مؤتمر الأديان والأهداف الإسرائيلية

مؤتمر الأديان والأهداف الإسرائيلية

بقلم:المحامي عودة عريقات

عقد مؤخرا في كازخستان المؤتمر الثالث لقادة الأديان في العالم وشارك فيه وفود خمس وثلاثين دولة , وحضره قادة سياسيون وعلماء وقادة دينيون من دول العالم الإسلامي والعالم المسيحي ووفد إسرائيلي كبير يمثل الديانة اليهودية وممثلين عن بعض المعتقدات الدينية الأخرى غير السماوية مثل البوذية والطاوية الصينية والزرداشتية الفارسية القديمة ، وذلك من أجل إستكمال الحوارات السابقة التي جرت في المؤتمرات واللقاءات السابقة ، ويعتقد كثيرا من الناس أن الرسالة الظاهرة لمؤتمر الأديان والغاية المبتغاة هي رسالة السلام والتسامح والتفاهم واحترام المعتقدات بين أتباع الأديان المختلفة ، وتشكل محور اللقاءات وموضوع الحوارات ، وأيضا وفقا لما قاله الرئيس الكازاخي أن المؤتمر سيلعب دورا مهما في تطوير الاعتراف المتبادل بالمعتقدات الدينية والتفاعل بين الحضارات،
وأيضا بسبب إهتمام بعض الأنظمة السياسية في العالم بموضوع حوار الأديان يدفع للإعتقاد أنه لا يستطيع أحد فصل الدين عن السياسة بشكل مطلق إلا في حالات إستثنائية لبعض الدول الشيوعية وبعض الدول التي ترجع معتقداتها إلى معتقدات دينية غير سماوية ،
وربما تحاول بعض الدول الإسلامية أو العربية مجاراة الغرب في طرحهم بضرورة فصل الدين عن السياسة ، وهي رغبة غربية تحقق لهم استمرار الهيمنة والسيطرة السياسية والاقتصادية على المنطقة ، ولكن سرعان ما يطفو على ساحة الأحداث حدثا يعيد ويذكر بارتباطات الشعب وتوجهاتهم الدينية ،وحتى أن زعيمة العالم الحر الولايات المتحدة الأميركية والتي ترغب في نشر الديمقراطية وتعاليم العالم الحر على العالم قد سبق أن زل لسان رئيسها الأسبق خلال حشده للحرب على أفغانستان والمنطقة بعد أحداث سبتمبر 2001 , حينما قال إنها حرب صليبية ، وهو الذي سوق كثيرا للديمقراطية الإمبريالية وحماية حقوق الإنسان والعالم الحر كدوافع للحرب ولكن الجذور الدينية كانت مستأصلة وشدته لهذا القول , والنتيجة رآها العالم الحر والمستعبد وما آل إليه حال الإنسان بعد الحرب في أفغانستان والعراق وفلسطين .
وبخصوص الوفد الإسرائيلي للمؤتمر الذي يتزعمه رئيس الدولة الإسرائيلي شمعون بيرز وهو سياسي مخضرم , فهذه دالة على أن الدين هو ملهم للسياسة الإسرائيلية وأيضا يتخذونه مدخلا وحجة وتباكيا على احترام الأديان لتحقيق مكاسب ومآرب سياسية واقتصادية ، ويدل على ذلك حجم ونوعية الوفد الإسرائيلي إلى مؤتمر الأديان والذي ضم وزراء البنية التحتية والصناعة والتجارة والعمل والتقنية الحديثة وومثل لوزارة الدفاع وممثلين عن أكثرمن خمسين شركة تجارية وصناعية وحاخام إسرائيل الأكبر , وهم يستغلون تسامح كازاخستان وتسهيلاتها تجاه الأديان ويتخذون المؤتمر بوابة ومدخلا لتنفيذ أجندة سياسية واقتصادية وخاصة أن موقع كازخستان والجمهوريات الاسلامية المحاذية لها وخاصة أذربيجان تقع في موقع استراتيجي بين الصين وإيران وروسيا وتمثل هذه الجمهوريات لإسرائيل مدخلا للعالم الإسلامي في المنطقة وسوقا وفيرا للتجارة الإسرائيلية والعمل السياسي والهيمنة المالية التي إن تحققت تنفذ أهدافا أخرى ،
وأيضا الأيدولوجية التي يدافع عنها الساسة الإسرائيليون وأيضا يدافع عنها الجيش الإسرائيلي هي أيدولوجية دينية وثبت ذلك من خلال الحرب الشرسة على غزة في بداية هذا العام ، والتي حفز فيها حاخام الجيش الجنود للقتال بشراسة ودون رحمة وفقا لتعاليم من التوراة ، وأيضا يسيئون للأديان من خلال الإعلام بحجة الديمقراطية وحرية التعبير ، فالقناة العاشرة التلفزيونية الإسرائيلية تسيء للرسول الكريم من خلال برنامج هزلي أو كوميدي يقدمه إسرائيلي حاقد بحجة الحرية والتعبير عن الآراء ، وهذا شيء منافي لأهداف المؤتمر المعقود في أستانا عاصمة كازخستان والذي عبر عنه رئيسها نزار باييف والذي دعا إلى إحترام المعتقدات الدينية السماوية وغيرها من المعتقدات لكافة الشعوب والدول في العالم، وهذا بيرس رئيس الوفد الإسرائيلي في كلمته التي ألقاها في المؤتمر يشكك في دين حزب الله والقاعدة وتسائل قائلا ربما يعبدون آلهة أخرى تجيز لهم إرتكاب المجازر ضد الغير ، وربما يعتقد أنه وحده بصيرا والعالم كله لا يبصر ولا يرى المجازر التي أرتكبت بحق شعوب فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من قبل الآلة العسكرية الإسرائيلية والغربية وبتنفيذ إسرائيل وحلفائها،
والدعوة الي وجهها بيرس للملك السعودي خلال انعقاد المؤتمر من أجل لقائه في القدس أو الرياض أو كازحستان هي أيضا من ضمن الأهداف المرجوة في مؤتمر الأديان ، والتي يطمع من ورائها استباق الأحداث والتطبيع الغير مباشر بحجة مناقشة مبادرة السلام العربية ، وموضوع التطبيع هو الجزرة العربية المقدمة لإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة كشرط لازم لعملية السلام ،واحترام الأديان لا يكون في خطب متباكية خلال المؤتمرات فقط دعما وتأييدا لإحترام العقائد الدينية المختلفة في العالم ولكنه أيضا ممارسة على أرض الواقع ، فاحترام حقوق الإنسان ومشاعره بغض النظر عن إنتمائه الديني هو واجب على الجميع وأولى أن يطبقها النظام السياسي الإسرائيلي على العرب والمسلمين في فلسطين وغيرها من المناطق العربية والإسلامية ، والحرب الشرسة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة الفلسطيني ودمرت من خلالها كثيرا من المساجد ودور العبادة وتمزيق وتدمير المصاحف, وانتهاك حياة الانسان والقضاء عليها دون وازع لاحترام دين أو خلق أوضمير ، وحدث ذلك بعد لقاء حوار الأديان في واشنطن العام الماضي ، وما زال الحصار قائما بعد الحرب على شعب القطاع الفلسطيني وما زالت حقوق الانسان الفلسطيني مهضومة على أرضه.
والحقيقة المستوعبة نتيجة لهذه المؤتمرات أن الساسة الإسرائيليون يتخذون من حوار الأديان أو مؤتمرات الأديان بوابة ومدخلا لكسر الحواجز مع العالم وخاصة المشرق العربي والاسلامي لتنفيذ أهدافهم السياسية والاقتصادية والهيمنة والتطبيع وذلك رغما عن الأفعال التي يقومون بها ضد الغير ,خاصة ضد حقوق الانسان العربي ومعتقداته الدينية.
 

المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2009/07/04/168952.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك