تحاور الأديان

تحاور الأديان
بقلم احلام الجندى
بينما كنت أقرأ فى سورة الإسراء وقصة بنى إسرائيل و إفسادهم فى الأرض المرة بعد المرة بعد أن مكن الله لهم ، ووعده بأن يسلط عليهم قوما أولى بأس شديد يذلونهم و يسومنهم سوء العذاب ، و كان ويكون النصر عليهم بسبب إساءتهم وعدم إحسانهم ، و هنا قفز الى فكرى حال اليهود فى فلسطين وحال المسلمين فى بلادهم ، فإذا باليهود يربون أبناءهم على كره المسلمين ، واستباحة أعراضهم وسفك دمائهم واستعبادهم وتشريدهم وقتل من يتمكنون منهم ، ويشربونهم ذلك الفكر فى مدارس ومعاهد دينية يتم العمل فيها وفق خطط مدروسة وقوانين حازمة ونظم صارمة ، الى ان تصبح جزء من عقيدتهم ومحركا لكيانهم ، ثم يدفعون بهم الى الحياة ليكونوا محفزين للعدوان وقادة للميدان حياتهم كلها لصالح عقيدتهم وأفكارهم التى تربوا عليها ، فيبذلوا قصارى جهدهم لتوسيع دائرة حدودهم وسطوتهم وسيطرتهم ، والتأمين والتمكين لمن جمعوهم من شتات الأرض ليكونوا لهم قوة يدافعون عنها وباسمها حتى لو قتلوا وشردوا غيرهم من أصحاب الأرض والحق ،
أما نحن فى بلادنا فنقهر ونخوف وننحى كل من يتكلم أو يتعامل باسم الدين ، ونفرغ المعاهد الدينية من قالبها ومضمونها ، ونقولبها فى القوالب العلمانية التى تزيل رهبة وحرمة النصوص الدينية التى تثير الدوافع وتحرك النوازع لكى يكون الإنسان عادلا وفاعلا ونافعا ،
فتعجبت لمن يصر على بث الحقد والكراهية فى مناهج مدروسة واماكن مخصوصة لأن فى ذلك بقائه واستمراره ، ومن يهمش دور المعاهد الدينية التى تعلم الإعتدال والحق والتسامح والأمانة والإيمان والإيجابية والنهضة وحب الآخر – أى آخر لأنه من خلق الله - رغم أن فى هذا التهميش اندثاره وضعفه وتخلفه وفنائه، ثم يدفعون لقيادة عجلة الحياة بأناس انقطعت الصلة الروحية الخالصة بيهم وبين خالقهم وثوابت دينهم وقيم ومبادىء أمتهم ، فلم تعد العقيدة اساس تحركاتهم ونشر العدل والمساواة والإيثار ورفع الظلم اساس قيادتهم ، بل اصبح الخضوع والخنوع والذل والانطواء والانزواء والانسحاب والتقوقع والأنانية والقطيعة وعدم التواصل والتكامل والترابط مع الأخوة فى العقيدة والوطن ديدنهم ،
فعجبت لهذا وذاك ، وخطر فى بالى ياترى اذا دعونا لأن نقيم مدارس نجمع فيها من أصحاب كل الديانات وأحضرنا أكبر العلماء وامكنهم من كل دين لكى يدرسوا خلاصة دينهم وعقيدتهم فيها، ثم أتى علماء المسلمين ليتحدثوا ويعلموا هل سينكر أحد منهم ما قاله غيرهم من علماء الأديان الأخرى الذين بكل تأكيد حاولوا أن يظهروا أوسط وأعدل أفكارهم وعقائدهم ، حقا لن يكون أمام العالم المسلم الا أن يثبت كل ما قاله غيره مادام معتدلا ولم يدعوا الى شرك أو ظلم او معصية ، فكل ما سبق من أديان سماوية هى لبنات فى بناء كيان البشرية ثم أتى الإسلام ليزيل فسادها ويقوم شططها ويدعم روابطها ويتمم بناءها ويكمل صورتها ويزين هيئتها،ويؤكد ويثبت الصالح منها، فشرع غيرنا شرعا لنا مالم ياتى بما يخالف شرعنا او يلغى عقلنا ،
وهكذا نرى بالعقل والمنطق أن الأكمل والأشمل يحتوى الأقل والأنقص وبهذا لن يكون هناك خوف من حوار الأديان والمكاشفة اوالاتسام بسمة الدين لأننا لا نتعارض الا مع الشطط ، ولا ندعوا الا الى ما يقنع وينفع، ويقره العقل والفكر فيتبع ويخضع .
المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/03/04/191125.html