتهم، في سياق هذا صرحيا الأمير(تشارلز)، ولي عهد بريطانيا في محاضرته الشهيرة بمركز (أوكسفورد للدراسات الإسلامية)، بأنه على قناعة تامة بأن العالمين الغربي والإسلامي لديهم الكثير لكي يقدماه إلى بعضهما البعض، كذلك التوصية الإيرانية للأمم المتحدة سنة 2001 تدعو إلى تقييم وتنفيذ برامج ثقافية ، تربية واجتماعية للنهوض وتفعيل التفاهم بين الثقافات ونشر افضل السبل لقيم التسامح والحق في الاختيار والاختلاف داخل المجتمعات فيما بينها لتصبح تلك الثقافات فاعلا قويا للنهوض والسيطرة على الأوضاع وحافزا لتنمية مثمرة ، كذلك ترسيخ قيم المواطنة وأمل العيش في عالم يكون فيه مكان للفضيلة والتواضع حيث لا تسود فيه مؤشرات الكراهية واعتبار كل أطراف الحوار على قدم المساواة، أما السيد (كوفي عنان)، أكد أكثر من مرة أن التنوع يشكل قيمة عالمية وشعوب العالم هي أكثر وحدة بفعل مصيرها المشترك وبالحوار يمكن تذويب جل الخلافات وهو أمر واقع يحتاج إلى تدبير عقلاني . إن عقيدة الدين الإسلامي يؤكد على: أحب لغيرك ما تحب لنفسك، وعبر في هذا الصدد الفيلسوف ورجل الدين اليهودي موسى ابن ميمون بقوله: لا تتعامل باللامبالاة مع ما يهدد الآخرين، كذلك وفي نفس السياق الدين المسيحي يدعو إلى مبدأ أساسي للأخلاق والتعايش: إن ما تفعله من سوء للغير هو كما لو انك تفعله لنفسك وإنسانيتك.

يجب أن نشجع على تدعيم التعاون والحد من الانكماش والتوجه نحو الجذور الفعالة للثقافات والحضارات ونبحث عن عامل أو عدة يجمعنا بعيدا عن الانقسامات في سياق المقولة المشهورة للسيد (جياندو مونيكوبيكو)، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة: أن التاريخ ليس هو من يقتل، ليس الديانات هي التي تغتصب النساء والأطفال، ليس نقاء الدم هو الذي يهدم البيوت فقط الأفراد من يفعلون ذلك - ، يبدو أن

إرساء حوار حقيقي بين شعوب المعمور يفترض مجموعة من المبادئ.

• التواضع : إن التكبر واعتقاد امتلاك القوة ومنطق الأنا ضد الباقي يؤجج الحقد والعداء، وسياسة

استعمال القوة والحروب والظلم لا أفق لها بل ينتج مزيدا من الصراعات والتوترات كما نشاهده في العراق، فلسطين، لبنان، وأفغانستان... الخ لهذا يبتغي التواضع والتسامح واللجوء للحلول السلمية للتمكن من الحوار والتفاهم والتعايش.

• الرأفة : الإحساس بآلام ومآسي الآخرين والتعاطف معها هو منطلق للوعي الإنساني بشكل يجعل

معانات الآخرين تعنينا مباشرة والقاعدة في هذا الموقف ـ ان لا تعامل الغير بغير ما تريد أن يعاملك الغير بمثله-

• التعايش والتسامح : إنتاج العولمة واقع تكاثرت فيه الاحتكاكات والتفاعلات الثقافية بين مختلف

الشعوب والديانات بفعل ثورة الاتصال وتزايد حركات الهجرة وهذا ما فرض على مختلف المجتمعات أن تتحلى بالتسامح، التعايش السلمي الثقافي والديني.

• الحوار وطوباوية الأمل: من العبث التفكير في حوار الثقافات إذا لم يكن هناك حوار داخل

الديانات، المجتمعات، والثقافات إذ يتحول الحوار إلى سلوك يقي المجتمعات من البغض واللجوء إلى العنف لتسوية ابسط الخلافات والأمل المعقود على تجاوز الخلل في كل الميادين السياسية، الاجتماعية، المدنية والدينية يعني خطاب الماضي لم يكن صحيحا وإنما كان بعيدا عن اقتناعات وآمال الشعوب، استفرد بهم حكام وحكومات ظلموا فاشتطوا أيما شطط ، اجل تقادم كل هذا والآن حان وقت فتح الباب

أمام الحاجة الملحة إلى حوار جديد يفتح فضاءات آمال جديدة أمام تكافؤ الفرص بين الجميع.

يجب على الشعوب أن تمتلك الإيمان بقدرتها على ضبط الصراع وتحقيق السلم والسلام والتحرر من النظرة التشاؤمية حيث اصبح من اللازم تغيير وتحسين الشعار ليصبح: إذا أردت السلم فعليك ان تعد للسلم.

البحث عن الحقيقة شرط أساسي للحوار فاحترام الغير واجب كما هو وكما يريد أن يكون، التبادل والتفاهم ولو انه يتطلب إرادة قوية وعمل دؤوب، لأن عصر الحقد والاحتقار سيظل قائما مادامت كل فئة

تنظر إلى أخرى من خلال صورة مشوهة، كما يجب فصل الدين عن السياسة فصلا حقيقيا بقيام توازن يجلب النجاعة في تحقيق مجتمع عادل ومندمج كذلك ينبغي الوعي بوجود مصير الإنسانية بتعدد دياناتها

ووحدة المصالحة العليا عالميا وتدعيم أواصر التضامن عبر خلق وسائل لتدجين الليبرالية المتوحشة وإرساء عولمة كفيلة بإنقاذ البشرية وامتلاك القدرة والحرية في اختيار الكيفية توصلنا للأحسن والأفضل.

يجب استثمار وحدة الإنسان وجوهره الإنساني مثل المحبة، التعاون، الرحمة، الرأفة، المساواة، التعاون، رفض العنف، الألم، الإحباط، الغبن، الظلم تلك جزء من إنسانيته ولذلك فالجوهر الإنساني حاضر بقوة في كل التقاليد الثقافية والدينية لكل شعوب المعمور وهو يساهم في الجهود المبذولة لإقرار السلام بين الأديان ولا يعبأ بالتبعات السياسية ويتطلب النسج بين وجهات النظر المختلفة واحترامها باعتبارها معتقدات ورغبات خصوصية وبقدر ما تشابكت تزدهر اللحمة مع النسيج العالمي ومعها يكبر الأمل في سلام مثمر ويحل البحث عن السعادة الذاتية أوالتذايتية الدنيوية. وهذا بكل تأكيد سيجعل كل الشعوب لها رهاناتها في النهوض بالأوضاع لكي لا يصبح الحلم بالتغيير والحوار سوى وهم وعزاء يملأ ذاكرتنا عندما نقفل على ذاتنا أبواب الأمل كما دعا لها العالم اللاهوت (هانز كونغ)، على غرار الإعلان العلمي لحقوق الإنسان ولخصه في ثلاث نقاط :

• لا يمكن للإنسانية العيش والبقاء بدون أخلاق عالية

• لن يكون هناك سلام عالمي بدون سلام بين الأديان

• لن يكون هناك سلام بين الأديان بدون حوار بينهما
 

المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2006/08/16/53283.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك